تقرير المصير للقوميات فى الدولة الواحدة: حق داخل حق بقلم محمود محمد ياسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 00:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-20-2017, 11:22 PM

محمود محمد ياسين
<aمحمود محمد ياسين
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 137

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تقرير المصير للقوميات فى الدولة الواحدة: حق داخل حق بقلم محمود محمد ياسين

    10:22 PM November, 20 2017

    سودانيز اون لاين
    محمود محمد ياسين-
    مكتبتى
    رابط مختصر







    إن المفاهيم والكلمات لا توجد بشكل مستقل خارج الواقع الحياتى المادى، خذ مثلاً مصطلح الإشتراكية فهو كان يعنى للإشتراكى الطوبائى شارل فورييه أن يعيش الناس بشكل إختيارى، كبديل للرأسمالية، فى كتائب (phalanges) تسودها المساواة والتوزيع العادل لمصادر الثروة. لا مجال لتخطئة فورييه فزمنه (بدايات القرن التاسع عشر) لم يكن يسمح له بغير الحلم الطوبائى. فى فترة لاحقة، تتميز بغنى المحتوى الإجتماعى/الإقتصادى، أخذ مصطلح الإشتراكية الصبغة العلمية كحقبة تستولدها الضرورة الإقتصادية بديلاً لنظام الإنتاج السلعى.

    ومن المصطلحات التى تُعامل فى أحيان كثيرة كحقيقة مطلقة مصطلح حق تقرير المصير؛ وهذه المعاملة للمصطلح تتضح في إستخدامه الذى أصبح حالياً واسع الانتشار على مستوى العالم وسط قوميات أخذت توظفه للتعبير عن رفضها لسياسات التمييز وخيبة آمالها فى تحقيق مطامحها السياسية والإقتصادية فى إطار الدولة الأم المكونة من أكثر من قومية.

    لكن مفهوم حق تقرير المصير ليس مفهوماً مطلقاً فهو يتطور ويكتسب مضمونه ابعاداً تجرى فى تناسب مع تغير الواقع الإجتماعى–السياسى-الإقتصادى وليس حقاً قانونياً نشأ فى فراغ؛ فظهوره تزامن مع إقامة الدولة القومية فى أوربا إثر تحلل الأنظمة الإقطاعية؛ ثم أخذ حق تقرير المصير بعد الحرب العالمية الأولى مكاناً مركزياً فى معاهدة فرساى (1919) كآلية أنشئت بموجبها دولاً قومية جديدة فى أوربا على اشلاء الرايخ الثانى في ألمانيا والإمبراطوريتين النمساوية الهنغارية والعثمانية. ومع بداية النضال ضد الهيمنة الإمبريالية على العالم منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين إكتسب مبدأ تقرير المصير معنى جديدا إذ إرتبط بحق الشعوب فى التحرر من المستعمر وتكوين دولاً مستقلة.

    ولكن الإنتصار السياسى الذى حققته الدول المستعمَرة أفسدته حالة التبعية التى فرضتها الدول الكبرى على البلدان المستقلة. فمثلاً فى افريقيا فإن الزعماء الأفارقة توافقوا عقب انشاء منظمة الوحدة الافريقية في عام‏1963 على الابقاء علي الوحدات السياسية الى خلقتها الدول الاستعمارية الأوربية كحلٍ من شانه منع النزاعات بين الدول الأفريقية حول الحدود. ولكن تقدير القادة الأفارقة خاب، فالسلام الذى نشدوه تحطم على صخرة أطماع المستعمر الذى غزا القارة السمراء وهيمن على دولها بفرض تبعيتها له فى شكل جديد. فقد عاد المستعمر فى شكل الإمبريالية الحديثة مستغلاً الكيفية التى تشكلت بموجبها الدول الإفريقية فى مؤتمر برلين الدولي (1884-1885)؛ ففى ذلك المؤتمر لتسهيل هيمنته (وأوبته إذا ما دعت الضرورة) قسم الإستعمار (المباشر) القارة على الأسس التالية:

    * تجريد بعض الدول من المقومات الجغرافية التي تنتقص من قابليتها للنمو بحبسها في حدود لا سواحل لها (landlocked) وهى إثيوبيا وتشاد والنيجر ومالى وأفريقيا الوسطى ويوغندا وبوركينا فاسو وزامبيا وزيمباوى وبوتسوانا لاند ورواندا وبوروندى وسوازيلاند وباسوتولاند.

