تبصير الأنام بأسباب الإعتداء على المال العام/صلاح الدين حمزة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 11:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-03-2014, 01:46 PM

صلاح الدين حمزة
<aصلاح الدين حمزة
تاريخ التسجيل: 07-03-2014
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تبصير الأنام بأسباب الإعتداء على المال العام/صلاح الدين حمزة

    جاء في الخبر أن السيد المراجع العام كشف عن أن صافي مبلغ جرائم الاعتداء على المال العام غير المسترد في الأجهزة القومية بلغ نحو«308» مليون جنيه لعدد 42 حالةً، فيما وصلت جملة مبالغ جرائم المال العام بالولايات التي لم تسترد نحو«1902» مليون جنيه .. انتهي الخبر ,,, المصدر صحيفة الوطن العدد 4837 بتاريخ 2014-07-03 ,, جاء ذلك في تقرير المراجع العام الذي قدمه للمجلس الوطني .

    على أثر ما نشره المراجع العام في المجلس الوطني و علي ذات الخلفية في الفترات السابقة تناولت العديد من الأقلام الصحفية موضوع الاعتداء علي المال العام بالنقاش والتحليل وتحدثت الكثير من هذه الأقلام على ضرورة ردع المتلاعبين بالمال العام كما أكدت الجهات العدلية والرقابية على أنها ستعمل على تقديم المتلاعبين بالمال العام للعدالة , استعرض هنا بعض هذه التقارير والاخبار ثم اختم مقالى بالتعرض للعلل الاساسية لفتح الباب للبحث فيها وبحث كيفية علاجها , ففي تقرير نشر في احدى الصحف تناول الكاتب مسألة الاعتداء على المال العام مستعرضاً آراء ما أسماهم ببعض الخبراء الاقتصاديين في ظاهرة الاعتداء على المال العام حيث ذكر انهم أكدوا أن الظاهرة انتشرت تحت ظل غياب الأجهزة الرقابية وتوقع هؤلاء الخبراء المزيد من الاعتداءات ودعوا إلى أهمية تشديد وتفعيل القوانين لمحاربة الظاهرة فيما أكد آخرون أن العلاج يكمن في أهمية تحقيق نظام ديمقراطي مع تشديد العقوبات على المعتدين على المال العام .

    في ارشيف صحيفة الرأي العام و بالتحديد فى عدد الخميس 29/12/2005م كتب الأستاذ كمال حسن بخيت تحت عنوان (هكذا نحمي المال العام) حيث اتهم الأنظمة الإدارية والمالية والمحاسبية بالتقصير ودعى إلى تقديم المسئولين للمحاكمات وذكر أن مثل هؤلاء المختلسين تكون هناك جهات تحميهم معزياً أمر ازدياد التعدي على المال العام بالوضع الاقتصادي للمعتدين وخلص حديثه إلى ضرورة وضع ضوابط صارمة حسابية ورقابية وإدارية بحيث لا يجد الموظف أي ثغرة للاختلاس وشدد على ضرورة أن تكون العقوبات صارمة .

    على خلفية مايتردد حول الاعتداء على المال العام فقد جاء في الأخبار أن السيد رئيس الجمهورية أكد لدي مخاطبة المؤتمر الاقتصادي للمؤتمر الوطني قبل عدة اعوام بقاعة الصداقة مواصلة جهود محاربة الفساد واستئصاله في ذات الوقت فقد ذكر عن الأمين العام لاتحاد المحاسبين

