|
السلطات العربية تتوافق مع السياسات اليهودية بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
|
02:07 AM Sep, 18 2015 سودانيز اون لاين مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين مكتبتى فى سودانيزاونلاين
كثيرةٌ هي القواسم المشتركة التي تلتقي عليها السلطات والحكومات العربية مع السياسات اليهودية القديمة والجديدة، ٌرغم أنهم يتبجحون ويبدون غير ذلك، ويتظاهرون بأنهم أعداءٌ وخصوم، والحروب بينهم مستعرة، والقتال بينهم ضاري، ولا لقاء بينهم ولا اتفاق، ولا أمن يوحدهم ولا سلام يجمعهم، وأن التوافق بينهم صعبٌ أو مستحيل، أو هو ضربٌ من الخيال أو محاولةٌ للتشويه، إذ كيف يجتمع النقيضان ويلتقي الضدان، وهم عبر التاريخ وعلى مر الزمان أضدادٌ متعارضة، ونقائض متنازعة، لا يصدقون بعضهم، ولا يأمنون أو يركنون في علاقاتهم لغير القوة والإعداد، أو هكذا يقولون.
لكن الحقيقة التي لا شك فيها هي غير ذلك تماماً، وهي التي يدركها العارفون، ويعلمها الخبراء والمختصون، الذين يطلعون على بواطن الأمور ويعرفون جوهر الأشياء، ولا تخفى عليهم المظاهر ولا تخدعهم الأشكال، فهم يعلمون يقيناً أن بين السلطات العربية والسياسات الإسرائيلية مصالحٌ مشتركة، ومنافعٌ متبادلة، يقفون عندها، ويحافظون عليها، ويدافعون عنها، ولا يفرطون فيها، فهي عماد وجودهم، وأساس بقائهم، وضمان أمنهم، وميزان استقرارهم.
لعل اتفاقيات السلام الموقعة بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني تكشف عن الكثير من القواسم المشتركة، والمصالح المتبادلة، وتفضح عمليات التنسيق الأمني بينهم، وترفع السرية عن الكثير من العمليات الأمنية المنسقة، التي تخدم أمن الفريقين وتضر بمصالح ومستقبل الشعب والأمة، علماً أن التنسيق الذي تفرضه اتفاقيات السلام، يتجاوز القضايا الأمنية، ليشمل الملفات السياسية، والمشاريع الاقتصادية، والبرامج العلمية والتربوية، والمناهج التعليمية والمساقات الدينية، وغيرها من المشاريع التي من شأنها القضاء على جذوة العداء، وخلق أجواء من التفاهم والتطبيع والمصالح المشتركة بين الطرفين، وهي في الغالب العام ضد الشعوب العربية، ولكنها لصالح الكيان الإسرائيلي ومستوطنيه فقط.
سأكتفي من بين القواسم المشتركة التي تجمع بينهم، باستعراض الشعار اليهودي القديم، الذي ما زال سياسةً إسرائيلية، ومنهجية استراتيجية لا تتغير، إذ ما زالوا يرفعون شعار "أرضٌ أكثر وسكانٌ أقل"، وهو ما عملوا على تطبيقه عبر سنواتٍ طويلة، منذ التأسيس حتى أيامنا هذه، فهم يعملون للسيطرة على أكبر مساحاتٍ ممكنة من الأرض، فتراهم يخططون للاستيلاء على المزيد من الأراضي، وطرد أكبر عددٍ ممكنٍ من السكان العرب، أو إخلائهم كلياً من مناطقهم، ليحل مكانهم مستوطنون يهود، وافدون ومهاجرون جدد، أو من المتدينين المتطرفين، الذين يؤمنون بطرد العرب والحلول مكانهم، اعتقاداً منهم أن هذه الأرض هي التي اقتطعها الرب لهم، ومنحهم إياها دون غيرهم من الخلق، وجعلهم شعبه المختار، وأبناءه وأحباءه المصطفين الأخيار.
الإسرائيليون يدركون أن الإنسان هو الذي يعمر الأرض، وهو الذي يمنحها الهوية، ويكسبها الصفات الباقية السائدة، وهو الذي يميزها عن غيرها، ويجعل منها وطناً بدل أن تكون تراباً وحجراً وشجراً، ولهذا فهم يحرصون على أن يسكنوا "الأرض المباركة"، وأن يعيشوا ويعمروا فيها، وأن يتركوا فيها آثارهم، فهي الدالة عليهم، والمعبرة عنهم، في الوقت الذي يغيب الإنسان العربي الفلسطيني، وتنقطع آثاره، وتغيب شواهده، فلا يعود له في الأرض مكان، ولا يبقى له فيها ما يربطه أو يشده إليها.
أما في الجانب الآخر، وعلى امتداد الوطن العربي كله، فإن الحكومات والسلطات العربية الحاكمة، تسعى لأن تستكمل السياسات الصهيونية، وأن تكمل المخططات التي بدأوها، وأن تشرف على ما يضمن نجاح خططهم، فهي أولاً تضيق على الفلسطيني الساكن في أرضه، والقابض على حقه، وتحاربه في رزقه وقوته، وتحرمه من مستقبله وحياته، لتجبره على الهجرة والرحيل، والنزوح عن الوطن والبحث عن لجوءٍ جديدٍ وشتاتٍ آخر، بحثاً عن رزقٍ ومسكنٍ، وعيشٍ كريمٍ ومأمنٍ، وهويةٍ وكرامةٍ، وبعضاً من الحرية والاستقلالية الفردية المحروم منها.
