|
الفضيحة في دبي أيها الإمام المبجل بقلم كمال الهِدي
|
تأمُلات
mailto:[email protected]@hotmail.com
· مع كل صباح جديد يتأكد لي أن البعض يهيمون في وادِ غير وادينا. · قرأت بالأمس أن خطيب مسجد الخرطوم الكبير كمال رزق المعروف بخطبه الجدلية قال " مافي دولة محترمة شوارعها مليانة كراسي بائعات شاي.. دي فضيحة وينبغي على النسوة أن يدخلن المساكن وإيجاد عمل بديل لهن". · أولاً أقول للإمام الجليل لو كان بلدنا يعرف معنى الاحترام حقيقة لما احتاجت أي من نساء يعشن في دولة المشروع الحضاري للكد والكدح من أجل توفير لقمة شريفة لصغارهن. · وأنت لا شك تعلم أيها الخطيب الأريب أن سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) قال " لو أن بغلة عثرت في العراق لسألني الله عنها لما لم تمهد لها الطريق). · هذا الخليفة الراشد والرجل العادل يخاف من أن يسأله الله عن بهيمة لو أنها وقعت في حفرة أو مطب. · وأنتم يا رجال الدين السودانيين لا مانع عندكم من أن يُقطع عيش آلاف الأسر ويتوقف علاج وتعليم عشرات الآلاف من الصغار الذين تعولهم نساء لم يجدن في دولة المشروع الحضاري من يعينهن فالتقطن الكانون وتحملن الحر والهجير في سبيل تربية صغارهن. · ليس كل من يبعن الشاي في شوارع الخرطوم فاجرات كما تفترض. · فهناك الكثير جداً منهن اجبرتهن الظروف وجور الحكام وكثرة لصوص المال العام على ممارسة هذه المهنة الشريفة. · لو أنك تساءلت عن كثرة العاملات في هذه المهنة من الجنسيات الأخرى اللائي ضايقن من يحتاجن حقيقة لممارسة هذا العمل لحلحلة بعض مشاكل أسرهن المادية، لقبلنا منك الطرح على مضض. · لكن المحير فيكم أنكم لا تخاطبون الناس في جوهر المشكلة مباشرة ، بل تحومون دوماً حول نتائجها. · المشكلة الحقيقية هي أن غالبية الأسر السودانية لم تعد قادرة على توفير لقمة عيشها حتى إن عمل جميع أفرادها. · والمشكلة الأكبر أن أموال الزكاة وعائدات الجبايات التي تؤخذ عنوة منا جميعاً لا تذهب للشرائح التي تستحقها في هذا البلد الذي ظُلم أهله ظلم الحسن والحسين. · فالخطب العصماء يفترض أن توجه لأهل السلطة بسؤالهم عما دفع هؤلاء النساء وغيرهم للبحث عن لقمة العيش في الشارع. · قلت أنك لو تساءلت عن كثرة العاملات في هذه المهنة من الجنسيات الأخرى لقبلنا منك ذلك على مضض، لأنك تتغافل أو تتجاهل أو تضرب طناش تجاه الفضائح الحقيقية، وما أكثرها لتقول لنا أن امتلاء شوارع المدينة بكراسي بائعات الشاي فضيحة. · وإن أردت أن نعدد لك بعضاً من هذه الفضائح فلا مانع أيها الإمام الجليل عسى ولعل أن تشير لبعضها في أول خطبة جمعة قادمة. · الفضيحة في أن تدخل البلد المخدرات من كل صوب دون أن يكون هناك تحرك جاد لوقف هذا الوباء الذي يتهدد شبابنا. · الفضيحة في أن يتراقص الأولاد كما البنات تماماً أمام أعين الآباء والأمهات دون أن يكون هناك شجب من القائمين على أمر المواطنين. · الفضيحة في أن يتصارع المسئولون حول ثروة البلد وينهبون ويتغطرسون ويظلمون في بلد يرفع شعار الإسلام. · الفضيحة في أن تحتفي العديد من وسائل إعلامنا المرئية والمقروءة بتوافه الأمور وتساهم بشكل واضح في نشر الرذيلة بين الناس. · إذ كيف تبث بعضها وتنشر على الملأ مغنية وهي تقبل مطرباً شاباً، ليأتي هو بكل بجاحة ويقول أنها مثل أمه أو اخته الكبيرة؟! · وهل يوجد في ديننا شيئاً كهذا! أي أن تقبل من هي في عمر الأم أو الأخت الكبيرة شاباً غريباً عليها؟! · الفضيحة في أن تتبرج الفتيات أمام مرأى الجميع وتحتفل بعض وسائل إعلامنا بذلك باعتبارها داعمة للحريات الشخصية. · الفضيحة في أن تتفسخ بعض الأسر وتتخلى عن قيم وتعاليم ديننا الحنيف وقيمنا الأصيلة والبعض سعداء أيما سعادة بذلك. · الفضيحة في أن يسكننا جميعاً الوجع والألم دون أن يعبأ بذلك ولاة الأمر. · أما أكبر الفضائح وأشدها قسوة على نفوسنا فهو ما جرى ويجري في دبي وبعض مدن العالم الأخرى. · فهناك حيث يجري تصدير أقبح ما لدينا قد فاحت الروائح الكريهة وأصبحنا مثار استهزاء وتهكم من يسوى ومن لا يسوى. · فهل سمعت أيها الإمام والخطيب المبجل بالتقرير الذي نشرته صحيفة الرأي العام عن فتياتنا الصغيرات الاتي يمتهن أقذر المهن في حي البراحة بمدينة دبي؟! · إن سمعت به ولم تجد فيه موضوعاً أكثر أهمية من كراسي ستات الشاي لتحرض أفراد المجتمع ضده وتطالب الدولة بوقفه فتلك مصيبة. · وإن لم تسمع به فالمصيبة أعظم. · وفي الحالتين أفضل أن تلجأوا لعمل آخر غير الخطابة الدينية طالما أنكم ترون الفيل كل ساعة وتطعنون في ضله. · ما زالت قلوبنا دامية يا حضرة إمام مسجد الخرطوم الكبير جراء فضيحتنا الكبرى في دبي. · ما زلنا نتوق للحظة تتحرك فيها نخوة المسئولين ويقولوا في أنفسهم حرام علينا أن نرمي بهؤلاء الفتيات الصغيرات في المحرقة بهذا الشكل ونتركهن لقمة سائغة لتنهش في أجسادهن الصغيرة وحوش من مختلف الجنسيات. · نبكي ونتحسر على أخوات مهيرة اللائي يبعن أجسادهن هناك بأبخس الأثمان وأنت تحدثنا عن كراسي ستات الشاي في الخرطوم؟ ! · أي دين بالله عليكم يسمح بمثل هذا؟!
تأمُلات مكتبة بقلم كمال الهدي
|
|
|
|
|
|