    * رسم حدود بعض الدول بشكل عشوائى يجعلها مجاورة لعدة دول؛ فالسودان والكنغو تمتد حدودهما لتسع دول مما يجعل هاجس المشكلات الحدودية هاجساً دائماً بالنسبة لهما.

    * تجزئة وبلقنة عدد من الدول تجعلها ضعيفة أمام التغول الخارجى. فقسمت غرب افريقيا إلى حوالي سبع عشر كياناً سياسياً كما شُتت قبائل واحدة بين أكثر من دولة واحدة مثل قبائل الايبو في غرب افريقيا والقبائل الصومالية والماساى في شرق القارة‏.‏

    وبعد زواله بشكله المباشر تسلل الإستعمار، مستغلاً الثقوب التي وضعها مؤتمر برلين وغيره من الإتفاقيات بين دول الإستعمار المباشر، وفرض تبعية الدول الفقيرة له في المجال الإقتصادى عبر عمليات الإقراض والمعونات وتحكُم صندوق النقد الدولي في السياسات الهيكلية التي تؤثر على أداء الاقتصاد الكلى بفرض الشروط التي تحقق السيطرة الكاملة على تلك الدول وإبقائها ترزح تحت عبء علاقات الإنتاج القديمة. وإعتمد الإستعمار فى تنفيذ خططه لفرض سيطرته الاقتصادية على الدول الفقيرة على طبقة الكمبرادور التي تحكم الدولة الطرفية في الغالب الأعم بالأحكام الإستثنائية التي تمكنها من تجريد المواطنين من كافة حقوقهم السياسية ونهب موارد الدولة المالية.

    وهكذا فإن حق تقرير المصير فى حالة القوميات فى البلدان الطرفية أصبح حقاً داخل الحق المركزى الأكبر لتلك البلدان وهو القضاء على الشروط التى تنتقص من سيادتها. وعليه فإنه فى الزمن الحالى فإن أولوية العمل السياسى فى الدول الفقيرة تتمحور حول مهمة تحررها الوطنى الكامل من هيمنة الدول الإمبريالية. فالدول الفقيرة تحولت إلى فضاءات تصدر اليها الدول الإمبريالية ازمات الراسمالية العالمية بفرض العلاقات الإقتصادية والتجارية الغير متكافئة وإتخاذها ملاجئ استثمارية (investment havens) يجرى فيها إستخلاص الأرباح الفاحشة عبر إستخدام العمالة الرخيصة والحماية التى توفرها الطبقات الكمبرادورية الحاكمة.

    ولكن هذا لا يعنى سلب القوميات داخل الدولة الواحدة حق تقرير المصير والذى لا يعنى غير الإنفصال والحق في تأسيس سلطة سياسية منفصلة؛ حق تقرير المصير لا يعنى شيئاً آخر وهو حق مشروع لأى قومية. لكن الجديد هو إن حق تقرير المصير لقوميات الدول الطرفية تفقده طبيعة العلاقات الدولية في الزمن الحاضر صفة المحلية؛ فالعالم تهيمن عليه الدول الكبرى في شكل سيطرة رأس المال المالى الذى زاد حالياً من تضخمه وشدته التكتل والتركيز الهائل للثروات في تلك الدول والتوسع في المشتقات المالية والتطور في تقنية الاتصالات. وهكذا فإن التغيير السياسى والإجتماعى الذى تنشده البلدان الفقيرة أصبح شقه المحلى يرتبط بأسباب تقع خارج نطاق الدولة القومية؛ وعليه فإن حق تقرير المصير يفقد جدواه إذا جاء تحريكه في إطار ديناميكية الهيمنة التي تمارسها الدول الكبرى وطرقها في إستغلال التناقضات في الدول الفقيرة. والذى يؤكد صحة رأينا هذا هو المآل التراجيدي المظلم لتجربة دولة جنوب السودان والمعاناة الفائقة الحدود التي يعيشها الشعب الإريتري بعد مضى 24 عام على انسلاخ ارتريا من إثيوبيا وإذا وسعنا مجال النظر وإتجهنا به شرقاً إلى خارج القارة الأفريقية نجد أن تيمور الشرقية بعد 15 عاماً على استقلاها من إندونيسيا صارت مسرحاً للصدامات الدموية بين مجموعاتها العرقية المختلفة.

