|
الدين لله والوطن للجميع يا أيها الناس !! عبدالغني بريش فيوف
|
بسم الله الرحمن الرحيم..
أصدرت إحدى محاكم البلطجة التابعة لنظام الحكم في السودان ، برئاسة الجزار عباس الخليفة ، يوم الخميس 15/5/2015 حكما بالاعدام ومائة جلدة على الطبيبة مريم يحي 27 عام تحت المادة (126) من القانون الجنائي السوداني المتعلقة بالرِّدة ـ وهي ترك الدين الإسلامي واعتناق ديانة أخرى ـ والمادة (146) الزنا من ذات القانون بعد اعتبار زواجها من رجل مسيحي غير صحيح وفقا للشريعة الإسلامية.
هذا وقررت المحكمة تأجيل تنفيذ الحكم الى حين ولادة الطبيبة الحامل في شهرها الثامن واضافة عامين بعد الولادة الى حين إكمال الرضاعة.
وقال القاضي للمرأة، وفقا لما نقلته وكالة فرانس برس "نحن أعطيناك ثلاثة أيام حتى تتراجعي، لكنك صممتِ على عدم العودة إلى الإسلام، لذا أحكم عليكِ بالإعدام شنقا .
هذا الحكم يعتبر حكماً جائراً وظالماً في حق هذه المرأة السودانية ، ويعتبر أيضاً انتهاكاً صارخاً وصريحاً للحريات الدينية للناس ويتعارض شكلا وموضوعاً مع نصوص الآيات القرآنية نفسها كـقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة 256 ...والآية (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 ...والآية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 7 ...والآية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة 62 .
من الآيات القرآنية المذكورة في الأعلى نستخلص أن الله سبحانه وتعالى ترك الإنسان مختاراً ليختار دينه بعد أن بين له الرشد من الغي والحق من الباطل والحلال من الحرام . أما الإجبار على اعتناق ديانة معينة بالقَسْر والقهر، فإنه يتنافى مع كلام الله وآياته القرآنية الواضحات .
طبعاً سيأتي السلفيين والوهابيين والجهاديين الذين يذبحون البشر كالخرفان وينحرونهم كالإبل ليقولوا أن هذا الكلام باطل اخترعه أعداء الإسلام ليشَوشون بها على المسلمين وإبعادهم عن تعاليم دينهم وتغييبهم عن واقعهم ...لكن في حقيقة الأمر هم الذين يشوشون الحقائق ويضللون الناس بخطب جوفاء تصم الآذان فوقع في شركهم كل غافل جهول .
ليس هناك من رآى الله سبحانه وتعالى من البشر بالعين ...جميعنا عرفنا الله من خلال تأملنا في مخلوقاته كالأرض التي نعيش عليها ، والشمس والقمر والنجوم والكون وحركة الليل والنهار والأمطار والثلج وووو الخ ، ومن خلال هذا التأمل والتدبر إختارت أصحاب الديانات السماوية الثلاث ( اليهودية والمسيحية والإسلام) إعتناق إحداها ... فلماذا يجبر السلفيين والوهابيين والجهاديين والخونج الناس على اعتناق ديانة بعينها ؟.
لو أراد الله سبحانه وتعالى لجعل كل سكان الأرض مؤمنين ..تطبيقاً لهذه الآية (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يونس 99 . وهو إذن أي الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى سلفي جاهل أو ووهابي أرعن متشنج أو خونجي مرتزق ليدافع عنه وينصب نفسه متحدثاً بإسمه .
قضية المرأة السودانية مريم يحى التي تركت الإسلام ودخلت المسيحية ، قضية جد محزنة ، لأن الحكم الصادر بحقها يتناقض صراحةً مع حق هذه المرأة في اختيار ديانتها بإرادتها الحرة غير مكرهة عليها أو مجبوراً ، وهذا الحكم البهائمي يعكس همجية ما تسمى بالمحاكم الدينية في دولة السفاح عمر البشير .
ونحن إذ نعيش هذه القضية الحزينة ، من حقنا أن نتساءل ونسأل الذين يجبرون الناس على اعتناق الديانة التي يعتنقونها هم ..ما هي الفوائد التي يجنيها هؤلاء من عملية الإجبار هذا ؟ هل يعتقدون أنهم بهذا الإجبار سيجدون الطريق إلى جنات الخلد سهلا ؟
كيف يحكمون على مريم بالرجم حتى الموت بإسم الرِدة ويلصقون هذا الحكم لله سبحانه وتعالى وليس في القرآن الكريم آية واحدة تتحدث عن حكم الرِدة بل هناك أحاديث مشكوك في صحتها حول هذا الموضوع الخطير جدا ؟ .
إننا نرفض هذا الحكم الجائر ضد السودانية الدينية الطبيبة مريم يحى ، وندعو جميع السودانيين إلى رفضه كذلك ، كما نناشد المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية والعالمية الضغط على النظام السوداني بإلغاء هذا الحكم غير الإنساني والسماح للسيدة مريم يحى بممارسة شعائر ديانتها بعيدةً عن اسلوب الترهيب والتخويف ، ويجب أن يكون السودان وطناً للجميع وأن يكون الدين لله ولله وحده .
وليكن السلفيين والخونج صادقين مع أنفسهم ولو مرة في حياتهم ، وليتوقفوا عن تصوير الله وكأنه واحد منهم ، وليتوقفوا عن تضليل الناس بإسمه وكأن قنوات الإتصال بينهم وبين الله مفتوحاً أربع وعشرين سبع ... وليعلموا أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى العقل لكل الناس ليعرفوا الرشد من الغي والحق من الباطل ، فليتركوهم وحدهم يختاروا الدين السماوي الذي يختارونه لهم دون تهديد وارهاب من أحد ، وليتركوا الله سبحانه وتعالى يقرر مصائر عباده يوم الحساب .
والسلام عليكم...
|
|
|
|
|
|