|
خالدة الخالدة بقلم هلال زاهر الساداتى
|
00:23 AM Jun, 19 2015 سودانيز اون لاين هلال زاهر الساداتى- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
تكاثرت العلل والمصائب علي المرء فلا يدري أين الملاذ واين المفر ، ومصيبة الموت لانجاة منها فلكل أجل كتاب لا يتقدم ولا يتأخر ، واعجب للانسان فهو سآه لآه يجرى خلف الدنيا ويطلب منها المزيد فى شرآهة عارمة تصحبها بصيرة غآئمة تسد منافذ الرشد والآفهام والغفلة عن الموت المتربص في أنآة تعوزها العجلة والاندفاع فكل شئ مسطر في لوح محفوظ ولا حيلة ولا وسيلة للتقية من اليوم الموعود والبقآء المفقود ، وجاء النذير في كتاب خالقنا في قوله ( ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والانفس والثمرات وبشر الصابرىن الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون ) ابتلينا بغياب خالدة زاهر الأبدى من دنيانا وهى امرأة ليست ككل النسآء وليست كالرجال ، ولا أغالي اذا قلت انها كانت هبة السمآء الي ارض السودان ، وهبة الله الي نسآء السودان ، وقد حباها الله بنقآء خلقى كنقآء الثلج ، وعفة تجل عن الوصف ،وعزيمة أصلب من الفولاذ ، وجعل الله لها قلبا" يخفق بحب الناس والحنو والعطف عليهم وبذل الخير من أجلهم ،وكأن البر قد أجتمع في امرأة واحدة . كانت النساء قبل مجئ خالدة كما" مهملا" ووصفت المرأة عن جهل وسفه بالتحقير وكلمات الازدرآء والاستخفاف الي الحد الذى منعت فيه من التعليم بوصفه الطريق المؤدى الي الغواية والانحراف ، وهزمت خالدة تلك الأسطورة المستكنة فى سرداب التخلف والرجعية ، فافترعت زمن الاستنارة بارتيادها العلم من الخلوة وحتى الجامعة وما فوق الجامعة بتأييد وتعضيد من أب وأم مستنيرين ، وقادت جيل الاستنارة مع زميلاتها الفتيات حتى انهزمت جحافل الرجعية الضاربة في دياجير الظلام ، وضربن المثل والقدوة في التمسك بمكارم الاخلاق والحرص علي التقاليد الحميدة ، ونبذ التقاليد والعادات الذميمة البالية ، فاجبرن الكل علي احترامهن فجعلوا بناتهم يسرن في نفس الدرب على منوالهن فبثوا فيهن روحا" جديدة تتطلع الي السمو والرفعة كان حب خالدة لوطنها ولشعب السودان عميقا" كعمق المحيط في وقت كان الاستعمار فيه باطشا" يشن حملة مسعورة علي الوطنيين ، وقاومت خالدة بكل ما أوتيت من قوة وقادت المظاهرات والاضرابات وكانت ضمن قيادات اتحاد الطلبة فى جامعة الخرطوم ، وفى قيادات مؤتمر الطلبة الذى تكون من اتحاد الجامعة واتحادات المدارس الثانوية حينذاك وهى وادى سيدنا وحنتوب والاحفاد والاهلية ، وكان لي شرف الانتمآء الي لجنته المركزية ،وتعرضت خالدة للاعتقال مرتين وكانت لها الريادة في تكوين أول تنظيم نسآئي وهو رابطة الفتيات الثقافية مع الرائدة فاطمة طالب اسمعيل ومحاسن عبد العال واسسن بعد ذلك ومعهن اخريات الأتحاد النسائي السودانى في عام 1952 وكانت رئيسة له والذي حلته الانظمة الدكتاتورية من عهد الفريق عبود والعقيد جعفر نميري والعميد عمر البشير :ولكن لم يخضعن للجبروت وزاولن العمل فى السر وكان الاتحاد النسائى حاضرا" ولا يزال ، ومن جهود خالدة الوطنية انها كانت عضو مؤسس فى جبهة الهيئات في ثورة اكتوبر 1964 وكانت ضد القهر والظلم والاستبداد ، واما عطآء خالدة فهو قطرة في بحر عطآئها العميم ، نذكر منه ان عيادتها في شارع المهاتما غاندى في امدرمان والمسمى بشارع الدكاترة كانت ملاذا" للنسآء اللاتى تعوزهن نفقة الكشف والعلاج ،فكانت تعالجهن بلا مقابل وتمنحهن الدوآء من جيبها الخاص وكان نساء الحلة يأتين اليها في المنزل أو تذهب اليهن فى بيوتهن عندما يكن مريضات ، وأسست وادارت مركز رعاية الامومة والاطفال التابع لوزارة الصحة بامدرمان في المبنى المقابل لمستشفى التيجانى الماحى للامراض النفسية والعصبية ، فكانت المرأة الحامل تجد الرعاية ولجنينها في كل شهر ويمدها المركز بالدوآء والطعام المغذى حتي تضع وتمتد الرعاية حتى يكمل الطفل عامه الثانى . وأروع ما كان فيها انهاتتجنب الاضواء والدعاية لنفسها وكانت تعطى بلا من أو أذي ،فهى انسانة بسيطة متواضعة وكما نقول في عاميتنا ( كان ختيته علي الجرح يطيب) وعلي الجانب الشخصي فانها كانت تحب القرآءة والاطلاع وخاصة بالانجليزية ولديها مكتبة كبيرة بالعربية والانجليزىة وهذا يرجع الي والدها الذى كان لديه مكتبة كبيرة باللغتين تحتوي غلى كتب في التاريخ والادب والسياسة والعلوم العسكرية وتاُثر كل ابنائه من بنين وبنات بذلك فكان لكل منهم مكتبته الخاصة ، هذا الي جانب قراءتهم للصحف اليومية التى كانت تصدر في ذلك الوقت كالسودان الجديد والرأى العام والايام والصحف الاسبوعية كالشباب والاضوآء والتلغراف والمؤتمر والاديب . وكانت خالدة تهوى الزراعة فزرعت حديقة صغيرة في المنزل فيها بساط من النجيلة الخضرآء، والورد والزهور والاشجار المثمرة كالليمون والبرتقال ، فكنا نستقبل كل صباح بعبير الفل والياسمين الفوآح في الحوش ، وكانت شجرة الليمون بالذات ذات عطآء وفير توفر لنا وللجيران ثمرها وبخاصة في شهر رمضان ، وعندما انتقلت الى منزلها الخاص في حي العمارات بالخرطوم والذي شيدته بالسلفية الحكومية والتى كانت متاحة لكبار الموظفين وتسدد علي اقساط تستقطع من الراتب الشهرى ،كان لديها ابمنزلهاحديقة وارفة من الاشجار النادرة والازهار والورود . وخلال دراستها بمدرسة الاتحاد العليا للبنات في الخرطوم كانت تمارس رياضة لعبة التنس وكانت ضمن فريق التمثيل ، وبعد تخرجها من الجامعة تولت مسئولية عون والدها هي واخوتها الكبار في رعاية الاسرة الكبيرة ومعيشتهم ورعايتهم وتوعيتهم وكانت خالدة رغم جديتها وصرامتها في الحق خفيفة الدم والظل ،وجدير بالذكر انها رأست بعثة وزارة الحج الطبيةعام 1980 ، ثم حجت مرتين بعد ذلك علي نفقتها الخاصة . هكذا كانت خالدة ،واجزم انها لو كانت مسيحية لعدتهاالكنيسة قديسة من الناحية الانسانية البحتة ، ولكن جامعة الخرطوم أم الجامعات في عصرها الذهبي واساتذتها العلمآء الأجلآء منحت خالدة الدكتوراة الفخرية فى عام 2001 وما جعل الله لبشر الخلد ولكن ستظل ذكراها في تاريخ السودان الى أن يرث الله الأرض وما عليها . يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتى . هلال زاهر الساداتى 18##6 ## 2015
أحدث المقالات
- ماهر جعوان /يكتب/ سبق المقربون 06-19-15, 00:15 AM, ماهر إبراهيم جعوان
- الإسلام / الإرهاب ... أية علاقة؟ بقلم محمد الحنفي 06-19-15, 00:14 AM, محمد الحنفي
- أمن المنطقة في تغيير النظام في إيران بقلم منى سالم الجبوري 06-19-15, 00:09 AM, منى سالم الجبوري
- هل نلوم الوزير محمد مهدي البياتي أم نلوم وسائل الإعلام؟! بقلم علي احمد الساعدي 06-19-15, 00:07 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- الحكومات الفلسطينية تباديل وتوافيق وفشل بقلم سميح خلف 06-18-15, 10:21 PM, سميح خلف
- المجرم الهارب يرتكب جريمة اخري بقلم د. ابومحمد ابوآمنة 06-18-15, 10:13 PM, ابومحمد ابوآمنة
- مرفودين للصالح العام والخاص (1)! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-18-15, 10:08 PM, فيصل الدابي المحامي
- منتدي رؤوس الأفارقة : وفرار المشير البشير المثير بقلم شول طون ملوال بورجوك 06-18-15, 10:05 PM, شول طون ملوال بورجوك
- بنك الجبال للتجارة والتنمية إلي أين ؟ بقلم اللواء اسماعيل خميس جلاب 06-18-15, 10:00 PM, اللواء اسماعيل خميس جلاب
|
|
|
|
|
|