|
تجليات: أغاني الحقيبة: "أثبتِ ليّ نظري أقل من ستة"! بقلم د. محمد بدوي مصطفى
|
[email protected]
قليل من أهل السودان من يمتلك نواص كلمات حقيبة الفن أو يدرك الجماليات البلاغية واللوحات الابداعية فيها. أصحو في كل صباح وأفتح مجلداتها البديعة التي أهدانيها أخي الفاضل الكريم النابلسي الجعلي (ود كدباس). حينئذ أرحل في فضاءاتها الواسعة ساهيا سابحا بين الأفلاك والثريا. تجدني قابعا بين هذه البوتقة من المجلدات التي أعتز بها وأعتبرها – بحق وحقيقة - كنوزا ودرر من التراث الذي قلّ ما تجود بها المكتبات ودور النشر. اترنم ببعضها حينذاك وأنشد: الليل كيف أنومو لأني ... أنا حارس نجومو. من ثمة أهمس في نفسي العليلة بنداوة الكلم قائلا: طول يا ليل وهوّد عاجبني طول الليل، الليل سكونو جميل، الليل نسيمو عليل، الليل به النساك تتأمل الأفلاك، يا ليل، الليل للعشاق تتذوق الأفلاك، تتناجب الأرواح ولشدة ما ترتاح ما دايرة تاني صباح. فما أجمل الكلم في أغانينا إذ نجد التواصل الأسلوبي بين مغنيي الحقيبة القدامى وعظماء الأغنية الحديثة مثل عبدالعزيز المبارك عندما يصدح ويغني بهذه الكلمات الخالدة في طريق الشوق الذي سار عليه: تطول يا ليل، وفيك تطول ماسينا، ونسكب فيك دموع الشوق وما نلقى البواسينا، حبينا هناك بعيد وسعيد وناسينا، متين يا شوق ظروفنا تروق، وعلي الافراح ترسينا. تفرد شعراء الحقيبة في شاعريتهم التي أهدوها لليل، وتواصل معهم في فنهم شعراء الأغنية المعاصرة فمنهم من يقول في ليل الشجن: الدنيا ليل، غربة ومطر، وطرب حزين، وجع تقاسيم الوتر. وآخر ينادي في تجني: حنيني اليك، وليل الغربة اضناني، وطيف ذكراك بدمع القلب ابكاني. وآخر يناجي في صمت وسكينة قائلا: في عز الليل،ساعة النسمة ترتاح، على هدب الدغش وتنوم. ومن ثمة يتناجى آخر حاكيا: فى ليل الشجن والشوق، سالت عليك وناديتك، لقيتك وين وين كيف، هواك اوهام ووعدك زيف، سهرت مع ملاحم شوق، وفى احضاني نام الليل. فما أبدع هذه اللوحة الخارقة للعادة، أن ينام الليل في أحضان الساهر العاشق. ومن هذه اللوحة دعوني أن أعرج بكم إلى لوحة في ثوب المجدلية تعاتب وتخاطب وتترنم ترانيما ومزاميرا كأنها من سفر عتيق ينحسر الألم في كل ورقة منه ويندس تحت كل كلمة ملهمة من عقده الفريد: عود لينا يا ليل الفرح، داوي القليب الانجرح، خليهو يفرح مرة يوم، طول عمرو ناسيهو الفرح. وفي ختام هذا الشريط دعوني أن أعرج إلى أغنية جديدة أهدانيها أخي الشاعر عثمان بدوي مصطفى فلمست فيها من جمال الحقيبة ما لمست ولمحت في قلبها من تصوير جمالي بديع لم أجده في صفحات الحقيبة: يقول: أثبت لي نظري أقل من ستة، يا أخي انت ملاك ولا إيه إنت، أوصفك بالبان ألقاك سمح إنت، كان للجمال مفهوم إنت غيرت، حيرتني بحسنك يا قمر بِنتَ، إنت من الحور ولا إيه إنت. وما كان مني إلا أن آخذ عودي وألحن هذه اللوحة الجمالية البديعة وأوزع نغمها. فهي تنتظر أحد الفنانين. هذه افتتاحية لجماليات الحقيبة ولنا في هذا الشأن كرّات أخرى فتابعوا معنا في التجليات بصحيفة الخرطوم.
(صحيفة الخرطوم)
--
www.mohamed-badawi.com Dr. Mohamed Badawi University of Konstanz (SLI)
Tel.: +49-7531-88-4418 Fax: +49-7531-8138196 E-Mail: [email protected]
|
|
|
|
|
|