|
شتان ما بين حجة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وحجة الرئيس البشير
|
بسم الله الرحمن الرحيم جاء فى الأخبارأنَ رئيس الجمهورية "عمر حسن البشير" سيغادر(الخميس) المقبل برفقة عدد من أفراد أسرته، إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج. وتعتبر زيارة الرئيس إلى المملكة العربية السعودية بغرض أداء مناسك الحج، هي أول رحلة خارجية يقوم بها بعد خضوعه للعملية الجراحية الثانية مطلع الشهر الحالي. وأن الرئيس سيلتقي بعد الفراغ من أداء الحج عدداً من المسؤولين السعوديين، لبحث التطورات في المنطقة العربية في كل من ليبيا واليمن وسوريا، وأنه من المؤمل أن تسهم زيارة "البشير" إلى المملكة في إحداث انفراج في العلاقات الثنائية بين البلدين ولكن هنالك عدة أسئلة على سبيل المثال لا الحصر تفرض نفسها وهى لا تخرج من دائرة السودان الجغرافية والتى قطعاً يلازمها التاريخ ومن هذه الأسئلة:كيف يذهب الرئيس للحج طلباً للحج المبرور والذنب المغفور وعشرات الألاف من السودانيين يشكون إلى الله فى كل حين من ظلم نظامه؟كيف يذهب الرئيس إلى الحج ولم يعفو عنه أصحاب الحقوق المسلوبة وبأنواعها المختلفة؟كيف يغادر الرئيس إلى الأراضى المقدسة والناس يعانون من شظف العيش؟كيف يذهب الرئيس إلى الحج ويصرف ألاف الدولارات والتى كان من الممكن أن تنقذ حياة أكثر من مريض من الموت ليس لديهم قروش لشراء الدواء أو إجراء العملية ؟كيف يسافر إلى الأراضى المقدسة ومئات الألاف من السر تفترش الأرض وتلتحف السماء ولا تجد ماتسد به رمقها ؟كيف يغادر الرئيس والحرب الأهلية مازالت مشتعلة فى دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ومعظمهم مسلمين؟كيف يسافر الرئيس من غير تقديم تنازلات جدية للمعارضة بشقيها السلمى والمسلح من أجل إنقاذ البلاد والعباد من التدهور المريع وفى كل المجالات؟إذاً الرئيس البشير سيغادر للحج ويترك وراءه ،وطن تناقص وسيتناقص من أطرافه إذا أصر المؤتمر الوطنى على إتباع نفس السياسة الفاشلة المتبعة لربع قرن من الزمان،كما أنه سيترك حربأً أهلية تطاول أمدها ومن غير حلول ناجعة،ولكننا علينا بالرجوع إلى سيرة العطرة لسلفنا الصالح وعلى وجه الخصوص سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لنرى ماذا قدم من أعمال جليلة ومواقف عظيمة للإسلام والمسلمين وملخص ذلك: أنه رضي الله عنه لما فرغ من الحج سنة ثلاث وعشرين ونزل بالأبطح، دعا الله عز وجل، وشكا إليه أنه قد كبرت سنه وضعفت قوته، وانتشرت رعيته، وخاف من التقصير، وسأل الله أن يقبضه إليه، وأن يمن عليه بالشهادة في بلد النبي صلى الله عليه وسلم. كما ثبت عنه في الصحيح: أنه كان يقول: اللهم إني أسالك شهادة في سبيلك، وموتا في بلد رسولك، فاستجاب له الله هذا الدعاء، وجمع له بين هذين الأمرين الشهادة في المدينة النبوية، وهذا عزيز جدا. وقال ابن جرير: وفي هذه السنة حج عمر بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي آخر حجة حجها رضي الله عنه. وقطعت جيوشه النهر مرارا، وكان متواضعا في الله، خشن العيش، خشن المطعم، شديدا في ذات الله، يرقع الثوب بالأديم، ويحمل القربة على كتفه مع عظم هيبته، ويركب الحمار عريا، والبعير مخطوما بالليف، وكان قليل الضحك لا يمازح أحدا، وكان نقش خاتمه: كفى بالموت واعظا يا عمر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « أشد أمتي في دين الله عمر ». وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر، وإنهما السمع والبصر ». وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الشيطان يفرق من عمر ». وقال: « أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر ». وقيل لعمر: إنك قضاء. فقال: الحمد لله الذي ملأ له قلبي رحما، وملأ قلوبهم لي رعبا. وقال عمر: لا يحل لي من مال الله إلا حلتان: حلة للشتاء وحلة للصيف، وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم، ثم أنا رجل من المسلمين. وكان عمر إذا استعمل عاملا: كتب له عهدا وأشهد عليه رهطا من المهاجرين، واشترط عليه أن لا يركب برذونا، ولا يأكل نقيا، ولا يلبس رقيقا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات. فإن فعل شيئا من ذلك، حملت عليه العقوبة. وقيل: أنه كان إذا حدثه الرجل بالحديث فيكذب فيه الكلمة والكلمتين فيقول عمر: احبس هذه، احبس هذه، فيقول الرجل: والله كلما حدثتك به حق غير ما أمرتني أن أحبسه. وقال معاوية بن أبي سفيان: أما أبو بكر فلم يرد الدنيا، وأما عمر فأرادته فلم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن. وعوتب عمر فقيل له: لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق؟. فقال: إني تركت صاحبي على جادة، فإن أدركت جادتهما فلم أدركهما في المنزل، وكان يلبس وهو خليفة جبة صوف مرقوعة بعضها بأدم، ويطوف بالأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس، وإذا مر بالنوى وغيره يلتقطه ويرمي به في منازل الناس ينتفعون به. قال أنس: كان بين كتفي عمر أربع رقاع، وإزاره بأدم. وخطب على المنبر وعليه إزار فيه اثني عشر رقعة، وأنفق في حجته ستة عشر دينارا، وقال لابنه: قد أسرفنا. وكان لا يستظل بشيء غير أنه كان يلقي كساءه على الشجرة ويستظل تحته، وليس له خيمة ولا فسطاط. ولما قدم الشام لفتح بيت المقدس كان على جمل أورق تلوح صلعته للشمس، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة، قد طبق رجليه بين شعبي الرحل بلا ركاب، ووطاؤه كبش صوف، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته محشوة ليفا، وهي وسادته إذا نام. وعليه قميص من كرابيس قد رسم وتخرق جيبه، فلما نزل قال: ادعوا لي رأس القرية، فدعوه. فقال: اغسلوا قميصي وخيطوه، وأعيروني قميصا، فأتي بقميص كتان، فقال: ما هذا؟ فقيل: كتان. فقال: فما الكتان؟. فأخبروه، فنزع قميصه فغسلوه وخاطوه ثم لبسه. فقال له: أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا يصلح فيها ركوب الإبل. فأتي ببرذون فطرح عليه قطيفة بلا سرج ولا رحل، فلما سار جعل البرذون يهملج به. فقال لمن معه: احبسوا، ما كنت أظن الناس يركبون الشياطين، هاتوا جملي. ثم نزل وركب الجمل. وعن أنس قال: كنت مع عمر، فدخل حائطا لحاجته، فسمعته يقول - بيني وبينه جدار الحائط - عمر بن الخطاب أمير المؤمنين: بخ بخ، والله لتتقين الله بني الخطاب أو ليعذبنك. وقيل: أنه حمل قربة على عاتقه، فقيل له في ذلك، فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها؟ وكان يصلي بالناس العشاء، ثم يدخل بيته فلا يزال يصلي إلى الفجر. وما مات حتى سرد الصوم، وكان في عام الرمادة لا يأكل إلا الخبز والزيت، حتى أسود جلده، ويقول: بئس الوالي أنا إن شبعت والناس جياع. وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء، وكان يسمع الآية من القرآن فيغشى عليه، فيحمل صريعا إلى منزله فيعاد أياما ليس به مرض إلا الخوف. وقال طلحة بن عبد الله: خرج عمر ليلة في سواد الليل فدخل بيتا، فلما أصبحت ذهبت إلى ذلك البيت فإذا عجوز عمياء مقعدة، فقلت لها: ما بال هذا الرجل يأتيكي؟ فقالت: إنه يتعاهدني مدة كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى. فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا طلحة، أعثرات عمر تتبع؟. وقال أسلم مولى عمر: قدم المدينة رفقة من تجار فنزلوا المصلى، فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: هل لك أن نحرسهم الليلة؟. قال: نعم!. فباتا يحرسانهم ويصليان، فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه، فقال لأمه: اتق الله تعالى وأحسني إلى صبيك. ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه، فعاد إلى أمه فقال لها مثل ذلك، ثم عاد إلى مكانه. فلما كان آخر الليل سمع بكاء الصبي فأتى إلى أمه، فقال لها: ويحك إنك أم سوء مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة من البكاء؟! فقالت: يا عبد الله إن أشغله عن الطعام فيأبى ذلك. قال: ولم؟. قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للمفطوم. قال: وكم عمر ابنك هذا؟. قالت: كذا وكذا شهرا. فقال: ويحك، لا تعجليه عن الفطام. فلما صلى الصبح وهو لا يستبين للناس قراءته من البكاء، قال: بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين. ثم أمر مناديه فنادى: لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام، وكتب بذلك إلى الآفاق. وقال أسلم: خرجت ليلة مع عمر إلى ظاهر المدينة، فلاح لنا بيت شعر فقصدناه، فإذا فيه امرأة تمخض وتبكي، فسألها عمر عن حالها فقالت: أنا امرأة عربية، وليس عندي شيء، فبكى عمر، وعاد يهرول إلى بيته فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب: هل لك في أجرٍ ساقه الله إليك؟ وأخبرها الخبر. فقالت: نعم، فحمل على ظهره دقيقا وشحما، وحملت أم كلثوم ما يصلح للولادة، وجاءا، فدخلت أم كلثوم على المرأة، وجلس عمر مع زوجها - وهو لا يعرفه - يتحدث، فوضعت المرأة غلاما فقالت أم كلثوم: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام. فلما سمع الرجل قولها استعظم ذلك، وأخذ يعتذر إلى عمر. فقال عمر: لا بأس عليك، ثم أوصلهم بنفقة وما يصلحهم وانصرف. وقال أسلم: خرجت ليلة مع عمر إلى حرة واقم، حتى إذا كنا بصرار إذا بنار، فقال: يا أسلم، ههنا ركب قد قصر بهم الليل انطلق بنا إليهم، فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة على النار، وصبيانها يتضاغون. فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء. قالت: وعليك السلام. قال: ادنو. قالت: ادن أو دع، فدنا. فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد. قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: من الجوع. فقال: وأي شيء على النار. قالت: ماء أعللهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر. فبكى عمر ورجع يهرول إلى دار الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق وجراب شحم. وقال: يا أسلم، احمله على ظهري. فقلت: أنا أحمله عنك. فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة؟. فحمله على ظهره، وانطلقنا إلى المرأة، فألقي عن ظهره، وأخرج من الدقيق في القدر، وألقى عليه من الشحم، وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة، ثم أنزلها عن النار، وقال: ايتني بصحفة فأتي بها فغرفها، ثم تركها بين يدي الصبيان، وقال: كلوا فأكلوا حتى شبعوا - والمرأة تدعوا له وهي لا تعرفه - فلم يزل عندهم حتى نام الصغار، ثم أوصلهم بنفقة وانصرف، ثم أقبل علي فقال: يا أسلم، الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم. وقيل: إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رأى عمر وهو يعدو إلى ظاهر المدينة، فقال له: إلى أين يا أمير المؤمنين؟. فقال: قد ند بعير من إبل الصدقة، فأنا أطلبه. فقال: قد أتعبت الخلفاء من بعدك. وقيل: أنه رأى جارية تتمايل من الجوع. فقال: من هذه؟. فقالت: ابنة عبد الله هذه ابنتي. قال: فما بالها؟. فقالت: إنك تحبس عنا ما في يدك، فيصيبنا ما ترى. فقال: يا عبد الله، بيني وبينكم كتاب الله، والله أعطيكم إلا ما فرض الله لكم، أتريدون مني أن أعطيكم ما ليس لكم؟ فأعود خائنا؟ روي ذلك عن الزهري وبالله الثقة وعليه التُكلان د.يوسف الطيب محمدتوم-المحامى mailto:[email protected]@yahoo.com.
|
|
|
|
|
|