حركات المُقَاومَة (سِلْمِيَّة ومُسَلَّحَة) والفشَل فى إحْدَاثِ التَحَوُّلِ السِيَاسِى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-03-2018, 10:18 PM

عبد العزيز عثمان سام
<aعبد العزيز عثمان سام
تاريخ التسجيل: 11-01-2013
مجموع المشاركات: 244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حركات المُقَاومَة (سِلْمِيَّة ومُسَلَّحَة) والفشَل فى إحْدَاثِ التَحَوُّلِ السِيَاسِى

    09:18 PM February, 03 2018

    سودانيز اون لاين
    عبد العزيز عثمان سام-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    هذه وآحِدة من القضايا المُهمَّة التى ظلْلْنا نؤجِّلُ تناولها وطرحها للنقاش وتسليط الضوء عليها هرُوبَاً للأمامِ بلا حيَاءٍ. ومعظم حركات المقاومة التى رفعت شعارت ثورِيَّة للتغيير، بأحلامِ وتطلُعات شعُوبها، ونهضَت لتقاوِم الأنظمة الظآلِمة القائمة فى البلدانِ المُختلِفة، بالوسائلِ السِلمِيَّة أو العنِيفة، فشلت، إلَّا النذرُ اليسِير، فى إحداث التحَوُّلِ Transformation والتغيير الذى ناضلت لأجْلِه ودفعت الشعوب الكثير من موَآرِده البشرية والمادِيَّة. فلماذا هذا الفشل الدآئم فى إحداثِ التحوُّلِ السياسى كهدفٍ أسَاس تقومُ لأجلِه حركات المُقاومة الوطنية فى دُولِ العَالمِ الثَالِث؟.
    هذا الموضوع شَائِك ومن طِينَةِ الموَآضِيع التى يتِمُّ بحثها علِمِيَّاً بإتِّبَاعِ منَاهِجِ البحثِ العِلمِى بإيرَادِ مصادر موَثَّقة ودراسة نماذِج الثورات التحررِّية السِلمِية منها والعنِيفة، أو"الهَجِين" التى تشمَل جناحين سِلمِى وعسكرى، أو تلك التى تضطرُّ لمُمارَسةِ العنف دِفَاعَاً عن النفسِ والمُكتسبَات كما فى الحركاتِ السودآنِيَّةِ.
    وأشكُرُ الرفيق مبارك أردول الذى مدَّنِى ببحثٍ عِلمِى فى هذا الموضوع، وبالإطلاع عليه وجَدَّتُ نادِرَاً ما تحَوَّلَ حركة مقاومة إلى تنظيم سياسى سِلمى، وقد شجَّعنى ذلك أن أبدَأ الكتابة فى هذا الموضوع المُهِم الذى يتحاشَاه مُعظَم النَّاسُ رغم أهمِّيته وضرَورَة تسليطِ الضوء عليه، لأنَّه يبدُو جَلْدَاً للذَّاتِ أو نقداً لتجرُبةٍ خَاصَّة، أو أنَّ النقدَ يأتِ لمصلحَةِ الخَصم. ولكن ما الطَآئِلَ من دَفنِ الرُؤوس فى الرِمَالِ؟، لذلك أكتِبُ لأحرِّض الباحثين Scholars فى منطقتِنا للغَوثِ فى هذا اليَمِّ لإخراجِ دُرَره وعرْضِها للنَّاسِ لتعُمَّ الفائِدة.
    وبشكْلٍ عام أقول أنَّ جُلَّ حركات المقاومة، سِلمية وعنِيفة "مُسَلَّحة" قد فشلت فى إحْدَاثِ التحوِّلِ السِيَاسى المنشُود، وإنكفَأت على نفسِها. وغالباً ما خلقت وآقِعَاً صَادِمَاً للشعوبِ التى إحْتضنَتها ثُمَّ صارت وَبَالاً عليها. وسأتناول بعض حركات المقاومة التى تمكَّنت من الوصُولِ إلى السُلطَةِ وحكَمت ولكنَّها فشلت فى إحداثِ التحَوُّلِ السِيَاسى Political Transformation بل خلقت وَآقِعاً وَخِيمَاً أسْوَأ من الذى ثَارت ضِدَّه، فما هى الأسبَاب التى أدَّت إلى ذلك؟.
    وأقصدُ بالتحوُّلِ السياسى أن تتحوَّل "الثورة" بعد نجاحها إلى "دولة" فتتيحُ الحريَّات وحقوق الإنسان، وتصون كرامة الموَآطِن وحقوقه وتُكرِّس آليات ممارستها من أحزاب سياسية ومؤسسات مجتمع مدنى. وأن يتمَّ بناء أجهزة الدولة تشريعية وتنفيذية وقضائية بسلطات منفصلة ومُنسَّقة ومُتَّسِقَة، وحكم قانون يحْكِم ويحَاسب الجميع بشفافِيَّة، وإقامة علاقات مع الدول والمنظمات بإحترام ومصالح مُتبَادلة وعلاقات خارجية إقليمية ودولية تحقِّقُ مصالح السودان.
    نبدأ بحركةِ المقاومة لتحرير كوبا أو الثورة الكوبية (1956- 1959م) الَّتِى قادَها فِيدل كاسترو، وتِشِّى جيفَارَا الأرجنتينى الجنسية (14 يونيو 1928م- 9 أكتوبر 1969م) الذى انضَمَّ لهذه الثورة وثَبَّتَ قوَآعِدها وأرْسَى مدرستِها الفكرية ووضعَ شِعَارَآتِها الثورية فتلَغَّفتها كلَّ حركاتِ التحرُّر الوطنى إلى يومنا هذا. فهَل أحدثت الثورية الكوبِيَّة التحوِّل السياسى بعد أن إنتصرت وقضت على حكومة "باتيستا" وحَرَّرت كوبا ودَآنَ لها الأمرُ هُنَاك؟. لا، لم تُحقِّق كوبا فيديل كاسترو والرِفاق التحَوُّل السِياسى المنشُود بل هَيمَنَ الثوَّارُ على السُلطَةِ وصادروا الحرِّيَّات وطوَّعوا البلاد وفشلُوا فى تطويرِ البلاد وإقامَةِ علاقات سِياسية وآقِعيَّة ورَهَنُوا مُستقبلها لأمْزِجَةِ الثوَّارِ وظلَّ "الرفيق" فيديل كاسترو رئيساً وزعِيمَاً دَآئماً وأبَاً رُوحِيَّاً قسْرِياً لكُوبَا إلى أن توفَاهُ اللهُ فى 25 نوفمبر 2016م عن عمرٍ ناهز (90) سنة، فخلفَهُ شقِيقه رآؤول فى حُكمِ كوبا. فهل هذا هو هدفُ الثورة الكُوبِية عندما اندلعَت وإلْتفَّ حولها الشعبُ؟ وهل حقَّقت الثورة الكوبية نموذج حُكم رَشِيد؟ أم تحوَّلتِ إلى حُكمِ فرد مُستبِد لا يُرِى الشَعبَ إلَّا ما يَرَى؟. أمَّا تِشِّى جيفَارَا "القوميندان" فلمًّا رَأى بُنْيَانَهُ الذى أقَامَهُ قد تصدَّعَ، ورفِاقُه وقد إنْكبُّوا يرتَعُونَ، إستقَالَ من رئاسَةِ البنك المركزى الكُوبِى الذى أكرَمُوه بها وإنسَحَب بهدُوء وغادَرَ كوبا نحو مكانٍ آخر، ولكنَّه وَجَدَ حتْفَهُ فى الطرِيقِ. وتجرُبة كوبا ليست الوحِيدة.
    وأنظر إلى تجارُبِ حركات المقاومة من حولِنا:
    . فى ليبيا، التى ثارَ فيها العقيد الرآحِل مُعمَّر القذَّافى فى ثورَةِ الفاتح من سبتمبر 1969م على حُكمِ الملك السنوسى، كانت من حركات المقاومة التى توفَّرت لها كل مقوِّمات النجاح من قاعدة فِكرِيَّة (النظرية العالمية الثالثة)، وموَآرِد مالية (نفط)، وشعب مؤِّيد ومُسَاند(حركة اللِجان الثورِيَّة)، وإعلام عبر فضاء رَحِب، ومدى زمنى كافى لإحداثِ التحوُّل (أربعة عقودٍ ونَيف). ولكن الثورة الليبية فشلَت فى إحداثِ التحوِّل السياسى المنشُود، وحكمَ العقيد القذَافى ليبيا بيدٍ من حديد وصادرَ الحرِّيات وأدخلَ البِلاد فى صراعات ومواجهات مع قوى عُظمى أدَّت إلى حصَارٍ إقتصادى وكبت سياسى إنتهى إلى ثورَةٍ شعبِية عَارِمَة أطاحَت بنظام القذَّافى الذى لقِى حَتْفَهُ على أيدِى الثوَّارِ، ولكنَّها فشلت فى إستعادة النظام والإستقرار فى ليبيا التى صارت اليوم نهْبَاً للإرهابيين وجماعاتِ الهَوَسِ الدِينِى وتجَّار البشر. وذلك لأنَّ نظامَ حُكم القذَّافى قد عمدَ إلى تفكِيكِ وحَلِّ أجهزة أسَاسِيَّة فى الدولة مثل الجيش والشرطة والأمن المُناط بها حِمَاية الدولة من العدوانِ الخارجى وحفظِ الأمْنِ الدَآخِلى.
    . وفى السودان، أطاحت ثورة شعبية فى مارس/ أبريل 1985م بحُكمِ الرئيس جعفر نميرى ولكنَّ تلك الثورة الشعبية فشلت فى إحداثِ التحوِّل السياسى لأنَّ جماعَة الأخوان المسلمين تربَّصُوا بالثورة سرَقُوها عبر آلِياتها فأدخلُوا كادِرهم المُشير عبد الرحمن سُوَار الذهب رئيساً للمجلس العسكرى لقيادة الثورة بينما أدْخَلُوا كادرهم الآخر دكتور الجزولى دفع الله رئيساً للوزراء عن جبهة الهيئات التى قادت الثورة الشعبية، فتمكَّنا من إجهاضِ أهداف الثورة وشِعَاراتها وعلى رأسِها إلغاء قوانين سبتمبر 83 الشَوْهَاء، وكنَسِ آثار نظام مايو 1969م. ثُمَّ، لآحِقاً فى 30 يونيو 1989م إنقلب جماعة الأخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن الترابى وتابِعهِ العميد عمر البشير على الحكومة الديمقراطية المُنتخَبة، ورفعوا شعارات إصلاحية مَبنِيَّة على تعآلِيمِ الدين الإسلامى ولكِنَّ الإنقلاب لم يُحدِث تحوِّلاً سياسياً، وبعد ثلاثة عقود من حُكمِ "التمكِين" الفاسد أوصلوا السودان إلى حالةٍ خطيرة وقَاسِية، فصلوا جنوب السودان يوم السبت الموافق 9 يوليو 2011م والجنوب هو الجزء الحَىِ والمُنتِج من السودان مُقَارنَة بالشمَالِ الصحرَآوِى القَاحِل ومُعظمه غير صَالِح لحَيَاةِ البشر. وإنْهِيار رَهِيب فى الإقتصادِ السودانى بلغ حدَّاً لا يسُرُّ عَدُواً ولا صدِيق. وحرُوب أهْلِية فى هوآمش السودان فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشمال الأقصَى أُرتَكِبت فيها حكومة الجنرال عمر البشير مجازِر وإبادات جماعية وتطهير عِرقى وجرآئم حرب فإتَّهمتهُ المحكمة الجنائية الدولية بلاهاى بعشْرِ تُهَمْ لإرتكابِه وشِيعتِه جرَآئِم خطيرة فى إقليمِ دارفور مخالفة للقانونِ الإنسانى الدولى (نظام روما 2002م). وقد صادر إنقلاب يونيو 89 الحُرِّيات العَامَّة وحقوق الإنسان، وفتَّتَ الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدنى ومَكَّنَ أتباعه ففسدُوا ورتعُوا ودمَّرُوا السودان، وخرَّبُوا علاقات السودان مع المجتمع الإقليمى والدولى، والآن يصِرُّونَ على عدَمِ إحدَاثِ التحوِّل السياسى وإطلاق سرَاحِ الوطن.
    . وفى دولةِ إرتريا الجَارَة الشرقية التى انفصلت عن أثيوبيا عبر إستِفتاء شعْبِى عام جرى تحت إشراف الأمم المتحدة فى أبريل 1993م فجاء نتيجته لصالح الإنفصال بنسبة 99.79% فكانت دولة إرتريا التى أعترفت بها الأمم المتحدة إعتباراً من 24 مايو 1993م وعاصمتها أسمرا. ولكن، فشلَ ثوَّارُ تحرير إرتريا فى إحداثِ التحوُّل السياسى، ومازالَ بطل تحريرها الرئيس أسياس أفورقى على سُدَّةِ الحُكم (25) سنة، مع تدهور مُريع فى الأوضاع السياسية والإقتصادية وحالة الحريات وحقوق الإنسان. وإصرار النظام على عدم التحوُّلِ من حَالةِ الثورة إلى الدولة المدنية وبناء مؤسساتها وإتاحة الحُرِّيات وحقوق الإنسان، وفصل السلطات وإحداثِ التعدُّد سياسى. ومؤخَّراً بلغ التضييِّق على الموَآطِن الإرترى حَدَّاً أصبح حِلمَهُ الأوحد هو الهروب بجِلدِه من وطنِه طلبَاً للنجَاةِ. وأكثر ضحايا الإتْجَار بالبشرِ فى أفريقيا هُم إرتريِّين يزمعونَ الهرِبَ إلى أوربا عبر السودان إلى ليبيا عبر الصحراء الكُبرى حيثُ ينتظرهم هناك تجَّارُ الرقِيق، ثُمَّ يعبرُون البحر الأبيض المتوسِّط بمرَآكِب بلاستيك نادِرَاً ما تعْبُر بسَلام فيمُوتُ معظمهم فى جوفِ البحر طعَامَاً للحِيتانِ وأسمَاك القِرْشِ. هكذا حوَّلت الثورة الإرترية إنسانِ إرتِريا الذى شَهِدَ بنِضالِه العالمُ إلى جَحِيم، فلا تحوَّل سياسى ولا أمَل يلُوحُ فى الأفٌقِ.
    . وفى دولةِ جنوب السودان التى انفصلت حديثاً بسبَبِ بطْشِ ونزَقِ وظلم فِئةِ جلَّابة السودان، فشلت أيضاً فى إحْدَاثِ تحولِّ سياسى ودخلت فى حرَبٍ أهْلِية دآخِلية بنمَط قبَلِى منذَ ديسمبر 2013م ماتَ فيها ما يقارِبُ المليونين من أهَالِى الجنوب البُسطَاء وانهَارت الدولة وصارَت سَائِلة بعد أقل من سنتين من إستقلالها، ودولة الجنوب التى رفعت شعارَات عظيمة وقامت على مُرتكَزٍ فِكْرِى طمُوح لإقامَةِ دولة المُوَاطنة (دولة تَسِعُ الجميع) فِكر السودان الجديد الذى وضَعَ قوآعِده بنجاح الرآحل دكتور جون قرنق، تركوا كل ذلك وإنزلقوا فى حرب أهلية كبَّدت الجنوب خسائر كبيرة وأوقفت رحلتها نحو النماء والإزدهار وأدخلت المدنيين مَرَّةً أخرى فى مُخيَّماتِ النزوح واللجوء فى دُولِ الجوار. وما زال الأطراف يُصرٌّونَ على القِتَالِ لنُصرَةِ القبيلة وإبادة القبائل الأخرى، فهل يُعقَل ذلك؟.