    عبدالمطلب ابوزيد عثمان في تصريح له قبل فترة فى اجتماع المكتب التنفيذي الثاني للاتحاد المهني العام للمحاسبين والمراجعين السودانيين مع حكومة ولاية الجزيرة بحاضرة الولاية ان زيادة الاعتداء على المال العام مؤخرا سببه ضعف التأهيل لبعض قطاعات المحاسبين الذين يعملون بتلك المؤسسات مشيرا الي ان هناك كثيرا من المحاسبين يعملون في مجال المحاسبة وينقصهم التخصص والتأهيل العلمي في هذه الجزئية ربما لم يوفق السيد الامين العام فى قولته هذه والتى يشتم منها ان الاعتداء على المال العام الذى انتشر فى بلادنا تقوم به هذه الفئة الضعيفة التى لاحول لها ولا قوة غير اجراء القيودات وليس لها ان تفعل شيئاً فى ظل قوانين محاسبية ومالية ترغمها على تنفيذ التوجيهات ولو كانت تقود الى الاعتداء على المال العام ولينظر , ان شاء , السيد الامين العام الى المادة 386 -4/ من اللائحة المالية لعام 1995 والتى تجبر المحاسب على تنفيذ الاوامر الصادرة اليه من المسئول حتى ولو قال له صراحة انى اريد ان اختلس . الجلوس فى الاجتماعات مع المسئولين فى الدولة يجب ان لاينسينا ان نقول قولة الحق فالمسئولية عظيمة يوم القيامة , فالسلب والنهب والاعتداء على المال العام فى الدولة ليس فقط مسئولية المحاسب الضعيف ومثل هذه التصريحات التى تصدر من شخص ينتمى الى هذه المهنة ان لم تزيد شهية المتلاعبين بالمال العام فانها قطعاً لن توقف تلاعبهم .. ان الاعتداء على العقول اخطر من الاعتداء على المال العام لانك ان اصبتنى فى جيبى خير من ان تصيبنى فى عقلى , فعندما يظهر مسئول على الملأ ويقول قولة بعيدة عن الواقع ليس لنا الا ان نقول انه فعل ذلك اما ارضاءاً لمسئول جلس معه او طمعاً فى وظيفة ! فماذا نسمى هذا الا يعتبر هذا تقصيراً وغشاً وتعدياً على عقولنا مثله مثل من تعدى على المال العام واكثر , اننا نحلم بزمن نسمع فيه تصريحاً ونصدقه بالواقع . على السيد الامين العام و غيره من المسئولين ان يذكروا الحقيقة ولا يخافوا لومة لائم والا فانهم يؤدون دور بطانة السوء التى جلبت لنا كل هذه الازمات فقد اهملت الحكومات المتعاقبة ديوان الحسابات الذي يناط به حفظ حسابات الدولة ورقابتها ابتداءاً من اجراء اول قيد فى اصغر مصلحة حكومية مروراً بكافة العمليات المالية والحركات النقدية انتهاءاً بالميزانية العامة للدولة , ان اهمال ديوان الحسابات وهو المسئول عن رقابة المال العام لايمكننا تفسير مقصده سوى ان يكون امر المال العام (سائباً) وان لا تكون هناك رقابة من قبل محاسب او مساءلة من قبل قانونى , وان لم يعلم هذا الامر السيد الامين العام لاتحاد المحاسبين فعليه ان يتنحى عن هذا الموقع ,, وان كان يعلم بهذا الامر فعليه ايضاً ان يتنحى عن هذا الموقع لانه لم يعمل من اجل اظهار هذه الحقيقة ليتم الاصلاح الشامل على ضوء معرفتها. .



    فى ذات الاتجاه وقبل عدة شهور نشر في الأخبار أن وزارة العدل تشرع بالتعاون مع نيابة الأموال العامة في وضع قانون جديد للمال العام وأكد وكيل النيابة أن الخطوة تأتي في إطار الحاجة لقانون خاص للفصل في بلاغات الاعتداء على المال العام .

    في إطار الإصلاح الادارى والمالى ومن ضمن برامج مشروع إصلاح الخدمة العامة وبناء القدرات لم يهمل المشروع امر الاصلاح المالى فقد تم تقديم عرض تفصيلي بواسطة أحد خبراء البنك الدولي وذلك في قاعة وزارة المالية وحضر العرض لفيف من المدراء الماليين بالوحدات الحكومية المختلفة كان الغرض منه افادة القائمين على امر المال والحسابات الحكومية بالطرق المختلفة للاصلاح المالى والحسابى فى الخدمة العامة .

    امر الاعتداءات على المال العام والبحث فى كيفية وقفها كان ومايزال من هموم الدولة وعلى اعلى مستوياتها وسعياً فى هذا السبيل و لتمكين القائمين على امر الحسابات والرقابة المالية لأداء واجبهم بالصورة المثلى فقد أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (378) لسنة 1999م والخاص ببعض الإجراءات لضبط المال العام وحمايته حيث كان من ضمن الإجراءات الاهتمام بالعناصر البشرية التي تعمل في مجال المال من محاسبين وصيارفة ومراجعين من حيث الاختيار والمؤهلات والتدريب وتحسين أوضاعهم المالية ، ولأهمية دور المحاسب في مجال ضبط ورقابة الأداء المالي أصدر وزير المالية القرار رقم (66) بتاريخ 28/8/2003م والذي يلزم كافة الوحدات الحكومية بتوفير كافة المتطلبات اللازمة ببيئة عمل صالحة وسوية على المستوى المادي والمعنوي للمحاسبين والصرافين كما أصدر الوزير القرار رقم (67) بتاريخ 28/8/2003م والذي فصل بموجبه الوظيفة المالية عن الوظيفة الإدارية وأن تكون تبعية المدير المالي إلى المسئول الأول بالوحدة وأن ترفع التقارير مباشرة لرئيس الوحدة .

    هناك عدة أسئلة تدور في الخاطر عند الحديث عن الاعتداءات على المال العام أولها ، لماذا الاعتداء على المال العام ؟ ثم كيف يتم الاعتداء على المال ؟ ومن هم الذين يعتدون على المال العام ؟ وهل القوانين واللوائح كافية لردع المعتدين ؟ وهل الجهات الرقابية والعدلية الموجودة على قدر التحدي وتقوم بواجبها على أكمل وجه ؟.

    كل الجهات التي تناولت أمر الاعتداء عل المال العام لم تستطع الوصول للعلة الأساسية لذلك لا يمكنها تقديم حلول لوقف الاعتداءات على المال العام فالذين تحدثوا عن ضرورة تطبيق النظام الديمقراطي نسالهم هل التطبيق يعني أن الاعتداء على المال العام سيتوقف , اذا كان كذلك أين هذا من منظومة الأمم المتحدة راعية الديمقراطية والتي تضغط على العالم الثالث لتبني الأنظمة الديمقراطية والذي في تقديرهم سيقود إلى الإصلاح المالي ووقف الاعتداءات على المال ,, لماذا يستشري الفساد فى هذه المنظمة حتى قمتها ودونكم ما نشرته الأخبار فيما عرف بالفساد المالي في موضوع النفط مقابل الغذاء في العراق , وكذلك ما نشر عن فساد مالي في بعض بعثات الأمم المتحدة في بعض دول العالم ، اذا كان هؤلاء هم قادة الدعوات الى الديمقراطية فكيف بنا نؤمن ان تبنى نظامهم سيخرجنا من مشاكل الاعتداء على المال العام او كما يقول هؤلاء الغربيون انفسهم " A person who hasn't got a title can not pass a good title " او " فاقد الشيئ لايعطيه " , إذن تطبيق النظام الديمقراطي ليس هو الحل .

    تكرار تصريحات مسئولي العدالة بدءاً بوزير العدل ووكلاء النيابات والجهات الرقابية في المراجع العام والجهات الأخرى أيضاً لم توقف هذه الاعتداءات بل استمرت في الازدياد ، كذلك الحديث عن تغيير وتحديث وتجديد القوانين أيضاً لم يغير شيء , اذن الذين يتحدثون عن ضرورة وجود قوانين رادعة ايضا لم يحالفهم الحظ في الكشف الحقيقي عن اسباب الاعتداءات علي المال العام وطرق و اليات كشفها و كيفية محاسبة المعتدين و وقف الاعتداءات بعد ذلك . هناك محاور أساسية أو حلقات لا بد من دراستها والتعرض لها إذا أردنا أن نعرف أسباب الاعتداء على المال العام و كيفية الكشف عن هذه الاعتداءات و المعتدين ومن ثم وقف هذا الاعتداء وإلا سندور ونلف وتستمر الاعتداءات دون توقف . لذلك تغيير القوانين وتشديد العقوبات ليس هو الحل .

