المستقبل القريب للشرق الأوسط - القول الفصل بقلم (بدوي محمد بدوي)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-15-2017, 12:52 PM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3920

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المستقبل القريب للشرق الأوسط - القول الفصل بقلم (بدوي محمد بدوي)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المستقبل القريب للشرق الاوسط
    (القول الفصل)
    [الأستاذ/ بدوي محمد بدوي]

    في هذا المقال نوَدُ الحديث عن تصوراتنا للإمور والقضايا السياسية والعسكرية المهمة المتعلقة بالصراع الذي يدور في المنطقة المسماة بالشرق الاوسط وكذلك توقعاتنا لأهم الاحداث السياسية والعسكرية في هذه المنطقه خلال الفترة القادمة .وابتداءاً نود أن نوضح ان الغرض من كتابة هذا المقال ليس التاثير في الرأي العام او تمكين أي من اطراف الصراع السياسية بإلاستفادة من التحليل والاستنتاجات الواردة فيه بقدر ما هو فقط توثيق لمجموعة التصورات و التوقعات و التنبؤات التي سنذكرها فيه من أجل أن نحتفظ لانفسنا بالحق الادبي المعنوي في حالة حدوثها . بكلمات أخرى وحتى نكون اكثر صدقاً مع القارئ الكريم نقول ان هدف هذا المقال بهذا المعنى الذي سبق ذكره ذاتي جداً لذلك لا يهمنا فيما إذا ما قام بقراءته أي عدد من الناس زاد او نقص وكذلك فيما يمكن أن يتعرض له من نقد موضوعي أم غيره.
    نقول إنه للحديث عن منطقة الشرق الأوسط لا نعني التجمعات السكانية والقوى السياسية والعسكرية الرئيسية المتواجدة عليها فقط بقدر ما نعني القوى الرئيسية المتصارعة أو المرتبطة بالصراع في هذه المنطقة وإن كانت من خارجها. كما أننا نعتقد أنه مفهوم لدي القارئ الكريم إننا لا نستطيع الحديث عن كل القوى والدول والأحزاب والتفصيلات المرتبطة بالصراع في هذه المنطقة وكذلك الحديث تفصيلياً وتاريخياً عن القوى التي سوف نتناولها في المقال لأن ذلك يتطلب كتبا وليس مجرد مقال أضف الى ذلك إن التفاصيل التي تجعل الكتابة أشبه بالسرد التاريخي ستدخل القارئ الكريم في موجة من الملل لن يستطيع معها متابعة ما يقرأ مع ملاحظة اننا مطالبون في النهاية ومن باب العلمية بالربط العضوي بين تحركات ومصالح وتاثير هذه القوى في الصراع سلباً وايجاباً.
    وعليه فقد انتهجنا في كتابة هذا المقال منهجاً بسيطا لا نعرف تسميته الاكاديمية لأننا في البداية لسنا كتاب متخصصين ويتلخص هذا المنهج بأن نضع عنوانا بإسم القوى او الدولة او الجهة التي نريد التطرق إليها ثم نتحدث عنها قليلاً محاولين التعرف لِما سيؤول عليه حالها في الفترة القادمة بالرغم من إدراكنا ان إستمرار الصراع من سنن الحياة وبدون مدى زمني منظور كما ان التغيرات ستظل تتوالى الواحدة تلو الاُخرى على مر الزمان هذا بالاضافة إلى اننا بالتاكيد لا نستطيع أن نَرى أبعد مِما هو خارج نطاق نظرنا المحدود لنقول اننا نعني بعبارة الفترة القادمة الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 2017 و2020. ونحن إذ نحدد هذه الفترة بالذات بالرغم من أن بعض من تِلك التوقعات ربما تتجاوز هذه الفترة اوتتخلف عنها قليلا لأن قناعاتنا بدقة إستنتاجاتنا راسخة بدرجة عالية تتجاوز كثيرا قدرة التقارير الامريكية والعالمية الاُخرى التي تتحدث فيها اجهزة مخابراتها المختلفة عن توقعاتها للسنوات القادمة والتي تصدر بداية هذا العام بالتزامن مع نشرنا لهذا المقال والذي سيتم نشره بأي حال قبل تولي الرئيس الأمريكي المنتخب مقاليد السلطة في البيت الابيض في 20 يناير 2017 المقبل. كما اننا نريد تاكيد تحملنا لمسؤولية طرح هذه القناعات ومحاولة ثوثيقها بتحديدنا لهذه المدد الزمنية والتواريخ رغم إدراكنا العميق بأن تحديد التواريخ الزمنية المستقبلية ضمن التحليلات والتوقعات المرتبطة بالواقع الاجتماعي والسياسي المتحرك هى من اكثر الامور التي تشكل دليلا لإدانة الشخص الذي يحاول التنبؤ بالاحداث. بيد اننا لانحدد التواريخ فقط بل زد على ذلك اننا سنحاول قدر الإمكان أن يكون لحديثنا وجه واحد وليس اكثر عدا بعض الحالات النادرة ولبعض الاسباب ولهذا وذاك فقد إستوحينا عنوان هذه المقالة (القول الفصل) من رسوخ قناعاتنا لما سيحدث خلال هذه الفترة من الآن بداية يناير 2017 و حتي نهاية العام 2020, كما وجب تنويهنا بانه قد تحدث في هذه الفترة امور جلل وخارج المتوقع لن يستطع الانسان ومهما تفتقت قريحته من معرفتها او التنبؤ بها.
    يبقى أخيراً انه لكي نُهيئ القارئ الكريم لما سيقرأ يجب أن نجعله يتعرف مسبقا عن ماهية القوى التي سنكتب عنها وباقصى درجات الاقتصار الذي سيتفاوت من هذه إلى تلك والذي نأمل ايضا ان لايخل بالفكرة الاساسية في توصيل الاستنتاج المعني. عليه سنقوم اولا بتعداد هذه القوى محل حديثنا سوى كان دورها رئيسياً او فرعياً في الصراع آملين في النهاية أن تكون الخلاصة هي محصلة للربط بين تفاعلها جميعا, وهي غير مرتبة كالتالي: (اليمن - تركيا- ايران - البشمركة والقوى الكردية الاخرى - العراق - الخليج العربي ونخص منه البحرين - المملكة العربية السعودية - روسيا - المليشيات الشيعية المسلحة - تنظيم الدولة الاسلامية - النظام السوري - المعارضة السوريه المسلحة - الولايات المتحدة الامريكية - فلسطين والكيان الاسرائيلي - الدول العربية في افريقيا - اوربا ونخص منها بيريطانيا).
    أولاً: العراق:
    العراق هو محور الصراع في هذه المنطقة ولأن اهمية العراق لا تخفى على احد فقد تعرض للإحتلال الامريكي عام 2003 كمدخل للسيطرة على بعض الدول الاُخرى في المنطقة لترتيب شئونها وحسب رؤية المحتل الامريكي. وكما كان العراق دائما عصيا على المحتلين فقد خرج منه المحتل الأمريكي خالي الوفاض مؤقتا وجزئيا تاركا إياه للقوى التي تحكمت فيه بمساعدته والتي هي في جزء كبير منها حليفة لإيران او اُريد لها أن تكون كذلك وهكذا وكما هو معروف فقد إستغلت ايران ظروف خروج الأمريكان من العراق وجعلته مركزا لتمرير رؤيتها كذلك ايضا في ترتيب شئون المنطقة وهذا أمر معروف للجميع.