    رُواندا: وهنالك دُول أفريقية أخرى مرَّت بظروفٍ قاسِية مثل رواندا التى خرجت من كارثة الإبادة الجماعية (أبريل- يوليو 1994م) وأنَّ الجبهة الوطنية الرواندية الحَاكِمة الآن قد أحدثت نقلَة هائِلة نحو والسلام والتنمية والإزدِهَار، ولكن رواندا أيضاً فشلت كغيرها فى إحداثِ التحَوُّلِ السياسى فى معنى إتاحة الحُرِّيات والتعدد السياسى وحرية التعبير والنشر والإعلام الحُر، والآن الحزب الوآحد يقودُ رواندا إلى نجاحات تنموية كبيرة غيَّرت وجه الحياة بعد كارثة حرب الإبادةِ الجماعِية. وليتَ طُغاةُ السودان وجنوب السودان وإرتريا كانوا مثل حُكَّام رواندا الذين لم يُحدِثُوا تحوُّلاً سياسياً لكنَّهم أحدثوا نقلة أمنية وتنموية، ووَفَّرُوا العيش الكريم للمواطنين لدرجَةِ الرَفَاه.
    . مصر: وجمهورية مصر ليست بمنأى عن الفشل فى أحداث التحوُّلِ السياسى الذى ثارَ لأجلِه شعبُ مصر فى ثورته ضمن الربيع العربى فى 25 يناير 2011م ولكن انتهى الأمر فى خاتمة المطاف بإبدالِ جنرال سابق حسنى مبارك، بجنرال لآحِق هو المشير عبد الفتَّاح السِيسِى الذى يتأهبُ الآن للدخول فى دورَة رئاسية ثانية، وهكذا إلى أن يجعلَ اللهُ أمْرَا.
    . إستثناءات: يُستثنى تجرُبتى جنوب أفريقيا وتونس من حركاتِ المقاومة التى فشلت فى تحقيق التحوُّل السياسى وإنقلبت إلى ضدِّهِ تماماً. وحالتا جنوب أفريقيا وتونس الإستثناء من القاعدة لها أسباب دقيقة للغاية تتمثل فى رُموزِ القيادة. وفى ذلك أزعم أنَّ وجود الرمز الأفريقى نلسون مانديلا رئيساً لجنوبِ أفريقيا كان السبب فى إحداثِ التحوُّل السياسى واتاحة الحياة السياسية الحُرَّة فيها، ولو لا رفض مانديلا تعديل الدستور لإعادة انتخابه رئيساً لدورات لآحِقة لما حدثَ التحوّل فى دولة جنوب أفريقيا. والدليل أنَّ الفرقَ بين مانديلا والرؤساء الذين جاءُوا من بعده كبير جِدَّاً. أمَّا تجربة تونس فقيمتها الإضافية تكمنُ فى وَعِى الشعب التونسى وفَهْمِه المُتقدِّم وتعليمه الجيِّد وإصراره على نيل حقوقه وممارسة السياسة وفق قوآعِد الفرسان، وتعرِية جماعات الهوَسِ الدينى وإخرآجِهم من الحياةِ السياسية، هذه هى القيمة الإضافية فى تونس مقارنة بالشعوب الأخرى.
    السؤال: هل هنالك أملٌ يُرجَى من قادة حركات المقاومة السودانية، سِلمية وعنِيفة، فى إحداثِ تحوُّلِ سياسى فى المُستقبل؟ الإجابة ليست سَهلَة ولكن هناك شوآهِد على مآلاتِهم:
    1. الأحزاب السياسية السودانية التى تنشطُ الآن لإحداث التحوُّلِ السياسى والتغيير الذى ينشُده الشعب تُعانِى، عدا القليل منها، من فقدانِ القُدرة والرغبة فى إحداثِه، لأنها تخشى أن يأتى التحوُّل بلاعبين جدد ما كانوا أعضاء فى النادى السياسى السودانى فى السابق. وبالتالى ليس لها مصلحة فى التحوُّل لذلك ستعيد تكرار الماضى ولن تخاطب جذور الأزمة السودانية التى أفشلت السودان وقسَّمتْهُ.
