|
الحق بين الوحدة والتعدد بقلم الطيب مصطفى
|
02:45 PM Sep, 11 2015 سودانيز اون لاين الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
ويمضي د. عصام البشير في تتبع بعض القضايا الفقهية منحازاً إلى المدرسة الوسطية وداحضاً منطق الفقه المتطرف، ونورد اليوم حديثه حول (الحق بين الوحدة والتعدد) ويقول حول الموضوع ما يلي: هنالك حديث دائم بأن الحق واحد، وأن الحق لا يتعدد، وبالتالي الصواب لا يتعدد، وهذا مرتكز فكري مهم جداً في النقاش والحديث، فكيف تستخرج من القرآن – وهو نص حمّال أوجه – نصاً رافعاً للخلاف وهو لا يعطيك معنىً واحداً؟ هذه المسألة قالها بعضهم، ولكن فيها إشكال من عدة أوجه: الوجه الأول: إذا كان المقصود بأن الحق واحد ولا يتعدد في علم الله عز وجل وفي كتابه المكنون فمن الذي يعلم ويقطع ويجزم بأن اجتهاده الذي انتهى إليه في فهم الكتاب والسنة هو مطابق لعلم الله تعالى؟ لا يستطيع أن يجزم، وغاية الأمر أن يرجح ويقول هذا صواب من باب اجتهادي، صواب يحتمل الخطأ واجتهاد غيري خطأ يحتمل الصواب، لكنه لا يستطيع على وجه اليقين أن يقول بصورة قاطعة هذا هو الحق الذي عند الله تعالى. والدليل على ذلك في الوجه الثاني وهو: إنه لو كان الحق لا يتعدد لكان النبي عليه الصلاة والسلام قد بين كل شيء بتفاصيله وجزئياته حتى لا يدع لمن بعده مجالاً للاجتهاد والنظر، وكان علينا نحن معشر المسلمين الالتزام والتطبيق، ولكن وجدنا حتى في عهد الصحابة الذين تنزّل القرآن على أظهرهم أن القرآن في بعض معانيه ظنية الدلالة المتشابهة تحتمل أكثر من وجه للتفسير. رأينا في قوله تعالى "لامستم النساء" (سورة النساء، الآية: 43)،عبد الله بن عمر ووالده – عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما، يذهبان إلى أن المقصود وضع اليد على البشرة، وعبد الله بن عباس، حبر الأمة وحبرها، يقول: "الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس والمس هذا الجماع، غير أن الله حيي كريم يكنَّى بما شاء عما شاء". يحتمل ظاهر النص المعنى الذي أشار إليه ابن عباس، وهذا دليل على أن الصحابة اختلفوا في بعض دلالات النصوص. بل حتى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم قدم اثنان في السفر ففقدا الماء فصليا تيمماً ثم أدركا الماء قبل انقضاء الوقت، الأول أعاد الصلاة والآخر لم يعدها، فقاما للنبي صلى الله عليه وسلم فقال للذي أعاد صلاته: "لك الأجر مرتين"، وقال للذي لم يعد: "أصبت السنة". وصلاة (العصر) عند بني قريظة وإقراره الطرفين. ودليل آخر هو أن عمرو بن العاص كان يقود سرية وأصابته جنابة فلم يغتسل بل تيمم، فأنكر بعض أصحابه عليه ذلك وشكوه للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله كانت الليلة شديدة البرودة وتذكرت قوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" (سورة النساء، الآية: 29) فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم إقراراً له على هذا الاجتهاد" الذي توصل إليه. إذن، النبي صلى الله عليه وسلم في أمر صلاة بني قريظة، يمكن أن يقول لهؤلاء إن الحق واحد لا يتعدد، والصواب واحد لا يتعدد، المصيب من صلى في الطريق، أو المصيب من صلى في بني قريظة.. فلماذا سكت؟ سكت ليدلنا على أن هذه المساحة من الشريعة تحتملها دلالات النصوص وفيها التيسير وفيها السعة وفيها الرحمة، ولا ينبغي أن يضيق بعض الناس ببعض، ولذلك من القواعد التي رسخها العلماء الأصوليون "إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة". أحياناً الحق نفسه قد يتعدد، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن "نزل على سبعة أحرف" و"كلاكما محسن"، وفي السودان نقرأ بثلاث روايات، والروايات غير الأحرف.. عندنا ورش والدوري وحفص.. كما أن صيغ التشهد والأذان والإقامة كثيرة متعددة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تصل إلى عشر صيغ: وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم فهذا دليل على أن في الأمر سعة.. ولو أراد تعالى لأنزل الكتاب كله آيات محكمات قطعيات ولبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً تفصيلياً ولم يدع لأحد من بعده مجالاً للنظر. ولكن تجد في تاريخ الأمة كله الخلاف في الفقه وفي التفسير وفي الأصول وفي الحديث، والأخير فيه التضعيف والتصحيح، وتجد في الفقه القول بالحرمة والوجوب