    ولكن ما هو غير معروف نسبيا للناس هو أن الولايات المتحدة الأمريكية الآن أكثر نهما من أي وقت مضى لاعادة احتلال هذا البلد عسكريا وسياسيا. أما تسويقها لهذه الفكرة سيعتمد على فشل وفساد القوى التي تركتها خلفها في العراق اضافة إلى ازدياد النفوذ الإيراني فى هذا البلد وهي اُمور مجتمعة أدت إلى فشل النموذج الأمريكي الذي اُريد تطبيقه فيه لكي يُعمم لاحقا فى المنطقة. وها هي أي الولايات المتحدة الأمريكية متسلحة هذه المره بتجربتها الاولى في احتلال العراق من العام 2003 وحتى العام 2011 عائدة إلى العراق للإستفادة من اخطائها الرئيسية فيه ولتصحيحها او هكذا تتصور. وكما هو معروف أيضا فإن رئيس الإدارة الأمريكية المقبلة في 20 يناير القادم قد قال اثناء حملته الانتخابية ما معناه ان القوى الحاكمة في العراق ليست سوى مجموعة فاسدة وعميلة لإيران, هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن أغلب الجمهوريين يقولون بخطأ الرئيس أوباما في سحبه للقوات الأمريكية من العراق دون ترتيب للاوضاع بصوره جيدة في هذا البلد وعليه فإننا ومع بداية العام 2017 سنشهد تزايد لعدد القوات الأمريكية المُرسلة إلى العراق. سيكون التبرير لارسال مزيد من القوات العسكرية الأمريكية إلى العراق هو تحرير الموصل او بالأحرى الجانب الأيمن منها مع ضمان إدارتها أي الموصل بصورة متوازنة بعد تحريرها مع حماية المدنيين فيها وذلك بعد فشل الجيش العراقي في تحقيق هذا الهدف أضف الى ذلك أن ما يمكن أن يحدث من إنهيار لقطعات مهمة من هذا الجيش مرة اخرى وخلال معركة الموصل المندلعة حاليا سيساعد في اعطاء التبريرات الأمريكية لإرسال المزيد من القوات نوع من الوجاهة. وهكذا سوف تزداد تدريجيا أعداد القوات الأمريكية في العراق والتي سوف تنجح جزئيا في طرد تنظيم الدولة من الموصل, بيد أن القوات الأمريكية ستظل في ازدياد للحفاظ على الأمن في اجزاء أخرى من العراق بعد أن تصطدم بالنفوذ الإيراني ومليشيات الحشد الشعبي, وبذلك سيدخل العراق مرحلة بداية نهاية شهر العسل الإيراني الأمريكي. ومع دخول العراق المرحلة آنفة الذكر هذه ستعمد الولايات المتحدة الأمريكية على تحجيم النفوذ الايراني فيه الأمر الذي يتطلب اولا تحجيم دور المليشيات الشيعية والمُسماة بالحشد الشعبي في هذا البلد. ولما كانت الأخيرة قد أخذت طابعا رسميا وقانونيا في الدولة العراقية فانه ما مِن مفر لتحجيم دورها إلا بتغيير شكل النظام الذي يحميها ويشكل الاطار القانوني لها وهو ماسيُحدث مايشبه انقلابا على قواعد العملية السياسية في العراق والتي بدأت مع تشكيل مجلس الحكم في العراق في العام 2003 وحتى حكومة العبادي الحالية والمعروف عنها أي العملية السياسية انها ظلت محل تفاهم ايراني امريكي غير مكتوب طيلة هذه الفترة. هذا التغيير في شكل النظام في العراق من قبل الأمريكان سيشكل أول وأكبر صفعة سياسية توجه لإيران بعد الحرب العراقية الإيرانية ولن تستطيع إيران استيعاب هذه الصفعة او التعامل معها بحكمة لاسيما مع مايعتبر إنتصار لتصورات التيار المتشدد حول قضية الثقة والتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية داخل ايران. وهكذا سيصبح هذا البلد ميدانا لصراع إيراني أمريكي مرير سيكلفه المزيد من ارواح ابنائه البريئة كما سيبلغ اقصى مدياته, هذا من ناحية ومن ناحية اخرى سيتحول هذا البلد مع نهاية هذا الصراع مرة أخرى الى ساحه حرب بينه هو نفسه وبين المحتل الامريكي وذلك بعد أن يصبح مستودعا كبيرا لجميع أنواع الأسلحة الحديثة والتقليدية هذه الأسلحة التي ستساعده في النهاية على حسم هذا الصراع لمصلحة ابناء شعبه.
    ثانيا: الولايات المتحدة الامريكيه:
    بمناسبة الحديث عن هذه الدولة نوَدُ أن نُنوه باننا قمنا بكتابة مقال في منتصف العام 2008 بعنوان (بوادر الحرب الأهلية في أمريكا) تحدثنا فى هذا المقال الذي نُشر بتاريخ 12 مايو من العام 2008 في شبكة البصرة عن بوادر الحرب الأهلية الأمريكية او مايمكن ان نسميه الآن بتفكك أمريكا او على الاقل انكفائها على ذاتها وهو المقال الذي يلخص باختصار تصورنا لما يمكن أن يؤول اليه الحال في أمريكا. وفي حينها عندما نشرنا هذا المقال أي قبيل الانتخابات الامريكية التي جاءت بالرئيس أوباما الى الحكم كنا نعتقد أن لدى البيض القدرة على التأمر على المرشح للرئاسة حينها اوباما وقطع الطريق امام وصوله الى حكم امريكا ولم نكن ندرك الحاله البائسة من الانهاك الذي وصل اليها البيض في تلك الفترة بفعل سنوات حكم بوش الإبن وحربه على العراق. الجدير بالذكر ان سنوات حكم اوباما قد اضعفت ايضا قطاعات الجماهير المستنيرة في امريكا وبالشكل الذي ساهم في صعود الجماعات العنصرية البيضاء كجماعات حفل الشاي وغيرها. على اية حال كنا نعتقد بقدرتهم أي البيض على منع اوباما من الحكم لكي يجدوا انفسهم في تناقض مع المد الجماهيري الذي كان اوباما يمثله في تلك الفترة وهو ما لم يحدث والجدير بالذكر ايضا انه عندما كنا نتحدث عن البيض كنا نعني بالضبط المجموعات الامريكية البيضاء والتي كان يحاول تمثيلها الرئيس الامريكي السابق الارعن بوش الصغير والتي أصبح يمثلها ويقودها ويٌلهمها الان الرئيس الامريكي المنتخب الذي سياتي وصفه لاحقا.
    يجب اولا في هذا السياق ان نعترف بأن رويتنا في ذلك المقال ورغم اعتقادنا بنضوجها النسبي فيما يتعلق بشكل الصراع الاجتماعي في امريكا إلا إنها لم تكن ناضجة بالمستوى المطلوب للتنظير في فهم المستوى السياسي لشكل ومحتوى هذا الصراع وربما إلى الان.
    على كل سننقل هنا الان جزءاً حرفياً من ذلك المقال حيث يمثل الجزء الذي سننقله الفقرتين الاخرتين منه أي المقال وبعد ذلك سنحاول تطوير رؤيتنا للصراع الاجتماعي السياسي في الولايات المتحدة الامريكية لكي نخلص الى نفس النتيجة التي خلصنا اليها في المقال آنف الذكر:
    [وفي كل الاحوال وضمن الاحتماليين فان الجمهوريين سوف يستمرون في الحكم هذا من ناحية ومن ناحية اخري فان المجموعة الشعبية لحركة اوباما والتي تضم الفقراء والشباب والملونين والسود والمثقفيين وغيرهم من القطاعات الشعبيه الحيه سوف تشعر بنوع من الاحباط والغليان وتفقد الامل في امريكا متوازنة ملتفته لحلول مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية الداخليه وضمن هذه الاجواء فانه اذا ما حصل اي شئ خارج السياق علي سبيل المثال لا الحصر ازمة اقتصادية حادة نتيجة لظروف معينة او هزيمة عسكرية حادة في العراق او فشل استخباراتي كبير لا يمكن تصوره او ظهور صدام حسين من جديد فان هذه الانتخابات الامريكية ستكون الاخيرة في تاريخ الولايات الامريكية. اي ان ايا من الاحتمالات السابقه او جزء منها او مجتمعة لن تكون له سوي نتيجة واحدة وهي ان جماهير اوباما ستخرج الي الشارع للمطالبه بما لم تستطيع تحقيقه عن طريق الانتخابات سواء كان ذلك بقبول الهزيمة لعسكرية وسحب القوات الامريكية التى هى خارج امريكا او غير ذلك من المطالب الاخري.
    ضمن هذا السياق سيكون السؤال كيف يمكن ان تتعامل حكومة الجمهوريين مع مثل هذا المد الشعبي الذي سوف يملا الشوارع خالقا نفسه ازمة جديدة داخليه وعميقة ومعمقا للازمة الاقتصادية اصلا وبهذا الشكل سوف يفتح الباب علي مصراعية في امريكا لتبدا مرحلة الحرب الاهليه التي تمنتها وساهمت فيها في عديد من الدول واولها وليس اخرها العراق وهكذا وكما يقال فان امريكا ومن جديد سوف تحصد ما زرعت طوال السنين الماضية ولكن هذه المرة سوف يقذف بها هذا الحصاد خارج التاريخ لتبدا مرحله جديدة تعيش فيها البشرية بصورة اكثر امنا وتوازنا*
    ].
