|
تفتيش النواب!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الخميس 4 ديسمبر 2014
قبل عدة سنوات.. عندما كنت في الغراء صحيفة (الرأي العام).. كتبتُ سلسلة مقالات بعنوان: (الهمبول) تسببت في حبسي في حراسة القسم الشمالي.. ثم تقديمي للمحاكمة التي استمرت أكثر من عشرة أشهر.. والحمدلله انتهت لصالحي.. وكنت أقصد بكلمة (الهمبول) بعض مؤسسات الدولة المسؤولة عن حراسة منافذ المال العام.. ولكنها تفرط في مسؤوليتها فتصبح مثل (الهمبول) وهو مجسم في شكل إنسان يضعه المزارع في مزرعته ليطرد به الطير.. وتعبير (الهمبول) عادة يستخدم للإشارة لمن (لا يهش ولا ينش) في الموقع الذي يجب أن يكون حارساً فيه. الآن وبمناسبة قرب انتهاء أجل المجلس الوطني (البرلمان).. وطالما هو واحد من أهم (البوابات) الحارسة على الصالح العام. والذي يفترض فيه مراقبة الأداء التنفيذي كله ووضع التشريعات التي تحرس وتضبط المال العام.. بل وكل مصالح الدولة.. أليس من الحكمة أن نمارس قدراً من الجهد لمعرفة إلى أي مدى (يحرسنا) البرلمان!! الفكرة بسيطة لكنها دقيقة.. كلفنا فريقاً صحفياً من (التيار) بإجراء تحقيق استقصائي في البرلمان.. مراجعة محاضر جميع الجلسات التي عقدها البرلمان منذ انتخابه في العام 2010 وحتى آخر جلسة يعقدها في هذه الدورة.. ورصد مشاركات النواب في مداولات البرلمان واللجان.. خلاصة التحقيق ليس مقصوداً منها (تصحيح كراسات) السادة النواب لمعرفة أيهمم أكثر مشاركة أو ترتيبهم على هذا السياق.. لا.. المطلوب أن نحدد نسبة النواب الذين (لم!) يشاركوا (بالقدر الأدنى) في كل مداولات المجلس من أول يوم إلى آخر يوم في دورته.. إذا اتضح مثلاً أن (نصف!!) النواب لم يشاركوا في المداولات قط.. وأن ثلاثة أرباعهم تغيبوا ثلاثة أرباع الجلسات.. فإن هذا يطرح سؤالاً حتمياً عن جدوى اكتناز البرلمان بـ(الشحم) الزائد من المقاعد النيابة بلا طائل.. خاصة أن الشعب السوداني ينفق وبسخاء من حر مال فقره المدقع على كل مقعد نيابي في البرلمان.. من أول إجراء في الانتخابات مروراً برواتب ومستحقات النواب خلال الدورة البرلمانية إلى لحظة صرف امتيازات نهاية الخدمة.. ماهو العائد (على المقعد النيابي) مقابل كل هذه التكلفة على كل مقعد نيابي؟؟ هذا السؤال مهم جداً الاستقصاء عنه لتحديد جدوى وجود برلمان بحوالي (400) نائب.. فإذا اتضح من خلال التحقيق الاستقصائي أن نصفهم -مثلاً- لا يشاركون ولا يحركون ساكناً في كل الدورات البرلمانية. فمعنى هذا أننا في حاجة للبحث عن برلمان (نوعي) قليل النواب لكن النائب منهم بعشرة نواب.. ونستفيد مما كنا نخسره في نواب (نوام!) لنستثمره في رفع كفاءة نواب أكفاء. على كل حال أتمنى أن لا يعترض فريقنا الصحفي عائق في البرلمان لأن هذه المعلومات لا يمكن الحصول عليها إلا من خلاله.. وهو مجهود من صميم رسالتنا الصحفية.. فنحن أيضاً واحدة من (بوابات) الحراسة على مصالح الشعب والمال العام.
|
|
|
|
|
|