|
حوار هاديء ومفتوح مع قيادات المؤتمر الوطني ( 2 ) بقلم صلاح الباشا
|
· قلنا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة والتي وفي تقديرنا الشخصي تعتبر إختراقاً وتحريكا للمياه الراكدة في بركة السياسة السودانية التي شهدت ماشهدت من صراعات التيارات السياسية حيث اجهدت القوم إجهاداً لاحدود وقد إستمر ذلك لعقود طويلة من الزمان .
· لكنني قد لمست ( وهذا متوقع طبعا ) ان العديد من المتداخلين بالرأي بعد نشرنا تلك الحلقة الاولي يستخدم لغة الحماسة في الرد المضاد ، بل لقد قرأت لبعضهم بأنه يندهش لصاحب هذا القلم ( يقصدني شخصياً ) والذي عرف مناضلا ومصادما ومنافحا للإنقاذ أن ياتي اليوم مهادنا ومغازلا للمؤتمر الوطني للتمهيد لشيء ما ، ولكنه اي الكاتب لم يوضح ماهو ذلك الشيء ، وفي الواقع لم انزعج كثيرا لرأيه بإعتبار أن هذا هو رأيه وهو محض تنفيس من الاحتقان الجاثم علي صدره مما يجري ، لكن كان يجب عليه او عليهم توظيف ادوات أكثر منطقية .
· بالطبع أن هاجس البيع والشراء قد اصبح سمة سائدة في ميدان السياسة السودانية ، ليس الآن فحسب ، بل منذ عهد حكومات الازهري والمحجوب والصادق عقب إنتفاضة تجربة مابعد انتفاضة اكتوبر 1964 حين اصدر رئيس الوزراء وقتذاك المرحوم محمد احمد محجوب بيانا اذاعه بصوته الجهير قائلا في اهم عباراته ( أن نواب البرلمان قد اصبحوا في سوق النخاسة سلعا تـُباع وتـُشتري ) فقام بحل البرلمان بالتشاور مع راس الدولة وهو الزعيم الازهري لتقوم انتخابات مبكرة جديدة كانت نتائجها إقصاء قيادات الصادق المهدي الشابة وقتذاك في الانتخابات وفوز قيادات الامام الهادي ... ولا أزيد .
· كما ظل البعض يري أنه لابديل لإصلاح الحياة السياسية إلا ( بكنس ) المؤتمر الوطني من الساحة نهائياً ، تماما مثلما تم كنس الاتحاد الاشتراكي بعد سقوط نظام الرئيس جعفر نميري وكنس الحزب الوطني الديمقراطي في مصر بعد إنتهاء عهد الرئيس مبارك . وهنا فإنني شخصيا أعتبر هذه الرؤية قاصرة جدا ، ومن أهم أوجه قصورها أن المقارنة بين نظام حزب النميري أو حزب مبارك مع حزب المؤتمر الوطني بالسودان ليست مقارنة سليمة وواقعية ، ذلك ان تلك الانظمة التي زالت بزوال صانعيها هي انظمة مصنوعة فعلا ولم تتكيء علي ايديولوجية سياسية عريقة ضاربة بجذروها في التربة السودانية او المصرية مثل التاريخ الطويل للحركة الاسلامية بالسودان .
· فالمؤتمر الوطني ما هو إلا إطار يغلف صورة الحركة الاسلامية العريقة والناشطة بداخله ، فمؤسسوا هذا الحزب هم قيادات الحركة الاسلامية بشيوخها وشبابها الوسيط الناشطين جدا في المركز والاقاليم .
· كل تلك الحيثيات لن تجعل من حزب المؤتمر نظاماً كرتونياً يختفي من الساحة فور إنتهاء هذا النظام الحالي مثلما يعتقد البعض الذين تنقصهم الدراية بأن هذا الحزب الحاكم تسنده حركة اسلامية سياسية متمددة في الساحة السياسية في بلادنا ، وقد رأيناها تكتسح دوائر الخريجين بعد إنتفاضة ابريل 1985م بإرتياح تام ، الشيء الذي يدل علي حسن تنظيمهم ، تماما مثلما اكتسح ذات الدوائر الشيوعيون بعد انتخابات اكتوبر 1964 حين كان قويا منظما لم يدخل دنيا المغامرات العسكرية بعد ، وبالتالي سيظل المؤتمر الوطني صاحب سهم كبير ومنافس ومؤثر في الحياة السياسية القادمة حتي وإن أتت الديمقراطية كاملة الدسم في طبق من فضة أو في بحيرة من دماء. وبالطبع سيغضب البعض من هذا الحديث .. لكنها الحقيقة الماثلة .
· ولكن السؤال الذي نحن بصدد التحاور من خلاله هو ، هل من الممكن ان يبحث الحزب الحاكم هذا ناقدا وبكل تجرد في تقاطعات مسيرته السياسية ويستعرض في جلسات نقاش مفتوحة عن المنجزات والاخفاقات من خلال ذلك المشوار الطويل في العمل السياسي ، ولماذا بدأ يتشقق في قمته وينعكس ذلك علي شبابه الفاعل ؟
هذا ما تتواصل فيه تحليلاتنا في هذه السلسلة ، راجين ان يقابل هذا الرأي بلا توتر أو وجل سواء بالحزب الحاكم او بالاحزاب الاخري حتي يمكن تصحيح ما يمكن تصحيحه ، فلقد مللنا من الهجوم المكرر المتواصل حتي باتت كتابات السودانيين الناقدة تشبع بعضها البعض بضربات تحت الحزام ، لكنها تظل ضرباتاً مطاطية لم تؤثر ، ولا تنتج طحينا جديداً ... ألم نلاحظ ذلك !!
ونواصل ،،،،،
مكتبة صلاح الباشا(Abulbasha)
اخبار من السودان
|
|
|
|
|
|