    والآن إذا ما قام أي من القراء الكرام بشطب كلمة اوباما الواردة في هاتين الفقرتين مرتين وإستبدالها بكلمة كلينتون فلا شك ان أي من الناس سوف يجزم بأن هاتين الفقرتين قد كُتبتا بعد انتخاب الرئيس الامريكي القادم دولاند ترامب كما ان كثير من الناس سوف يعتبرون ان هاتين الفقرتين ربما يعبران عن الصراع والانقسام الحقيقي في المجتمع الامريكي الآن. ولكن الاجدر من ذلك كله أن توضع كلمة مايكل مور بدلا من اوباما او كلينتون لأن هذا الرجل هو الأقرب إلى تمثيل الجماهير المذكورة هنا والتي دعمت اوباما ومن بعده كلينتون في انتخابات الرئاسة الامريكية أضف إلى ذلك انه أي مايكل مور هو من يمكن ان يقود الصراع بالضد من هذه الجموعات البيضاء التي يمثلها ترامب كما انه الشخص الذي تحرى الدقة في وصف الرئيس الامريكي القادم الذي يترجم صعوده إلى قمة الهرم الامريكي الآن بؤس الوضع السياسي الاجتماعي والاقتصادي في امريكا حيث وصف مايكل مور هذا الرئيس القادم وبعد أن تنبأ له في مقال مهم بالنجاح في الانتخابات الامريكية والفوز برئاسه الولايات المتحد الامريكية بالاضافة إلى شرحه اسباب هذا الفوز, وصفه بالبائس, الجاهل, الخطر و المهرج بدوام جزئي والمعادي للمجتمع بدوام كامل. لاشك ان هذ الوصف يشكل قمة الوعي بإدراك السيد مور لخطورة الرئيس الامريكي القادم على المجتمع الامريكي ومدى الورطة التي سيضع هذا الرجل الولايات المتحدة الامريكية فيها. بيد أن تفكير مايكل مور لم يتجاوز حدود رؤيته لخطورة رئيس سيحكم امريكا متخبطا لاربعة سنوات ومن ثم يتم تجاوزه مثل ما تجاوز التاريخ اسلافه. لذلك نلاحظ ان مايكل مور نفسه ما فتئ يضع خططا ينصح فيها الامريكان لا سيما المجموعات التي اتفقنا بتمثيله لها باتباع بعض النقاط التي حددها حتى يتمكن الشعب الامريكي من التغلب على هذا الرئيس والحد من تأثير فترة حكمه السلبية على الولايات المتحدة الامريكية. بيد أننا نريد أن نؤكد هنا أنه ولنفس الاسباب والظروف التي جعلت كائنا من كان لم يستطع منع السيد ترامب من الفوز بالانتخابات الرئاسيه وكما تنبأ مايكل مور نفسه في مقاله آنف الذكر بذلك فإن ترامب الآن سوف يستمر في تخبطه وتوجهاته و ستفشل خطط مايكل مور او أي خطط اُخرى للتصدي له قبل فوات الاوان. هذا على مستوى إستمرار ترامب في تنفيذ برنامجه على الداخل الامريكي أما على مستوى صراعات امريكا الخارجية في فترة ترامب فبالرغم من ان ترامب سيُدخل بلاده في مهاترات دولية حمقاء فلاشك انه سيخوض حربا شرسة ضد ايران ستساهم هذه الحرب وبلاشك في تفكك ايران ولكنه في النهاية سيعاني من هزيمة عسكرية خارجية قاسية في العراق بالتوزان مع الظروف الداخلية البائسة المتمثلة في أزمة اقتصادية طاحنة واستياء شعبي امريكي يرتبط بمظاهرات واحتجاجات مصحوبة باعمال عنف في شوارع المدن الامريكية بالاضافة الى مطالبة بعض الولايات الامريكية بالانفصال. كل هذه الظروف مجتمعة مع بعض الامور الاخرى والتى ربما تكون خارج الحسبان ستؤدي في النهاية إلى انهيار تلك الدولة التي عآنى العالم من سياساتها كثيرا.
    ثالثا: المملكة العربية السعودية:
    المملكة العربية السعودية هي دولة عربية مهمة لاسباب معروفة للجميع ومنذ عامين توفرت لها قيادة جادة في العمل على تطوير مجتمعها وبصورة تواكب التحديات الاقتصادية والسياسية المعاصرة ومنذ وصولها للسلطة عمدت هذه القيادة ايضا إلى التصدي للرؤية الايرانية للمنطقة والمبنية على التمدد والاستيلاء عليها تدريجيا ضمن التصورات والاحلام الفارسية القديمة الجديدة. وهكذا وكخطوة اُولى انخرطت هذه القيادة السعودية في حرب اليمن في محاولة للحد من النفوذ الحوثي على حدودها الجنوبية بإلاضافة إلى انها كثفت جهودها من اجل دعم المعارضة السورية لإسقاط النظام الحليف لايران في سوريا. وبغض النظر عن نجاح وفشل هذه الجهود او ما ستؤول إليه حرب اليمن يظل التوقع العلمي والمنطقي الوحيد هو ان هذه الحرب ستستمر مابقيت ايران موجودة كدولة بشكلها الحالي أي بنظام حكمها الحالي ولن تستطيع أي جهود دولية كانت أم غيرها ايقاف هذه الحرب وذلك لسبب بسيط جدا وهو إن ايران لم تصدق ان هذه الحرب قد إنطلقت وعليه فقد عملت على حث حلفائها الحوثيين على الاستمرار فيها مهما قُدمت لهم من تنازلات واُعطيت لهم من ضمانات للمشاركة في العملية السياسية في اليمن ومهما كانت النتائج المترتبة على هذه الحرب, فالمهم هو استمرار الحرب في حد ذاتها الامر الذي سيحقق لايران ضمن ما يحقق إنهاك المملكة العربية السعودية اقتصاديا بإلاضافة إلى الحفاظ على الجبهة الجنوبية للمملكة العربية السعودية مشتعلة حتي تتمكن هي أي ايران من إشعال ماتيسر من جبهات اخرى لاسيما البحرين وفي الوقت الذي تراه مناسبا, حيث تعتقد ايران ان السعودية مشغولة بجبهة اليمن لن تتمكن من الدفاع عن الجبهات الاخري وخصوصا البحرين بالصورة المقتدرة المطلوبة الأمر الذي يمكنها أي ايران من المساومة على هذه الجبهات لاحقا وحسب مستوى اهميتها إليها.
    على اية حال فانه ومع فتح ماتستطيع فتحه ايران من جبهات والمؤكد منها جبهة البحرين مع احتمالات اقل للكويت وغيرها فلاشك ان القيادة السعودية ستظل متحزمة للعمل بجد للحفاظ على مصالحها الحيوية والتصدي للمشروع الايراني على حدودها المختلفة كما ستظل هذه القيادة وفي ذات الوقت تعمل على حماية مصالح شعبها الاقتصادية من محاولات الابتزاز التي ستتعرض لها من قبل حليفتها الولايات المتحدة الامريكية والمتمثلة في محاولة حكومة الجمهوريين الخروج من ازمتها الاقتصادية عن طريق نهب اموال السعودية والخليج العربي. كل هذه الامور مجتمعة ستمثل التحديات الرئيسية أمام القيادة السعودية في هذه المرحلة التي نتحدث عنها وهي امور غير خافية على هذه القيادة ومع هذا يبقى صمود المملكة العربية السعودية ونظامها الحالي مرهون بعاملين اساسيين اولهما هو تماسك النظام الملكي السعودي وتجنبه لأي صراعات حول السلطة يمكن ان تؤثر سلبيا على قدرة السعودية في التصدي للمخططات الايرانية ومحاولات الابتزار الامريكية وهذا امر سهل ومفهوم بالنسبة للقيادة السعودية. أما الامر الثاني وهو الاهم فهو قدرة السعودية على الانحياز لمصالح الشعب العربي في اللحظة التاريخية الحاسمة من الصراع العربي الامريكي والوقوف بالضد من الولايات المتحدة وبكل قوة وباستخدام ما تيسر من قدراتها وعلى رأسها النفظ كسلاح شبه حاسم في هذه المعركة الاخيرة.
    إن انحياز المملكة العربية السعودية لمصلحة القوى العربية الصاعدة ووقوفها بالضد من الولايات المتحده الامريكية والذي من شأنه أن يوحد الشعب العربي في السعودية مع قيادته, هذا الأمر سيكون الاختبار الحقيقي لحكمة وشجاعة القيادة السعودية حينها وهو ما نرجحه لأنه في الحالة الاخرى لاسامح الله فإن السعودية نفسها لن تكون بمأمن من مخاطر الانفلات الامني والتفكك التي تجتاح اجزاء من المنطقة.
    رابعا: ايران:
    إن ايران التي ارادت واُريد لها ان تعبث في هذه المنطقة وفي هذه المرحلة التاريخية كما تشاء اضحت ذات نفوذ قوي فى العراق وسوريا واليمن ولبنان والحبل على الجرار كما انه وبحسب الخطة الايرانية فانه مازالت لدي ايران اوراق اخري تريد ان ترمي بها في ساحة الصراع لاحقا. والخطه الايرانية معروفة للجميع فهي مبنية على التمدد الاقليمي في المنطقه العربية من خلال الاستفاده من الجماعات الشيعية والمذهبية الموالية لها في بعض الدول العربية ويلخصها الايرانيون فيما يطلقون عليه سياسة تصدير الثورة الاسلامية. فبإلاضافة الى تقوية قطاعات من هذه الجماعات المذهبية وتحويلها الى مليشيات بعد تمويلها وتسليحها لكي تكون اقوى من جيوش الدول التي تنتمي اليها فإن الخطة الايرانية تقوم ايضا على تقوية الجيش الايراني ليصبح قوة ردع كبيرة في المنطقة تستطيع ايران استخدامها لإخافه اعدائها بها دون خوض حرب مباشرة معهم واخيرا السعي للتسلح النووي متى سمحت الاوضاع الدولية حتي تكتمل الصورة لتصبح ايران القوى الاكبر بلا منازع في هذه المنطقة.
