على حسب وسائل الاعلام الحكومية فإن الحكومة الروسية هي التي دعت البشير لزيارتها ؛ ولم تؤكد أو تنفي الحكومة الروسية هذا الزعم ، ويبدو أن الحكومة الروسية غير مهتمة بذلك على نحو يشكك في مزاعم اعلام النظام السوداني . وأورد الاعلام السوداني الاتي:(هذا ومن المقرر أن يصل الرئيس السوداني اليوم الأربعاء إلى موسكو في زيارة عمل رسمية لروسيا مع وفد اقتصادي وعسكري كبير تستغرق ثلاثة أيام). ولم يشر الخبر الى وجود وفد أمني أيضا. لكن بغض النظر عن أي شيء فإن زيارة البشير لروسيا تبدو زيارة مقصود منها الشو الاعلامي وارسال رسالة للقوى السياسية السودانية بأن البشير لازال قادرا على الحركة ، والخروج خارج الدول الأفريقية التي لا تخضع لسيطرة اوروبية وفرنسية على وجه الخصوص. مهمة الوفد الاقتصادي واضحة وهي محاولة ايجاد مخرج من الانهيار الاقتصادي وتراجع الاستثمار الأجنبي في السودان ومن ثم شح العملات الحرة والتضخم اللا متناهي والذي بدا واضحا أن الحكومة عاجزة عن كبح جماحه. أما الوفد العسكري فهو محاولة من النظام لاستجداء الدعم العسكري من روسيا ، والغاية النهائية هي لفت نظر الولايات المتحدة الى أن النظام قد يجد له هامش حركة بالانفتاح على روسيا لتخفيف الضغوط الامريكية والعزلة الاقليمية والدولية عنه . لكن كل هذه المهام ستذهب ادراج الرياح ، فلا روسيا ستنقلب بذراعيها الى الاستثمار في السودان ، ولن ترمي بثقلها عسكريا فيه ولن تؤثر حركة البشير هذه على مواقف امريكا ولن تخفف الضغوط او العزلة عن النظام. إن البشير لا يدرك أن النظام العالمي لديه معايير ومساطر يقيس بها حجم الدول من خلال انظمتها ، فهو يقيس وضعها الجيوسياسي الاستراتيجي ، ومدى الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي في الداخل ، وعلاقات النظام بالدول المتاخمة له والمنظومة الاقليمية حوله ، بالاضافة الى أن موسكو مهما كانت تبدي صداقة مع النظام فهي تدرك أن النظام غير مفيد في اي مستوى سياسي او دولي او عسكري لانعدام أي ثقل لنظام البشير اقليميا ودوليا ، بل ربما ان مليشيات مسلحة كمليشيات ما يسمى بحزب الله في لبنان أكثر أهمية وأكثر فاعلية في تغيير أي واقع سياسي او عسكري على الأرض كما حدث في سوريا. والسؤال الذي ينتج عن ذلك : ماذا سيستفيد بوتين من زيارة البشير؟ لقد انتهى عهد الحرب الباردة وانتهى الصراع الايدولوجي ، وروسيا نفسها تحللت من فلسفتها التاريخية ولم تعد تحتاج الى بناء أحزمة جغرافية ايدولوجية ، هذا بالاضافة الى أن السودان لا يحمل اي ميزة جيوسياسية على الاطلاق؟ كما أنه أقل من ان يتمكن من احداث اي تأثير على الخارطة السياسية اقليميا ودوليا. فماذا ستستفيد دولة كبيرة كروسيا من دولة افريقية لا تسيطر على مواردها الطبيعية ولا على أمنها ..بل تعاني من أزمة وجودية حقيقية فقدم لها في الحياة وقدم أخرى في القبر . مالذي يمكن ان نتصوره -مهما كنا واسعي الخيال- من قيمة لهذه الزيارة... في الواقع .... لا شيء .. انها زيارة سيضرب لها اعلام النظام الطبول .. وهو يعرف بأن طبوله فارغة من الداخل... امل كردفاني..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة