لاحظت انه لا يوجد أحد يتقن عمله ويجوده في السودان... هناك مشكلة حقيقية من هذه الناحية ، البناء السمكري ، السياسي ، ... الشيء الوحيد الذي يتم تجويده هو السرقة وحتى السرقة تكون سهلة لضعف وعدم تجويد سن القوانين المجرمة لها مع ضعف عمل المؤسسات العدلية والقانونية بصفة عامة. زرت احد المباني التي بناها صينيون فعلمت مباشرة أن يدا سودانية لم تدخل في هذا البناء .. لا يوجد اعوجاج ..لا يوجد رشح للدهان ، لا توجد شقوق ، كل شيء متسق ومتزن... اذهب الى ميكانيكي لاصلاح سيارتك ربما سيصلح لك العطب لكنك لن تسير كيلو مترا واحدا حتى تدرك انه تسبب لك في عطل جديد ، الاساتذة في الجامعات لا ينتجون مؤلفات او ابحاثا ذات قيمة ، الوزراء ضائعون وتائهون ولا يعرفون ماذا يفعلون ، كل شيء ناقص وكل شيء اقل جودة ..من النادر ان تجد سلعة سودانية مغلفة تغليفا يماثل او حتى يقارب تغليف سلعة اجنبية ، والسلعة نفسها لا يمكن ان تنافس اقرب دولة لنا . إن اشكالية انعدام التجويد اشكالية عامة... حالة ربما تكون متعلقة بالعقل السوداني أو ربما يتسبب فيها الحر الشديد ، أو عدم الاكتراث ، ...الخ ... لكنها فعلا قضية يجب طرحها للنقاش لنعرف ما اذا كان السبب داخلنا ام خارجنا ومن ثم نجد علاجا لهذا المرض. لاحظ للمباني التي بناها الانجليز ، لاحظ لدقة البناء وقوته ومتانته وجماله ، لا زال باقيا حتى اليوم مليئا بالهيبة مشبعا بروح الابداع والأصالة ، لاحظ للكباري والجسور التي بناها الانجليز ستجدها صامدة او صمدت أكثر من قرن من الزمان في حين أن الجسور التي نبنيها نحن تأكلها الفئران!!! أليس شيئا عجيبا أن يكون الانسان السوداني غير متمكن من عمله وتخصصه؟؟؟ لماذا يسافر السودانيون للعلاج في الخارج ، لأن انعدام جودة الداخل افقدت الشعب الثقة في أطبائهم .. وهذا الأمر ليس وليد اليوم او وليد النظام الحاكم اليوم بل هذا منذ ما قبل الاستقلال وحتى اليوم ..حتى المناهج الدراسية كانت مخلخلة ومرتبكة ، ولا زالت الى الآن..حتى قرارات الرؤساء كانت تفتقر للجودة ، حتى تحالفاتنا الدولية تفتقر للجودة .. هناك شيء ما خطأ في تركيبة العقل السوداني .. والغريب انه لا احد منا يلاحظ قصوره هذا بل هناك روح استعلائية فارغة بالذات ، كاستعلاء الأعور في بلد العميان.. إن تواضعنا هو اول سلم لمعرفة أنفسنا ومن ثم اكتشاف مشاكلنا ثم ايجاد العلاج المناسب لها.... لماذا يتقن الاوروبيون أعمالهم.. لماذا تكون المكاتب الحكومية والمدارس نظيفة ولامعة ..لماذا تكون السلع ذات جودة عالية .. لماذا هم بعد هذا كله متواضعون على مستوى التعامل البشري الانساني؟؟ إن الجودة هي دليل على الحضارة ، بل على التراكم الحضاري ، فجودة المنتج الياباني دليل على تفوق هذه الحضارة التي كانت محطمة قبل اقل من سبعين عاما فقط ... جاء الينا السوريون ورأينا كيف انهم يجيدون كافة انواع الانشطة من مطاعم ونجارة وخلافه .. حتى صار السوداني لا يطلب الا عاملا سوريا لكي يضمن له عملا مجودا.. كردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة