بشرى عظيمة في وفاة إمام جامع عطبرة ساجداً بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 01:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-05-2018, 05:28 AM

الريح عبد القادر محمد عثمان
<aالريح عبد القادر محمد عثمان
تاريخ التسجيل: 05-08-2015
مجموع المشاركات: 80

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بشرى عظيمة في وفاة إمام جامع عطبرة ساجداً بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان

    04:28 AM January, 04 2018

    سودانيز اون لاين
    الريح عبد القادر محمد عثمان-لاهاي
    مكتبتى
    رابط مختصر














    في جامع عطبرة الكبير، أواخر الشهر الماضي، أذّن الإمام أبايزيد بشير لصلاة الفجر، ثم أّمَّ المصلين؛ وأثناء السجود نطق بالشهادة، ففاضت روحه الطاهرة إلى بارئها.
    كان بصحة جيدة وبحيويته المعهودة إلى آخر لحظة.
    قبل يومين شارك في صورة "سيلفي" مع أنجاله الأربعة؛
    وقبل يوم واحد دعا ابنه الأكبر وأوصاه على إخوته وأمه؛
    وترك وصاياه والديون التي عليه مكتوبة على ورقه في دولاب ملابسه.
    وفي فجر ذلك اليوم انتقل إلى ربه، راضياً مرضياً إن شاء الله تعالى.
    ***
    كان أطلق الناس وجهاً، وأوصل الناس رحماً؛
    كان قلبه عامراً بحب الله والناس والأهل وحب المساكين؛
    عاش خفيفاً على الدنيا وعلى الناس، فحتى وفاته تضمنت قدراً كبيراً من العزاء والسلوى.
    كأنّ أبايزيد لم يُرد أن يجعل حزن الناس عليه ثقيلاً فخفّفه عليهم بتلكم البشرى العظيمة.

    حزن الناس عليه وفرحوا له!!
    انتشر النعي، وعلتِ البشرى!
    وجاؤ الناس للعزاء فوجدوا السلوى!

    في ذلك اليوم المشهود، كتب الله لأبايزيد أن يدعو الناس إلى الصلاة وإلى الفلاح قبل دقائق من وفاته؛
    وكتب الله له أن يكون آخر كلامه أعظم كلمة في الوجود: لا إله إلا الله؛
    وكتب الله له أن يموتَ وهو في أقرب ما يكون العبد إلى ربه: ساجداً.

    من هو أبايزيد؟
    لم نقل الشيخ أبايزيد، فهو لم يكن من طلاب المشيخة والوجاهة والزعامة.
    ولم نقل العالم العلامة، ولا الحبر الفهامة.
    كان رجلاً عادياً - مثلنا جميعاً، ولذلك فنحن جميعاً "أهل الميت" و"ناس البكا".
    ونحن جميعاً أهل تلك البشرى العظيمة.
    ولا تنحصر البشرى العظيمة في أنَّ أبايزيد تُوفي ساجداً، آمَّـاً المصلين في صلاة الفجر، وأنه نطق بالشهادة في المحراب، وأنه، قبل الصلاة، دعا الناس في الآذان إلى الصلاة وإلى الفلاح.
    بل تتمثل تلكم البشرى العظيمة أيضاً في أن أبايزيد رجل من غبراء الناس، مثلنا جميعاً.
    أي أن تلكم الحظوة العظيمة متاحة لنا جميعاً.

    لم يكن أبايزيد من أهل الدثور،
    فلم يملك العقارات، ولا العربات، ولا الشهادات، ولا الألقاب، ولا الأوسمة ولا النياشين.
    ولم يكن الناس ينادونه بـ "يا دكتور"، ولا يا باشمهندس، ولا جنابك ولا سعادتك!
    لم يصفه أحد بأنه "قامة" أو "رقم"، بعد أن صار الناس في زماننا هذا قاماتٍ وأرقاماً.
    لم يكن دكتوراً، هجر الطب ليصبح وزيرا،
    ولم يكن جنرالا انقلب على الناس ثم على الله ليصبح حاكماً؛
    ولم يكن قائد حركةٍ مسلحة، دخل الغابة ليدلف منها إلى القصر.
    فقد كان أبايزيد، بالسجية، يتواضع للناس، كباراً وصغارا، نساءاً ورجالاً،
    كان هابطاً "في وطاة الله"، لم يتخذ الدين مطيةً للتمكّن؛
    وكان زاهداً، وغنياً بالله وبإيمانه وبالمحبة التي تملأ قلبه للجميع.
    كان أبايزيد يدرك، في كل لحظة، أنه من تراب وإلى التراب سيعود.