    الدولة وانظمتها وقوانينها

    الشأن المالي جزء لا يتجزأ من المنظومة العامة للدولة فإذا انصلحت المنظومة كلها ستنصلح الجزيئات المكونة لها وإلا فسيكون العكس وعلى هذا الأساس يمكن القياس بالنسبة للقيادة والنظام والقوانين واللوائح فماذا ننتظر في ظل قوانين ولوائح مالية ترغم القائمين على أمر الحسابات والمال العام بتنفيذ التوجيهات ولو كانت تقود إلى الاعتداء على المال العام " انظر المادة (386 – 4) من اللائحة المالية لسنة 1995م والتى تجبر المراقب المالي على تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من المسئول حتى ولو قال له صراحة أني أريد أن أختلس .

    ماينتشر فى بلادنا من عدم احترام للقرارات والتوجيهات الرئاسية الصادرة من قيادة الدولة وعدم الاهتمام بتنفيذها يدخل أيضاً ضمن الآليات التي ساعدت على الاعتداء على المال العام ومثال ذلك الجبايات على الطرق والتى حتى هذه اللحظة تتحدث الصحف عن عدم انصياع فارضيها لقرارات وتوجيهات الرئاسة .

    يدخل أمر التدريب ضمن هذه الأمور فهو أيضاً من الحلقات التي يجب الاهتمام بها هنا لا أعني فقط تدريب المسئولين على كيفية التعامل مع اللوائح والقوانين الخاصة بالمال العام بل يجب توعية وتدريب القيادات على ضرورة الانصياع للقوانين واللوائح وعدم تخويف المسئولين عن رقابة الحسابات والتلويح بفصلهم ما لم ينفذوا توجيهاتهم .

    الاعتداء على المال العام هو تمرد على اللوائح والقوانين والدولة مثله مثل الذى حمل السلاح وتمرد على قانون الدولة وكيانها , فالتمرد بحمل السلاح له اسباب نعلمها فماهى اسباب التمرد بالاعتداء على المال العام ؟ , اهم هذه الاسباب هو ذلك التدهور او التخلف الادارى الذى انتشر فى كافة دواوين الدولة واستطيع تعريف التخلف الادارى بأنه عدم القدرة على وضع القرار المناسب فى الوقت المناسب فى المقام المناسب او عدم القدرة على تمييز الحل المناسب من عدمه عند اتخاذ قرار محدد , والتخلف الادارى صفة تلازم الشخص الذى لايلتزم بالقوانين واللوائح المختلفة الموضوعة لتنظيم العمل وانسيابه بالطرق السليمة , حيث يظن كثير من الناس انه باستلامه لاعباء جهة عامة معينة كأنه صار يمتلك تلك الجهة لذلك تجده يتعامل وكانه فى العصر الاقطاعى القديم وان هذه المؤسسة او الادارة المعينة قد صارت مزرعته الخاصة لذلك عمت الفوضى المالية فى كثير من المصالح والمرافق والشركات الحكومية وبعثاتنا الدبلوماسية بالخارج واصبح الشخص المسئول يامر وينهى ولا يرجع للقوانين واللوائح الموضوعة مما ادى الى اختلال دولاب العمل العام مما نتج عنه تدهور فى كافة جوانب الخدمة .

