في خيمة الصحفيين العام الماضي وفي ندوة عن الهم الثقافي كان المتحدث فيها وزير الثقافة ، أعلن السيد الوزير أن الفكرة التي ينطلق منها في تخطيطه الثقافي الإستراتيجي تنطلق من مبدأ أن الوزارة ليست معنية بصناعة وتفعيل الواقع الثقافي ، ثم أفاد أن الوزارة تتطلَّع إلى شراكات مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والفرق والتجمعات الإبداعية والفنيه تتمكَّن من خلالها الوزارة في تحقيق مخططاتها (المبهمة) المتعلقة بإدارة وتفعيل الواقع الثقافي ، ثم وقبل أيام وفي ندوة متخصصة في تطوير وتنمية المنتوج السياحي إذا بنافذين في وزارة السياحة والتي هي حسب إعتقادي وزارة إستراتيجية لما يحتويه السودان من موارد سياحية غنيه و متعدِّدة يصرحون أيضاً أن لا سبيل إلى تفعيل ولا تطوير يمكن أن يحدث في هذا المجال دون شراكات مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ، ويذكرني هذا الأمر ذلك المبدأ الذي فحواه (كلمة حق أُريد بها باطل) ، لأن هذا المبدأ يصلح أن يندرج ويُحشر حشراً في كل المهام التي تتطلع بها الدولة ، فالأداء الطبي العمومي لن ينصلح حاله ولن يستقيم إلا بتضافر جهود المجتمع والدولة وكذلك الأداء التنموي العام في كل القطاعات المنتجه والخدمية ، مضافاً إليها الأمن الداخلي وما سمعناه يتردَّد مئات المرات في كل المحافل الشرطية فيما يعني أن لا نتنائج باهرة وملموسة دون حدوث شراكات تضامنية بين المجتمع والشرطة وسائر الجهات الأمنية ، غير أني ومن منظور آخر أرى أن مصطلح (شراكة الدولة مع المجتمع) هو في باطنه مصطلح تضليلي وتشوبهُ روح مُتفشيه من التقاعس واليأس ألمت بالمؤسسات حكومية ، حيث أنها تريد أن (تتكافأ) و(تتساوى) في واجباتها مع المجتمع في أعباء تنفيذ مخططاتها وما عليها من واجبات ، وليعلم السيد وزير الثقافة والسيد وزير السياحة ورهطهم من الموظفين والتابعين ثم كل النافذين في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى ذات البعد الفني أو الخدمي ، أنهم المسئولون الأوائل والوحيدين عن النجاحات والإخفاقات التي تحدث في قطاعاتهم التي تولوا إدارتها ووضعوا مخططاتها وأهدافها ، ذلك لأنهم يأخذون عن ذلك أجراً ومخصصات ، أما الشعب أو المجتمع أو منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات الشعبية المتخصصة في مجالات فنية وإبداعية أو خدمية أو إنسانية ، فدورهم لا يرتقي إلى مستوى مصطلح (شراكة مع الدولة) ، بقدر ما هو مجرد (إسهام) في الدفع بمسيرة المخططات العامة الدولة ، فالدولة عندنا أصبحت عند المهام والإلتزامات والصعاب (تتواضع) وتتساوى مع المجتمع لمجرد التنصل من مسئولياتها ، أما في حالة الإحتفال والتفاخر وإقتسام خيرات البلاد ومواردها ومناصبها (تتعالى) على شعبها ومجتمعها ومنظماته وجمعياته بحيث تصبح أي الحكومة هي الأعلى بالسلطة والنفوذ والإمكانيات ، ويصبح المجتمع في ذلك الحين ممثلاً للمحكوم المُتسِم بالدونية والخضوع والإنكسار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة