|
دعوة بنسودا باعتقال البشير وآخرين تضع مصداقية مجلس الأمن على المحك بقلم الصادق حمدين
|
11:23 AM Jul, 01 2015 سودانيز اون لاين الصادق حمدين- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
جاء بصحيفة الراكوبة الإلكترونية الثلاثاء/ 30/يونيو،2015 خبرا مفاده: الجنائية الدولية تطلب مجلس الأمن بالمساعدة في اعتقال "البشير". ومعه عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد هرون. نص الخبر ،(دعت كبيرة ممثلي الإدعاء بالمحكمة الجنائية الدولية أمس الإثنين مجلس الأمن الدولي إلى ضمان امتثال السودان لأمرقضائي باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، وأضافت "لابد من التأكيد على أن هذا المجلس أيضا لديه دور حيوي ليلعبه، ويجب أن يقوم بدوره" وتابعت بنسودا أنه بسبب عدم تعاون السودان في السنوات الستة الماضية فإنه "لا يزال مدنيون أبرياء يتحملون وطأة إنعدام الأمن والاستقرار، ولاسيما نتيجة لما يبدو أنه حملة مستمرة من قبل الحكومة لاستهدافهم."، "وأوضحت أن توقيف البشير ومسؤولين حكوميين آخرين متهمين بارتكاب جرائم حرب وتقديمهم للعدالة هو السبيل الوحيد لوقف هذه الجرائم") إنتهى الخبر.
في ديسمبر/2014 جمدت ممثلة الإدعاء بالمحكمة الجنائية الدولية التحقيقات بإقليم دارفور وحولت نتائجها السابقة برمتها إلى مجلس الأمن ليتحمل مسؤوليته، ويتصرف باعتباره صاحب الإحالة بموجب قراره الدولي الملزم 1593. أصيب قادة النظام وأعوانه بهستيريا راقصة ضاع فيها ما تبقى من وقار مهدر، واختلط بحمى الرقص الجد بالهزل، ليعلن الرئيس عمر حسن البشير بعد فاصل لاهث "الانتصار" الساحق على المحكمة الجنائية الدولية. وقال وهو كذوب ان المحكمة فشلت في القبض عليه، بسبب ما وصفه "بوقوف الشعب السوداني ضد مخططاتها". بل أضاف فشلت في محاولاتها "إذلال" السودان. ولكن سرعان ما أدرك البشير ونظامه الحقيقة المرة، ومن جوهانسبيرج أتاه الخبر اليقين، وصدق ما وراء مرحلة الظنون بأن تفسيره لكلمة (جمدت المحكمة) قد كان تفسيرا خادعا ومشوشا، وأن فرحته القصيرة لم تكن نابعة إلا عن وهم ذاتي يمني النفس الوجلة بما تشتهي وترغب، مقرونة بتفكير رغبوي لا يرى من كوب الحقيقة إلا نصفه الفارغ.
والجنرال البشير يعلم في قرارة نفسه بأنه مدان بما كسبت يداه من جرم بحق الأبرياء، وإلا لماذا لم يعلن على الملأ نتائج اتصاله سرا ببيت الخبرة القانوني البريطاني طالبا للمشورة القانونية؟ إذا كانت في صالحه، ولماذا الهروب الدائم من مواجهة المحكمة الجنائية؟ إذا كانت الإتهامات بحقه لا تقف على واقع يسندها، ويثبت بالمثول أمامها بأنها إتهامات كيدية القصد منها النيل منه باعتباره زعيما أفريقيا ملء كرسيه، يواجه مخططات الغرب المغرضة ويتصدى لها في معارك دونكيشوتية خبرتها بيانا بالعمل كل شعوب الأرض هروبا وإدبارا متواصلا من العدالة.
والحقيقة الأولى التي يعرفها الجنرال البشير ونظامه جيدا أن مجلس الأمن الدولي لم يتصرف بإحالة قضية دارفور لخصومة سياسية سابقة بينه وبين الدول التي يتكون منها، فقد تمت الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد تقصي وتحقيقات ميدانية وثقتها ورصدتها المنظمات الحقوقية الدولية وعلى رأسها "هيومان رايتس ووتش". وأمنستي إنترناشونال. وشهادة الأحياء من الشهود. ومعسكرات اللجوء والنزوح عنوان الإبادة وشهادتها الدامغة. وتقرير المجموعة السودانية لحقوق الإنسان، برئاسة المرحوم الأستاذ غازي سليمان المحامي. وتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور (لجنة القاضي أنطونيو كاسيسي). وتقرير لجنة تقصي الحقائق حول الإدعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان بدارفور (لجنة القاضي دفع الله الحاج يوسف)، وهذه اللجنة الأخيرة شكلها النظام بنفسه بناء على مرسوم رئاسي. وعندما جاءت نتائج كل هذه اللجان بما لا تشتهي سفن البشير ونظامه بدأت الملهاة التي لم تنتهي فصولها بعد.