    هل كان سيحدث هذا التدهور اذا التزم كل شخص بتطبيق اللوائح والقوانين الموضوعة سواء كانت ادارية او مالية ؟ للاسف الشديد انتشر امثال هؤلاء " المتخلفين ادارياً " فى جميع المرافق والشركات والوكالات والهيئات والسفارات وحتى المؤسسات غير الحكومية والاحزاب والهيئات الاجتماعية والرياضية لم تسلم منهم واصبح الوطن ضيعة فى ايادى اولئك واصبح المواطن رهين لسياساتهم وتخبطاتهم التى لاتلتزم باللوائح و القوانين .

    التقنيات الحديثة

    لقد تطورت أساليب التعدي على المال العام وتعددت الجرائم الأمر الذي يحتاج إلى تطور ومواكبة وتغيير للقوانين والأساليب والإجراءات المالية لتتمكن من الرقابة والضبط والكشف لذلك عند الحديث عن الاعتداءات على المال العام واسبابها وكيفية علاجها لا بد من استصحاب التفكير فى الأنظمة التقنية الحديثة في العمل المالي في أجهزة الدولة , وقد اطلت علينا تقنيات الدفع الالكترونى والتى انطلقت فى الجهاز المصرفى , فماذا اعددنا لها من ترتيبات التأمين والسلامة والحماية والوقاية ؟ , هل تمت دراسة مستقبل العمل المالى التقنى ومايترتب عليه ام ننتظر حتى تصبح الاختراقات التخريبية التقنية امراً واقعاً نعود بعده ونتحدث عن المشاكل والبحث عن الحلول .

    ثقافة المجتمع وعاداته

    هناك كثير من العادات والتقاليد غير الحميدة تنتشر في مجتمعنا وفى تقديري هي جزء أصيل من أسباب الاعتداءات على المال العام فالنظرة الدونية التي ينظرها المجتمع للشخص الفقير والعكس نظرة الاحترام والوقار للغني هى من أول هذه العادات والسلوكيات غير الحميدة فهذه الأشياء تدفع بعض الناس لسرعة الثراء حتى يصبحوا مقبولين في المجتمع وحتى أمثالنا الشعبية كثير منها يدعوا إلى ضرورة امتلاك المال وتتغافل عن تحديد الوسيلة أي أن الغاية أن يكون لديك مالاً وتكون ثرياً , فمثلاً عند الحديث عن بعض السفراء الذين يتلاعبون بالمال العام لا أكون مخطئاً ان وجدت لهم العذر او قلت أنهم غير مذنبين فقد تربوا منذ الصغر على عادات وتقاليد وسلوكيات غير حميدة وتغذوا بأمثال شعبية تقول (بلداً ما بلدك انطلق فيها عريان) (وجلداً ما جلدك جرو في الشوك) (ولو فاتك الميري اتمرمق في ترابه) , فماذا ننتظر منهم اذا بعدوا عن الاوطان , فكل العادات والتقاليد و السلوكيات تحض و تحث علي ضرورة جمع المال و صرفه و تمدح هذه العادات والتقاليد والامثال الشخص الثري بغض النظر عن الكيفية التي اصبح بها ثريا و هناك الكثير الكثير من الامثال التي تؤكد ما سقته (عوج الدرب – بماذا ؟) (كان ما عجيني منو البجيني – المهم الامكانيات اما من اين فلا يهم !!) (عشرة قدور... و عشرة قدور ,,, و عشرة قدور ,, لا يهم المصدر ) (تغلبها بالمال و تغلبك بالعيال ,,, اي لابد من ان تكون غني و لا يهم غيره ) إذن عند الحديث عن معالجة أمر الاعتداء على المال لا بد من البحث في معالجة ثقافة المجتمع وإلا سيكون البحث فى الاسباب ناقصاً وبالتالى العلاج لا يكون ناجعاً .

