|
شياطين الأنس و الجن
|
شياطين الأنس و الجن
هلال زاهر الساداتى-مصر
تحدث الدكتور إبراهيم احمد عمر الأمين العام للمؤتمر الوطني ( الجبهة القومية الإسلامية سابقا ) في اجتماع حزبه بالخرطوم متكلما عن المرحلة المقبلة و هي مرحلة السلام في السودان و التي ستزال فيها القيود عن الحريات و تعود التعددية الحزبية و حرية الكلام و الاجتماع و الصحافة , و هي الحريات التي حرموا الشعب السوداني منها طيلة مدة حكمهم التي بلغت أربعة عشرة سنه , و مما قاله انه ستظهر لهم شياطين الجن و الأنس , و لعل الدكتور يقصد المعارضين لهم من الأحزاب الأخرى بالقول أو بالكتابة , و الدكتور رجل أكاديمي مرموق و لا أظن أن التعبير خانه أو اشطط في تعبيره , و لكن ربما جاءت تلك المقولة عفويا لتكشف عن فكر حزب الدكتور التسلطي الذي لا مجال فيه للآخر , بل فيه إقصاء للآخر , و طبقا لذلك حكمونا أربعة عشرة سنة بالحديد و النار و القهر و القمع و تكميم الأفواه و التعذيب في بيوت الأشباح , فهو إذا منطقي مع نفسه و مفاهيمه … و نحن نعرف شياطين الجن معرفة قرآنية و لكن نختلف مع الدكتور في توصيفه لشياطين الأنس , و نختلف فيمن يستحق هذا الوصف بناء على ما يأتيه من أعمال , و يقول المثل السوداني ( الجمل ما بشوف عوجة رقبته ) , و طبقا لهذا المثل سأورد بعض الشواهد و الوقائع التي حصلت و ما زالت تحدث في وطننا منذ أن ابتلينا بحكم الجبهة , و ليت الدكتور يحفز ضميره بينه و بين نفسه و ربه و أن يزيل عن بصيرته غشاوة الحزبية المتعصبة , و ضلال الهوى المتحيز , ثم يجيب على ما يأتى من أسئلة , و ليطمئن بالا فان أوان الحساب لم يأت بعد ..
ابتداء من هم الذين تسلطوا على الحكم بالخديعة و الغدر و الكذب بادعاء أن القوات المسلحة هي التي قامت بالانقلاب , كما أن لهم صلة بالجبهة القومية الإسلامية !؟
و من الذي أقام حكما غاشما مبنيا علي القهر و القمع و كبت الحريات !؟ ومن الذي أشاع الظلم بطرد العاملين في أجهزة الدولة المختلفة من أعمالهم تحت مسمي الصالح العام !؟
و من الذي ادخل في السودان أساليب وحشية غير إنسانية في معاملة المعارضين و منها التعذيب البدني و النفسي في بيوت سرية!؟
و من الذي استباح المال العام و بلغ المختلس من أموال الشعب السوداني المليارات من الجنيهات حسب تقارير المراجع العام و لم يحاسب أحد !؟
و من تسبب في هجرة الملايين من السودانيين شيبا و شبابا و أطفالا و عائلات بأكملها في اكبر هجرة في تاريخ السودان إلى ارض الله الواسعة بعد أن عز العيش في وطنهم و عزت لقمة الخبز و ضربتهم المهانة و الإذلال في دولة بوليسية ليس للعدل فيها منفذ !؟
و في عهد من تدهورت العملة إلى درك اسفل و صار الجنيه لا يسوى شيئا فألغوه و أبدلوه بالدينار و ما زال الحال علي حاله من السوء !؟
و عندما تسلطت هذه الفئة علي الحكم كان الدولار يسوي ثلاث جنيهات سودانية و تباهي أحد الانقلابيين و هو العقيد صلاح كرار بأن الدولار كان سيسوي عشرين جنيها لولا انقلابهم , و لكن بعد حين من حكمهم صار الدولار يسوي ألفين و ستمائة جنيها !؟
وفي عهد من تدهور التعليم إلى اسفل سافلين و هجر المعلمون المهنة لأنهم لا يتقاضون رواتبهم بالشهور و السنين و تصدعت مباني المدارس و شحت الكتب المدرسية و ألغيت الداخليات و جلس التلاميذ علي الأرض !؟
و صار التعليم وقفا علي القادرين ماليا في المدارس الخاصة !؟
و في أي عهد انحط العلاج في المستشفيات و انعدم الدواء و صار العلاج لمن يستطيع الدفع بعد أن كان مجانا , و استشرت الأمراض و استجدت أنواع منها لم تكن معروفة مثل الإيدز و السرطان و أصبحت الملاريا مألوفة مثل الصداع !؟
و في عهد من هدد الجوع و سوء التغذية حياة الناس و طبقا لإحصاءات الجهات المسؤولة اصبح 94% من الشعب السوداني تحت خط الفقر , أي اصبح 6% فقط هم المستأثرين بمقدرات و ثروات الشعب السوداني و هؤلاء هم بالطبع أعضاء الجبهة القومية الإسلامية ومن سار في ركابهم !؟
و من قضي علي مشروع الجزيرة و الذي كان المورد الأول للخزينة !! ومن ادخل المز راعين السجون لعدم قدرتهم علي سداد القروض ذات الربا الفاحش الذي يقدر ب 60% فائدة علي القرض !؟ ومن استولي علي أموال البنوك و أموال أصحاب المعاشات الذين تعرضوا للمسبغة و الإذلال !؟
ومن ادخل جرائم الغش و الإضرار بالناس باستيرادهم أغذية و سلع منتهية الصلاحية , و لم يمثل واحد من المجرمين أمام القضاء !؟ و من استولي علي الأموال المرصودة لمشروعات حيوية تقدر بمليارات الجنيهات مثل طريق الإنقاذ الغربي ولم يتعرض للمحاسبه واحد من المتسببين في ذلك !؟
ومن باع مؤسسات و شركات القطاع العام الرابحة بابخس الأثمان للقطاع الخاص من تجار الجبهة و شردوا العاملين بها !؟
ومن أجج أوار الحرب في الجنوب بعد أن كادت الحرب تنتهي باتفاقية الميرغني – قر نق و ضحي بآلاف الشباب تحت مسمي الجهاد !؟ ومن أحيا النعرات العنصرية و القبلية البغيضة بل حرض و سلح عصابات الجنجويد في دار فور و استباحوا أرواح المواطنين و أعراضهم !؟
و أخيرا و ليس آخرا من شجع الخرافة و الدجل و الشعوذة و افرغ الدين الحنيف من محتواه و صيره صورة و شكلا في شعارات و هتافات و دقون و جلابيب قصيرة و زبيبة صلاة مصطنعة علي جبهة الوجه !؟
و بعد , عندما يجيب الدكتور بينه وبين نفسه – و أمام ربه , بكل تجرد و صراحة , فحينئذ سيتبين له و سيري بوضوح من هم شياطين الأنس …
هلال زاهر الساداتي
[email protected]
|
|
|
|
|
|