أعطت آلية الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى مهلة 7 أيام كي توضح المعارضة رأيها في خارطة الطريق.. و يسعى ثابو أمبيكي، رئيس الآلية، و ( معه) إبراهيم محمود، رئيس وفد الحكومة، ( إقناع) تحالف قوى المستقبل للتغيير ( قوت) إلى الحوار الوطني، و التحالف تجمع أحزاب معارضة لا يستهان بقوته في دعم موقف الحكومة إذا قبل التوقيع على وثيقة خارطة الطريق.. و مع د. غازي صلاح الدين، رئيس التحالف، قد رفض أن يُجر إلى ( الحوار الوطني) بتلك الطريقة المخلة، إلا أن النظام و أمبيكي لا يزالان يحاولان إحراج الممانعين عن التوقيع بالحصول على توقيع ( قوت) بأي ثمن..
الحكومة والوساطة يبحثان، بلا كلل أو ملل، عن بديل ( معارض) ليوقع على خارطة الطريق.. فهل فشلوا في الحصول على ضالتهم في مكون (قوى تحالف المستقبل)؟
د. غاري أكد التزام التحالف بالشراكة التي بينه و بين القوى السياسية المعارضة والحركات المسلحة.. و أوضح د. غازي عن اتصالات تحالفه مع مجموعة المعارضة المتواجدة في أديس ابابا لمعرفة جوانب الاعتراض على، و الاتفاق مع، بنود خارطة الطريق، و هي الخارطة التي لم تعرض على تحالف القوى المستقبل حتى وقت إدلاء رئيس قوى التحالف بتوضيح ما حدث بينه و بين أمبيكي و إبراهيم محمود.. و ذكر د. غازي أن قوى التحالف سوف تنظر في خارطة الطريق إذا قدمت لهم الورقة .. وسيخرجون بقرار يراعون فيه إجماع القوى السياسية المعارضة الأخرى..
إننا في منعطف خطير من منعطفات تاريخ السودان المليئة تضاريسه بكل ما هو غير متوقع من أحداث تناقض بعضها بعضاً.. و لا تتوقف عن الاتيان بمزيد من التناقضات.. " و من يعش، فسَيرَ اختلافاً كثيراً" ماشي و جاي!
ثم ماذا خلال السبعة أيام هذه؟
طلب ثابو أمبيكي من الرئيس الإثيوبي ديسالين أن يضغط على الحركات المسلحة، و عقد اجتماعاً ( مغلقاً) مع البعثات الدبلوماسية ( ذات الوزن) للضغط على المعارضة السياسية.. و قبل ذلك، و فوق ذلك، صرح القائم بالأعمال الأمريكية بالخرطوم أنه سوف يضغط على المعارضة للتوقيع.. بل و قرر أن يغادر إلى واشنطن ٌبإبلاغها برؤيته ( المنحازة) إلى جانب نظام الخرطوم..
نعم، أمهلت الوساطة الأفريقية المعارضة السودانية 7 أيام ( حسومة).. سبعة أيام و سيف ( ديموقليس) معلق بشعرة فوق رؤوس المعارضة في أديس أبابا..!
ثم ماذا بعد السبعة أيام؟
سوف نرى صنوف تهديدات تتالى.. و أشكال من تهم تصدر من مجلس ( أمن) الخمسة الكبار.. و وعيد بالويل و الثبور و عظائم الأمور ترافق وضع المعارضة السودانية ( الممانعة) على لائحة المنظمات الارهابية التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن الدولي.. و يتم تجميد أرصدتها ( غير الموجودة) في المصارف العالمية..
و لن تؤثر كل تلك الاجراءات على الواقع و لن تجدي الظروف المفروضة على المعارضة نفعاً.. و حتى، بافتراض انصياع المعارضة للضغوط، و توقيعها على خارطة أمبيكي، فسوف تظل الأزمة قائمة ما لم يتم اجتثاث أسبابها من الجذور.. باستعادة الحقوق ( كل الحقوق) المسلوبة من الشعب السوداني على مدار ما يربو على ربع قرن من الزمان.. فالمسألة لا تكمن في الحوار و المشاورات و مناديب طرفي الصراع.. إنها تكمن في أعماق ( الطبوغرافية) السياسية السودانية، و التمكين الذي قد يمكن حل الجانب المالي منه أما الجانب الاداري فعلاجه لا يمكن أن يتم إلا باقتلاع شجرة المؤتمر الوطني (الفاسدة) من جذورها.. و لا يجدي حل الجانب المجتمعي من الأزمة و الصراعات القبلية التي حاربتها نخبنا الأوائل و كادت أن تقضي عليها.. و جاء نظام الانقاذ و أدخلها غرفة العناية المركزة و أنعشها، فقامت ترقص على إيقاعات أغانينا الراقصة.. و لها رقصات مبتذلة في فكاهاتنا المستحدثة،
كل هذه المثالب تحتاج إلى خارطة طريق غير خارطة طريق أمبيكي المبنية على جغرافيا ( الحوار الوطني) و ( الحوار المجتمعي) دون الاهتمام الجاد بالوطن و لا بالمجتمع حقيقةً .. و ثمة تفاصيل كثيرة يتوجب احتواؤها بمخاطبة عناوينها في أي حوار جاد.. و حوار قصر الصداقة الذي لا تزال مخرجاته أمام الرئيس البشير، قد تكون مرت على بعض عناوينها و أهملت العناوين الأهم.. و فوق ذلك يتم تحويل و تعديل ما لا يتسق منها مع ما يهدد مصالح متنفذي المؤتمر الوطني حتى و إن كان في مصلحة السودان.. تلك المصلحة التي لا يراها أمبيكي و لا تخطر ببال الاتحاد الأفريقي.. و لا المجتمع الدولي.. لأنهم لا يعيشون الحريق الذي نعيش بل يسمعون عنه من بعيد.. و نحن ( داخل) الأزمة بكل أبعادها.. و نعرف مآلات خارطة الطريق التي أتى بها أمبيكي للتوفيق بين مصلحة السودان و مصلحة المؤتمر الوطني.. و مصلحة المؤتمر الوطني هي الغالبة في تلك الخارطة..
موقف المعارضة عصيب في أديس أبابا، و علينا أن ندعمها ضد البيئة غير الصديقة التي تعمل فيها.. و نتمنى لها التوفيق في إدارة الأزمة المحيطة بها و هي تحاول إدارة أزمة السودان..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة