|
دستور دولة الدبة بقلم إليكم - الطاهر ساتي
|
:: (العالم قرية)، ليس فقط بفضل ثورة الاتصال ووسائل التواصل، بل بفضل انتشار ثقافة حقوق الإنسان أيضاً.. وقديماً، كانت الأنظمة الحاكمة فقط هي المسؤولة عن حقوق من يعيشون تحت ظلال سلطاتها، وتارة تحمي هذه الحقوق وتارة تنتهكها.. ولكن تغير الحال إلى الأفضل، وصارت حقوق أي إنسان -في أي مكان- محمية بسلطات ومنظمات وقوانين ومحاكم (إقليمية ودولية)، وبهذا صارت قضية حقوق الإنسان (إنترناشونال).. والوعي الحديث بهذه الحقوق لم يأتِ بجديد، فالإنسان -أصلاً- مُكرم من قبل الخالق، ويجب أن يعيش مطمئناً على حقوقه في الحياة.. وما الشعوب والقبائل والأوطان إلا (للتعارف فقط لاغير)، وليس لانتهاك الحقوق..!! :: وكذلك هوية الإنسان في عالم اليوم -في إطار تلك الحقوق الشرعية والقانونية- لم تعد هي تلك الهوية ذات التصنيف التقليدي (وطني و أجنبي)، فالخيوط التي تميز بين هذا وذاك في الحقوق والواجبات صارت (رفيعة للغاية)، وتكاد لا تُرى في بعض الدول.. قد تعيش أجنبياً في دولة ما، ثم تصبح مواطناً في ذات الدولة، أي تتكئ على حقوقك المنصوصة في قانون الدولة وتكتسب (هوية المواطنة).. والشيء الآخر، حرية التنقل والإقامة والعمل -في إطار قوانين الدول- جزء أصيل من حقوق أي إنسان.. وتحت ظلال قوانين الدولة، يجب أن يتساوى الجميع -مواطن على أجنبي- في حق الحياة بلا متاعب.. وكذلك في انتهاك قوانين الدولة، يجب أن يتساوى الجميع -مواطن على أجنبي- في المُحاسبة والعقاب..!! :: ومن الأخبار المؤسفة، أن السلطات الرسمية -ثم هيئة شعبية بمحلية الدبة- أخلت محلية الدبة بالولاية الشمالية من نحو (ألفي إثيوبي).. ونقرأ تصريح معتمد الدبة لنعرف أسباب الطرد الشامل: (أجرينا فحصاً عشوائياً شمل 15 إثيوبياً، وأثبت الفحص إصابة ستة منهم بالتهاب الكبد الوبائي، بينما أثبتت العينة الثانية التي خضع لها 54 إثيوبياً إصابة خمسة أشخاص).. تأملوا، (6 حالات من 15، ثم 5 حالات من 54)، هي التي تسببت في ترحيل كثافة مقدرة بـ (2000 إثيوبي).. إلى أين؟.. لم يتم ترحيلهم إلى إثيوبيا، بل تم طردهم إلى الخرطوم، لينتشروا منها إلى محليات السودان الأخرى وكأنها (محليات إثيوبية).. طردهم من محلية الدبة إلى الخرطوم يعني اختزال السودان فقط في (محلية الدبة)، ثم تحويل بقية محليات السودان إلى (كرنتينة)..!! :: ثم بدستور البلد، ما لم يكن قد تخصيصه بحيث يكون (دستور دولة الدبة)، فالأجهزة المركزية وقوانينها وسلطاتها هي المسؤولة عن (ملف الأجانب)، وليست المحليات أوأفراد يسمون أنفسهم (هيئة شعبية).. وزارة الداخلية تٌسأل عن دخولهم (كيف ومتى؟)، ووزارة الصحة تُسأل عن صحتهم (أصحاء أم مرضى؟)، ثم أجهزة الدولة المركزية الأخرى تُسأل عن (حركتهم وإقامتهم وعملهم)، وهل كل هذا يتم في إطار قوانين الدولة السودانية أم مخالف للقوانين؟.. هل من حق أي مواطن سوداني أن يطرد أي أجنبي -من قريته أو مدينته أو محليته- كما فعل بعض الأفراد بمحلية الدبة تحت مسمى (الهيئة الشعبية).؟.. وعليه، تواضعوا قليلاً، ولا تحتقروا الآخرين بعنصرية القرون الوسطى، وخاصة أن نصف شعبناً يعيش في بلاد الآخرين (حياة المنافي)..!!
|
|
|
|
|
|