    أجل، كان أبايزيد رجلاً من غمار الناس؛
    نشأ نشأة عادية كسائر الشباب من أمثاله في الأحياء الفقيرة والمتوسطة في مدن بلادنا.
    وكان يصل الناس، ويبرهم ويزورهم، حتى اشتهر بأنه الأوصل رحماً وسط أهله ومعارفه وجيرانه.
    واحتفظ أبايزيد بجميع العلاقات التي كونها في جميع المناطق والأحياء التي عاش فيها، سواء في غرب السودان، أو وسط السودان، أو في العاصمة أو في شمال السودان.
    وكان ديدنه صلة الأرحام وزيارات الأقارب والأصدقاء والجيران القدامى.
    وكان يجد راحته في ذلك، ويشعر أن ذلك واجبه.
    ونعلم أنه في هذا الزمن لم تعد صلة الأرحام ميسورة؛
    فقد باتت تحتاج إلى "طولة بال" وقدر كبير من المسامحة والتغافل؛
    وإلى قدرة كبيرة على الابتسام حين يواجهك الناس بما لا يرضونه لأنفسهم.
    وكانت كل تلك الصفات مما عرف به أبايزيد وأحبه الناس بسببه.
    ***
    انشغل أبايزيد في شبابه بالرياضة والموسيقى والغناء والفكاهة، ولكنه أحب تلاوة القرآن والصلاة في المساجد وإنشاد المدائح النبوية.
    وكان في قلبه على الدوام مكان أثير لربه، ما فتئ يكبر؛
    وكان على الدوام ممسكاً بحبل يوصله إلى الآخرة.
    اجتهد بعصامية ليحفظ القرآن ويتفقه في الدين.
    وحباه الله صوتاً رخيماً، ذا غنةٌ محببة في تلاوة القرآن الكريم.
    ***
    يذكرني أبايزيد، في زهده وإيمانه، بأويس بن عامر، رضي الله عنه، الموصوف بأفضل التابعين طراً.
    لم يكن أويس بن عامر تابعياً من "الوزن الثقيل" أمثال الحسن البصري وسعيد بن المسيب، رضي الله عنهما، إذ لم يكن معروفاً بضلوعه في الفقه وعلوم الدين، ولم يكن ذا مال أو سلطان. وما وُصِف بأنه خير التابعين إلا لإيمانه وتواضعه. أدرك أويس بن عامر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يره، لكن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالصَّلاح والإيمان وببرّه بوالدته وبخيريته. ويُروى أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان كلما أتى عليه نفرٌ من أهل اليمن سألهم: "هل فيكم أويس بن عامر؟" وداوم على ذلك السؤال إلى أن صادفه في نهاية الأمر، فقال له: "سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر....له والدة هو بارٌّ بها لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" وطلب منه سيدنا عمر أن يستغفر له ففعل.
    ومثل أويس بن عامر كان أبايزيد بسيطاً، متواضعاً في قلبه، ومتواضعاً في سلوكه، ولكنه كان أنيقاً في مظهره، سمحاً في تعامله مع الناس؛ وكان مثل أويس بن عامر يتوسد الموت إذا نام، ويجعله أمامه إذا قام. فقد كان أبايزيد رغم تفاؤله وابتسامته التي يواجه بها كل الصعاب في حياته، ورغم سعيه بجدٍ ونشاط لاكتساب رزقه، وتحسين وضعه، وإسعاد أسرته، كان لا يغفل عن ذكر الموت، والتحسب له، وعرف عنه دعاء شهير: "اللهم أسألك حسن الخاتمة يا الله".
