|
تجليات: أيعتزل كمال ترباس الغناء بعد الوعكة الأخيرة؟ بقلم د. محمد بدوي مصطفى
|
تجليات: أيعتزل كمال ترباس الغناء بعد الوعكة الأخيرة؟ بقلم د. محمد بدوي مصطفى [email protected] قمت بتحليل and#1633;and#1632; أغنيات للفنان المبدع ترباس الذي أكن له كل الاحترام والتبجيل. ترباس كما ذكرت عنه في مقالات أخرى ، له فضل عظيم على مسار الأغنية الشعبية في البلد وأنه، رغم انحساره في أنغام التمتم والألحان الدائريّة التي تشابه بعضها البعض، إلا أنه محبوب الكل وهو من المطربين القلائل الذين أثبتوا جدارة في كسب حب الناس وتقديرهم. لكنه اشتهر أيضا – كما يحكي أهل الفن – بالمشاكسة ومعاكسة الآخرين فيقول أن خيلاءه عمته عن رؤية الحقيقة كما ينبغي له كمطرب ذائع الصيت. هذه الأغنيات العشرة التي قمت بتحليلها (منها: الغلط منك أصلو ما مني، السمحة يا ستهم، ست اللهيج السكري، فرع البان اتكأ، جنى الباباي الخ) كانت من الناحية الموسيقية (القروف) رائعة، بديعة، ساحرة تستحوذ خيالك عند سماعها فأجادت فيها الفرقة أيما إجادة، لكن الناقد متوقد البصر يلاحظ أن عمل الفرقة يعكس بعض المشكلات التقنية في التوزيع عند البدايات . كيف؟ نلاحظ اختفاء قائد يعطي الإشارة بالبدايات والقفلات الخ. لذا كانت البدايات واهية متزعزعة ضعيفة يشوبها التخبط وعدم الاحتراف، فلم يعرف فيها أي من أعضاء الفرقة متى يدخل أو يشرع في الافتتاحيّة ومتى يقفل فغالبية القفلات تتسم بال(فيد أوت أو كل على مزاجه). من المؤسف أننا نلاحظ في التسجيلات الأخيرة التي تداخل بها ترباس (کأغاني وأغاني في السنوات الماضية وتسجيلات أخرى) أن صوته مصاب بوعكة وكم يجهده الغناء بصوت جهور هجره في الأعوام المنصرمة كما عودنا في الماضي. خزلته حباله الصوتية في كل الأغنيات التي رجعنا إليها فصار يهمس الغناء همسا لاجئا للحس الكاذب الهامس الذي صار يلازمه كظله طيلة الأعوام الماضية. ليس ذلك فحسب فنحن نجد صوته في أغلب الأغنيات المذكورة أعلاه قد حاد عنه وخذله فيصمت ليعيد الكرّة هامسا في الكوبليهات التالية ولولا الفرقة الموسيقية لما استطاع الوقوف أمام الجمهور. لا اعتقد أن الحكاية تتعلق بعوامل التقدم فى السن فحسب بل أن ضعف الصوت يعزى لتفاقم مجاراة الحفلات والعدادات الباهظة التي لا يقدر على دفعها إلا من هو من ذوي المال والجاه وكما يقول فهو لا يلف عمامته إلا عندما يحصل على عداد لا أعلم إلى أي حد وصل الآن: and#1635;and#1637; مليون ربما في الحفلة الواحدة لغناء يبلغ الساعتين لا غير مع فاصل الاستراحة. من قبل كان يغني بالكورس وكان هؤلاء الأجلاء يعاونونه في غناء الكوبليهات وهو له الفضل في ادخال هذا اللون الفريد من التفاعل الانسيابي بين المطرب والشيالين. نعم، لم تعرف الحقيبة هذا اللون بصورته الجلية إلا بفضل المطرب كمال ترباس رغم أن المبدع محمد أحمد عوض قد بدأه فلم يكمل المشوار فيه. فهذا جميل لا ننكره في حق الفنانين. أما فيما يتعلق بإدخال الآلات في قلب الأغنية الشعبية فالفضل يرجع لعظماء الحقيبة الذين تتلمذ على صناعتهم الفنان ترباس. ففى نهاية العشرينات أدخل المطرب محمد احمد سرور آلات موسيقية متباينة لكنها ظلت في عصرة محدودة كالكمان (السر عبدالله) وآلة الأكرديون (عم وهبة) كما وأدخل المطرب خليل فرح آلة البيانو سيما في التسجيلات التي أجراها بالقاهرة في شركات أوديون وميشيان الأرمني. ولهذا السبب يظل فضل ترباس في تطوير الأغنية الشعبية شاهدا له في مداخلات الكورس مع المطرب في حوار دائري بديع وخلاق سيما في استهلالية الأغنية. ونعتب عليه أنه لم يخرج الأغنية الشعبية أو قل السودانية من سياقها المعروف إلى آفاق جديدة كما فعل الفنان