|
بنقو مثلاً .؟ بقلم الطاهر ساتي
|
:: قبل ثلاث سنوات، حكى د. عبد الرحيم حمدي قصة طباعة العملة السابقة ( الدينار)، وقال : ( كنا نجتمع سرا في منزل آمن، وكان الرئيس ونائبه و الترابي يحضرون الاجتماع، ولكن مشيا على الأقدام بعد أن يتركوا سيارتهم بعيدا عن مكان الاجتماع، ويتسللون الى المنزل بهدوء..وأخفينا أمر اجتماعاتنا حتى على الأجهزة الشرطية..وجلبنا الحاويات بقطر خاص من بورتسودان، وليس بالسكة حديد وقطاراتها، وخزنا محتويات الحاويات في احدى مدارس المجلس الافريقي بعد أن كسرنا الجدار ليلا - والناس نيام - وبنيناه في نفس الليلة، ولم يشعر الجيران بعلميتي الكسر والبناء..وبعد ذلك وزعنا المحتويات - العملة - بسرية تامة في الولايات بواسطة سلاح الطيران، وهكذا فاجأنا الجميع بطباعة وتوزيع الدينار)..!! :: يومها تساءلت بدهشة : ولماذا كل هذه السرية في طباعة وتوزيع عُملة غير مزيفة؟، وهل أنتم سادة حكومة دولة ذات سيادة أم زعماء عصابة؟..ويبدو أن سيناريو السرية يُعيد ذاته، ولكن ليس في طباعة العُملة، بل في الزراعة..فالسيد أحمد إبراهيم أحمد، مدير مشروع سوبا غرب للإنتاج الزراعي، يقول لصحيفة الجريدة : ( نجري تجارب سرية من أجل زراعة محصول بديل للقمح في مشروع سوبا برعاية منظمة الفاو، ونتوقع أن ينافس المحصول الجديد للقمح محلياً وعالمياً)، هكذا نص التصريح الغريب .. لم يفصح عن اسم المحصول، فالمحصول ( سري للغاية).. ولكن التجارب - التي يتم إجرائها في هذا المحصول - تتم تحت سمع وبصر ورعاية منظمة الفاو، ومع ذلك هي (تجارب سرية)..!! :: وقد يسأل القارئ بدهشة : هي تجارب زراعية بعلم و إشراف منظمة الفاو العالمية، فكيف تكون سرية ؟.. ربما هذا السؤال إنصرافي حسب فهم إدارة مشروع سوبا، فالمهم هي تجارب سرية و( خلاص )..ولكن السؤال المهم، لماذا - أصلاً - كل هذه السرية في تجربة زراعية قد تنجح أو تفشل ؟..أي، ما الذي يمنع مدير مشروع سوبا عن ذكر أسم هذا المحصول البديل للقمح؟..( بنقو مثلاً؟)..عفواً، في تقديري غير المخدرات ليست هناك زراعة في عالم اليوم يتم تجريبها أو زراعتها (سراً)، أويتحفظ زارعها - مزارعاً كان أو مدير مشروع - عن كشف اسمها للناس..هي مجرد تجربة زراعية، وتحدث يومياً في مشاريع وحقول بلاد الدنيا والعالمين تحت سمع وبصر الناس والعلماء و الإعلام..!! :: وإن كانت إدارة المشروع تعي أصول الإدارة، فمن الأفضل - لأي تجربة إقتصادية - عرضها للنقاش العلمي الجهير طالما هي ليست بعملية تخصيب لليورانيوم، ولا هي بتجارب لإنشاء مفاعل نووية ليصفها المدير ب ( تجارب سرية).. المهم، إنها العقلية غير الإحترافية ولا المهنية التي تدير مشاريع الناس والبلد.. عقلية ( تمكين ساكت).. و دائما ما يُحيط بآدائها التوجس والشك والريبة و الخوف من ( العدو المتوهم) ..وتظل مقيًدة هكذا حتى ولو تطاولت خبرتها وتجاوزت ربع القرن في مناصب وساحات ( العمل العام)..لا - ولن - تتحرر عقلية التمكين من تلك القيود و تتطور بحيث تدير الشأن العام - زراعة كانت أو غيرها - بشفافية العقلية (المهنية والإحترافية)..!! مكتبة الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|