|
السودان و تجار الحرب سنحسمها في الميدان بقلم بشير عبدالقادر
|
تناولنا في مقالات سابقة بعض المفردات اللغوية التي أدخلتها حكومة الإنقاذ في قاموس السياسة السودانية، مثل التمكين، التحلل، التجنيب... وغيرها، وجاء المقال السابق بعنوان "حكومة البشير ونهج قطع الرقاب" ودللنا فيه على هوى الانقاذيين لكل المفردات التي تحتوي معاني قطع الرقاب !!!. ونتناول اليوم ما يدل على عشق الانقاذيين للتهديد بالحرب وساحة الوغي "الميدان" !!! جاء ضمن تعليق السيد عمر حسن أحمد البشير على "تجميد" المحكمة الجنائية الدولية لملف دارفور في 13 ديسمبر 2014م، ، قوله بخصوص الوصول إلى إتفاقية سلام تخص دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان من عدمه "الداير سلام أهلا به والذي لا يريد فإننا سنحسمها في الميدان"!!! ووصف البشير أحزاب المعارضة المتحالفة مع الجبهة الثورية بـالعملاء والمرتزقة قائلاً "هؤلاء باعوا أنفسهم لأعداء السودان، ومن يرد أن يتحالف معهم فليبق معهم في الخارج، وعليه أن يلاقينا في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق" . وقال أيضا «هذا البلد نحن قمنا باستلامها، وكانت لا يوجد فيها سلاح ولا ذخيرة ولا نقود ولا بترول ولا قمح، والذي يريد تغيير النظام فبصندوق الانتخابات وعليه ألا يطبق يديه، نحن لا نأتي بها من أديس أبابا ولا من أوروبا ولا أميركا"!!! ولعلنا نبدأ بتصحيح البشير إن كان لا يدري، فقوله "هذا البلد نحن قمنا باستلامها..." مردود عليه لأنه لم يقم بإستلام البلد بل قام بخرق الدستور ودبّر ونفّذ عملية إنقلابية ضد النظام المنتخب ديمقراطياً!!! كما أن عدم وجود سلاح ولا ذخيرة ولا نقود ولا بترول ولا قمح ليس مبرر شرعي للإنقلاب و خرق الدستور!!! إلّا إذا قبلنا بأن كلمة إستلام تعني إنقلاب عند الاسلاميين والدليل هو مانسب لدكتور حسن مكي وقوله لمجلة أفكار جديدة العدد التاسع 2004م "انتبهت الحركة الإسلامية إلى أنه غير مسموح لها الوصول للسلطة السياسية، لذلك لجأت إلى استلام السلطة السياسة في 30 يونيو 1989م بانقلاب عسكري اعتمد على عنصري المباغتة والمفاجأة والخديعة، ..." ؟ . إنتبه عزيزي القاريء للكلمة الأخيرة "الخديعة" !!! ثم بأي حق يرفض البشير تكوين حكومة إنتقالية، و يزعم بأن "الإنقاذ لن تسلم البلاد لأي شخص إلا عبر صندوق الانتخابات"، و يطالب من يطالبون بتغيير النظام بالمشاركة في الإنتخابات التي لم يأت لا هو ولا حزبه ولا الحركة الإسلامية عن طريقها، أي الانقلاب حلال له ولحركته الإسلامية وحرام على الأخرين " أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس".!!! وكختام للمنطق المعوج الذي لايقود إلّا إلى نهايات أكثر إعوجاجاً وأشد قبحاً قوله "... ومن يرد أن يتحالف معهم فليبق معهم في الخارج، وعليه أن يلاقينا في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق " . وهو ما تم تحديده سابقاً بقوله "..سنحسمها في الميدان" !!! ويمكن أن يسمي بسياسة الإستبداد الفرعوني " قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " )غافر: 29(. وفي ذات الإطار لعقلية الإحتكام إلى السلاح أي ميدان الحرب "الدواس" ، ذكرت الصحف أن الفريق اول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع ، اعلن في 11/12/2014م خلال حفل تخريج الدفعة السابعة والخمسين من مستجدي الفرقه السادسة مشاة بالفاشر ، ...