    بيد اننا نعتقد ان النظام الايراني الحالي يعاني من عقدة مهمة وهي عدم الدخول في الحرب المباشرة نتيجة فشله في الحرب العراقية الايرانية والتي اصر على استمرارها لمدة ثمانية سنوات لم يجن منها حينها غيرهزيمة قاسية تجرعها كالسم كما وصفها الخميني نفسه او ربما تكون هذه العقدة نتيجة لمسألة اُخرى لا نعرفها وتتعلق بطريقة التفكير الفارسية لذلك فان ايران ممثلة في نظامها الحالي تسعى للتمدد في المنطقه عن طريق ما يُسمى الحروب بالوكالة ودعم المليشيات الشيعية والمذهبية الاخرى الموالية لها, ولكنها غير مستعدة ولا تتحسب للدخول في أي حرب مباشرة مع أي جهة قوية وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية كما انها غيرمصدقه تماما بإن حرباً من هذا القبيل سوف تندلع وهي مستندة بالاضافة الى ما ذكر إلى قراءتها الخاصه للظروف التي تمر بها الولايات المتحدة الامريكية وكذلك الظروف المحيطة بالمنطقه والقوى الاقليمية الاُخرى.
    وإمعانا في لعبة حروب الوكالة التي استمرأتها ايران سوف تشعل قريبا جبهة البحرين على سبيل المثال لا الحصر وهي الآن غير مترددة في اشعال هذه الجبهة والتي كانت حتى الماضي القريب تمثل خطا احمر بالنسبه لها, اضف الى ذلك انها يمكن ان تدعم جماعات من المحتمل ان تهاجم الكويت كما انها أي ايران لن تتوان في الفترة القادمة في التحالف مع تنظيم الدوله الاسلامية بصورة مكشوفة او غير مكشوفة, هذا التحالف الذي سيزيدها غرورا وعنجهية على ماهي عليه باعتبارها الطرف الاقوى في المعادله الدولية والاقليمية في المنطقة مما حدا بهذا التنظيم اختيارها لتحالف ما. وهو بدوره أي تنظيم الدولة وكما هو معروف سوف يصعد من هجماته في المنطقة وعلى الغرب عموما ويمكن ان يضرب وبقوة حتى في الداخل الامريكي, وما خطاب البغدادي الاخير الذي دعا فيه اتباعه لضرب تركيا والسعودية الا رسالة إلى ايران لن تضل طريقها.
    بيد انه يبدو ان مقتل الدولة الفارسية سيكون وكما كان دائما في العراق. فبعد اعادة احتلاله من قبل الولايات المتحدة وبمجرد تغيير نظام حكمه الموالي لايران من حيث الشكل اوالمضمون ستدخل المليشيات الشيعية الموالية لايران وكما ذكرنا آنفا في صراع مسلح ودامي مع القوات الامريكية المتواجدة فيه وذلك الى الحد الذي سيجعل هذه القوات امام خيارين لا ثالث لهم, اما ان تفر بجلدها تاركة العراق والمنطقة برمتها لايران كمن يترك الجمل بما حمل حسب مايقول المثل او ان تدخل في حرب مباشرة معها وهو ما سوف يحدث. والجدير بالذكر هنا هو ان ايران وقبيل اندلاع المواجهة مع امريكا ستسعى جاهدة لايقاف الصراع المسلح بين المليشيات الشيعية الموالية لها والجيش الامريكي لكي تمنع المواجهة المسلحة المحتملة بينها وبين امريكا دون جدوى لان زمام الامور سيكون قد فلت من يدها وهكذا ستبدأ حرب امريكية جوية عنيفة على ايران ثم ستتطور الى شكل بري بصيغة او باُخري لان شهية الولايات المتحدة لاحتلال ايران ستنفتح عندما تنتفض جماعات المعارضة الايرانية وقومياتها المختلفة مع بداية هذه الحرب ويجب ان لاننسى ان ايران بلد نفطي ايضا. وهكذا ستعم الفوضى المنطقة بصورة اكبر بعد ان تتفكك الدوله الايرانية وستصبح المنطقة مفتوحة ابتداءاً من افغانستان التي ستعود إلى اجزاء مهمة منها حركة طالبان كما سيتمدد في اجزاء اخرى منها تنظيم الدولة مرورا بايران التي ستتصارع شعوبها ومن ثم العراق مشرع الابواب ومركز الصراع ثم سوريا المتقاسمة بين اطرافها المتصارعة ومن ثم لبنان والاردن اللذان سيدخلان هذا الصراع بلا شك ومن اوسع ابوابه وصولا الى فلسطين المحتلة.
    خامسا: المليشيات الشيعية والمذهبية الاخرى المرتبطة بإيران:
    هذه المليشيات المختلفة موجودة بصيغتها المسلحة المختلفة في كل البلاد التي تشكل المجموعات المذهبية الشيعية والطائفية الاُخرى جزء من تركيبتها السكانية كما تتحرك هذه المليشيات وتتنقل من هنا إلى هناك عابرة احيانا لحدود هذه الدولة او تلك حسب الدور المرسوم لها. وقبل الخوض في الحديث حول حركة هذه المليشيات يجب ان نؤكد على ان غالبية ابناء الشيعة العرب وبعض الطوائف المذهبية الاُخرى في الاقطار العربية المختلفة ليس سوى اُناس وطنيون ومسلمون عرب يحبون اوطانهم ودينهم ومستعدون للتضحية بالغالي والنفيس من اجل ذلك كما انهم يختلفون مع المنهج الايراني الذي يريد تمثيلهم والحديث نيابة عنهم واستغلال مذاهبهم وطوائفهم ومشاكلهم في ضرب هويتهم الوطنية والقومية العربية اضافة إلى ان هؤلاء قد تعايشوا مع اخوانهم العرب الاخرين من الطوائف الاُخري في هذه المنطقة بأبهى صور التعايش الوطني والقومي على مر التاريخ عدا الفترات التي تُغذي فيها القوى الخارجية النعرات الطائفية في المجتمعات العربية والتي هي ليست نعرات اصيلة بل مرض طارئ لعبت القوى الخارجية دائما الدور الرئيس في تغذيته كما وجدت فيه الدولة الايرانية الآن الحصان الذي يجب امتطائه للتمدد في المنطقة العربية. وهكذا ساهمت ايران مع قوى محلية مرتبطة بها وكذلك قوى وطنية محلية اخرى في تأسيس كم هائل من المليشيات اصبح من الصعب على المتابع التعرف على حقيقة ولاءاتها حيث تعددت هذه المليشيات وازدات كما ونوعا كما اصبح بعضها يظهر في بعض الاماكن بصوره مفاجئة كما سيحدث في البحرين وربما في الكويت واماكن اُخرى.
    والمعروف ايضا عن هذه المليشيات المذهبية المختلفة لاسيما العربية وغير ذات الاصول الفارسية منها غياب والدها عن الصراع لسبب او لآخر ومنذ فترة ربما لأن الحروب قد انهكته او ربما لأنه يجهز حاله لكي يعود ويقود الصراع من جديد للدفاع عن كل اليتامى والمساكين في هذه المنطقة مع العلم ان هنالك من يقول ان أبآها قد مات وشبع موتا وان اُمها فقط هي الموجودة الآن والتي هي ايران والتي تحاول ان تحسن تربيتها لتستعيد من خلالها امجادها الضائعة.
    وهكذا وبغض النظر عن الدور الذي ستلعبه هذه المليشيات او تلعبه الآن لمصلحة المشروع الايراني في المنطقة فانه بمجرد تفكك ايران فان هذه المليشيات ستصبح من الناحية الرسمية يتيمة الأب والاُم لذلك ستحزن هذه المليشيات حزناً ما بعده حزن لفقدان والدتها وسوف تعيش حاله من التخبط والاحباط المختلطين بالغضب ايضا بحيث انها أي المليشيات لن تستطيع استعادة توازنها من هذه الحالة إلا بعودة والدها الغائب الذي سوف تحتضنه بشده وتحارب معه بقوة منقطعة النظير ضمن اليتامى والمساكين الآخرين لإثبات ولائها لهذه المنطقة اولاً كما ان جزء منها سيكون دافعه الاساسي للقتال الانتقام من قاتل والدته والذي هو امريكا بصورة مباشرة واسرائيل بصورة غير مباشرة.
    سادسا: سوريا نظام الاسد:
    يمكن القول عن نظام الاسد انه ظل منذ احتلال الجولان في العام 1967 يتحدث عن عدم قدرته لمحاربته اسرائيل نتيجة فقدان التوازن العسكري والاستراتيجي بينه وبينها وان أي حرب مع اسرائيل في ظل عدم التوازن الحالي يمكن ان تضر اضرارا بالغا بسوريا وبشعبها وببنيتها التحيته ومن ثم تهديم مدنها لذلك اكتفى بما اسماه هو وحلفائه بالممانعة. بيد انه في حقيقة الامر لو كان هذا النظام قد خاض عشرين حربا ضد اسرائيل في هذه الفترة التي تجاوزت نصف القرن لما تشرد الشعب السوري وتضررت بنيته التحتية وتهدمت مُدنه مثلما يحدث في حرب هذا النظام الآن ضد ابناء شعبه ومعارضيه منهم. كما يمكن القول ايضا انه لو توفرت لهذا النظام إرادة قتال ضد مايسميه العدو الصهيوني وبمستوى واحد في المئه فقط من الإرادة التي يقاتل بها شعبه الآن لاستطاع ان يهزم اسرائيل او على الاقل ان يحرر ارضه المحتلة من قبلها. والغريب في الامر ان النظام السوري قد خلق له حلفاء لمحاربة معارضيه من ابناء شعبه يعتبرهم البعض اقوياء بيد اننا لا نستطيع ان نصنفهم كذلك الا اذا ما قارنا امكانياتهم العسكرية بامكانيات المعارضة السورية. على كل حال سوف يستمر هذا النظام في حكم ماتبقى من انقاض المدن السورية وبعض ممن هو مغلوب على أمره من ابناء شعبه بإلاضافة الى غالبية ابناء طائفته العلوية الكريمة لفترة من الزمن وبمساعدة حلفائه لاسيما الايرانيين والمليشيات المذهبية الاخرى, كما ستفشل كل محاولات التسوية بشأنه ولكنه سيسقط بعد فتره قليله من تفكك ايران ليذهب إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه وملطخا بجرائمه التي يندى لها جبين البشريه.
