|
ذمم غير قابلة لـ (الشراء)!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الخميس 18 ديسمبر 2014 الدكتور الفاتح عز الدين رئيس المجلس الوطني (البرلمان) طالب الحكومة بشراء (20) طائرة.. و(20) باخرة.. هكذا نقل إلينا محررنا البرلماني.. ونشرناه في صفحة الأخبار اليوم. حسناً.. وأين المشكلة؟، لماذا لا نجعلها (200) طائرة.. بزيادة صفر واحد على الشمال.. ومثلها بواخر.. وعشر أضعافها قطارات.. أين المشكلة؟. بكل يقين المشكلة ليست في (الشراء!!)، بل ثبت بالدليل القاطع أن أمتع ما تحبه الحكومة هو (الشراء!!)، ففيه سبع فوائد.. ستة منها معروفة، والسابعة (في سرك).. المشكلة لم تكن- يوماً- في (الشراء) بواخر، أو قطارات، أو حتى الطائرات.. سودانير– مثلاً- من لحظة الميلاد اشترت (4) طائرات.. وظلت تشتري الطائرات (من آخر موضة وموديل)- أولاً بأول- حصلت سودانير على الطائرة (كوميت) مع بداية ظهورها في العالم.. وطائرات (البوينغ) في وقت لم تكن كثير من مطارات العالم سمعت بها.. ولو (لو التي تفتح باب الشيطان)- لو كنا نتطور مثل كل خلق الله- لكانت سودانير تمتلك اليوم أسطولاً من مائتي طائرة من أحدث طراز.. فجارتنا الخطوط الأثيوبية- التي ولدت معنا في نفس السنة- تملك الآن مئة طائرة من أحدث الطائرات، وتطير إلى أركان الدنيا الأربعة.. حاملة العلم الأثيوبي، وشعار (الأسد).. بل– ولمزيد من الإحباط والألم- سودانير امتلكت قبل سنوات قليلة طائرات أيرباص جديدة.. وكانت زينة مطار الخرطوم- في غدوها ورواحها- الآن تقبع جاثمة كـ (الجثة مجهولة الهوية) في مطار الخرطوم.. أين (طارت!!) محركاتها المفقودة؟. المشكلة ليست في (الشراء)..!! طائرات أو بواخر.. المشكلة في (مثلث برمودا) الذي يبتلع هذه الطائرات، والبواخر.. كانت لدينا خطوط بحرية سودانية تمخر عباب البحر بين موانئ أوروبا والشرق الأقصى.. لا تحمل البضائع إلى السودان- فحسب- بل تستخدمها كثير من الشركات والدول الأخرى.. ثم فجأة و(في غفلة رقيبي!!) ابتلعها الغول سفينة فسفينة.. وكانت لنا سكك حديدية عمرها أكثر من مئة وخمسين عاماً.. تربط كل أنحاء الوطن.. وكانت وسيلة السفر الأولى للناس والبضائع.. حتى غمرت وجدان الفنّ السوداني بكثير من الأغاني- التي تمجدها.. إلا أغنية واحدة دعا فيها الشاعر عليها بـ (يا القطار تدشدش.. يا الشلت مريودي)، فاستجيب الدعاء.. دعاء (الدشدشة)، وانهارت السكك الحديدية لدرجة أن خط (سنار– كسلا) انتزع من الأرض بالكامل. ثم.. وبصراحة.. قبل (الشراء) أليس من الحكمة أن نسأل مع أخينا الأستاذ الفاتح جبرا.. ماذا فعل الله بخط هيثرو؟. فهو الوحيد الذي لا تنفع فيه عملية (الشراء!!) بعد أن ذهب ضحية (البيع)! - ليس بيع الخط.. بل بيع الذمة!. يا سعادة رئيس البرلمان إن كان لا بد من الشراء.. المطلوب (شراء) ذمم صالحة للمحافظة على ما نشتريه!- ذمماً غير قابلة لـ (الشراء
|
|
|
|
|
|