    ويذكرني أبايزيد، في هذا الاستعداد اليومي للموت، الذي لا يعني أبداً عدم الإقبال على الحياة، بشخص آخر معاصر هو المرحوم محمد علي كلاي. سُئل كلاي، وهو في أوج مجده وشهرته، عن أهم شيء سيتفرغ له بعد ما حقق ما حقق على صعيد الملاكمة. فكانت إجابة كلاي واضحة مدوية: "سأتفرغ للاستعداد لملاقاة ربي". لم يقل إنه سيتفرغ للاستمتاع بالحياة. فلا المال دائم، ولا الشهرة، ولا المجد؛ والشباب يعقبه الهرم، والصحة تنتهي بالمرض، والعمر ينتهي بالموت. فالعاقل من كان جل همه أن يستعد للقاء ربه.
    ومع هذا التوكل والزهد، كان أبايزيد مقبلاً على الحياة، مبشّراً في دعوته للناس، غير منفِّر، وكان هاشاً باشاً في وجوه الكبار والصغار.
    فإذا كان العلم هو، قبل كل شيء، الرسوخ في معرفة الله والنفس، وليس كثرة المعلومات، ولا كثرة الشهادات؛
    فإني أشهد أنّ أبايزيد كان راسخاً في العلم؛ راسخاً في التراب والعبودية لله والتواضع للناس.
    فمَن علم مقامه، وأنه عبدٌ لا حول له لا قوة، وأنه من ترابٍ وإلى التراب يعود، فقد في رسخ في العلم؛
    ومَن علم أن الله، الذي استوى على العرش، لم يترك مُلُكاً لمَلِكٍ، ولا مِلْكاً لمالك، ولا شِرْكةً لشريك، فقد سَلِمَ قلبه؛
    ومَنْ شكر الله على القليل والكثير فقد أوتي الحكمة؛ ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا.
    لقد كان أبايزيد برسوخه، المستمد من إيمانه بالله وتواضعه للناس، عالماً علامة وحبرا فهامة؛ وقد حباه الله تلك الميتة المُلْهِمة شهادةً له على ذلك، وكفي بالله شهيداً.
    ***
    توفي أبا يزيد وهو ساجد، وأقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد: "واسجد واقترب"؛
    ودعا قبيل وفاته إلى الصلاة والفلاح، "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وقال إنني من المسلمين"؛
    وتوفاه الله وهو يؤم الناس: "واجعلنا للمتقين إماماً"؛
    ومات وكان آخر قوله لا إله إلا الله، ويقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة"، وهي خير القول؛ يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: "خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله"، وهي خلاصة العلم، قال تعالى: "فاعلم أنه لا إله إلا الله".
    كان أبايزيد راسخاً في العلم والدين بتواضعه الكبير.
    فإذا كان الدين هو الأخلاق، فإن القاعدة التي تقوم عليها جميع مكارم الأخلاق هي التواضع؛
    وإذا كان الدين هو المعاملة، فإن أساس كل معاملة حسنة هو التواضع للناس؛
    وإذا كان الدين هو العبودية لله، فإن شرح العبودية هو التواضع.
    ***
    تلك هي بشرى وفاة أبايزيد بشير حاج الحسن زروق.
    وهي بشرى لنا جميعاً مفادها ما يلي:
    حين يكون الاستعداد للموت جزء من حياتكم فستحيون حياة طيبة في الدنيا رغم الفقر والمعاناة، وستموتون ميتة سوية، ستكون هي حياتكم الحقيقية.
    اللهم ارحم أبايزيد وأحسن إليه؛
    وارحم ذريته وأهله وأحسن إليهم؛
    وارحمنا جميعاً وأحسن إلينا؛
    واجعل همنا الإعداد والاستعداد للقائك؛
    وأحينا حياة طيبة؛
    وأمتنا ميتة سوية؛
    بعد عمر طويل وعمل جليل،
    آمين.
    وإنا لله وإنا إليه راجعون.


























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de