    سيسقط النظام السوري في خضم التغيرات السريعة التي ستشهدها المنطقة وبعد ان يتمدد تنظيم الدولة في سوريا بعد مغادرته للموصل والعراق في صيغته كجيش يحتل المدن العراقية وبعد ان يلجأ اليه أي تنظيم الدولة جزء كبير من مقاتلي الفصائل السورية المعارضة التي ستشعر باليأس والإحباط من خذلان المجتمع الدولي لها وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية واوربا بإلاضافة إلى تركيا.
    سابعا: روسيا:
    في منتصف يناير من العام 1991 قامت الولايات المتحدة الامريكية بتجميع تحالف دولي وشنت حربا مدمرة على العراق ولم يستطع حليف العراق حينها الاتحاد السوفيتي تقديم أي مساعدة له وقد توارى خلف عجزه باخذ حوالي اربعة مليار دولار من السعوديه كثمن لذلك العجز وفي نهاية مارس من العام 1999 قام حِلف الناتو بضرب صربيا او ما كان يسمي بالاتحاد اليوغوسلافي بقياده سلوبودان ميلوسوفيش في حين ان روسيا لم تستطع فعل أي شئ غير ان تتفرج على طائراته وهي تقصف هذا البلد وفي منتصف مارس من العام 2003 شنت الولايات المتحدة مع بعض من حلفائها حربا جائره اُخرى على العراق أدت إلى اسقاط نظامه واحتلاله وايضا لم تستطع روسيا عمل شئ لمساعدة العراق بخلاف بث الاشاعات الواهية وفي منتصف مارس ايضا لعام 2011 قام حلف الناتو مرة اخرى بشن حرب جوية ادت إلى مساعدة المعارضة الليبية على اسقاط نظام القذافي وكذلك كانت روسيا تتفرج على المشهد.
    كل هذه الانظمة الحليفة لروسيا التي اسقطها الغرب أمام مرأى اعينها دون ان تجرؤ على فعل شئ, تتمتع بقدر معقول من الشرعية بغض النظر عن حجم هذه الشرعية وتفاوتها من نظام إلى اخر ولكن النقطة الجوهرية هنا هي ان هذه الشرعيه مهما صغر حجمها عند هذا النظام او ذلك فهي اكبر من الشرعيه التي يتمتع بها النظام السوري الموروث بواسطة الإبن من الأب والذي انتفضت ضده غالبيه ابناء شعبه, والجدير بالذكر انه حتى المجازر التي ارتكبها الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك لايمكن مقارنتها بمجازر النظام السوري ضد ابناء شعبه ولو ان الغرب تدخل ايضا للمساعدة في اسقاط هذا النظام السوري نفسه لكان قد تفرج عليه الروس مثلما تفرجوا على الذين من قبله ولكنهم أي الروس وأمام تردد الغرب وتأمره على الشعب السوري ومعارضته تنمروا فجأة وجلبوا آلتهم العسكريه ليدكوا بها المدن السوريه على رؤوس قاطنيها من مدنيين ابرياء ومعارضين مسلحين. لا شك ان هذا الموقف الروسي والمتمثل في قتال المعارضة السورية المسلحة إلى جانب النظام السوري وبهذه العنترية الجوفاء مع التخلي عن حلفاء سابقين كالنظام العراقي والصربي والليبي يتمتعون بشرعيه افضل من شرعية الاسد وقاتلهم الغرب بصورة مباشرة, هذا الموقف يُعبر عن بلاهة وسذاجة التفكير الروسي في العالم وعقدة الضعف التي سيطرت عليه خلال فترة العشرين سنة الماضية والتي بدأت بإنهيار ما كان يسمى بالمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق, هذه العقدة التي ماتزال موجودة لديهم رغم محاولتهم أي الروس تناسيها في ظل انكشاف ضعف إدارة اوباما للأزمات في العالم كما سيتذكرها الروس جيدا بإدراكهم لحقيقة كونهم مازالوا نمراً من ورق حينما تشن الولايات المتحدة الامريكية الحرب على حليفتهم ايران وتسقط نظامها وأمام مرأى اعينهم مرة اُخرى ومع وجود جزء من قواتهم في سوريا القريبة من ايران وربما تكون لهم في تلك الفترة قاعدة عسكرية في ايران. في ذلك الوقت سيدرك الروس ضالة قدرِهم ووضاعته وسوف تخجل شعوبهم من تنمر نظامهم على الشعب السوري وجماعات معارضته المسلحة.
    على اية حال فإنه خلال الفترة القادمة وكما هو الحال الآن سنرى حدوث بعض الهجمات التاديبية التي تستهدف المصالح الروسية على مستوى العالم هنا وهناك الامر الذي سينهك الدولة الروسية. بيد ان الظروف ستوفر للروس مخرجا يعيد لهم جزء من هيبتهم المفقودة وبعض الرضى العربي النسبي والذي يتمنونه الآن بمحاولاتهم لتسوية القضية السورية دون جدوى وذلك حينما يتخذون موقفاً ايجابياً خلال معركة العرب النهائية ضد الولايات المتحدة الامريكية باطلاقهم بعض التصريحات التي تحذر امريكا من استخدام السلاح النووي في هذه المعركة الكبرى وبذلك يحسب الروس انفسهم مرة اخرى اصدقاء للعرب مع العلم ان الولايات المتحدة لن يكن اصلا في مقدورها استخدام هذا السلاح ولاسباب كثيرة.
    ثامنا: المعارضة السورية المسلحة:
    إن مشكلة المعارضة السورية الاساسية تكمن في اعتماد جزء من قياداتها على دعم الغرب وخصوصا الولايات المتحدة وكذلك بعض الدول الاقليمية وهو الامر الذي بدا فشله واضحا في معركة حلب وقبلها حمص وهو ما بدأ يفقدها مصداقيتها وقدرتها الذاتية على المبادرة وعلى هذا الاساس ستظل المعارضة السورية في المرحلة القادمة ضعيفة تتعامل بردود الافعال تجاه مبادرات القوى الغربية وروسيا والاقليمية الاُخرى الساعية لحل المشكلة السورية بالحفاظ على نظام الاسد, هذا من ناحيه ومن ناحيه اُخرى وكما ذكرنا سابقا فان جزء مهم من الشباب المقاتل في الفصائل السورية المعارضة سوف يذهب ليقاتل مع تنظيم الدولة إدراكا منه لعدم اعتماد هذا التنظيم على الدعم الغربى والخارجى ونكاية في المجتمع الدولي مضافا إلى ذلك تقدم التنظيم وتمدده في الجغرافية السورية مستقبلا وذلك بعد أن تفشل محاولات تحالف بعض قوى المعارضة السورية مع تركيا لمحاربته.
    تاسعا: البشمركة والمليشيات الكردية الاُخرى:
    إن جميع المليشيات الكردية في الدول التي يتواجد بها الاكراد سوى كانت في العراق او تركيا بالاضافة إلى ايران وسوريا يراودها الحلم الكردي في الدولة المستقلة وذلك امر معروف, كما ان اكثر القادة الاكراد اندفاعا لتحقيق هذا الحلم هو مسعود البارزاني . فهذا الرجل دأب ومنذ العام 2003 على العمل بجدية لاعلان استقلال اقليم كردستان العراق ليجعله قاعدة تستقطب الاجزاء الكردية الاخرى في دول الجوار متي ما سمحت الظروف لذلك ولكن قدَر السيد البارازنى هو انه كلما إعتقد ان اوان الانفصال من العراق قد حان تحدث امور سياسية تعطل له هذا المشروع كأنما هنالك قوى خفية تريد دائما ان تقول له ان حلمه هذا ما زال بعيد المنال ان لم يكن مستحيلا.
    لا شك ان المليشيات الكرديه العراقية او البشمركة وكذلك المليشيات الكردية الاخرى لاسيما السورية منها ستظل في حالة حرب مستمرة تارة مع تنظيم الدولة وتارة اخرى مع المليشيات الشيعية وتارة مع تركيا والنظام السوري والايراني إلى ان يتبدد حلم البارازني في الانفصال عن العراق بعد ان يستعيد العراق عافيته. والجدير بالذكر انه حتي في حاله سقوط النظام الايراني والسوري وتفكك ايران فان أي من هذه الجماعات الكردية سواء كانت في ايران او في سوريا لن تتمكن من اقامة دولة لها مقومات الاستمرار وإنما فقط جيوب كردية صغيرة ستتلاشى مع بداية ايران للملمة جراحها.
