|
الضرب أفسدكم..!! بقلم إليكم - الطاهر ساتي
|
:: زاوية الخميس كانت رفضاً لتصريح وزير التربية بالخرطوم حول مراجعة اللائحة التي تمنع الجلد في المدارس بحيث يُعاد الجلد إلى المدارس.. وللأسف، كشفت الزاوية أن لجلد الأطفال والصبيان أنصاراً في بلادنا، وهم الذين يؤمنون بقول الشاعر: (لا تحزن على الصبيان إن ضـُربوا فالضرب يفنى ويبقى العلم والأدبُ / الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم، ولولا المخافة ما قرأوا وما كتبوا).. مثل هذه الأشعار إحدى (كوارث العرب)، وبها إتخذوا الأطفال والصبيان نياقاً وحميراً لحد استخدام السياط والخراطيش في ترويضهم وتربيتهم وتعليمهم، وما هذه وتلك -الخراطيش والسياط- إلا من وسائل العاجزين عن التربية والتعليم..!! :: وللأسف، تأثرنا بأشعار شُعراء الجاهلية -وبأسوأ ما في عادات العرب وتقاليدهم وثقافتهم- لحد تقديم الطفل لشيخ الخلوة أو ناظر المدرسة مرفقاً بنصيحة: (ليك اللحم ولينا العظم)، أي مزق جلده بسياطك وخراطيشك وعده لنا عظماً فقط لا غير، بمظان هكذا يجب التربية والتعليم.. فالشاهد أن إضطهاد الطفل -وإسترقاق والدته- بكل أنواع العنف (ثقافة عربية)، ولقد تشبهنا بهذه الثقافة رغم أنف جذورنا غير العربية.. وكان من آثار هذا (التشبه)، ما شهدتها -وتشهدها- الخلاوى من انتهاك مؤلم لحقوق الأطفال والصبيان وتعذيب للبراءة يبلغ مداها ربطهم بالسلاسل والحبال على أوتاد الغرف المهجورة أو تحت لظى الشمس، أو جلدهم في المدارس لترتفع نسب التسرب وحالات الإعاقة والموت بشهادة تقارير سلطات التربية والتعليم ذاتها..!! :: أما الذين ينجون من مثلث برمودة (التسرب والإعاقة والموت)، فإنهم يتخرجون بشهادات أكاديمية محشوة بـ (أمراض نفسية)، ومنها كراهية الآخر، والقبول بالقهر، والإنصياع للدجل والشعوذة، وغيره من سياج التخلف الذي يحيط بخطى بلادنا.. ولو كان الضرب نفعهم (سابقاً)، لما كان حال الناس والبلد على ما هما عليه (حالياً).. فالأجيال التي تعلمت بالسياط وتربت بالخراطيش -وكمان تفتخر بحضرة الصول- هي التي أقعدت شعبنا عن اللحاق بركب الشعوب الناهضة، وهي التي عجزت عن إدارة بلادنا ومواردها، وهي التي رسخت ثقافة العنف في ذاتها ثم في المجتمع عبر إستغلال رخيص لـ (غير المتعلم).. فأين منافع التعليم بالكُرباج والتربية بالعُكاز في نخب لم تزد الوطن إلا جراحاً لحد الانشطار، ولم تزد الشعب إلا موتاً في أفراده أو نزوحاً وهجرة لجماعاته أو حرماناً -لمن تبقى- من أبسط حقوق الحياة..؟؟ :: نعم منذ استقلالنا، ولأن مدارسنا لم تُخرج (الأسوياء)، نزرع الكراهية في مجتمعنا لنجني الحرب تلو الحرب، ونغرس الأحقاد في قبائلنا لنحصد مآسي تحقير الآخر، ونشتل الغبائن في بعضنا لتُثمر فشلنا وعجزنا عن التعايش مع بعضنا.. هكذا حصاد أجيال (الضرب ينفعهم)، ولكن أكثر الناس لا يتدبرون.. ثم بتحوير مخل لنص الحديث النبوي الشريف: (مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا)، يُبرر البعض جلد الصغار.. ولو تأملوا في الحديث الشريف بعقولهم، لوجدوا أن فترة الحوار ما بين الأم والأب وطفلهما حول الصلاة مقدارها (ثلاث سنوات)، وبمعدل خمس مرات.. وأي عقل راشد هذا الذي يعجز عن ترغيب عقل بريء -وقابل للترويض- بالصلاة طوال ثلاث سنوات؟.. هنا يتجلى المعنى غير المرئي -لذوي البصائر- للحديث الشريف، أي إن أدى ولي أمر الطفل واجب الأمر بالصلاة كما يجب قبل الثلاث سنوات، فلن يلجأ إلى وسيلة الضرب بعدها.. وهنا أيضاً التأكيد بأن ترهيب الأطفال من وسائل الفاشلين والعاجزين عن الترغيب.. فلتنتبه نواب المجالس، وكذلك مجالس الآباء، لمخاطر إعادة القهر والإرهاب إلى المدارس.. والوزير أو المدير أو المعلم العاجز عن تربية الأطفال وتعليمهم بغير وسيلة السياط والخراطيش، فليبحث عن منصب -أو مهنة- غير التربية والتعليم..!!
|
|
|
|
|
|