|
الحركة الإسلامية تعترف.. تتوب وتستغفر..! - بقلم يوسف الجلال
|
يبدو أن الحركة الإسلامية تحسست موقعها بين الناس، فوجدت أن رصيدها في هذه النواحي، صفراً كبيراً، لذا عكفت على تقديم نفسها وأطروحتها إلى الناس في ثوب جديد، بعدما خصمت تجربتها في الحكم، من قبولها المحدود بين الناس.
ابتداءً، يُحمد للحركة الإسلامية أنها مارست نقداً ذاتياً، أشار إلى وجود قصور بائن وإخفاق كبير، جراء الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها خلال السنوات الماضية، بدءاً من الانقضاض على الديمقراطية في نسختها الثانية. مروراً بالأطروحة الأحادية الإقصائية التي حكمت بها السودان. وانتهاءً باشتعال الحريق في غالبية أجزاء الوطن. طبعاً، كل ذلك مقروناً مع تنامي حالات الفساد، والتدهور الأخلاقي الكبير الذي انتظم المجتمع، لدرجة أن الدعارة أصبحت سلعة تُباع وتُشترى في عرصات ونواحي المدن المعدمة والمترفة على حدٍّ سواء.
اللافت أن قادة الحركة الإسلامية السودانية، مارسوا اعترافاً نادراً، أشاروا فيه إلى تناقص مناصري حركتهم وانفضاضهم عن الفكرة والشعار، بعدما ثبت بالتجربة والأدلة الدامغة، أنه محض أقوال لا تسندها أفعال. ولعل هذا ما أوعز لقادة الحركة الإسلامية لرفع شعار "الهجرة إلى الله"، في سبيل تزكية واستعادة قواعد الحركة. الشاهد أن الحركة الإسلامية تنظر إلى برنامج "الهجرة إلى الله" الذي تنشط لتنفيذه حالياً، على أساس أنه يمكن أن يعوّض الحركة جماهيرها الذين فقدتهم جراء تمدد الانتهازيين والنفعيين في المؤتمر الوطني ذراعها السياسي. صحيح أن جماهيرية الحركة الإسلامية محدودة، على نحو ما أكدته صناديق الاقتراع في الديمقراطية الثالثة، لكن مع ذلك فهي محتاجة لإقناع تلك القاعدة غير الممتدة، بضرورة الالتفاف من جديد حول شعارات الحركة الإسلامية الوريث الفكري للجبهة الإسلامية القومية، بعد أن انفض السامر بفعل الأخطاء الكبيرة.
ويتمظهر اعتراف الحركة الإسلامية بفشل تجربتها الدعوية والسياسية، في رهانها على الركائز الثلاثة التي انبنى عليها برنامج "الهجرة إلى الله". وهي التوبة والأوبة والاستغفار. وهذه المرتكزات تشير بجلاء إلى الحركة تقر باقترافها إثماً سياسياً ودينياً ومجتمعياً كبيراً. إذ أن التوبة دائماً ما تكون من الجريمة، بينما الأوبة تكون من الغفلة، أما الاستغفار فيكون من الذنوب. وللتأكد من هذه الاستنتاجات، ما علينا سوى استقراء تصريح الدكتور نافع علي نافع في برنامج "الهجرة إلى الله" المُقام بولاية الجزيرة. يقول نافع: "إن مثل هذه البرامج نقر فيها بالتقصير، ثم نعود إلى الله سبحانه وتعالى لأن القصور أمر مستمر مع الإنسان وليس لحظة عابرة".
حسناً، فالحركة الإسلامية تبحث عن نفسها بين الجماهير، وتعمد لاستعادة ماضيها الذي أجهز عليه الدكتور حسن الترابي، بعد أن دعا "شيوخها" إلى مائدته في بواكير انقلاب الإنقاذ، وقام بإهداء كل من حضر منهم مصحفاً، في إشارة إلى أن دورهم قد انتهى، وأن الأمر الآن بيد وجوه جديدة. تلك حقيقة صادمة، ربما تعيق جهود من يرمون إلى استعادة سطوة الحركة الإسلامية على حزب المؤتمر الوطني. لكن أهم من هذا إنه طالما أن القبلية والفساد والمحسوبية ونزيف الدم قائم، فإن حظوظ الحركة في العودة إلى الحياة السياسية والدعوية من جديد تبقى معدومة تماماً.
|
|
|
|
|
|