بدء انطلاقة عمليات الصيف الحاسم رقم (2) لحسم التمرد فى كافة الجبهات مؤكدا عدم تفريط القوات المسلحة في اي شبر من تراب الوطن ، ... "القوات المسلحة لن تفرط في اي شبر من تراب الوطن ..الداير يحل الجيش يلقانا في الميدان" . وقال إن الجيش السوداني ظل يقاتل لأكثر من خمسة وستين عاما ولم تلن له قناة ولن تنكسر له عزيمة ...". !!! يا سعادة الفريق أول، كان الأحرى أن تنتابك حالة من الخجل وتأنيب الضمير تجعلك لاتستطيع أن ترفع عينيك أمام أبنائك ناهيك أمام بقية أبناء السودان!!! خاصة وانت تعلم، بأن السودان لم تستباح أراضيه ولم تضرب عاصمته الخرطوم ممثلة في مصنع الشفاء 1998م، ومصنع الذخيرة 24/10/2012م إلّا في عهدك البائس وأن السودان لم تخترق أراضيه ممثلة في بورتسودان مرات عديدة إلا في فترة خلافتك يا صاحب نظرية "الدفاع بالنظر" !!!. ياسعادة وزير الدفاع، إن الذين تريد إخافتهم باللقاء في ساحات الحرب "الداير يحل الجيش يلقانا في الميدان" ، أي الرافضين لحكم طغمة الإنقاذ هم أصلاً متواجدون في الميدان وفي الأحراش والجبال والحواكير، وليس أمثالكم متنعمين "متوهطين" في أرقى أحياء الخرطوم أي كافوري والمنشية و "جاردن - سيتي" وفي منازل "فيلا" مزودة بأحواض سباحة !!!! حقاً أنه لعيب أن تتقلبون في ذلك النعيم ودون خجل ترمون بأبناء السودان في محرقة الحرب!!! إنتقادنا لتجار الحرب في النظام الحاكم موجه أيضا لقادة الحرب في المعارضة والجبهة الثورية ولكل من يؤمن بأن لغة السلاح يمكن أن تكن حل للخلاف بين ابناء الوطن الواحد!!! إن قولك بأن الجيش السوداني يحارب منذ 65 عاماً تنقصه الدقة إن لم نقل هو غير صحيح البتة و "عيب" أن تكون وزير دفاع ولا تعرف تاريخ القوات المسلحة السودانية التي أنشئت في 1955م، تحت إسم "قوة دفاع السودان" ثم سميت بالقوات المسلحة السودانية بعد الإستقلال في 1956م!!! ثمّ على إفتراض أن ما قلته صحيح يا سعادة وزير الدفاع، فيجب قبلها الإعتراف بأنه بسبب الفساد السياسي فأن القوات المسلحة السودانية بكل مسمياتها القديمة أي "الجيش" أو الجديدة مثل قوات موسى هلال و قوات الدعم السريع وقوات الأمن والإستخبارات "جيش ابو طيرة" وغيرها، لم تنجح حتى في الحفاظ على وحدة الاراضي السودانية!!! فرغم الحرب التي راح ضحيتها الالاف من أبناء السودان،، فلقد ضاع ثلث مساحة السودان مع إستقلال الجنوب. وضاعت حلايب والفشقة ، وامتلأ السودان بمئات الالاف من جنود الأمم المتحدة أي إنقاص للسيادة السودانية على أراضيه بل شبه عودة للإستعمار وقواته تحت مسمى قوات دولية لإحتلال جزء من البلاد!!! إنّ الاستمرار في حروب لمدة 65 عاماً هو مسبّة بل عار وليست محل للإفتخار، لأنه يعني عدم الإنتصار وإلا لما إستدامت الحرب سنين طوال، كما أن إستمرار الحرب دلالة على تخلف القيادات السياسية الحاكمة المتحاربة لانها لم ترتفع الى مستوى لغة الحوار والمفاوضات وأحتكمت إلى قانون الغاب ولغة السلاح، مما ينتج الجهل والدمار والموت!!! و الابتعاد بسنين ضؤئية عن الأمن والاستقرار والتنمية . ومن طبعه لا يمكن لدكتور نافع علي نافع أن يتنازل لغيره عن زعامته لميدان التهديد بالحرب "من خلى عادته قلت سعادته"، نعم فلقد ذكرت الصحف أن د.