    وهكذا فإن حق تقرير المصير إن لم يرتبط تفعيله بخلق الدولة الديمقراطية ذات السيادة الوطنية فإن النتيجة تكون إعادة إنتاج الدولة بتكوينها القديم الذى يشترطه نظام التبعية. فمثلاً لا يمكن حرمان كُرد العراق من ممارسة حقهم في تقرير المصير، وتاريخ حضارة كردستان الطويل يضمن من الناحية الشكلية جدوى قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق؛ لكن رغم القضايا المعقدة التي تطرحها مسالة رد فعل المجموعات الكردية في إيران وتركيا وسوريا وحتى القوميات الأخرى داخل دول المنطقة التي ربما تلجأ للمطالبة بالإستقلال حذواً لهذه الدولة، إلا ان الصعوبة الأكبر هي ان الدول الكبرى لن تسمح بقيام دولة كردية بعيداً عن مصالحها في المنطقة. فالدول الإستعمارية لا تعير إهتماماً لحقوق الشعب الكردى وهذا ظل يحدث منذ أن قسمت اتفاقية "سايكس بيكو" كردستان لوحدات ألحقتها بتركيا وإيران والعراق وسوريا، وهو التقسيم الذى أجهض كل آمال الكرد فى ممارسة حقهم في تقرير المصير. وعليه فإن الشرط الأول لخروج الكرد من واقعهم المتدهور هو تأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية ذات السيادة الكاملة وهذا هدف تلتقى معهم فيه القوميات الأخرى في الدولة التي تعانى من الهيمنة الخارجية وثقل إستحقاقاتها التى تفرضها عليهم. والأمر يتعلق في النهاية بفعالية القوى الاجتماعية التي يمكنها إنجاز هذا الهدف، فالمجتمع الكردى مثله مثل باقى أجزاء العراق ليس جسماً واحداً من حيث المصالح والموقف من التدخلات الأجنبية.
    كما أن حل الدولة الوطنية الديمقراطية هو نقيض للمناداة بنبذ نزوع القوميات للإنفصال على أساس ضرورة التعايش بين القوميات على غرار الدعوات الأكليشيهية التى لا تعنى شيئاً لافتقارها للمضمون المحدد مثل دعوة الحكومات (بدون تحديد طبيعة هذه الحكومات) ان تكفل لجميع المجموعات الوطنية حقوق المساواة في المواطنة والعيش في ظل نظم حكم تكفل المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون. فحقوق المساواة والعدالة والمشاركة لن تتحقق في الدول الفقيرة إلا بالتغيير السياسى الراديكالى الذى تقوده أحزاب ثورية وليس من خلال السياقات الاجتماعية والسياسية القائمة.
    والآن كلمة أخيرة عن حق تقرير المصير للقوميات في الدول المتقدمة (الراسمالية). فإذا تناولنا الحراك الفاشل الذى تم موخراً في كتالونيا التي سعت لتفعيل حق تقرير المصير في الإستفتاء الذى جرى في كتالونيا في الأول من أكتوبر 2017 للانفصال عن إسبانيا، نجد أن مرافعة رئيس كتالونيا (السابق) اليمينى كارليس بوتشيمون المتعلقة بإنفصال الإقليم لم تكن مقنعة لأغلبية الشعب الكتالونى؛ فالأسباب التي طرحتها حكومة كتالونيا للإنفصال تتمحور حول أن ثروة منطقتهم التي تشكل عصب الاقتصاد الإسبانى أولى أن تعود كاملة للدولة الكتالونبة المستقلة مع إنعدام أي تصور لحلول تعالج أحوال المواطنين الإقتصادية. وجدير بالذكر أن بقاء أغلبية الكتالونيين المعارضين للإنفصال فى منازلها وعدم المشاركة في الإستفتاء هو الذى أظهر النسبة العالية التي صوتت لصالح الإنفصال (الذين شاركوا في التصويت بلغت نسبتهم 43% وهم أساساً المؤيدين للإنفصال).

    كتالونيا اغنى منطقة في إسبانيا التي تتشكل من ثماني مناطق؛ فهى تساهم ب 19% فى الدخل القومى لإسبانيا وبأكثر من ربع الصادرات بينما سكانها لا يتعدون نسبة ال 15% من مجموع السكان. وكما ذكرنا فإن تحريك الحكومة الكتالونية لمطلب الإنفصال تأسس على حجة كانت دوماً محل خلاف بين مدريد وبرشلونة وهى أن كتالونيا تعطى إسبانيا أكثر مما يعود لها مع عدم تناول تتناول الوضع الإقتصادى في إسبانيا ومن ضمنه كتالونيا بشكل مباشر ومتعمق (head on )؛ فالنظام الرأسمالى في إسبانيا ظل يمر بأزمات إقتصادية متتالية آخرها في 2008 و2009 وهى الازمة التي جاءت إنعكاساً للأزمة الاقتصادية العالمية آنذاك. وكلما زاد تواتر الازمات الاقتصادية وانعكاسها على العمال والعاملين الآخرين من ناحية فرص العمالة والأجور كلما زاد توحد رؤى القوميات الإسبانية المختلفة حول عدو مشترك وهو نظام الإنتاج القائم. فعقب أزمة 2008 التي أدت إلى فقدان عشرات الآلاف من العمال وظائفهم ولارتفاع تكاليف المعيشة شهدت الساحة الإسبانية بجميع مناطقها تحركات شعبية اتسمت بوحدة المناطق والقوميات المختلفة في التنديد بتردى الأوضاع؛ وهذا المشهد للتحرك الجماهيرى لشعوب إسبانيا ما زال يتكرر حتى مطلع العام الحالي، وكان تفجير الحكومة الكتالونية لمطلب الإنفصال عملاً غير مواتٍ لاستمرارية النشاط الإحتجاجى المشترك للشعوب الإسبانية.

    إن كتالونيا لديها الحق في تقرير مصيرها ولا يسلبه منها النص في الدستور الاسبانى بانها لا تتمتع بهذا الحق. وقد إعتمدت الحكومة الكتالونية لتجاوز هذه العقبة القانونية، عندما أجرت الإستفتاء، على القانون الدولى بمساواة حق تقرير المصير بحق الإنفصال ( secession).
    ومهما يكن من أمر قانونية الإستفتاء الذى تم في كتالونيا من عدمها فإن النقطة التي نود إثارتها هنا هي أن أشكال التمييز التى تتعرض لها القوميات داخل الدول الرأسمالية تتم في التحليل النهائي بهدف تكريس الاستغلال الرأسمالى وهكذا فأن تحرير هذه القوميات يتمثل في حل التناقض الرئيسى في هذه الدول بين راس المال والعمل الماجور. وحتى لو أُجبرت القوميات للتحرر، من عبء التفرقة مثلا، على تفعيل حق تقرير المصير فلن تتحقق لشعوبها مكاسب تُذكر إذا لم يتمخض الإجراء عن قيام دول منفصلة تصل لحل التناقض السابق ذكره؛ ويبدو أن عدم تجاوب جمهور كبير في كتالونيا مع الإستفتاء حول إنفصال الأقليم في أكتوبر الماضى يشير في أحد جوانبه إلى إدراك واع من قبل ذلك الجزء من الكتالونيين لهذه الحقيقة.
    ***سوف نتناول في كلمة لاحقة كملحق لهذا المقال تحليلاً نقدياً للدعوة لتقرير مصير شعب جبال النوبة في السودان.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de