والندب والكراهة، وتجد في التفسير الآراء المعتمدة والآراء الشاذة والآراء المرجوحة، بل حتى في المذاهب الفقهية في المذهب الواحد تجد قوي المذهب وراجح المذهب ومشهور المذهب وضعيف المذهب والمعتمد في المذهب، وهذا كله دليل على أن في الأمر سعة. وكما قال القاسم بن محمد؛ أحد فقهاء المدينة السبعة: "ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا في كل شيء، لأنهم لو اتفقوا في كل شيء لكان الأمر عسراً ومشقة، ولكن اختلفوا فكان اختلافهم رحمة". لذلك ورثت أمتنا رخص ابن عباس، وعزائم ابن عمر، وأثرية (أحمد) ابن حنبل، وفقه أبي حنيفة، ومقاصدية الشاطبي، وظاهرية ابن حزم، ورقائق الجنيد، وفقه ابن تيمية. assayha.net/play.php؟catsmktba=6986
أحدث المقالات
- حلمت فى الليلة الماضية بأنى فى قريتى- و صحوت! بقلم عثمان محمد حسن 09-10-15, 07:50 PM, عثمان محمد حسن
- استعدال شاسي شوقي بدرى بقلم حماد صالح 09-10-15, 07:44 PM, حماد صالح
- الفساد الانتخابي مالي ومؤدلج للدين الإسلامي... بقلم محمد الحنفي 09-10-15, 07:42 PM, محمد الحنفي
- الإنسانية تدخل... المتحف! بقلم هاشم كرار 09-10-15, 06:18 PM, هاشم كرار
- خربشات مسرحية (4) مقدمة في علم الإجرام بقلم محمد عبد المجيد أمين (براق) 09-10-15, 06:13 PM, محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
- الشاعرة والكاتبة كارين شافان Carine Chavanne بقلم د.الهادي عجب الدور 09-10-15, 06:10 PM, الهادى عجب الدور
- السودان : جرح سبتمبر ما زال نازفا! بقلم د.على حمد ابراهيم 09-10-15, 06:03 PM, على حمد إبراهيم
- سد النهضة بعين مواطن علي ضفاف النيل الازرق.. بقلم خليل محمد سليمان 09-10-15, 06:00 PM, خليل محمد سليمان
- وصلت النمسا بقلم حيدر محمد الوائلي 09-10-15, 05:58 PM, حيدر محمد الوائلي
- المؤتمرات الحركية ووحدة فتح ومضيعة الوقت بقلم سميح خلف 09-10-15, 05:55 PM, سميح خلف
- المهدية والانقاذ شبه شديد 2 بقلم شوقي بدرى 09-10-15, 04:29 PM, شوقي بدرى
- هذيانُ الكاروري بقلم بابكر فيصل بابكر 09-10-15, 04:26 PM, بابكر فيصل بابكر
- قصة الفداء والتضحية بقلم حامد جربو/ السعودية 09-10-15, 04:24 PM, حامد جربو
- رد على (عمران!) لعله يهتدي فيسكت بقلم طلال دفع الله 09-10-15, 04:22 PM, طلال دفع الله
- الفريق ابو شنب معتمد الخرطوم :مع التحية!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-10-15, 04:20 PM, حيدر احمد خيرالله
- أخطاء ومسلمات في تاريخ السودان تتطلب ضرورة المراجعة 4 متى اتحدت مملكتا نوباديا ومقُرة 09-10-15, 04:19 PM, احمد الياس حسين
- رجال شارع.. أم رجال دولة!! بقلم عثمان ميرغني 09-10-15, 03:19 PM, عثمان ميرغني
- مع الفريق نافع مرة اخرى..!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-10-15, 03:15 PM, عبدالباقي الظافر
- لــــــــــــط !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-10-15, 03:11 PM, صلاح الدين عووضة
- التفريق بين الإسلامي والعلماني يا عثمان ميرغني! 1-2 بقلم الطيب مصطفى 09-10-15, 03:08 PM, الطيب مصطفى
- ( كريعات جديدة ) بقلم الطاهر ساتي 09-10-15, 03:06 PM, الطاهر ساتي
- عفاف رحمة:كيف تخيلت حقيبة الفن الوطن المأمول بقلم عبد الله علي إبراهيم 09-10-15, 05:25 AM, عبدالله علي إبراهيم
- قاعدين ليه ؟ أمشو بجو غيركم بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 09-10-15, 05:22 AM, سيد عبد القادر قنات
- شاء حظه العاثر أن يضعه بين فكى كماشه .. ما بين شركات الإتصالات العامله فى السودان والحكومه ... 09-10-15, 05:20 AM, ياسر قطيه
- تائه بين القوم/ الشيخ الحسين/ تخاريف المعتوه 09-10-15, 05:18 AM, الشيخ الحسين
- اطفال جبال النوبة في مأساتهم يصرخون في وادي ظل الموت فهل من يجيب ؟؟؟ بقلم ايليا أرومي كوكو 09-10-15, 01:51 AM, ايليا أرومي كوكو
- حقيبة مسافر من غزة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 09-10-15, 01:48 AM, مصطفى يوسف اللداوي
- ما قلت نوبة !! بقلم اللواء تلفون كوكو أبوجلحة 09-09-15, 11:00 PM, تلفون كوكو ابو جلحة
- اللاجئون بين الواقع المأزوم والتضامن الإنساني بقلم نورالدين مدني 09-09-15, 10:57 PM, نور الدين مدني
- الثـــائر معـدن لا يصدأ!! بقلم ادم ابكر عيسي 09-09-15, 10:56 PM, ادم ابكر عيسي
|
|
|
|
|
|