|
الشارع يرغم الكل علي الحوار الوطني
|
زين العابدين صالح عبد الرحمن يخطئ من يعتقد إن جلوس النخب السياسية علي طاولة الحوار، هو الذي يحل مشاكل السودان، و في ظل أجواء عدم الثقة بين المعارضة و الحكومة، تكثر عملية تقديم الشروط بين الجانبين، إمعانا للثقة المفقودة، و أيضا تتخوف نخبة النظام، إن تؤدي الموافقة علي شروط المعارضة إلي تفكيك النظام، و بالتالي تطال المحاكمات و المساءلات أغلبية القيادات التي كانت مسيطرة علي الدولة، و هي قضايا متوقعة في بدايات الحوار، حتى إذا غيرت النخبة الحاكمة من سلوكها، و الذي كان قد افقدها الثقة مع القوي السياسية، بحكم ممارساتها السابقة، و إطلاقها دائما لشعارات الحوار ليس من أجل حل المشاكل و قضية التحول الديمقراطي، و لكن فقط من أجل فك الحصار المضروب عليها، و ستظل فترة من الزمن النخب في حالة من الكر و الفر السياسي، و لكن تهيئة أجواء الحوار من خلال توسيع دائرة الحريات، و إطلاق حرية النشاطات السياسية في فضاءات الدولة، دون تدخل المؤسسات القمعية إلا في حالا تستدعي عملية حفظ الأمن، و تواصل النشاط السياسي الجماهيري دون مصادمات، هذه النشاطات بين القوي السياسية و جماهيرها هي بداية لإعادة الثقة بين القوي السياسية مع بعضها البعض من جانب، و من جانب أخر هي التي تدفع الجميع إلي طاولة الحوار. حملت الأخبار في كل الصحف السودانية الورقية و الالكترونية، إن الجبهة الثورية رفضت مشاركتها في الحوار الوطني، و هذا غير صحيح و مجافي للواقع، و اعتقد إن الجبهة الثورية أكدت أنها مع الحوار الوطني، و لكنها تضع شروطا لمشاركتها، و التي تتمثل في، وقف الحرب في مناطق النزاعات في دارفور، و النيل الأزرق و جنوب كردفان، و هذا متفق عليه بين جميع القوي السياسية المعارضة، بأن لا جدوي من الحوار مع استمرار المعارك، و لا يمكن للسلطة الحاكمة أن تتحدث بلسانين، الأول يدعو للحوار، و الأخر ينادي باستمرار الحرب، مما يثير الشك في النفوس، إن السلطة غير جادة في عملية الحوار السياسي، و بالتالي تبقي عملية وقف الحرب ضرورة قصوي، و تعد أهم ركيزة لعملية تهيئة المناخ. و السؤال إذا صدر قرار جمهوري بوقف إطلاق النار لتهيئة المناخ و أيضا رفضت الجبهة الثورية عدم المشاركة ماذا يحدث؟ قبول الجبهة الثورية لا يأتي بسبب صدور القرار، لآن القرار يوفر حسن النية، و في نفس الوقت يمهد الطريق لحضور القوي السياسية و الحركات المسلحة في الخارج، للمشاركة دون أية عوائق تحول دون ذلك، و إرغام القوي و الحركات في المشاركة، يأتي عندما تتواصل القوي السياسية نشاطاتها الجماهيرية، من خلال الندوات التي سوف تقيمها خارج دورها، هذه النشاطات و سيرها دون تدخل من المؤسسات القمعية، و خلق واقع جديد في الشارع السياسي، سوف يبين قوة كل حزب و مدي تأثيره في الشارع، هذا الوعي الجديد و الحراك الجديد، سوف يخلق شروطا جديدة للعمل السياسي، تمزق كل قميص ضيق، لأن الجماهير و حركتها هي التي تغير مجري اللعبة السياسية، و بالتالي ليس أمام الحركات المسلحة غير التواجد للتواصل مع جماهيرها، هذا الحراك الجديد الذي يبين قوة كل حزب و حركته في الواقع لا يسمح للسلطة بالتراجع، أو النكوث علي تعهداتها. إن عملية بناء الثقة بين القوي السياسية، لا يتأتي من صدور القرارات، و لكن من خلال الممارسة الحية في الشارع السياسي، و من قبل كان الحديث حديث نخب فقط، و مبني علي افتراضات، ربما تكون غير صحيحة، خاصة فيما يتعلق بقضية تمثيل الحركة الجماهيرية، فالسلطة تدعي أنها هي التي تمثل أكبر قطاع من جماهير، و أيضا تدعي المعارضة ذلك، كما قوي الهامش تعتقد إن دعوتها قد استقطبت قطاع كبير من الطبقات الدنيا في السودان، كل هذه الافتراضات و الإدعاءات سوف تتضح من خلال التواصل المباشر مع الجماهير عبر الندوات و اللقاءات السياسية المفتوحة، و هي الوسيلة الكفيلة بتخفيف حدة العنف و استخدامه كإحدي وسائل الحوار السياسي. إذن شروط اللعملية السياسية الجديدة، لا تؤسس علي إصدار قرارات رئيس الجمهورية، أنما القرارات تمهد الطريق لها فقط، و لكن الحراك الجماهير، و تفاعل النخب مع الواقع الجديد هو الذي يمزق شروط اللعبة القديمة، و سوف يؤسس لشروط جديدة، تقوم علي إحترام الأخر، و أفساح الفرص لعملية التفاعل السياسي الطبيعي في المجتمع، خاصة هناك قوي جديدة في المجتمع و أجيال جديد لها تصوراتها و أرائها، و حركتها، حتما سوف تفرز واقعا جديدا، لكن يجب علي الجميع إحترام ما تفرزه العملية الجماهيرية، و نسأل الله التوفيق.
|
|
|
|
|
|