|
المظلومون في المهجر...!!/عثمان ميرغني
|
حديث المدينة 21 أغسطس 2014 أخشى أن يصدم المغتربون السودانيون للمرة السادسة من الأحلام التي ظلوا يرجونها عبر السنوات ولا تتحقق.. كل التوصيات التي تقدم بها مؤتمر المغتربين الثالث هي حق مشروع للمغتربين السودانيين ظلوا ينادون به لسنوات ولكن كانت دائما آمالهم تغرق في أول شبر ماء عند التطبيق. الذي يحتاجه المغتربون أولاً وقبل كل شيء هو (الثقة).. الثقة في أن ما يقدم لهم من وعود هو في منزلة القانون الذي لا يقبل غير التطبيق، مخالفته تعدّ عصياناً للقانون.. مثلا.. إجراءات المغتربين المرتبطة بالجهات الإيرادية مثل الضرائب، والزكاة، وغيرها، لا تزال تنظر إلى المغتربين بافتراض أنهم أجانب سودانيون أو سودانيون أجانب، وتعدّ أن الغاية هي امتصاص رحيق اغترابهم المر بأعجل ما تيسر دون أن يقابل هذا أي امتيازات للمغترب مباشرة أو غير مباشرة. وعلاقة المغترب بوطنه ظلت في وجدان المغتربين طوال السنوات الطويلة مجروحة بأحاسيس الغبن الشديد من مواطنين أخلوا مقاعدهم في البلاد لصالح غيرهم، وهاجروا كسبا للرزق في مهاجر مهما كانت وثيرة إلا أنها أقرب إلى الثلاجة التي توضع فيها اللحوم لتجميدها إلى حين الاستعمال.. داخل كل مغترب سوداني مشروع عودة إلى وطنه أقرب إلى الحلم يدخر كل أحاسيسه ومشاعره ليوم يتوقع فيه أن يعود إلى بلاده نهائيا، ويتغطى بسترة ما حققه في الاغتراب.. فتظل حياة الاغتراب مشحونة بأحاسيس (انتقالية) تنتظر يوم العودة.. ولكن للأسف تطول ليالي الاغتراب دون أن تلوح بشائر العودة، بل تتزاحم جموع الهاربين من الوطن بفعل الأوضاع الاقتصادية النكد، التي تزداد كل يوم ضراوة. في تقديري الحكومة في حاجة ماسة إلى التعامل مع المغترب باستثمار ثقته أولا أن تقدم له من الحوافز ما يجعله يضخ مدخراته في بلده وهو واثق أنها في أيدٍ أمينة، وهناك أكثر من طريقة لذلك- لا مجال لتفصيلها الآن لكنها معلومة للمغتربين والحكومة، فللمغترب حاجات يبحث عنها في بلده تستطيع الحكومة أن توفرها له بما يضخ بعملة صعبة بأيسر ما تيسر.. وفي كل بلاد العالم التي تصدر أبناءها إلى العالم مثل بلاد الشرق الأوسط ومصر ولبنان فإن مدخرات المغتربين تشكل أحد أهم موارد الدولة، والسبب في ذلك ثقة المغتربين في مصائر هذه المدخرات. ارحموا المغتربين، فإنهم يعانون مرتين، مرة بالهجرة والاغتراب، وأخرى بظلم الوطن لهم
|
|
|
|
|
|