اسم الكتاب: أم درمان يا مدهشة المؤلف: عادل عثمان عوض جبريل

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 05:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-10-2014, 07:36 PM

عادل عثمان عوض جبريل
<aعادل عثمان عوض جبريل
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اسم الكتاب: أم درمان يا مدهشة المؤلف: عادل عثمان عوض جبريل

    اسم الكتاب: أم درمان يا مدهشة
    المؤلف: عادل عثمان عوض جبريل
    الإهداء
    إلى أم درمان.... مدينتي.... لعلها تغفر لي خطيئتي الكبرى بالرحيل منها والهجرة "إلى بلاد تموت من البرد حيتانها.
    إلى ناسها.... حيشانها.... ازقتها.... ترابها.... إلى حكاياتها التي لا تملها الذاكرة إلى كل شوارع حي القلعة وود نوباوي..... إلى الأمير عبد الرحمن عبد الله عبد الرحمن نقد الله.
    إلى أسرتي الرائعة.... زوجتي ندى وأبنائي آمنة وعلاء الدين وأحمد نصر الله إلى ذكرى الراحلين.... اخوتي..... المناضل عوض سكر..... عادل الزاكي.... ازهري الشيخ ادريس.... خالد كالو.... هاشم المسعودية.... الفاضل موسى..... حمزة الخال.... الفاتح طيارة.... معتز.... العم علاء الدين محمد الحسن.... راشد يوسف.... الوليد المحبوب..... سلامة مرحوم.... عمر ابو حفص.






    شكر وتقدير

    يسعدني أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان وجزيل العرفان لكل من أسهم في إخراج هذا الكتاب وأخص بذلك الأديبة والناشرة اللبنانية الأستاذة غريد الشيخ ود. عبد اللطيف اطيميش للمراجعة والتدقيق ود. أحمد عكاشة والأخوين محمد عثمان وعوض عثمان والصديق د. محمد سعيد محمد الطيب ود. أحكام محمد أحمد لوكا والأستاذ نور الهدى وأسرة دار عزة والأصدقاء علي طه وخالد طه وعوض طه لنبل معدنهم ولكرمهم الفياض وأيضاً الأصدقاء عماد محجوب وتاج السر وأسرته وأمير طه وعبد الله جنجا وزهير سليمان غندور ومحمود الأسد وصديق محمود عمر والهادي الأسد وكمال مضوي وبهاء الدين الصبي وأمير الجيلاني.
    وأيضاً كل الشكر والامتنان لأسرة المعهد الإقليمي لدراسات النوع والتنوع والسلام وحقوق الإنسان بجامعة الأحفاد ود. بلقيس بدري ود. قاسم بدري ود. نفيسة بدري. والشكر أجزله لأسرة السفارة الهولندية بالخرطوم وأخص بالشكر الصديق هينريك فان اش وزوجته نيكول والأستاذ علي عباس ومكتب منظمة الهجرة الدولية بلاهاي والخرطوم الأستاذ برهان آدم والأستاذ ذيا غلام والسيدة مونيكا سنكورا والسيد هانز. كما لا يفوتني أن اشكر أسرة مركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان وعلى رأسهم البروفيسر الهادي عبد الصمد ود. خالد علي لورد والأستاذ صديق محمد أحمد مضوي.
    ويسعدني أيضاً أن أتقدم بأسمى العرفان والشكر لأسرة مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي وعلى رأسهم د. كمال عبد الكريم ميرغني والأستاذ وليد خلف الله وحسام محمد عبد الوهاب و وليد يوسف والأستاذة أمينة عبد الرحيم ود.مصطفي الصاوي.

    المقدمة


    يمتطي عادل عثمان صهوة سحابة، يسابق الريح لتحطّ رحاله في وطنه الأم.. في
    السودان الحبيب.. ويا لهول ما يراه.. تمزّق وتشتّت، وجنوب يكاد ينفصل عن
    شمال!!!

    عشرون عامًا مرّت في الغربة في رحلة لإيجاد الذات وتحقيقها.. عشرون عامًا
    وهو بعيد عن وطنه، عن أم درمان، وها هو اليوم يعود ليعتذر عن فداحة عقوقه
    وجرأة مكوثه عقدين كاملين بعيدًا عنها.

    يدين الشاعر نفسه عندما يتساءل: أليست هي أنا وأنا هي؟ كيف يترك الإنسان أناه!!!

    عند ملتقى النيلين الأبيض والأزرق تتربع أم درمان أم المدائن ست الدنيا،
    كما يسمّيها عادل عثمان، حاضنة أبناءها ومتحدية كلّ الأزمات والأخطار،
    يقول:

    "إليك يا أم درمان

    يا أمّ المدائن

    يا عروس الدنيا

    يا لؤلؤة تتوسّد تاج الزمان

    أهديك كل أشعاري

    أنقش اسمكِ بضوء القمر على

    ذاكرة الليل الصاحي"

    يتمشى في أزقّتها الضيّقة ويملأ عينيه العاشقتين من وجوه أبنائها السُّمر
    وحوانيتها القديمة وأزقتها الضيّقة..
    ويترنّم عادل:

    "وجهك نور يشفي انكسارات الرّوح"

    "كل صباحاتك فلٌّ وياسمين وعنبر"

    "هي زهرة لا تشبه إلا نفسها"

    " هي ملكة يُظلُّها الغمام وتحرسها الزغاريد وبخور التيمان"

    " ملكة ملوك النيل"

    عشق عادل عثمان لبلده السودان ولمدينته الحبيبة أم درمان، عشق كل ولد
    لأمّه، ولكن العشق يتميز عند الشاعر فهو يدخل في التفاصيل الصغيرة التي
    لا يكاد يتنبّه إليها غيره. يذكّرنا عادل عثمان بمحمد الفيتوري عاشق
    أفريقيا الحزين، ويذكّرنا بنزار قباني ودمشق التي كانت تتسلل على أصابعه
    في كل مكان كان يذهب إليه فتظهر رائحتها على دفاتره..

    ليس أجمل من حب يُعلَن على الملإ ونتباهى به دون خوف، إنه هذا العشق عشق
    الإنسانى لوطنه وأرضه وناسه، فكيف إذا كان هذا الإنسان شاعرًا حسّاسًا
    مبدعًا يتلمّس مكامن الشوق والهيام في داخله فيسكبه في مسامعنا مترقرقا
    ناعمًا يحرّك فينا أحاسيس تشبه تلك التي انسكبت من نفس قائلها.

    بوركت يداكَ عادل عثمان.. وبورك قلبك النابض بالحب أبدًا.


    غريد الشيخ
    اديبة و ناشرة لبنانية

    11|11|2010





    رد الجميل


    يعود دخل هذا الكتاب لصالح مدرسة أمدرمان الأهلية للأساس (الثانوية العامة سابقا) والتي قضيت فيها واحدة من أخصب وأجمل محطات حياتي .
    أنشأت المدرسة الأهلية عام 1927م بجهد شعبي خاص حيث أسهم في بناؤوها التجار والمثقفين والمشائخ وعامة الناس فجمعوا التبرعات وأقاموا الأسواق الخيرية وعندما توقف والبناء في مرحلة السقف قام الشيخ/ أحمد حسن عبدالمنعم بخلع أسقف منزله ليتم بناء المدرسة جوار منزل الزعيم الأزهري وكان تشيد المدرسة الأهلية ملحمة وطنية ضد المستعمر الذي أدرك خطورة الطبقة المتعلمة بعد احداث ثورة عام 1924م وأصبحت أغنية الشاعر مصطفى يوسف التني الداعية لدعم التعليم الأهلي نشيداً وطنياً الهبت المشاعر الوطنية ضد الإنجليز في كل السودان .

    في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز
    ما بخش مدرسة المبشر عندي معهد وطني العزيز
    نحن للقومية النبيلة ما بندور عصبية القبيلة
    تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز


    وادى قيام مؤتمر الخريجين في 1928م وإبتكار ما يسعى بيوم التعليم إلي أحداث ثورة في التعليم الأهلي حيث فاق عدد المدارس الأهلية إلي أنشأها المؤتمر في أرجاء السودان في عشر سنوات عدد المدارس التي أقامها الإنجليز طوال نصف قرن .
    وتواصل المشوار بإنشاء المدرسة الأهلية الثانوية عام 1945م ومدرسة المؤتمر الثانوية عام 1950م تخليداً لذكرى مؤتمر الخرجين . وفي عام 1986م تم إفتتاح جامعة أم درمان الأهلية تتويجاً لأحلام الآباء الأوائل رواد التعليم الأهلي والعمل الطوعي والخيري في السودان حيث أشار د. المعتصم أحمد الحاج إلي ما كتبه البكباشي/ أحمد عقيل في مارس 1944م بصحيفة (صوت السودان) عن المدرسة الأهلية حيث قال (أنها بدأت كتاباًً واليوم فصلان ثانويان وعما قريب ستكون الكلية الأهلية ، وهكذا بإذن الله إلي أن تصل إلي مصاف الجامعات التي ينتهل منها طالب العلم حتى يشبع وهيهات أن يشبع) .











    إلي أميرة إسمها أم درمان

    " من بلد الغربة والوحدة في الزحام
    يريد أن
    يرجع
    يهرب
    لكن كيف ؟
    يريد ان يعود لبلاده
    للصيف
    وأن يبلله كالقمح والأشجار مطر الخريف
    يريد ….....لكن بينه وبينها ينحفر الأخدود
    وتشمخ القارات والبحار والحدود
    وفي الظلام يسقط الجليد ...
    يسقط الجليد "
    عبدالرحيم أبوذكرى


    قدرنا ان نهاجر...............نرحل و لكننا لم نترك الوطن خلفنا.........لقد اخذناه معنا.....