    هناك ايضا من السلوكيات التى يمكن ان تدخل ضمن الاسباب التى تؤدى الى الاعتداءات على المال العام مثل الخمول والكسل وكثرة (الرقاد) ولنا من الامثال الشعبية المتوارثة مايدفع الناس لمثل هذه العادات و السلوكيات غير الحميدة والتمسك بها فانظر للمثل " ضل الضحى يطول العمر " اى انك فى وقت العمل يجب ان تخلد للنوم وهو مايحارب العمل فعندما يفيق من نومه يجد نفسه فقيراً وليس له من المال ما يقضى به الحوائج فضعفاء النفوس تحدثهم نفسوهم بالقيام باشياء تجعلهم يعوضون باى وسيلة فيقومون بالتفكير فى وسيلة تؤتى اكلها المادى او المعنوى فيعملون بنظرية " الغاية تبرر الوسيلة " لذلك يلجاون الي وسائل تغنيهم باسرع وقت فيكون منها التعدي علي المال العام .

    الوازع الديني والأخلاقي

    من المسلم به أن المال مال الله فهو سبحانه وتعالى مالك الملك إذ يقول سبحانه وتعالى (يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء) كما يقول سبحانه وتعالى (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) ويقول عز وجل في سورة طه (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحل عليه غضبي فقد هوى) , إن فى مراقبة الإنسان لجانب مولاه هي أدق طرق الرقابة وأكثرها إحكاما على مالية الدولة بوجه خاص فمن التعليمات التي وردت في كتاب الله والتي وضعت أسس الرقابة والتي تقضي بأن يراقب الفرد نفسه وأخاه المسلم ويراجع الحاكم وولي الأمر إذا جانب الصواب ويشمل ذلك ضمناً وبداهة مالية الدولة فعقيدة الإنسان تجعله يراقب نفسه مراقبة تمنعه من أن يأخذ أموال الدولة بغير وجه حق وتجعله يؤدي حق الدولة كاملاً دون حاجة إلى رقيب غير عقيدته الصادقة .

    جاء في كتاب الملكية في الإسلام للدكتور عيسى عبده في صفحة 155 تحت عنوان مال الله كيف نكسبه "ما دام الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك والواهب للرزق والمقدر للكسب فانه قد حدد لنا سبل كسب المال الحلال وحذرنا من غيرها كما حدد مصارف المال وحدودها ولقد رسم سبحانه وتعالى طريقاً نظيفاً مستقيماً للمسلمين ليكون مالهم حلالاً مورداً وطيباً مصرفاً " , بذلك يجب ان تكون قناعة الفرد فى ان الرزق من الله وانه مهما عمل فلن يجد غير الذى كتبه له الرزاق الكريم كما ان عليه ان يحسن التصرف فى هذا الكسب الذى اعطاه له الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة من اين اكتسبه وفيما انفقه , كما جاء في كتاب "منهج الاقتصاد في القرآن " احد منشورات جمعية الدعوة الإسلامية الذي اعده الدكتور زيدان عبد الفتاح في طرابلس 1990م ، ذكر المؤلف أن الأموال تارة تحمل الخير وتارة ماتحمل الويل وسوء العاقبة ، فالإنسان بطمعه وجشعه هو الذي يقحم نفسه على فعل الشر وارتكاب المعاصي وذلك حين يدفعها أو حين يمسك بها وقد جعل الله سبحانه وتعالى الفتنة في المال والاختبار " وأعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة ....." الأنفال (28) فالمال أعظم وسيلة لإغواء الإنسان .

    في كتاب سياسة الإنفاق العام في الإسلام (1989) أوضح د. عوف محمود الكفراوي أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأمام محمد بن سعود أن (( من أهم أثار العقيدة الإسلامية إيقاظ الضمير وجعله رقيباً على الإنسان في أعماله فيبعثه ذلك على إتقان العمل والإخلاص فيه من غير تقصير أو تفريط لعلمه أن صاحب الأمر مطلع على سره وعلانيته " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" )) .

    إذن توفر الوازع الديني لدي الإنسان خير رادع له وخير معين له في نفس الوقت في عدم التعدي على المال العام وهذا الأمر لم يتناوله الناس بالبحث في كتاباتهم عن أسباب تفشي ظاهرة الاعتداء على المال العام وهو الأمر الذي يجب أن يدخل كسبب أصيل سلباً أو إيجاباً عند الحديث عن الاعتداءات على المال العام .