    عاشرا: الدول العربية في افريقيا:
    تكمن أهمية الدول العربية في شمال افريقيا في تمتع بعض دولها بالنفط بالاضافة إلى انها تطل على سواحل المتوسط الأمر الذي يؤهلها للعب دور ما في أي صراع عالمي يكون العرب أحد اطرافه. ولكنها ستظل تعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي لاسيما ليبيا التي ستتصارع المليشيات المحلية على السلطة فيها كما يحدث الآن مع عيون الدول الاوربية عليها تارة من الضفة الاُخرى للمتوسط وتارة بالتدخل المباشر لدعم طرف على حساب طرف آخر ولكنها أي دول شمال افريقيا ستشكل مرتعا خصبا للقوى الاسلامية الجهادية التي تحاول أن تأخذ مكان قوى الاسلام السياسي فيها كما ستكون جزء مهما من تركيبتها السياسية في الفترة القادمة وهو امر سيلعب دورا ما في المستقبل في صراع العرب مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية.
    بيد ان السودان والدول العربية الاُخرى في القرن الافريقي وبالرغم من اهميتها الاستراتيجية نتيجة لسواحلها المطلة على البحر الاحمر وعُمقها الإفريقي إلا ان ظروف هذه الدول السياسية المهترئة لن تمكنها في هذه المرحلة ان تلعب دورا مهما في هذا الصراع بيد ان دورها وفي كل الاحوال لن يكون سلبيا في هذه المعركة كمصر السيسي او مصر المتناقضة التي تلفها الازمات وكذلك عدم الاستقرار الاقتصادي والامني مع المحاوله البائسة لرئيسها لكي يُمنى بصداقة الرئيس الامريكى القادم. وسيظل دورها أي مصر هامشيا وانتهازيا معاديا للجماهير العربية وخصوصا الفلسطينية. هذا كله سيؤدي في النهاية إلى سقوط النظام المصري الحالي ومع نهاية الصراع خصوصا في حالة اصطفافه في المعركة الاخيرة مع اعداء العرب وهو الأمر المرجح.

    حادي عشر: تركيا:
    لاشك ان لتركيا بعض من اطماع في المنطقة العربية لاسيما الاراضي العربية القربية منها وخصوصا التي كان لتركيا سلطان عليها في فترة الحكم التركي العثماني . بيد ان هنالك اختلافا جذريا بين تركيا وايران في التعامل مع العرب فتركيا لاتكره العرب ولاتحقد عليهم مثل ايران وذلك ربما لان تركيا حكمت العرب في السابق بعكس ايران التي ذاقت الهزائم على يد العرب في التاريخ السابق والحالي.
    ستعاني تركيا في الفترة القادمة من التخبط في المواقف اكثر من أي وقت مضى وبالدرجة التي تجعلها غير قادرة على التمييز بين اعدائها واصدقائها الامر الذي يجعلها تبدل مواقفها وتحالفاتها بين الحين والحين ولذلك ستظل تعاني من عدم الاستقرار بصورة عامة مع محاولاتها الدؤوبة بلعب اداور وهمية في كل من سوريا والعراق. اضف إلى ذلك ان تركيا ستظل تقاتل الاكراد على حدودها مع العراق و سوريا من ناحية وتبحث عن الاستقرار السياسي من ناحية اُخري مع تبدد حُلمها في دخول الاتحاد الاوربي وضعف دورها الاقليمي في المنطقة الامر الذي سيساهم في النهاية في ان تصبح اكثر انكفائة حول ذاتها هذا اذا ما استطاعت ان تحافظ على حدودها كدولة موحدة.
    ثاني عشر: دول الخليج العربي:
    في حديثنا عن دول الخليج سنخصص نصيب الاسد للبحرين مع التطرق قليلا للكويت. اذا بدأنا بسلطنة عمان ستتعثر فيها الاوضاع قليلا لاسيما قبيل تفكك الدولة الايرانية حيث يعود اليها الاستقرار بعد ذلك, فيما ستنعم الامارات بالاستقرار النسبي بالرغم من تعرضها لبعض الاعمال الانتقامية والتاديبية من قبل تنظيم الدولة الاسلامية, بيد ان قطر تكاد تكون الدولة الخليجية الوحيدة في هذه المنطقة التي سوف تنعم بنوع من الاستقرار وذلك نتيجة لمواقفها المنحازة لهموم وقضايا المنطقة وكذلك لصواب رؤيتها النسبي تجاه هذه القضايا بالاضافة إلى تجنبها الدخول في المواقف العدائية غير المحسوبة مع اطراف الصراع المختلفة ما لم يكن دافعها لذلك موضوعيا الامر الذي يعطيها قدر من المصداقية النسبية يساهم في جعلها مرضيا عليها نوعا ما من غالبية الجماهير العربية المنخرطة في الصراع وغير المنخرطة فيه ومن ناحية اخرى من قبل الطرف العربي المنتصر في نهاية الصراع.
    وعلى عكس قطر ستفشل الكويت في تأمين نفسها من لهيب الصراع بحكم موقعها المجاور لثلاث دول تعتبر من اهم اطراف الصراع وهي العراق وايران والسعودية وكذلك بحكم الدور التاريخي السلبي الذي لعبته تجاه العراق والمتمثل بكونها كانت رأس حربة الاحتلال الامريكي له وعليه ستكون الكويت عرضة لتحالف شيعي ايراني عراقي غير مفهوم ساعي للتدخل في شئونها الداخلية وادخالها في الصراع لاشغال السعودية بجبهة اُخرى الأمر الذي سيعكر الاجواء فيها ويمنعها من الاستقرار وربما يعصف في النهاية بكيانها كدولة.
    اما البحرين والتي ستكون موضع صراع ايراني سعودي ستشهد حرب شوارع تعصف باستقرارها لتستمر هذه الحرب بالتزامن مع حروب المنطقة الاُخرى في اليمن وسوريا والعراق وغيرها ولن تتوقف إلا بتفكك ايران ايضا. وقبل الاسترسال في بقية ما نود طرحه دعونا نعرج على نقطة نعتقد انها مهمة وهي تساؤل البعض عن الكيفية التي نتوصل بها إلى هكذا استنتاجات وتوقعات وهل هذه الكيفية مبنية على ما يسمى بخبط عشواء من خيال وتخمين او نمط رغبوي ام على تحليل علمي وموضوعي للصراع في هذه المنطقة. ولاننا قد نوهنا منذ البداية الى ان الحديث عن تفاصيل الصراع وبالتالي طرق اثبات هذه الاستناجات يحتاج الى اكثر من كتاب نتيجة تشعب مواضيع الصراع وكثرتها فسوف ناخذ مثالا واحدا وهو البحرين لكي نشرح للقارئ الكريم الطريقة التي نقرأ ونستنتج من خلالها الاحداث مع تفادينا للاسترسال في موضوع البحرين نفسه.
    لنقول انه وفي التاريخ الحديث مافتئت بعض القطاعات من جماهير البحرين بين الحين الحين الخروج إلى الشارع للتعبير عن الاحتجاج وطرحها لبعض المطاليب السياسية التي تصل احيانا إلى أعلى سقف وهو إسقاط النظام لاسيما عندما ترتبط هذه الاحتجاجات بالتوجهات الايرانية الامر الذي كان يتطلب دائما جهوزية قوات درع الجزيرة لحماية نظام البحرين.
    ومع بزوغ ما اُطلق عليه الربيع العربي عمدت قيادات المعارضة البحرينية في 14 فبراير من العام 2011 إلى دفع جماهير البحرين المحتجة في الشوارع في محاكاة لانتفاضات الجماهير في الاقطار العربية الاُخرى الى دفعها للمطالبة باسقاط النظام وتصعيد الاحتجاجات لتشمل احتلال الميادين وقطع الطرق وغيرها الأمر الذي أدى الى تدخل قوات درع الجزيرة لفض الاحتجاجات وتأمين استمرارية النظام في البحرين.
    الجدير بالذكر هنا هو انه قبيل اندلاع الربيع العربي كانت المعارضة الشيعية البحرينية لا سيما جمعية الوفاق الوطني الاسلامية تتمتع بحقوق لابأس بها اضف إلى ذلك انها كانت ممثلة في البرلمان البحريني بحوالي ثمانية عشر نائبا وذلك بعد مشاركتها في العملية السياسية في البحرين حيث اضحت تخوض الانتخابات البحرينية منذ العام 2006. اضف الى ذلك ايضا ان الحكومة البحرينية وحتى بعد قيام الاحتجاجات في فبراير 2011 كانت على استعداد تام للدخول في حوار جاد مع المعارضة وتلبية بعض مطاليب المعارضة وتقديم المزيد من التنازلات لصالح هذه المنظمة السياسة المعارضة. إلا ان هذه المنظمة غيرت خطها المشارك في الحكومة وكونت وفي محاكاة للحراك المصري حينها واجهات لها كحركة 14 فبراير وائتلاف ثورة 14 فبراير وغيرها واستدارت رأسا على عقب على مشاركتها في العملية السياسية وأمرت اعضائها بتصعيد الاحتجاج وجعل اسقاط النظام هدفها المنشود. وهكذا تم القضاء على الاحتجاجات مع فقدان حركة الوفاق الوطني لغالبية المكتسبات التي تمتعت بها سابقا لقاء مشاركتها في العملية السياسية البحرينية لاسيما بعد مغادرة نوابها البرلمان ومن ثم محاكمة زعيمها وسجنه لاحقا.
