|
تجليات: تردّي التعليم وعواقبه الوخيمة! بقلم د. محمد بدوي مصطفى
|
تجليات:
تردّي التعليم وعواقبه الوخيمة!
بقلم د. محمد بدوي مصطفى
[email protected]
لا يخفى على كل ذي عقل ما يعانيه مجتمعنا السوداني بكل طبقاته من تدني في مستوى التعليم المدرسي والجامعي. فالكفاءات المقتدرة التي تصول وتجول بساحة الوغى العلميّة تُعد على الأصابع. ففي بلدنا الحبيب نجد في كل المجالات التقنية، الخدمية، التعليمية، الفنية والحرفية، الخ، فجوات عميقة ناتجة من التصحر المعرفي بكل طبقاته. فالإدارات،من القطاعات بكل أنواعها من عامة وخاصة من مؤسسات تعليمية وحرفية في تسكع وغفوة عميقين. معروف أن ما تنتجه الأقلام العربية بأسرها في عام لا يصل إلى and#1637;and#1642; مما تنتجه العقول الأسبانية في نفس الحقبة.
يواجه بلدنا السودان تحديات ثقافية، إجتماعية، سياسية واقتصادية لا يتسع المجال لذكرها في هذه السانحة. فنحن نعاني كل يوم من صعاب ومشقات وحواجز بنيناها بأنفسنا. منذ استقلال السودان في عام and#1633;and#1641;and#1637;and#1638; والمواطن السودانيّ في صراع دائم نحو الأفضل. فهاهي ذا دول نامية عديدة قد أطلقوا العنان، في غضون بضع سنوات عجاف، لنهضة تبحث عن مثيل. فلنسأل أنفسنا بصدق وأمانة عن دورنا في منطقتنا وعن دورنا في العالم بين الشعوب التي نشير إليها الآن بالبنان. الإجابة، لا شئ! نحن نشير إليهم بقلوبنا ونعتز باعمالهم في بلادنا، فالجسور والمصانع ومحطات الكهرباء والمطارات وحتي مستلزمات الحياة اليومية نستوردها منهم دون أدنى حرج، فالصين وما أدراك ما الصين على سبيل المثال لا الحصر. لكن إلى متى تبقى الأحوال على هذا المنوال؟ ألا نريد رقيا لشعوبنا؟ ألا ننشد مستقبلا نيرا لأبناءنا؟
فبلاد النيل تعاني، كما هو معلوم، من قلة المستوى المعرفي، مثلها مثل دول العالم الثالث؛ كلنا نعاني ضعفاً في معدَّلات النمو في حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بمعدلات النمو في اقتصادات الدول المتقدمة في آسيا وأروبا. بيد أننا الأسرع نمّواً في العالم من الناحية السكانية. هذا يعني أننا ننمو سكانيا ولكن لا فكريا، فأين علماءنا من الإبداع العلمي والمعرفي؟ بل أين قصاصات مؤلفاتهم في المكتبات عربية كانت أم غربية. أين المكتبات العلمية بالسودان، كمكتبات دول شبة الجزيرة أو مكتبة الاسكندرية، ناهيك عن مكتبة الكونغرس أو مكتبة الجامعات الأوروبية؟ أين نشاط الترجمة المكثف ونقل لغات الأصطلاح من مضامين علمية وعلوم في يومنا هذا؟ أين نحن من نشاط النقل المعجمي الذي عرفناه في القرون الوسطى في الأندلس وفي دار الحكمة ببغداد؟ أين نحن من تعاليم أدياننا الحنيفة، كالنظافة والرفق بالحيوان والرفق بالبيئة، والإتقان في العمل، وحبّ الوطن؟
إن أهلنا في ربوع كل القطر، لا سيما في المناطق النائية بدارفور وجبال النوبة وشرق السودان مازالوا يعانون من مشاق تتعلق بأبجديات الحياة اليومية، من قلة المعرفة والتوعية والرعاية الصحية والإجتماعية، وشح الماء النظيف، وقطع الكهرباء وندرة المواد التمونية، وشح الأجر وهبوط مستوى التعليم الأكاديمي والمدرسي وسوء البنى التحتة من شوارع، جسور ومواصلات حديثة. لكن هل نقف مكتوفي الأيدي؟ لا وألف لا! يجب علينا تحويل التحدِّيات إلى فرص حقيقية، لكي نصل إلى بر الأمان رافعين رؤوسنا بين الأمم بأعمال ثرية، واضعين بلادنا وشعوبنا وحبّ العمل والخير لها في قلوبنا، متطلعين إلى مستقبل أفضل وحياة تتسم بالإخلاص في العمل والإتقان في كل المجالات الحرفية، التعليمية والعلمية. إن نجاح شعوبنا ورقي بلادنا يرتكز على توطيد وتأسيس مناخ معرفيّ شامل وعلى تعليم وتحفيز وتنشأة براعم اليوم و######## الغد إلى بناء مستقبل أفضل.
كنت أرجع إلى بلدي بين الفينة والأخرى بعد غيبة طالت الand#1635;and#1632; عاما في غياهب الغربة الهوجاء وكنت لسوء الحظ أجد الحال لم يتغيير؛ بل قل يسوء مرّة بعد الأخرى. وأنا واثق كل الثقة أن التعليم هو الحل الوحيد لمشاكلنا:
وعلمّوا النشأ علماً تستبين به سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا
أذاً لبّ المشكلة يكمن في المؤسسات التعليمة والمنهجيات المتبعة بها. نعم! هل هذه الأخيرة عقيمة؟ هل طلابنا أغبياء؟ هل أرباب التعليم ببلدي لم يحظهم الله بنصيب وافر من قوة العقل؟
فالقضية التي أثقلت كاهلي وناء الكتف بحملها هي: كيفية تحسين أو قل تأسيس نظام مناخ تعليميّ بأسس حديثة ومن ثمّ ماهية وكيفية ترقية تعلّم وتلقى التلاميذ والطلاب للمواد عبر مناهج حديثة من قلب واقعهم الثقافي؟
لا أعتقد أن الطلاب السودانيون قد منحهم بارئ الألباب حظّاً من العقل ونصيباً من الفكر يقل عن ما منحه لغيرهم من شعوب الأرض! وبنفس القدر لا يمكن أن نقول بأن المعلمين السودانيون أغبياء وغير قادرين على تربية وتعليم النشأ بصورة صحيحة، بالعكس فنحن نكن كل الود والاحترام لأستاذتنا الذين أفنوا عمرهم في تعليمنا. فالأجيال الماضية كانت تنعم بتعليم جاد ودسم، لكن الآن لم يبق من ذلك شيء والمدارس والجامعات خاصة كانت أم حكومية نجدها بالآلاف لكنها تفتقد للدعم الجاد من وزارة التربية والتعليم (العالي) لتقوم برسالتها على أكمل وجه. فانتبهوا للتعليم فهو المؤشر الوحيد لرقي الأمم والسفينة الوحيدة التي تلحقنا بركب الشعوب التي بلغت سلفا أفلاك التقدم والازدهار، فأين نحن منهم؟
(صحيفة الخرطوم)
--
www.mohamed-badawi.com Dr. Mohamed Badawi University of Konstanz (SLI)
Tel.: +49-7531-88-4418 Fax: +49-7531-8138196 E-Mail: [email protected]
--
www.mohamed-badawi.com Dr. Mohamed Badawi University of Konstanz (SLI)
Tel.: +49-7531-88-4418 Fax: +49-7531-8138196 E-Mail: [email protected]
|
|
|
|
|
|