    اهمال ديوان الحسابات

    من اهم الاسباب التي تقف وراء تزايد الاعتداءات على المال العام اهمال ديوان الحسابات تلك المؤسسة المناط بها رقابة الحسابات , فقد اهمل الديوان بغطاء عينيه وخنقه بما يسمى باللوائح المالية التى تلزم المراقب المالى بالانصياع للمسئول فى الوحدة حتى ولو قال صراحة انه يريد ان يعتدى على المال العام , , اهمل هذا الديوان وتم تدميره تماماً واصبح وضع المسئولين عن رقابة حسابات الدولة مجرد اكمال للهيكل الوظيفى للوحدات الحكومية , فهم لاينالون التدريب المناسب و لايستطيعون اداء واجبهم نسبة لتحجيم اللوائح الموضوعة لدورهم كما اصبحت مهنتهم لاحياة لها و من افقر المهن من ناحية المخصصات المالية والوظيفية بالرغم من ان الاموال تجرى كالانهار من منابعها الى مصبها من تحتهم وبين ايديهم ولا يملكون سوى وضعها عهد باسم فلان او تعليتها امانات باسم فلان .

    فمن اهمل هذا الديوان ولمصلحة من ؟ اهو المحاسب الذى ليس فى يده شيئ ؟ ام جهات اخرى ولماذا ؟ ..

    لقد اهمل ديوان الحسابات باهمال اداراته العليا وجعلها عمياء صماء بكماء وقد حرمت من المبدعين والذين ينادون بالتطور و التجديد وادخال التقنيات الحديثة الامر الذى جعل هذه الادارات مشلولة لا تستطيع ان تفعل شيئاً مع التطورات الحديثة , لقد اهمل ديوان الحسابات باهمال اعضائه وعدم مساواتهم بالعاملين بالدولة وعدم وضوح تدرجهم الوظيفى وحرمانهم من التدريب الداخلى والخارجى الامر الذى جعلهم يهجرون المهنة ومثال ذلك ان خريج المحاسبة من احدى الجامعات يظل قابعاً فى درجة وظيفية واحدة لاكثر من 8 سنوات بينما زميله من نفس الجامعة يتدرج فى مصلحة حكومية اخرى اكثر من اربعة تدرجات فى نفس الفترة , ناهيك عن تعدد العلاوات للمهن الاخرى وحرمان خريج المحاسبة منها حتى تشوه الهيكل الراتبى للدولة ولم تستطع اللجان المختلفة من ازالة مفارقاته , واخيراً تم خنق ديوان الحسابات المسئول عن رقابة حسابات الدولة حتى الموت وذلك بجعله ادارة عامة فى وزارة المالية مثلها مثل ادارة الارشيف .

    ان المنتسبين الى مهنة الحسابات ( ومنهم السيد الامين العام ) تقع عليهم مسئولية عظيمة تبدا برفع صوتهم عالياً لاعادة الهيبة للديوان حتى يتمكن من اداء واجبه ووقف العبث الذى يحدث , عليهم التفاكر حول اعادة النظر فى اللوائح المالية التى تهمش دورهم , عليهم العمل على رفع ظلمهم لقيادة الدولة لمساواتهم بالعاملين بالدولة , عليهم ان يفرضوا انفسهم كجهة اصيلة فى وضع القوانين واللوائح المالية والحسابية للدولة ولا يرضوا فقط باسقاطها عليهم , وعليهم قبل كل هذا التشبع والتسلح بمعرفة العلوم المحاسبية والقانونية التى تمكنهم من الوقوف بقوة وصلابة لعكس مطالبهم والدفاع عنها , لقد ظل ديوان الحسابات بنظامه القديم قابعاً فى مكانه منذ زمن بعيد ولم يشمله التطور الذى لمس كل الجهات , فتطوير العمل الحسابى للدولة ممثلاً فى ديوان الحسابات يحتاج الى ثورة تحرك كل شرايينه واوردته بداية بالحصر الاحصائى الشامل لمعرفة العددية الوظيفية المكونة له وهل هى كافية ام انها زائدة عن الحاجة وهل تتمتع بالمعرفة والتدريب اللازمين لادارة حسابات الدولة وحفظ المال العام وحمايته , كما يجب ان تطال هذه الثورة قوانين ولوائح العمل المالى والحسابى .