    يبقى السؤال المركزي هنا هو كيف غامرت هذه الحركة أثناء الاحتجاجات وبكل مكتسباتها بإصرارها على اسقاط النظام مع إدراكها لصعوبة الوصول إلى هدف من هذا النوع عن طريق المظاهرات السلمية لقطاع جماهيري يمثل جزء من احدى طوائف المجتمع البحريني ؟ الاجابة بسيطة وهي ان هذه الحركة لابد ان تكون قد تلقت اوامر من ايران بتصعيد الاحتجاجات حتى إسقاط النظام وقطع الطريق أمام أي حوار مع النظام هذا من ناحية ومن ناحية اخرى لابد ان تكون في الوقت نفسه قد تلقت وعود بالحماية من ايران في حال اذا ما تعرضت هذه الاحتجاجات للقمع وهو الامر الذي لم يحدث عندما تدخلت قوات درع الجزيرة.
    وهكذا وبعد دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين تبخر أمل قواعد الاحتجاجات في البحرين في أي مساعده ايرانية مباشرة كانت تتوقعها في حين ان ايران كانت قد حققت الهدف المنشود وهو اقناع الشارع البحريني المعارض بعدم جدوى الاحتجاجات السلمية وبناءاً عليه فإن قيادات المعارضة الشيعية إستوعبت الخطة الايرانية ولو لاحقا وبالتالي طورت خططها منذ ذلك العام أي 2011 على اساس ان إسقاط النظام لا يتم إلا عبر السلاح وعمدت منذ ذلك الوقت وبمساعدة ايران تدريب شبابها على السلاح للانقضاض على السلطة في الظروف التى ستعتقد انها مواتية أي تريد ان تدعي بمحاكاة النموذج السوري او الليبي حيث تحولت الاحتجاجات السلميه في سوريا وليبيا الى انتفاضات مسلحة مع فقدان الأمل في تغير هذه الانظمة بشكل سلمي.
    وهكذا نستطيع أن نستنتج إن ايران قد دأبت ومنذ نهاية فبراير2011 على تسليح وتدريب شباب المعارضة البحرينية المرتبطة بها عن طريق نقلهم إلى ايران والعراق ومناطق حزب الله في لبنان لتدربيهم واخيرا دمج البعض منهم مع المليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا لإكتساب االتجربة هذا من ناحية ومن ناحية اُخري تهريب ماتيسر من سلاح إلى البحرين واخفاءه لحين استخدامه في الوقت المناسب. وعليه فإنه اذا ما صح هذا التحليل فإن الوضع الآن في البحرين يمكن تشبيهه بالنار التي هي تحت الرماد ويمكن القول لدعم هذا التصور انه عندما يصرح نائب مسؤول الحرس الثوري الايراني بأن البحرين ستحقق امانيها قريبا فلا شك ان مثل هذا التصريح ليس مبنيا على تحليل او استنتاج كما نكتب نحن وإنما على معلومات موثقة عن عدد من استطاعت ايران تدربيهم وكميه السلاح التى تم تهريبها وغيرها من مستلزمات الصراع المسلح في البحرين والذى يعتقد او يكاد يجزم هذا المسؤول بانه سوف ينتهي باستيلاء المعارضة البحرينية على السلطة في هذه البلاد.

    ثالث: عشر اليمن:
    هذه الدولة والتي اجتهد أهلُها في الربيع العربي كثيرا حيث استمر حراكهم سلميا لأشهر طويلة بالرغم من ان شعبها من الشعوب التي تمتلك السلاح في المنطقة تدفع الآن ثمنا غاليا بتحول الصراع فيها إلى صراع مسلح ومعقد بعد ان دخلت ضمن الاستراتيجية الايرانية لاسيما في صراعها مع السعودية بعد ان كانت في السابق ساحة لصراع الامريكان مع تنظيم القاعدة.
    وكما تطرقنا إلى ذلك فإن الحرب الدائرة الآن في اليمن ستستمر لفترة من الزمن ولحين المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة الامريكية وايران. ومع بدأ هذه المواجهة ستحاول القوى الحليفة لايران في اليمن استخدام سواحل اليمن في التصدي للقطع البحرية الامريكية المارة بِباب المندب دون ان تفلح في ذلك ولكن هذه القوى اليمنية المسلحة نفسها بما فيها بعض الذين يدينون بالولاء للرئيس السابق ستفلح في لعب دور بحري مهم في معركة العرب الاخيرة وذلك بعد انهيار ايران وعودة الامور إلى نصابها. بيد ان الطريف في الأمر ان رئيس اليمن السابق حليف الحوثيين الآن سيحاول التملص من تحالفه معهم والاستدارة عليهم والذهاب مرة اُخرى للمملكة العربية السعودية يستجدي مساندتها في مشهد يدعو للسخرية سيعصف بمستقبله السياسي هو وابنائه في اليمن وإلى الابد.

    رابع: عشر تنظيم الدولة الاسلامية:
    يكذب من يدعي انه يستطيع الحديث والتنبؤ بماهية وأهداف وقيادات تنظيم الدولة اوحركته وكيفية إدارته للحروب وكذلك كيفية حصوله على الاسلحة بالرغم من ان تنظيم الدوله يعتبر اللاعب الرئيسي في هذه المنطقة اضف الى ذلك ان كل القوى المذكورة في هذا المقال تقاتل او تدعي انها تقاتل هذا التنظيم. وعليه نسطيع ان نقول انه اذا كانت كل هذه القوى التي تقاتل هذا التنظيم وبكل ما هو متاح لها من امكانات استخباراتية وعسكرية وتكنولوجية وغيرها لا تعرفه بصورة جيدة ولايمكنها التنبؤ بحركته كما انها جميعا لم تستطيع هزيمته حتى الان فكيف يمكن لشخص مثلنا ان يدعي الحديث عن هذا التنظيم. فاذا اخذنا اقرب معركة له في الموصل كمثال نجد ان الذين يقاتلونه هناك يقولون للناس تارة ان معركتهم معه ستاخذ شهرين وتارة عامين وتارة اُخرى ستة اشهر وهكذا دواليك وفي معركة الباب السورية الحالية ايضا والتي تصور الاتراك انها ستكون أهون من معركة جرابلس والتي استمرت ساعات يعجز الجيش التركي عن مواجهته لأسابيع فيَطلُب من الامريكان والروس معا المساعدة, وفي معاركه الاُخرى تجده احيانا يصمد لمدة لاتتجاوز يوم او يومين ثم ينسحب واحيانا يقاتل بلاهوادة لاشهر وتجده تارة يتمدد وتارة ينكمش وتجده احيانا يتجه من الشمال نحو الجنوب فيتحسَب له الناس في بغداد وفجاءةً يغير اتجاهه من الجنوب نحو الشمال ليرعب اهالي اربيل وسهل نينوى وهكذا. وعلى هذا الاساس كل مايمكن ان يقال عن هذا التنظيم هو انه يجب ان يتوقع الناس أي شئ منه وكل ماتم التطرق له عنه وعلى قلته في هذا المقال من انكماش هنا او تمدد هناك ليست إلا مجرد استناجات لايمكن ان تخرج من نطاق التكهنات البتة.