كما تسعى السلطات العربية إلى تهجير أبنائها، وطرد سكانها، وترحيلهم من ديارهم، واقتلاعهم من أرضهم، ولا يهمها ما يلحق بهم من ذلٍ وهوانٍ، وضيقٍ وحرمان، طالما أنها تتخلص منهم، وترمي بهم خلف الحدود لئلا يشكلوا عليها عبئاً، أو يكونوا لها معارضة، أو ينحازوا إلى خصومها، فيعرضون استقرارها للاضطراب والفوضى، وحكمها للزوال والسقوط، علماً أنها بأفعالها من حيث تدري تخدم العدو الإسرائيلي، الذي يهمه أيضاً أن يخلو الجوار من العرب، وأن يرحل من على حدوده حراس الأوطان وسكان البلاد، فهم يقلقونه ويخيفونه، ويستعدون لمواجهته ويتمنون قتاله، ولا يحبون له البقاء، ولا يأملون له الاستقرار.
أليس في هذا توافق وقحٌ بين السلطات العربية والسياسات الإسرائيلية، وتنسيقٌ قبيح بينهما وتبادلٌ مهينٌ للأدوار، فكلاهما يريد أرضاً بلا سكان، وأوطاناً بلا شعوبها الأصلية، أو يريد فيها عبيداً مخصيين للخدمة لا أكثر، لا يعرفون الثورة ولا العصيان، ولا يتقنون إلا الصر والحلب ورعي الغنم، ليسهل عليهم تغيير شكلها، وطمس هويتها، واستبدال ثقافتها، وتعديل ديمغرافيتها، والتلاعب في طوائفها ومذاهبها، ويسهل عليهم بعد ذلك حكم البلاد، والسيطرة على مقاليد الحكم والاستقرار، دون خوفٍ من انقلابٍ أو خشيةٍ من ثورةٍ أو انتفاضةٍ تقلب الأوضاع، وتعيد إلى البلاد موازينها الأصلية، وهوياتها الشرعية الموروثة.
بيروت في 18/9/2015
https://http://http://www.facebook.com/moustafa.elleddawiwww.facebook.com/moustafa.elleddawi
mailto:[email protected]@gmail.com
أحدث المقالات
- المثقفون حائرون يتساءلون من يكون وزيرها؟ من يكون؟ بقلم أحمد الخميسي. كاتب مصري 09-17-15, 06:58 PM, أحمد الخميسي
- آخر نكتة (طريقة تصدير السودانيات إلى داعش)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-17-15, 06:55 PM, فيصل الدابي المحامي
- مستشفى نيالا...دموع الوزير، دماء الجرحى وبول المراحيض بقلم الحافظ عبدالنور مرسال 09-17-15, 06:53 PM, الحافظ عبدالنور مرسال
- تشريد المبدعين وقتل المواهب بقلم عمر الشريف 09-17-15, 06:51 PM, عمر الشريف
- مابين البشير و النابغة احمد ود الحسن بقلم امير(نالينقي)تركي جلدة 09-17-15, 06:48 PM, امير نالينقي تركي جلدة اسيد
- جغرافيا الاستعمار المانوية ومحنة محمود محمد طه (1985) بقلم عبدالله علي إبراهيم 09-17-15, 04:29 PM, عبدالله علي إبراهيم
- نداء مع زنقة جنيف .. والقرار المخيف !! بقلم خضرعطا المنان 09-17-15, 04:21 PM, خضرعطا المنان
- الحراك الجماهيري هو الحل تعويل المعارضة علي الاتحاد الافريقي وقرارات البند الرابع, وهم الظمأن الذي 09-17-15, 04:18 PM, المثني ابراهيم بحر
- حقيقية أستخدام القنابل العنقودية بجبال النوبة/جنوب كردفان في العام 2015م. (2-2) 09-17-15, 04:16 PM, الفاضل سعيد سنهوري
- في الدقيقة 90 بقلم عثمان ميرغني 09-17-15, 04:12 PM, عثمان ميرغني
- ولد سوداني في أمريكا يرفع راس كل السودانيين!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-17-15, 03:03 PM, فيصل الدابي المحامي
- صورتك !! بقلم عبد الباقى الظافر 09-17-15, 02:58 PM, صلاح الدين عووضة
- الجنرال يصفعنا بحذائه..!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-17-15, 02:55 PM, عبدالباقي الظافر
- عِبر أليمة من وحدة الدماء والدموع بقلم الطيب مصطفى 09-17-15, 02:53 PM, الطيب مصطفى
- انتهى الحفل ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-17-15, 02:51 PM, الطاهر ساتي
- محنة الأطباء بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 09-17-15, 06:48 AM, سيد عبد القادر قنات
- لا ياسيادة وزير البيئة ، إنه الفساد!!(2) بقلم حيدر احمد خيرالله 09-17-15, 06:42 AM, حيدر احمد خيرالله
- نجم الهوكي الكندي بي كان نعم يا سوبان فأجمل الأطفال لم يولدوا بعد !!! 09-17-15, 06:37 AM, بدرالدين حسن علي
- ضحايا الاسلاموفوبيا طفل سوداني متهم بصناعة قنبله في امريكا بقلم محمد فضل علي ..كندا 09-17-15, 01:15 AM, محمد فضل علي
- البيان بالعمل للتداول الديمقراطي للسلطة بقلم نورالدين مدني 09-17-15, 01:06 AM, نور الدين مدني
- خربشات مسرحية (5) حصة من تاريخ محقق بقلم محمد عبد المجيد أمين (براق) 09-17-15, 01:05 AM, محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
- سيكولوجيا حرب الطاقة ومؤثراتها على الشعب الفلسطيني بقلم سميح خلف 09-17-15, 01:04 AM, سميح خلف
|
|
|
|
|
|