نافع تحدى المعارضة والجبهة الثورية عقب توقيعهم على "نداء السودان" بإسقاط النظام في يوم 09/12/2014م وقال "لو كان لديهم خيار غير الانتخابات والديمقراطية لتفكيك النظام خليهم يقابلونا هناك" في إشارة إلى ميدان القتال!!! ويعلم دكتور نافع علي نافع أن الخيار الثاني أي الإنتخابات تستلزم وجود حد أدنى من الحريات والإنفكاك بين أجهزة حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وأجهزة الدولة ممثلة في القضاء كسلطة ثالثة والصحافة والاعلام كسلطة رابعة، ناهيك عن الحديث عن استقلالية القوات المسلحة والاجهزة الأمنية عن الحزب الحاكم والحركة الاسلامية!!! وإلّا كانت الإنتخابات و التي ستكلف 800 مليار جنيه هي "تحصيل حاصل" ليس إلّا !!! وفات على دكتور نافع علي نافع أن يذكُر لصديقه الفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين بأنه سبق له أبان عهده كمساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني أن وقع مع مالك عقار رئيس الحركة الشعبية في شمال السودان ووالي ولاية النيل الأزرق على الاتفاق الاطاري والذي جاء فيه "جمهورية السودان لها جيش قومي واحد. هـ- قوات الحركة الشعبية من مواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان يجب أن يتم دمجهم خلال فترة زمنية محددة في قوات الشعب المسلحة والمؤسسات الأمنية الأخرى والخدمة العامة أو تحويلهم لمفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج"!!!! أي أن دكتور نافع قد وقع على إتفاق يقع تحت طائلة ما تعنيه عبارة الفريق عبدالرحيم حسين "الداير يحل الجيش يلقانا في الميدان" !!!!. في البلاد المتقدمة إذا فشل السياسي او الحاكم في تحقيق نجاح بل إذا أخفق بأي صورة من الصور تراه يقدم إستقالته ويعتذر للشعب. أما في بلادنا فالحاكم يؤمن بأنه "ملهم" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلذلك حتى لو كانت نتئجة إخفاقاته إشتعال الحرب، فهو ليس بحريص على إيقافها خاصة إذا تطلّب الأمر بعض التنازلات التي قد تضعضع من شدة ثباته و بقاءه في كرسي الحكم، بل يفضل تسعير نار الحرب بالالاف من شباب السودان في حرب عبثية لا طائل منها إلّا الدمار، الدليل على ذلك ما قاله البشير في 03/03/2012م " إن بلاده قدّمت 18 ألف شهيد خلال مرحلة الحرب الأهلية الأخيرة، وقال"إننا جاهزون لتقديم 18 ألف شهيد آخرين" !!! ولا يبقى لنا إلّا أنّ نقول ونؤكد لكل من يرفع السلاح حاكمأ و معارضةً بأن كل يوم يمر دون السعي الجاد لإيقاف الحرب هو بمثابة متأجرة بدماء الأبرياء والنساء والأطفال العزل!!! لذلك ننادي جميع من يرفع السلاح بلسان الشاعر محمد الحسن سالم حميد : " أرضا سلاح ترحل هموم تنصان دموم والبال يرتاح أرضا سلاح ثمّ نختم بقول الشاعر أمل دنقل "إن الرصاصة التي ندفع فيها ...ثمن الكسرة والدواء : لا تقتل الأعداء لكنها تقتلنا إذا رفعنا صوتنا جهاراً تقتلنا...وتقتل الصغارا " mailto:[email protected]@hotmail.fr
|
|
|
|
|
|