    أمدرمان ياسادتي .... مدينة مدهشة ... زهرة لا تشبه إلا نفسها
    فارقتها قبل عقدين من الزمان وكنت أردد كل لحظة في الغربة مع عمر البنا
    امتي أرجع لامور وأعودا
    أشوف نعيم دنيتي وسعودا
    وعندما أعود إليها أحس أنني لم أبرحها لحظة حيث تستقبلني
    بحب شمس صباحاتها العذبة تغسلني من هجير المنافي القاسية
    قال محمد المكي ابراهيم في ديوان أمتي:
    من جميع المطارات ...
    بين الحقائب والنوم والإنتظار عبر تلك الدهاليز والمكرفونات ...
    عبر وجوه المضيفات ... كان قلبي يذكرني إننا منك ندنو ...
    وتدنين منا مع كل ثانية تستطار ... ثم أرجع القاك واقفة في المطار ...
    طفلة في المدائن ، سيدة في القرى يغضب الصيف منها
    وتجلدها الشمس كالذاجرة
    ثم تأتي الأماسي ساعة بالنسيم الحنين
    تطيب خاطرها وتمسح عن وجنتيها الغبار!”
    أما امسيات امدرمان الفرايحية فتطوف بي سماوات السلطنة والطرب
    فأكاد اغرق منتشياً في حقيبة فنها
    الليلة كيف أمسيتو
    ياملوك أم درمان يبقي لينا نسيتو
    جلسن شوف ياحلاتن فزر في ناصلاتن
    الناعسات كاحلاتن
    وأورد مع العبادي وسرور
    برضي ليك المولى الموالى
    وعاذة الفراق بي طال وسال الدمع هطال
    وفي حلتنا حي القلعة لا اترد لحظة في الإنضمام لجوقة كرومة وابو صلاح في (بيت اللعبة) ونغني:
    العيون النوركن بجهرا غير جمالكن مين السهرا
    يا بدور القلعة وجوهرا
    وعندما يرد سلطان الطرب كرومة
    ياليل أبقالي شاهد على نار شوقي وجنوني
    تصل النشوة في ليل أمدرمان سدرة منتهاها فيصيح الشيخ الجليل قريب الله .... الله .... الله .... الله .... الله
    في محراب جمال أمدرمان يغرق ويتيه الجميع ما بين ظبية المسالمة وشاكي لي ودنوباوي وخمسين البيان والفرع المال في بيت المال ويأخذني محمد بشير عتيق إلي بيت فرح في حي السيد المكي في البيان وننضم إلي جوفه المغنواتية ، وهنالك
    قضايا ليلة ساهرة إتضمنت محاسن
    من كل روضة عينة ومن كل عينة زهرة
    الجو نسيمة رايق والغيم نشر مظلة
    ما أحلا ديك مناظر فيها البيان تجلا
    وعندما يشتد بي الوجد والشوق لأمدرمان أصرخ
    حليل أمدرمان حليل ناسا .... وكيف أنساها وأتناسى
    فيأتين صوت عبدالمنعم عبدالحي
    أنا السودان تمثل في ربوعي
    أنا ابن الشمال سكنتو قلبي على ابن الجنوب ضميت ضلوعي
    ويهرول عبدالله محمد ذين من بوابة عبدالقيوم تجاه الطابية حيث يغاذل محبويته عند ضفة النيل الخالد عند الغروب
    أنا أمدرمان لسان حالك
    أريتك تدري بي حالي
    وحبك بدري أوحالي .... أنا القدرت أحوالك
    أقوم بأعظم الأدوار
    وأكون الساحة للثوار
    أنا الطابية المقابلة النيل .
    وأنا العافية البشد الحيل
    انا أمدرمان أنا الأمة وصوت الأمة وإحساسها
    أنا التأسيسها بي تم وأنا للميت شتات ناسها
    مزجت شمالها بجنوبها وسكبت شروقها في غروبها
    والإنسان السوداني شديد الإرتباط بالأرض ويألف المكان الذي يعيش فيه و يحزن كثيراً على فراقه لأن إحساسه بالمكان أعمق وأقوى من إحساسه بالزمان . وصور الشاعر مصطفي عوض الكريم والذي عاش في لندن لفترة من الزمان ، حنينه إلي وطنه وإلي قريته كرمة في شمال السودان بقوله:
    فلو كنت في عليا الجنان منعما تنادمني كواعب ضمر
    يقدم لي الغلمان خمراً عتيقة يمازجها ماء الغمام المقطر
    وزادى تدينة الملائك يانع من العنب المسحور بالخمر يقطر
    ويقرا لي الأشعار جبريل منشداً بصوت رخيم والنبيون حضر
    لقلت : أرب العرش عد بي لكرمة مني النفس فيها والنعيم المقدر

    يرجع إسم اميرتي أمدرمان كما يشير المؤرخ محمد ابراهيم أبو سليم إلي عصر العنج السابق لعصر الفونج حيث كانت هنالك إمراة لها ولد يدعى (درمان) كانت تسكن منزلاً مبنياً من الحجر في منطقة بيت المال الحالية .
    أمدرمان يا سادتي هي اللوحة البديعة التي باركها الإمام المهدي وبناها خليفتة عبدالله التعايشي وأسهمت في نهضتها كل قبائل السودان المتعددة دينياً وعرقياً وثقافياً بل إمتزجت في نسيجها كل الجماعات المهاجرة من غرب وشرق أفريقيا والإنجليز والمصريين والاتراك ، الشراكسة ، الشوام ، الأغريق ، الهنود ، الاقباط الإيطاليين اليهود ، الارمن والمغاربة .
    أم درمان .... ستبقى وستظل أميرة النبل والعزة والكبرياء .... أقوى من كل جلاديها على مر العصور .... مدينة مدهشة لا تتوقف لحظة عن العطاء تماماً كالنيل الذي أستاذنها الجوار والقرب كما شهد بذلك عبدالله محمد ذين .


