|
سنة التدافع وعوامل النصر ( 4) تابع بقلم عمر حيمري
|
وخلاف الجهاد وضده ، هو الإرهاب ، الذي هو الاعتداء على الغير، وسلب الناس ، كل الناس - مهما كانت ديانتهم وأجناسهم وأعراقهم أو انتماءاتهم الحزبية والدينية أو مراكزهم الاجتماعية - حرية التعبد والفكر، واستلاب حقوقهم المادية والمعنوية ، وحقهم في العيش بسلام و أمان ، و حقهم في الكسب الحلال ، وترويع الآمنين والاعتداء على أرزاقهم وأعراضهم وكرامتهم ، وإزهاق الأنفس بغير حق وبيع الأحرار بالمزاد العلني مخالفة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا قال : { قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره } ( رواه سلم ) وإشاعة الفساد والفواحش في المجتمع باسم الديمقراطية والحرية الشخصية والجسدية وتدمير اقتصاد البلاد عن طريق التعامل بالربا ، وتهريب الاستثمارات الأجنبية بالوعيد والتخويف والتهديد ووضع العراقيل ، والحد من الاستثمارات الوطنية أو تقليصها وتهريب العملة الصعبة بمحاولة إشاعة الفوضى وعدم الأمن والاستقرار ، وتدمير البنية التحتية ، والمنشئات الوطنية ، ونشر الفوضى والجريمة ، وقتل الأبرياء الآمنين بالتفجيرات العشوائية في المقاهي والأماكن العامة التي يرتادها الناس عادة للاستجمام أو للترويح عن أنفسهم أو لمجرد التجوال ، واعتراض سبيل المارة بالعنف والتهديد بالسلاح ، والعمل على نشر الفرقة والاختلاف وعدم الثقة بين المواطنين بهدف زرع الفتنة في المجتمع ، والخروج عن البيعة الشرعية والطعن فيها ... الشيء الذي أدى ويؤدي إلى إحياء ظاهرة العصبية القبلية ونشوء ظاهرة ما يسمى الداعشية وظهور أحزاب وفرق دينية وملل ونحل وطوائف مختلفة ومتضاربة في ولاءاتها الدينية والسياسية والطائفية حسب المصلحة الذاتية الآنية ، الفورية - حزب النور السلفي المصري نموذجا الذي تحالف مع الإخوان في انتخابات الرئيس مرسي ثم ارتد على عقبه وكفر بمبادئه وساند العسكر والكنيسة – إلى جانب ظهور أحزاب علمانية متطرفة وطوائف لا دينية عبثية متصارعة ومتناحرة فيما بينها بسبب الانتخابات والطمع في السلطة والاستيلاء على الحكم بالعنف والانقلابات العسكرية من أجل تمرير مشروعها الإلحادي وتسهيل تنزيل المشروع التغريبي الليبرالي ونشر ثقافة الفاحشة وأخلاق الرذيلة في المجتمع ، بدلا من الانتماء للأمة والوطن والتشبث بمقدساتها وثوابتها الدينية وبالبيعة كمؤسسة لنظام الحكم والدولة وخدمة المجتمع للدفع به إلى الرقي . أضف إلى كل هذا قتل الأبرياء بحجة الكفر والتكفير والردة ، وبحجة الدفاع عن النفس كإرهاب نتانياهو ومن يعطونه شرعية إبادة أطفال ونساء فلسطين وتدمير بيوتهم ومعابدهم ومنشئاتهم الحيوية التي ترتكز عليها حياتهم اليومية ... هذا النوع من الإرهاب يجب التعامل معه انطلاقا من قوله تعالى : [ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفون من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ] ( سورة المائدة آية 33) . و من قوله تعالى : [ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير ] ( سورة الأنفال لآية 39 )
إن الجهاد والإرهاب صورتان من صور الحرب ، والتدافع ، أحدهما إيجابي وهو الجهاد في سبيل الله من أجل شهادة التوحيد والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والتصديق بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، من تشريعات وأحكام وأوامر ونواهي والعمل بها ، ثم الاعتراف به كوارث للأنبياء السابقين له وإماما لهم وبهيمنة الدين الجديد الذي أتى به على كل الأديان السابقة . ونتيجة هذا الجهاد ، نصر من الله ، ومغفرة للذنوب ، وتمييز للصادق من المنافق ، الكاذب ، والثابت ، من المرجف العميل ، وتحقيق العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وانتشار الأمن والسلام بين الناس في المجتمع ، وتوسيع – بشكل إيجابي - دائرة الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي ، ودرأ المفاسد وزرع حرية العقيدة والإيمان والعبادة وتحقيق مبدأ احترام الغير بحفظ كرامته وآدميته وحقه في التملك والتصرف في ماله وضمان حريته في التجارة التي لا تشكل على المجتمع أي خطر أو مضرة ، كالاتجار في الممنوعات والمحرمات ، مثل المخدرات والمسكرات وفتح بيوت الداعرة والاتجار في البشر لقوله تعالى : [ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ] ( سورة الممتحنة آية 8 – 9 ) .
والثاني سلبي وهو الإرهاب والاستعمار والعدوان بغير حق على المستضعفين في الأرض كإرهاب المحتلين الصهاينة الذين قتلوا حوالي 360 من أطفال ونساء وشيوخ أهل قرية ديرياسين غدرا على يد جماعة الصهاينة بعد توقيع اتفاقية سلام مع أهل القرية ومذبحة صبرا وشتيلا راح ضحيتها 3500 قتيلا على يد السفاح شارون ورفائيل إيتان بمساعدة الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي . ومذبحة رابعة التي قتلت فيها الشرطة والجيش المصري من المتظاهرين السلميين حوالي 2200 وأصابت 4201 بجروح متفاوتة وكارثة غزة التي ذهب ضحيتها آلاف الجرحى والقتلى وتهديم آلاف البيوت والمباني العمومية بصفة عامة بفعل الصواريخ وإلقاء المتفجرات بشكل عشوائي وبدون تمييز، وكل حكم استبدادي يقوم على العنف والتهجير بغية القضاء على حركات التحرر والاستقلال هو إرهاب .
إن الحرب بصفة عامة هي .... ( يتبع ) بقلم عمر حيمري
|
|
|
|
|
|