وليس من قبيل التآمر الدولي كما يشيع النظام أن يمر قرار الإحالة إلى المحكمة الجنائية دون أن يستعمل من يظنهم حلفائه المخلصين حق النقض، فلم يكن من السهل أن تتحمل أي دولة من دول المجلس عبئا تاريخيا يسئ إلى شعوبها متجاهلة لكل تلك الأرواح والدماء التي أهرقها النظام في دارفور من أجل عيون البشير ونظامه. ومن البديهيات المعروفة أن المحكمة لا تملك قوة تنفيذية تجبر من تتهمه بالمثول أمامها، وإذا لم تتعاون الدول التي يتم إتهام رعاياها كحال السودان، فما على المحكمة إلا أن ترد الأمر إلى صاحب الشأن إبتداء وها قد فعلت أكثر من مرة. الحقيقة الثانية التي لا يجادل في صحتها إلا صاحب غرض، عندما يحيل مجلس الأمن أي قضية متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية، في هذه الحالة تكون الإحالة سياسية، لأن مجلس الأمن ليس بمحكمة، ولكن عندما تبدأ المحكمة المحال إليها القضية النظر في هذه الإحالة وتباشر تحقيقاتها فإنها تمارس عملا قضائيا وقانونيا ومهنيا محض. فمواجهتها تكون بالطرق القانونية لا بالهروب منها ولعنها وسبها من الضفة الأخرى. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، في حالة عدم تعاون الدولة المعنية مع المحكمة، وتحيل المحكمة مرة أخرى نتائج تلك التحقيقات إلى مجلس الأمن، كما فعلت هذه المرة وسابقاتها من المرات ممثلة الإدعاء بالمحكمة الجنائية فاتو بنسودا، وطلبت من المجلس أن يتحمل مسؤوليته، ويساعد في القبض على البشير ومن معه من المتهمين، ما هي الخطوة المتوقعة من مجلس الأمن تجاه الدولة السودانية وتجاه رعاياها المتهمين.؟ من المعروف أن المجلس يمارس صلاحياته بفرض عقوبات على الدول بما فيها إستعمال القوة المسلحة لتنفيذ أوامر القبض بحق المتهمين من رعاياها، ولكن ما هو الأساس الذي بموجبه يفرض مجلس الأمن هذه العقوبات على الدولة غير المتعاونة؟. ربما تكون الإجابة في ظني إذا لم أكن مخطئا، إن تصرف مجلس الأمن يتعلق بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وهذه من صميم مهامه واختصاصاته الطبيعية، إذأ مهمة مجلس الأمن في هذه الحالة تنفيذية تتمثل بفرض عقوبات واستعمال القوة المادية، علما أن المحكمة ليست لديها قوة لتنفذ أي عقوبة على من يخالف أوامر ميثاقها الأساسي كما أسلفنا القول. قد أثبت الواقع العملي أن سلاح العقوبات ليس سلاحا فعالا في التأثير على الأنظمة بقدر ما هو عقابا قاسيا على شعب الدولة، لاسيما وأن الدولة السودانية قد تم فرض عقوبات عليها بواسطة أمريكا منذ 1997، ولم تؤد تلك العقوبات إلى أسقاط النظام، بل زاد طغيانا وبطشا، والخطوة الثانية هي استعمال القوة المسلحة للقبض على البشير وأعوانه، بالتأكيد لهذه الخطوة خطورتها وتعقيداتها وخاصة وأنها ستكون أول تجربة للقبض على متهم وهو في سدة الحكم ويمتلك تحت تصرفه المطلق مقومات دولة، كما أن الفشل في القبض على المتهم جوزيف كوني وهو لا يملك سوى مليشيا متجولة في الأحراش قد أضعف هذا الإحتمال. لا شك أن البشير هو المشكلة ولا يمكن أن يكون جزء من أي حل في المستقبل لأزمات ومشاكل هو من صنعها وتسبب فيها وما زال مسلسل القتل مستمرا بأمره، ومجلس الأمن عاجزا من أن يفعل شيئا وهو يواجه محنة حقيقية ومحكا خطيرا في امتحان مصداقيته هذه المرة، فجريمة الإبادة الجماعية التي أتهم بها البشير تعتبر من الجرائم المستمرة ولابد أن تعمل الأسرة الدولية وتتدخل فورا لوقفها، وهو أمر ملزم بنص وروح القانون الجنائي الدولي لمعاقبة الجناة، وتفعيل قانون حق التدخل الإنساني لانقاذ من بقى حيا من الضحايا والمنكوبين جراء أفعال الإبادة المستمرة. والسؤال الذي ستجيب عليه الأيام المقبلة هل بطلب السيدة/ بنسودا، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحث مجلس الأمن للقبض على البشير وأعوانه تكون قضية البشير الراكدة قد بدأت بالتحرك لتصل وجهتها في لاهاي أيا كانت السيناريوات المحتملة؟.
الصادق حمدين mailto:[email protected]@hotmail.com
أحدث المقالات
- الإعلان هو الذى يقتل أوّلاً، أمّا الرصاصات، ففيما بعد !. بقلم فيصل الباقر 07-01-15, 01:31 AM, فيصل الباقر
- للوصول بسفينة السودان إلى بر الحل الديمقراطي بقلم نورالدين مدني 07-01-15, 01:21 AM, نور الدين مدني
- اِنهيار الدبلوماسية في السودان بين .. الهروب والدموع بقلم عبدو حماد 07-01-15, 01:18 AM, مقالات سودانيزاونلاين
|
|
|
|
|
|