    أنا أمدرمان سقاني النيل
    رحيق العزة من كاسو
    أنا اللى مجدو كنت دليل
    وآية وحدة لناسو
    أنا الفي الشاطي الغربي
    وسقوط غردون مهر حربي
    أنا النيل الطلب قربي
    ومزج بين كافة الألوان
    مدينة .... تشع معرفة وعلم ونور وثورة والإنتماء الحقيقي لها يعني الوقوف بصلابة مع جماهير شعبنا في كل قضايا الصراع السياسي والإجتماعي دون مساومة من أجل إنتزاع كل الحقوق كاملة غير منقوصة . هكذا علمنا العبقري خليل فرح (في عازة وفلق الصباح والشرف الباذخ) وتوفيق صالح جبريل وأولاد عشري وأولاد الكد وعلى المك .
    تطوي أمدرمان إجنحتها علينا كل مساء وتجمعنا كالأطفال لتحكي لنا عن: المهدي وكرري وود تورشين وثورة أربعة وعشرين والمدرسة الأهلية ومؤتمر الخريجيين والأزهري والمحجوب وأكتوبر وأبريل ديمتري البازار وصديق منزولي وبرعي القانون والشيخ عوض عمر وخلوة بولس والمسالمة .
    يا أحياء أمدرمان أم درمان القديمة باشقائق النعمان يا الملازمين وبيت المال والفتيحاب والعرضة والعمدة والعباسية يا فرسان أمدر الأشاوس .... يا أبوعنجة ودنوباوي وأبو روف وأبوكدوك . يا الحيشان والشوارع والساحات المرشومة الصدر بأوسمة الفخار والعز لا تنسوا أن تكتبوا على كل الطروقات بأن (الغزاة لم يمروا سالمين من هنا) لأن مهرك يأ أمدر كان آلاف الشهداء وكانت شهادة الأعداء في (معركة النهر) قلادة شرف وفخار لايدانيها شرف فأنت رغم حداثة سنك إلا أنك أصبحت أم المدائن وست الدنيا يا مدهشة .... تماماً كانت حبوبة فاطمة تردد أم درمان "إتولدت بسنونها" . في كرري كان صوت تكبيرات الأسود الإشاوس يختلط بغبار المعركة وهم يتسابقون لفداء الوطن العزيز كما أنشد عبدالواحد عبدالله
    كرري تحدث عن رجال كألأسود الضارية
    خاضوا اللهيب وشتتو كتل الغزاة الباغية
    والنهر يطفح بالضحايا بالدماء القانية
    ما لان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية
    ولأن محمد عمر البناء أنشد:
    الحرب صبر و اللقاء ثبات والموت في حق الإله حياة
    وأصوات تأتي من ناحية النهر:
    (يا بنية جرى الكلام للأسد الما بنضام .... أبوى مما تب قام .... أبوى قدحو سبق السلام)
    (يابنية جري القدح ... للأسد الما إنفضح ... أخوى مما قام قرح ... وبحر المالح طمح)
    (أنا ليهم بجر كلام ... دخلوها وصقيرها حام ... سم اب درق الجدادي ... تكل الجدري البعادي) (متين يا علي تكبر تشيل حملي ماياك على الخلاك أبوى دخري ... ما داير الك الميتة رماداً شح ... دايراك يوم لغي بدماك أتوشح ... أحي يا علي سيفو البحز الروس) .
    أمدرمان .... سادتي هي أميرة الكرم والعطاء المتدفق كالنهر . دست في حقائب سفري للمنافي البعيدة حنين خرافي لا ينضب بل يزداد كل يوم . هي كالأم تماماً وطالما كانت تأخذ بيدي بعطف وننتصر سوياً على قساوة المنافي ومشقاتها بعزم وثبات في بلاد (تموت من البرد حيتانها) ونحن نرتشق القوة سوياً وهي ترتجف من البرد وتضحك بشدة وأنا افتح خزائن ذكريات ذلك الزمن الجميل.
    أتذكري يا أمدرمان بعض شقاوة الطفولة والشباب عندما كنا نخرج في مظاهرات عارمة من المدرسة الأهلية العليا حيث نتيجة أولاً لمجمع مدارس الثورة (شارع المدارس) ونتعمد إخراج مدارس البنات ليكونوا خلفنا فى المظاهرة حتى نثبت ونركز من مواجهة قوات البوليس والإحتياطي المركزي ولكي نشجع الطالبات على مواصلة التظاهر لأطول فترة كنا نقطع الهتافات الرئيسية ونردد بصوت عالي (بنات العام حاجة تمام بنات العالي عرس طوالي) فتتعالى الهتافات والصفير وتتواصل المظاهرة (يا بوليس ماهيتك كم ورطل السكر بقى بي كم) ... و(لن يحكمنا البنك الدولي) .... وبعدها يبدأ الصدام مع قوات الأمن وغالباً ما كان ينتهي بنا المطاف في القسم الشمالي .
    وعندما إكتشف البوليس مكرنا ودهاؤنا أصبح يقف حاجزاً بيننا وبين (شارع المدارس) .
    أم درمان ...... سادتي هي نجمتي ونبعي وفخاري ..... هي بطاقة هويتي .... لقد توحدت وذبت فيها ...... صرت بعض من أبنيتها القديمة .... حكاويها القديمة ... روائحها العتيقة (ريحة ترابها ... أبرى رمضان ... خبيز العيد ...ريحة البخور والطلح والصندل ... غبار الدافوري ... ريحة سوق الجلود والملجا) .
    كما قال ايليا ابو ماضي
    فالمرء قد ينسى المسئ المفتري والمحسنا
    والخمر والحسنا والوتر المرنح
    والغنا ومرارة الفقر المذل
    بلى ولذات الغنى
    لكنه مهما سلا هيهات يسلو الموطنا
    في كثير من الاحيان كنت اتعمد تجاهل هويتي وأعرف نفسي بها وبشوارعها وبحكاياتها ونكاتها فهى رغم بعدي عنها صارت إسمي ومهنتي وعنواني وأسماء أولادي وأحفادي لاحقاً ، ويحكي الفنان الجقر أن الشاعر عبدالله محمد زين أسمي إبنته أم درمان تأكيد لعشقه بها وبعد إلحاح وتدخل الكثيرين إستبدال الأسم بعازة .
    أمدرمان ... يا أمي إني لن أخبئ فجوري وعقوقي وسوأتى خلف ظلال الكلمات وفي دهاليز الحواشي واذقة العبارات الشمطاء . لا ... لن افعل ذلك ... بل أدين نفسي إدانة كاملة في كل ساحاتك العامرة ... في حوش الخليفة وميدان البحيرة وساحة العرض وحمد النيل واستاد الهلال والمريخ والموردة وسجن الساري . وفي كل أسواقك السوق الكبير والجديد ... سوق الموية... سوق الشجرة ... سوق التشاشة ... سوق الطواقي ... سوق أم سويقة ... ودكاكين الطاهر .
    كيف تتملكني الجراة و العقوق بأن أهجرك عقدين كاملين هل هنالك جرم أكثر من هذا؟!!!!
    كيف أبيع الذهب واللاذورد بفتات التراب
    لقد أصابتنا بعدك يا أمدر لعنة المنافي والشتات ... وأصبحنا كطائر الكبلانق الذي لا ينام ... فما أن نستقر في إحدى محطات الشتات ردهة من الزمن حتى نسرج خيل الترحال إلي منفى جديد مرة أخرى ... إنقطع حبلنا السري بالأرض التي لا تشبه ترابك وإنتفت كل قوانين الجاذبية.


