|
زمان الناس في السودان القديم الذي كان وسودان اليوم/محمد فضل علي
|
زمان الناس في السودان القديم الذي كان وسودان اليوم www.sudandailypress.net محمد فضل علي..شبكة الصحافة السودانية الكندية من المعروف ان هناك علاقة طردية بين اذدهار الاداب والفنون وكل انشطة الحياة الاجتماعية والثقافية وبين استقرار الاحوال وعدل الحكومات وصلاح الاحوال في كل البلدان والامم والشعوب والعكس هو الصحيح فعندما يسود الفساد والاستبداد تتراجع كل هذه الاشياء ويحدث الارتداد الحضاري الشامل وتتراجع منظومة القيم وطريقة ولغة الكلام وكل ماله صلة بالاداب والفنون بطريقة تقود الي الاختناق وتسمم حياة الناس. عندما كتب الاستاذ والفنان الاديب عبد الكريم الكابلي رائعته المعروفة واغنية زمان الناس منتصف السبعينات كانت مفرادتها تتحدث عن ذلك المهاجر المفارق للاوطان في تلك الايام وتنعي حظه ورقة حالة والفنان الاديب يتمادي في الوصف و يحلق به في سماوات الخرطوم ومقرن النيلين وقبال توتي وعيون امدر وبيت المال وعلي الرغم من تلك الكلمات والعبارات النازفة فلم تكن هجرة او مهاجر تلك الايام ترقي الي مستوي اللوحة التراجيدية التي رسمها الفنان الشاعر من خياله المبدع الخلاق في تلك الاغنية الخفيفة المعبرة ولم تكن هجرات ذلك الزمن بلاعودة او من النوع الذي تنعدم فيه الخيارات عندما تكون الهجرة اضطرارية الي اي مكان في المعمورة باي طريق وعبر اي وسيلة عن طريق البر والبحر والصحاري القاحلة عشما في فرصة لحياة كريمة وكسب العيش عندما تضيق الاوطان باهلها مثلما يحدث في سودان هذه الايام. واذا اردنا لسان حال وشاعر واديب يعبر لنا عن احوال اهل السودان اليوم وهجراتهم التي من مثل هذا النوع بطريقة حولتهم الي مجرد ارقام ثابتة في نشرات الاخبار الناطقة بلغة العرب والعجم علي مختلف السنتهم ونشرات الصليب الاحمر والمنظمات الشبيهة التي تحكي عن تفاصيل الموت جوعا والتوهان في الصحاري او غرقا في مراكب المرابين وعصابات الهجرات الغير شرعية او عن اولئك المهاجرين المصروعين برصاص حرس الحدود التي بين الدول واجسادهم معلقة في الاسلاك الشائكة في مشاهد درامية تتسابق وكالات الانباء وصناعة الاخبار في حق ملكيتها هذا غير ضحايا الهجرات العشوائية الداخلية وهوس التنقيب عن الذهب في ظروف تنعدم فيها ابسط شروط السلامة والامان. اذا اردنا شاعرا يعبر عن لسان هجرة هذه الايام واحوال اهل السودان شعرا فكيف ستكون القصيدة.
|
|
|
|
|
|