|
السودان ... الإبرة المقدودة والتقنية المفقودة/علي محمد الحسن علي
|
السودان ... الإبرة المقدودة والتقنية المفقودة
العالم كله يتجه إلى التقنية الإلكترونية والاستفادة منها في تسهيل الكثير من الأمور في مراجعات الدوائر الحكومية المختلفة , وتسهيل المعاملات للمواطنين والموظفين . والسودان للأسف لا يملك أي نصيب من هذه التقنيات التي سادت العالم بأسره , وأدل على هذا الكلام أثناء زيارتي للسودان قبل حوالي ستة أشهر حيث أحتاج مني تحويل بنكي من بنك إلى بنك آخر يفصل بينهما شارع واحد حوالي 48 ساعة , حيث أن هذا التحويل المحلي في أي بلد خليجي أو غربي لايحتاج منك سوى إدخال رقم حساب المستفيد وضغط علامة الإدخال (enter) في الإنترنت وضغط كلمة تحويل في الصراف الآلي وهذه التقنيات هي متناولة في يد الجميع وسهلة جداً ... ومن فوائد هذه التقنيات أنها تمنع الرشاوي والتساهل , فكل السودانيون يعرفون أن في المخالفات المرورية التي يتم تحصيلها تكون هناك رشاوي كثيرة فما المانع أن يتم رصد المخالفات وتسجيلها على الحاسب الآلي ويقوم بعدها صاحب المخالفة بتسديد مخالفته على الإنترنت المصرفي أو الصراف الآلي كما يحدث في دول الخليج العربي مثلاً . هذا الإجراء الإلكتروني يوفر الكثير جداً من الوقت والجهد والهدر الذي يحدث في البحث عن الوسطات والرشاوي واعتقد أن شكل دفتر الإيصالات محمولاً في الأيدي غير حضاري , وكذلك عند دفع الضرائب أو الرسوم للبلديات وغيرها . من أمثلة افتقارنا للتقنية ايضاً في التعليم العالي ألاحظ وجود كثير من الأشخاص غير السودانيين يسألون عن التعليم في السودان ويبدون رغبة في الإلتحاق بالجامعات السودانية بناء على سمعة سابقة "فيدوخون" في الدخول إلى مواقع الجامعات السودانية التي لا يتوفر بها أي تحديث وأخبار قديمة و"بايتة" عفا عليها الزمن ولايوجد بها أي تقنية . كذلك المغتربين السودانيين الذين يضربون أكباد الإبل في الوصول إلى القنصلية أو السفارة السودانية في الدول التي يعملون بها إليها فيفاجئون بأنظمة بائدة وتحصيل يدوي وانتظار وصفوف وغيرها . كذلك ما يعرف بالخطوط السودانية ينبغي لك أن تراجع وتنتظر في صفوف الحجز وتذهب قبل 24 ساعة لتأكيد هذا الحجز .. كل هذا جعلنا نحول إلى خطوط أخرى تحترم آدميتنا ومواعيدنا . هذا الدمار الشامل أيضاً انسحب على كافة المواقع الحكومية فنجدها الأضعف بين مثيلاتها في الشرق الأوسط فمثلاً إذا أردت تعبئة أي استمارة إلكترونية فإنك إن وجدت الرابط لن تجد الاستمارة !!! التقنية وفرت كثير من الجهد وتتم تعبئتها أون لاين كما في البلدان المتقدمة ويتم البت في الطلب إلكترونياً هل هو مستوفي أم ناقص كل ذلك لتسهيل أمور المواطنين ... لكن في السودان لازلنا نراوح أمكنتنا فيما يخص هذه التقنيات . هذه التوطئة تستدعي تساؤلاً محيراً هل هناك فقر في الكوادر البشرية أم هل هناك خلل في البنية الإدارية السودانية ؟ لا أجد أن هناك خلل في الكوادر البشرية فالسودان مليء بالكوادر التي تعمل داخله وخارجه بإبداع لكن الخلل يكمن في العقلية الإدارية السودانية التقليدية التي تحارب هذه التقنيات ولا تعترف بها وفق بيروقراطية عفا عليها الزمن . نأمل في مراجعة هذه الأنظمة الإلكترونية فلدينا جهابذة في هذا المجال يمكنهم أن يطوروا هذه التقنيات ويستحدثون ما ينفع الناس ...
علي محمد الحسن علي المملكة العربية السعودية [email protected]
|
|
|
|
|
|