    خسران ... يا سادتي وإن جمعت في غربتي عشرة أضعاف وذني ذهباً وشيدت هنالك القصور والحدائق الغناء ... فالحياة في ربوع أمدر ... هناء ... رضى ... يقين قناعة وراحة بال . وما أقسى وأتعس ليالي الغربة ففيها كما قال الحلنقي ومحمد الأمين (صبحت دمعتنا وسادتنا وكده حاول أعرف لينا خلاص...)
    أميرتي أمدرمان ... لا تربتي على رأسي وتضميني إلي صدرك الحنون يا رائعة ... لا تمسحي دموعي وتقبليني ... لا تعددي لي الأعذار ... إنت بهذا تزيديني شقاوة وعذاب . دعيني أقضي بقية عمري ، أكفر عن ذنبي و خطئي ... سأحلق رأسي (نمرة واحد) وأعدو حافياً في كل شوارعك وحواريك أطلب السماح والعفو من الترزية والسمكرجية والنواتية والاسطوات والعمال والطلبة وبائعات الكسرة وستات الشاي ... سأغرق في جوقات المغنواتية والمسحراتية والزفة وبيوت الظار وبيوت تعليم العروس. سأتمرغ في تراب حلقات الذكر في حمد النيل وأردد الأوراد مع الإسماعيلية والختمية والسمانية والأنصار ... وفي ليلة (قفلة المولد) سأختفي من الحشود وأعبر (بالطرق الشاقي الترام) حتى أصل ملتقى النيلين ... أغوص في النهر ... أتطهر من داء المنافي والشتات ... أسأل الله العفو والعافية ... أشاهد في منامي الخليفة يقطع بحصانة النهر ويطير ومن معه وأصواتهم وتكبيراتهم تعلو... تعلو تلامس أطراف السماء ….. و اسمع محمد عبدالحي يردد :
    أروح جدودى تخرج من فضة أحلام النهر
    ومن ليل الأسماء تتقمص أجساد الأطفال
    تنفخ من رئة المداح وتضرب بالساعد عبر زراع الطبال
    الليلة يستقبلني أهلي: أهدوني مسبحة من أسنان الموتى
    ابريقاً جمجمة مصلاة من جلد الجاموس
    رمزاً يلمع بين النخلة الأبنوس
    لغة تطلع مثل الرمح
    من جسد الأرض وعبر سماء الجرح .
    قبل شروق اليوم التالي بقليل أخرج من قاع النهر قبالة الطابية وبوابة عبدالقيوم عارياً من ذنوبي كما ولدتني أمي مرتدياً الجلابية (العلالا) ومركوب النمر... أصحوا من نومي تملؤني طمأنينة مدهشة لاحدود لها أرفع يدي إلي السماء وحبيبات الثلج تقرع نوافذ غرفتي ... أردد... يارب ... يارب ... يارب.
    أميرتي أمدرمان... المدن كالنساء تفرح ... ترقص وتخاف وترسم على مقلتيها لوحات متعددة للعشق والهيام . .. كل مدينة أنثى ... تبرز مفاتنها ... تغنج ... تحكي معسول الكلام ... وتهئ نفسها لزمن القطاف ... في المنفى ما أكثر الأشجار البكر المتدلية الثمار ... تنتظر خيول العشق ... تطرق بوابات الصبح القرمزية وتراود نسمات الفجر عن نفسها ... لكن يا أمدر ... وانت ترخين جدائل عشقك حولي كالملائكة ... ويحرقني شوقي اليك كالمريد في معراج الطاعة وتغطيني أنوارك... أدرت وجهي عن المدن المشتهاة ... المغطاة بأجنحة الحرير الشفاف تتسلل بأريج عطرها خلسة داخل سراديب الروح ... كل مدن المنافي خراب لأني وحدي قيسك ياليلتي يا أمدرمان أصابتني لوثة العاشقين منذ آلاف السنين جعلتني ... أطوف بين المحار وأزقة القصائد أبحث عن صدف الكلام وجنيات البحر التي تأخذني اليك ... يا مدينة تشبهينني وأشبهها ... في كل شيئ ... فرحي وحزني ... مخاوفي وظنوني ... في التفاتتي وطريقة تصفيف قوافي قصيدتي ... تشبهنني حتى في نكهة قهوتي الصباحية .
    لقد جعلتني خطيئتي يا أمدر أن أرفعك إلي مرتبة القديسين وأن أتطهر من خطاياي بالسعي في مدارج عشقك وأرتقي أعلى مراحل العشق والهيام وأسميك المدينة الإفلاطونية الفاضلة . لقد تسكعت في مدن كثيرة في شوارعها ... في متاحفها .... في حاناتها ... في زخمها و فوضويتها ... لقد أحبتني أمستردام بجنون وفاضت على بكريم عطاياها ... لكنها بكت حرقة عندما أخبرتها محال أن أعشق أمراة غيرك يا امدرمان …..
    تسكعت في مدن عظيمة وارفة الظلال تمثل مراكز إشعاع للمعرفة والحضارة الإنسانية والحداثة ... باريس ولندن ونيويورك ... وبقدر ما تمثل هذه المدن العقل ... أنت روحي
    يا أمدرمان أليست أنت حفيدة الحضارة النوبية القديمة؟!!!
    اعترف بأنني أحبك وأعشقك حتى الجنون لك مقدرة هائلة على الإغواء ...
    لقد همستي في روحي وجعلتيني ذلك السندباد الذي ينطلق من أرضك أرض ألف ليلة وليلة ... أجوب العالم وأعود إليك بعد كل رحلة أليست أنت الحضن والدفء والرحم؟ !!!
    لقد أصبحت أنا أرغوان و أنت يا أمدر إلزا وباريس .