    2. حركات المقاومة المسلحة نجحت فى التعبيرِ عن نقاط الضعف فى بِنْيَةِ الدولة السودانية، وأقنعت أحزاب المركز وتنظيماته المدنية بذلك، ووقَّعت معها مذكرات تفاهم وعهود وموآثِيق مُشتركة تضمَّنت "روشِتات" الدواء لأزماتِ الحكم فى السوان. ولكنَّ، الحركات المسلحة نفسها تعانى من رُشْدِ القيادَة ذاتَ الأفُقِ الكافِى للسيرِ بمشرُوع التغيير إلى نهاياتِه المرْجُوَّة، إضافة إلى عمل جاد ومًضاد من حكوماتِ وتنظيماتِ المركز لتفكِيكِ وتفتِيتِ الحركات المُسلحة بمَوَآرِدِ الدولة. ويُسهِّلُ مُهِمَّتِهم أنكفَاء قادة الحركات وفشلها فى المحافظَةِ عليها، فضَمُرتِ الحركات وكشفَت عوْرَآتِها فظهرَ للنَّاسِ ما ظلَّ مستُوراً منها. وبالتالى لا تستطيع هذه الحركات المسلحة أن تُقدِّمَ البديل المُقنِع لإحداث التحوُّلِ، وكان وجود دكتور جون قرنق فى قيادةِ هذه الحركات هو الضَامِنُ الوحِيد لإقنَاعِ الشعب السودانى للسيرِ خلفَهُ وتحت قيادته نحو الخلاص الوطنى. أمّا هؤلاء الذين يملأون الدنيا ضجِيجَاً فهُم غُثَاء كغًثاءِ السَيْلِ لا يصلحون لشيئٍ أبداً. هل يُحْدِثُ التغيير قادة حركات المُسلَّحة هؤلاء الذين تُرَآهِنُون على الإمام الصادق المهدى زعيم حزب الأمَّة الذى ضيَّع الديمقراطية بأنانِيَّتِه ونرجسيته وإستهباله السياسى؟. وقادة الحركات المسلحة الحائرون الذين أعطُوا شيكات سياسية بيضاء للطائفية السياسية السودانية هُمْ فى سُبَاتْ وغيبوبة سياسية عمِيقة، وهل من عدُوٍّ دمَّر الشعبُ السودانى غير الطائفية الدينية تُجَّار الرقيق، الختمية والأنصار، حزب الأمّة والإتحاد الديمقراطى اللذان سلَّما السودان لهؤلاء الكيزان الفاسدين؟، فعن أىٍّ ثورةٍ يتحدَّثُ قادةُ الحركاتِ المُسلَّحة هؤلاء؟ أنَّهم صوتٌ من الماضى السَحِيق A voice from the past.
    فما الحَلُّ إذاً: لا أحدَ يدَّعِى أنَّ بيده مُفتاح الحَلّ ولكن، بالحِوار والإعتراف بأدْوَاءِ السودان المُزمِنة، وبالتخلُّصِ من الثقافَات العُنصرية المصنوعة فى مركز السودان وحاضنتها وحامِيتها فِئة الجلَّابة التى حكمَت وتحْكِمُ السودان منذُ ميلادِه، يستطيع السودانيون أن يقرِّوا بإمكانيةِ العيشِ فى دولة عادلة وقابلة للحياة. والاتفاق فيما بينهم كأصحاب مصلحة على برَآمج شآمِلة لوقفِِ السودان من الإنْجِرافِ الحالى نحو هَاوِية، ووَضعِه فى مَسَارٍ صحيح يُحقِّق له التكوين السلِيم، والمشروع الوطنى المُعافى الذى يضمنُ الإستمرارية النَاجِحة نحو مستقبل مُشرِق لشعْبِه، ولعب دور مُفيد لمُحيطِه الإقليمى وأسْرَتِه الدولية، ومَعَاً نستطِيع.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de