محمد الأمين أو الفنان وردي أو أحمد الجابري وعثمان حسين وأبو عركي البخيت في تأليفاتهم الخارقة للعادة. ارتبط المطرب كمال ترباس في دواخلنا وذاكرتنا بصوته الرخيم الشجي الطروب الدافئ الحنين فحينما يسمع الفرد منا رنات حباله الصوتية تحس بالسكينة والهدوء تستكينا في أعماق قلبك فصارت أغنياته مثل (أمي الله يسلمك، لو تخاصم أو تجافي، الخ) تلامس وجدان السودان وجل الأغنيات تتنقل بين الخفيف الراقص إلى الثقيل المقعّد ويظل إيقاع التمتم هو الايقاع الذي يستحوذ على غالبية أغنيات هذا المطرب المخضرم. وإذا سألنا أنفسنا، هل أضاف ادخال الآلات لأغنية ترباس شيئا أو للحقيبة على وجه العموم؟ فنحن نجد - دون أدنى شك - أن الموسيقى ارتقت بأغانيه إلى أفق آخر، فصارت الأغاني رنانة، صادحة وأمكنه بذلك، كسر الجدار القائم بين الشعبي والحديث ليكون سهلا سلسلا وانسيابيا عند التنقل من أغنيات وقعت في الأساس على أيقاع الرق والبنقز إلى حيز الهارموني ودرجات السلم الموسيقي الدقيقة. فصارت هكذا سهلة السماع للصغير والكبير وغدا يتناولها كل المطربين - حتى الجدد منهم - في حفلاتهم ومداخلاتهم بعمق وتمكن وطار بها – على سبيل المثال لا الحصر – المرحوم محمود عبدالعزيز إلى آفاق أخرى فما أجمل أغنيات ترباس من صوته الطروب المتفرد وما ألذ "جاي تفتش الماضي من فِيهِ". لكن الحنين إلى ترباس"الحقيبة" لا يزال يقبع في قلوب الكثيرين من محبيّ فنه. ومن المثابرين في مجال الأغنية الشعبية الأستاذ محمود على الحاج، هذا الفنان المرهف البديع (بقيت ما زي زمان) ومنهم أيضا من قضى نحبه كالمرحوم العملاق بادي محمد الطيب والكحلاوي الذين تداخلوا أيضا مع آلة المندلين والبيز. ومن هؤلاء كان الفضل في تأسيس اتحاد فن الغناء الشعبي في العام 1964، الذي انبثقت عنه دار فلاح في العام 1968 لتصقل مواهب كثيرة كان أبرزها كمال ترباس. إن تحدثنا عن ذاكرة السودان الموسيقية فهي لن تتعدى هذا العملاق – رغم وعكته – لتقف أمامه تبجيلا واحتراما وكل السودانيين لا يتفقون في كثير من الآمور إلا إنهم بدون أدنى شك يتفقون على أن الفنان كمال إبراهيم سليمان الشهير بكمال ترباس هو أحد الهامات الشامخة في سماء الغناء بالبلد والتي ملأت أفراحنا وجلساتنا جمالا وطرب. نتمنى له في وعكته الصوتية هذه الصحة والعافية ومزيدا من التألق لكن عليه أن يستريح ويريح حباله الصوتية لتطربنا بجميل النغم وحلو اللحن فهل يعتزل الغناء الآن بعد كل هذه المطبات؟ عليه أن يفعل ذلك وإلا لأضاع جهد الماضي هباء منثورا. أهدي لكل محبي ترباس الأغنية التالية:
زمانك والهوى اعوانك ...احكمي فينا هذا اوانك (الشاعر على المساح)
اهواك كيف اطيق سلوانك حمامة الغصون صداحة فوق اغصانك ذكري لي حبيب ...يا حمامة مولاي صانك هاجت عبرتي يا دموعي كيف حبسانك وين تلقي المنام يا عيوني غاب انسانك بهواك كيف اطيق سلوانك في صبحي ومساي نازلات دموع سحالك وانا كايس رضاك ..ورضاك اظنه محالك اتعكر صفاي وبياضي اصبح حالك والحال العلي يا ريته لو يوحالك بهواك كيف اطيق سلوانك مدنف وجدي بيك لكن فقدت حنانك روحي وهيبة ليك ..هي هدية طوع بنانك هاروت سحره ماخوذ من سحر عينانك ظلموك لو يقولوا الدر شبيه اسنانك بهواك كيف اطيق سلوانك حسنك مافي لا عجمان ولا عربانك ان هب النسيم هزاكي ميل بانك ادبك وخدرك الضاراك علي ما بانك ما ضر لو اكون انا من احد حبانك بهواك كيف اطيق سلوانك قلبي امين هواك من كل جميلة خلالك يا ذات الجمال فرضان علي اجلالك لي شوفتك مباح دمي العزيز ما غلالك عدتي وعاد هناي يا البهجة هل هلالك بهواك كيف اطيق سلوانك زمانك والهوى اعوانك احكمي فينا هذا اوانك بهواك كيف اطيق سلوانك
|
|
|
|
|
|