|
بين الحكم الراشد.. والحكم الفاسد!!أبوبكر يوسف إبراهيم
|
بتجرد د. أبوبكر يوسف إبراهيم بين الحكم الراشد.. والحكم الفاسد!! نحن حقاً نعيش في زمن انقلبت فيه الموازين الأخلاقية، وتغيرت فيه المعادلات الانسانية، وتراجعت فيه القيم والمبادئ أمام ضغط المصالح والانانيات السياسية والشخصية، وأصبح فيه أراذل البشر وعاظاً ، وأضحى الأدعياء الثوريون يقتلون الابرياء والمؤمنين والمسالمين بخناجر احقادهم وسادياتهم الدموية وعقدهم الأثنية الملوثة بعصارة قذارات التاريخ وهم يصرخون بهستريا الدم المجنونة بملئ افواههم الآسنة، وحيث أمسى طوفان الفساد هو القاعدة وتراجعت النزاهة منكفئة على نفسها حتى تكاد أن تكون في بعض الدول (الديمقراطية جدا، صاحبة التجارب الثورية جدا جدا، وعلى ايدي بعض القادة التأريخيين الشرفاء جدا جدا جدا) استثناء، تومض من بين تراكمات الفساد وهياكله السود ومساوئه الخطيرة وارهاصاته المريرة تجربة شريفة هنا ومبادرة نزيهة هناك، لتؤكد أن رحم الانسانية لم يصرعه الاحباط بعد ولم يتمكن العقم منه، وأن بويضات الشرف والاستقامة لا يزال بامكانها أن تجد من يخصبها من حوينات القيم والاخلاق والمبادئ المنوية لتمنح الحياة للآلاف من اجنة النزاهة في ارحام الجيل الحالي والاجيال القادمة ولتضع المزيد من الولادات الحية التي تمتلك جينيا الحصانة الاسرية والاجتماعية والاخلاقية والدينية والانسانية ضد كل فايروسات الفساد مهما بلغت قوتها وحدتها وخطورة اسلحتها وعنف هجماتها وسعة اغراءاتها. ونأخذ العبر والدروس من غيرنا لعلنا نتعلم ، رئيس الاورغواي (خوسيه ماخيكا) يضرب أروع الامثلة ليس في النزاهة حسب، وانما في انسانيته المفرطة وحبه النقي الصادق غير المحدود لشعبه واستحق بجدارة لقب افقر وأسخى رئيس في العالم وهو يتبرع بــ90% من راتبه الرئاسي البالغ اثني عشر الفا ومائتين وخمسين دولارا (لا أعلم إن كان راتبه اقل من راتب نائب لدينا) ، لصالح الاعمال الخيرية مكتفيا من راتبه بمبلغ (1250$) الف ومائتين وخمسين دولارا فقط، فضلا عن تحويل أجنحة قصره الرئاسي الى مأوى للفقراء والمشردين ولمن لا سكن لهم، مما أدى الى انخفاض معدلات الفساد في بلده الى ادنى مستوياتها وفقا لمؤشر منظمة الشفافية العالمية، فقد انبرت رئيسة افريقية اخرى لتنافس الرئيس ماخيكا في ميدان النزاهة ومحاربة الفساد والانتصار للفقراء والجياع والمشردين والمسحوقين، تلك هي (جويس باندا) رئيسة مالاوي، وهي تجسد عمليا درسا من دروس الوفاء الفعلي للقَسَم الرئاسي. فما ان استلمت رئاسة البلاد وفي ضوء تلمسها لحالات الفقر والجوع والمعاناة المعاشية لقطاعات واسعة من شعبها حتى بادرت لبيع الطائرة الرئاسية التي سبق لسلفها الرئيس (بينجو وان موثاريكا) ان اشتراها لتنقلاته الرئاسية بمبلغ خمسة عشر مليون دولار، لشراء مواد غذائية أساسية بهدف توفير الطعام لأكثر من مليون مواطن في بلدها يعانون من نقص مزمن في الغذاء، كما تنوي ايضا بيع (35) سيارة مارسيدس تعود للحكومة لتوفير الاحتياجات الاساسية لشعبها. تأتي صور ووثائق هذه النزاهة والعفة الوطنية المتفردة في الوقت الذي يتسابق فيه بعض المسؤولين في الدول المنتحبة والمستلبة والمنتهكة والمستهلكة بالجري الى الامام ضمن مسابقة هدر المال العام، فعلى سبيل المثال، كم تبلغ تكاليف ترميم دار او مقر او مكتب مسؤول في الوقت الذي تتضور فيه الملايين من الفقراء والمعدمين جوعا؟!.. و(مبــــادرة) مكتب مسؤول رفيع في دولة اخرى بمفاتحة بعثته الدبلوماسية في دولة صديقة كان ينوي المسؤول المعني زيارتها ربما ليوم او يومين، أو لساعة او لساعتين (بالزامية وضرورة وسرعة وفورية ) بناء دورة مياه شرقية قبل زيارة ذلك المسؤول ليستخدمها (سيادته او سعادته او دولته) خلال زيارته الميمونة احتراما للتقاليد الشرقية والشرعية دون النظر لكلفة دورة مياه قد لا يستخدمحها فخامته الا مرة واحدة، وقد لا يستخدمها ابدا بسبب اصابته ربما بحالة (امساك) بسبب شدة اشتياقه وحنينه للوطن, ودون اي اعتبار للهدر والفساد وحجم المناقصة والعقود وربما الحصص والمغانم والاختلاسات التي ربما ترافق هذا المشروع (الاستراتيجي) النوعي الضخم الذي سيهز الاوضاع الدولية بعنف، والسؤال الاهم ماذا لو تطلبت مهام سيادته زيارة عشرة دول خلال سنة واحدة بهدف تعزيز العلاقات الثنائية ، وكم ستكلف ميزانية الدولة مناقصات عملية بناء هذا الكم من دورات المياه الشرقية؟!!، بل ربما يحفز ذلك العلماء والمخترعين والمبتكرين لاختراع دورة مياه شرقية متنقلة واطئة الكلفة وسهلة الحمل، بل ربما يخترعون أيضا نموذجا (متطورا) يستخدم لمرة واحدة ضمانا لعدم الاصابة بالامراض المعدية والسارية كالايدز مثلا. وطبعاً رزق الهبل على المجانين!! وسلامتكم.. عوافي يتص
|
|
|
|
|
|