    خامس عشر: الدول الاوربية:
    الدول الاوربية ستظل ترواح مكانها تتعامل مع احداث المنطقة حسب مصالحها وبإنتهازيتها المعروفة. ولكي نفهم السلوك الانتهازي للدول الاوربية وعلى وجه الخصوص مواقفها الاخيرة من المنطقة علينا ان ننظر كيف تعاملت الدول الاوربية الرئيسية مع الانتفاضات العربية التي اُطلق عليها اسم الربيع العربي. فعندما حدثت الانتفاضة التونسية تعاملت معها الدول الاوربية كمظاهرات عادية سيتم قمعها من قبل النظام التونسي وسوف ينتهي الامر هكذا ولذلك أرسلت فرنسا ولإبراز تضامنها مع نظام بن علي مساعداتها إلى تونس والمتمثلة في اجهزة قمع المظاهرات من غازات مسيلة للدموع وغيرها ولكن وخلافا لكل التوقعات أجبرت الانتفاضة التونسية وموقف الجيش التونسي بن علي على ترك البلاد الامر الذي فتح شهية الشعب المصري حيث تصاعدت إنتفاضته ضد نظام مبارك فكان لابد للموقف الاوربي العفوي الداعم لبن علي ان يتحول إلى موقف حذر أشبه بالمحايد وعندما تنحى مبارك مفاجئا الكثيرين ايضا خرجت الجماهير العربية في اقطار عربية اُخرى كليبيا واليمن والبحرين وسوريا وهكذا توصلت الدول الاوربية إلى ان مايحدث في المنطقة العربية ليس سوى انتفاضات جماهيرية عارمة لن تستطيع الانظمة العربية مجابهتها وانه لابد من ركوب هذه الموجة لجني ثمار مرحلة مابعد التغيير لكي لاتغرقها هذه الموجة وهي ملطخة بمواقفها المتخاذلة من الجماهير العربية وانتفاضاتها المتصاعدة لإسقاط هذه الانظمة المهترئة, لذلك عندما تطورت الانتفاضة الليبية الى حركة مسلحة تطرفت الدول الاوربية في مساندتها لها وشنت الحرب على القذافي إلى ان اُسقط نظامه مع العلم انه كان أي القذافي من اكبر حلفاء ايطاليا التي كانت بعض مؤسساتها توفر العشرات من جميلاتها له لكي يلقي عليهن المحاضرات وفرنسا التي دعم الحملة الانتخابية لرئيسها حينذاك ساركوزي وبملايين الدولارات وبيريطانيا التي كانت اعرق مؤسساتها التعليمية توزع الدرجات العلمية على ابنائه. ولَما كانت عملية اسقاط القذافي الذي قرر الحفاظ على سلطته بأي ثمن قد طالت قليلا فقد تمت عملية مراجعة من قبل الدول الاوربية للتعرف على مايجري في المنطقة العربية بصورة متأنية خصوصا مع وصول الاطراف في اليمن إلى تسوية ابقت على النظام اليمني كما تم قمع حركة البحرين في مهدها قبل ان تتطور. في هذا الوقت أدركت الدول الاوربية ان رد فعلها تجاه نظام القذافي وإسقاطه كان موقفا متسرعا وغير مدروساً ومنطلقاً من انتهازية ركوب الموجة في هذه الدولة النفطية المطلة على سواحل اوربا من الجانب الاخر للمتوسط والمغطى حينها بالخوف على اهل بنغازي مما سوف يتعرضون له من مجازر سترتكبها دبابات القذافى. هذه المراجعة المتأنية لما يحدث في المنطقة العربية هي التي بُنيت على اساسها مواقف الدول الاوربية من الانتفاضة السورية السلمية اولا ولاحقا المسلحة بالرغم من ان الانتفاضة السورية اعمق من كل الانتفاضات التي حدثت في المنطقة العربية كما ان ماتعرضت له المدن السورية من قبل نظام الاسد والروس بعد ذلك يفوق عشرات بل مئات المرات مماكانت سوف تتعرض له مدينة بنغازي الليبية على يد الجيش الليبي وهاهي الدول الاوربية تتفرج على حرب الاسد وحلفائه على ابناء شعبه لاكثر من خمس سنوات متتالية. وعلى هذا الاساس ستظل اوربا لاسيما دولها الرئيسية بريطانيا وفرنسا تمارس مواقفها الانتهازية والمبنية على مصالحها الضيقة مركزه جُل جهدها فيما تسميه محاربة الارهاب الامر الذي جعلها وسيجعلها موضع استهداف مستمر من قبل المتطرفين من ابناء بلدانها من الاقليات والمجموعات السكانية ذات الاصول غير الاوربية حيث يمنعها الجهل والغرور أي اوربا من الالتفات إلى معالجة الجذور الرئيسة للتطرف في مجتمعاتها, والمتمثل اهمها في العنصرية ومعاداة الاجانب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان هاتين الدولتين ستحاولان وامعانا في السلوك الانتهازي السطو على مناطق النفوذ التقليدي للولايات المتحدة الامريكية في الخليج وفي اماكن اخرى الامر الذي سيخلق نوع من المنافسة بينهما وبين امريكا ستتحول هذه المنافسة تدريجيا الى خلافات سياسية وتباعد اوربي امريكي سيلعب في نهاية الأمر دورا في عزل الولايات المتحدة الامريكية عن العالم نسبيا لاسيما مع عنجهية الرئيس الامريكي القادم الامر الذي سيساهم في نهاية الامر في ابعاد الاوربيين نسبيا ايضا عن الامريكان في معركتهم الاخيرة ضد العرب. وهكذا ونتيجة المصالح ايضا ستتخلى الدول الاوربية رويدا رويدا عن اسرائيل, كما ستعاني هذه الدول من الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة في بلدانها مع ازياد اسعار النفط الامر الذي سيفاقم من ازمتها الاقتصادية كما ستدخل أي الدول الاوربية مرحلة اختلاف وتشرذم وستجتاح بعضها لاسيما بريطانيا موجة تفكك واحتجاجات شعبية الامر الذي سيجعلها في موضع المدافع عن مكتسباتها السابقة بعد ان تفقد زمام المبادرة في خضم التحولات السريعة التي ستجري من حولها بما ينبئ بتشكل عالم جديد تصعد فيه قوى اُخرى غير القوى التي سيطرت على المشهد في النصف الاخير من القرن العشرين او على الاقل يتضائل فيه الدور الاوربي.
    سادس عشر: فلسطين المحتلة والكيان الاسرائيلي:
    ستظل حركات المقاومة الفلسطينية في بداية هذه الفترة محل حديثنا تعيش حالة من الركود كالحالة التي تعيشها القضية الفلسطينية الآن ولكن سيختلف الامر مع نهايات هذه الفترة حيث ستبدأ عمليات عنيفة وتفجيرات قاسية داخل الكيان الاسرائيلي المغتصب لارض فلسطين وسترجع القضية الفلسطسنية إلى واجهة الاحداث في المنطقة وستظل مشتعلة بما يمكن تشبيهه بالقصف التمهيدي إلى ان تبدا مرحلة تحرير الارض الفلسطينية والتي ستشارك فيها حركات المقاومة الفلسطينية جميعها وبلا استثناء وبكل ما اُوتيت من إمكانيات.
    وهكذا وبنهاية الفترة التي نتحدث عنها ستدخل الدولة العبرية والتي هي ليست اكثر من كيان مسخ اُفتعل بتضافر الدول الغربية التي تحكمت في العالم في القرن المنصرم, ستدخل في المأزق التاريخي عندما يهب العرب المؤمنين الاوفياء لعهودهم ويأتون من كل حدب وصوب للجهاد ومعهم مجاهدون آخرون هذه المرة من اجل تحرير فلسطين وستنطلق حرب العرب المقدسة صوب القدس الشريف والتي لن تستطيع الألاعيب الغربية وغيرها من اساليب التحايل ومهما طرقت من ابواب كما لن تفلح مسالك الحذق جميعها الإلتفاف عليها لإجهاضها. وهكذا سينتهي هذا الكيان الهزيل الذي زُرع ونُفخ في قلب المنطقة العربية تعبيرا عن الحقد الدفين على هذه المنطقة واهلها اصحاب الرسالات وبناة الحضارات بعد ان كَلف اقتلاعه التضحيات الجسام.
    الخاتمــــــــــــــــــــة:
    خلاصة هذا المقال هي ان الفترة القادمة ستشهد إستمراراً للصراع الدامي والمرير الذي فقد فيه كما سيفقد الكثير من أبناء هذه المنطقة ارواحهم الطاهرة وممتلكاتهم وفلذات اكبادهم لتضاف إلى ما سبق من تضحيات غالية بَذلها الناس في هذه الارض الطاهرة وعلى مر التاريخ لإحقاق الحق وزهق الباطل ولكنه أي الصراع سيُحسم وستكون نتيجته هزيمة اعداء العرب جميعا اقليمين كانوا كإيران و دوليين كأمريكا بالإضافة إلى هزيمة اسرائيل وطردها من هذه المنطقة بعد تحرير الارض العربية التي اغتصبتها في غفلة من التاريخ والتي سيرسل لها العرب جيشا اوله في بغداد وآخره عند حافات القدس والمدن الفلسطينية الاُخرى, جيشاً سترتعد له فرائص الصهائنة المعتدين فيفر منهم من يفر ويبقى من يريد العيش آمنا وسط أصحابها الاُصلاء وسيبدأ عهد جديد لصعود العرب من اجل التعاون والتوحد للمساهمة الحضارية في عالم مُنصف تسوده قيم اخلاقية حميدة تتشكل مع إنحسار قيم الاستغلال التي انتجتها الحضارة التي هيمنت على العالم في الفترة السابقة كما سيذكر التاريخ جميع الابطال من اصحاب العناوين المختلفة ومن ليس لهم عناوين من الناس العاديين الذين قاوموا الشر بكل ما إمتلكوا من إيمان وساهموا في هذا النصر المبين وضعوا اللبنات الواحدة تلو الاُخرى في طريقه الشاق والطويل المعبد بدماء الشهداء من الاعَلام والجنود المجهولين والله ولي التوفيق. [بدوي محمد بدوي]
    هوامش:
    ______________________
    * مقال سابق (للكاتب) نشر بتاريخ 12 مايو 2008م بشبكة البصرة.






    (عدل بواسطة نصر الدين عثمان on 01-15-2017, 12:59 PM)
    (عدل بواسطة نصر الدين عثمان on 01-16-2017, 08:13 AM)
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de