    وحتى يكون ديوان الحسابات على قدر المسئولية فى مراقبة وحماية اموال الدولة يجب ان تكون هناك ثورة فى مجال التشريعات واللوائح وشئون العاملين واهم من ذلك يجب ان تكون هناك ثورة فى مجال تقنية المعلومات تبدا بتغيير المفاهيم السالبة ومن ثم تغيير الانظمة فادارة الحسابات فى الوحدات الحكومية المختلفة هى الادارة الوحيدة من بين كافة الادارات التابعة للدولة التى لم تستفيد من التقنيات الحديثة فى عملها , فالاسباب الرئيسية من تاخير قفل حسابات الدولة واعداد الموازنات وبرمجة الدفع والصرف مرجعها الاساسى هو العمل بالانظمة التقليدية القديمة وعدم الاستعانة بالنظم الحديثة كما انها ساعدت فى تفشى الاختلاسات والتعدى على المال العام نسبة لتطور اساليب التعدى والجريمة وعدم مواكبة الحسابات لهذه التطورات . ولابد من الحصر الشامل للمنتسبين لديوان الحسابات لمعرفة العدد الكلى والامكانيات , اضافة الي النظر فى اعادة اعداد اللوائح المالية والتى تهمش دور المراقب المالى وتلزمه بتنفيذ التوجيهات المالية حتى ولو كانت خاطئة او فيها اعتداء على المال العام ., كذلك لا بد من اعادة ادارة المراجعة الداخلية الى حظيرة ديوان الحسابات واعادة مهامها فى مراقبة وتفتيش ومراجعة الحسابات والارانيك المالية قبل الصرف او استحداث ادارة بالديوان تسمى ادارة المراقبة الداخلية لمراجعة الحسابات والارانيك المالية قبل الصرف , و يجب انشاء وحدة بداخل ديوان الحسابات تعنى بتقنية المعلومات ومدها بالكوادر المقتدرة للعمل على ادخال التقنيات الحديثة فى ادارات الحسابات والشئون المالية فى الوحدات الحكومية المختلفة و ذلك بتحويل كافة الدفاتر المالية والارانيك و المستندات المالية الى مستندات الكترونية , اما مجال التدريب فيجب العمل على ابتعاث المنتسبين لديوان الحسابات للدراسات العليا فى الجامعات داخل وخارج السودان اسوة ببقية العاملين بالدولة , و في ذات الاطار لابد من تطوير معهد الدراسات الحسابية بادخال مقررات حديثة تشتمل على تقنية المعلومات مع تطوير المناهج و اسلوب وطريقة التدريس وسياسة القبول , كذلك لا بد من توعية مدراء الادارات بالوحدات الحكومية المختلفة من غير المحاسبين والذين يشرفون على الادارات المالية باهمية دور المراقب المالى واهمية معرفة اللوائح والاجراءات المالية والتقيد بها .

    المخرج المخرج ---

    لا يمكن وقف الاعتداء علي المال العام و وقف الاختلاسات والسرقات بالتصريحات التى يطلقها المسئولون او التي تنشرها الصحف الا اذا قمنا باصلاح شامل و متكامل يبدا من ثقافة المجتمع و عاداته وسلوكياته ثم اجهزة الدولة و قوانينها و مواردها البشرية و كيفية ادارتها و كيفية اختيار من يقومون بالادارة و تدريبهم و تحسين اوضاعهم .

    صلاح الدين حمزة

    باحث

    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de