    يرى د. عبده بدوي إن طائفة من الشعراء السودانيين إنبهروا بشقروات وحسان الغرب واوروبا وأكثر ما كان يفتنهم منهن هو الشعر الأصفر فكتب محمد سيد النور شعراً في يونانية وحسن عزت في المانية و باخريبة في إسبانية.
    قال محمد الواثق:
    متى أمر على باريس منطلقاً حيث الأنس وحيث العيشة الرغد
    وقد كنت القى بها (مونيك) يعجبني جمالها الغد من لين ومن أود
    ويقول يوسف التني في حسناء سويسرية

    إن في شعرك المذهب معنى
    عسجدياً وثنية ذوب شعاع
    قلت: من أبدع المفاتن هذى
    فأجابت في ضحكة وتداعي
    أبدعتها أم الجمال سويسرا
    وسويسرا عظيمة الإبداع

    و يقول محمد أحمد المحجوب:
    ذات شعر مصفف وقوام
    وحديث كأعذب الألحان



    لكن يا أمدر ... لم يسحرني الغرب بكل حسانه شقرواته عنك ياحلوة العينين ...
    تأملي بوح يوسف التني لأمراه (مشلخة)
    فينوس من ساق الجمال مصوراً في ذي غادة
    يضي على قسماتها نور الملاحة والقصادة
    وقول محمد المهدي المجذوب:
    وحفرة بدخان الطلح فاغمة تندي الروادف تلوينا وتعطيراً
    لمحت فيه وما أمعنت عارية تخفي وتظهر مثل النجم مذعوراً
    مدت بنانا به الحناء يانعة ترد ثوباً إلي النهدين محسوراً
    قد لفها العطر كالغيم منتشرا بدر الدجى وروى عن نورها نوارا

    أشعر بدفء جارف وطمأنينة وراحة بال وأنت تستقبلينني في كل زيارة للوطن عند ذلك النيل الخالد وقدماي تطأ أرضك الطاهرة ...... أحس أني أملك الدنيا و ما فيها وأنت بجواري تمدين نحوي جسور خرافية من المودة والحب وتسألينني عن أحوال الغائبين …... لم تهتمي مطلقاً بالهدايا التي قدمتها إليك وكانت كلماتك برداً وسلاماً ... عودة أبنائي أكبر هدية ألستم أنتم أنا!!!!
    أحس أني وجدت أمي بعد أن ضعت منها في ليلة " قفلة المولد" وبعد أن وجدتها تشبثت بثيابها بقوة وغمرتني أمواج عطفها وأمومتها ... كأني أريد أن أعود إلي رحمها مرة أخرى هروباً من كأبة العالم ووحشته .
    أي جنون أنت ... أي عشق أنت يا أمدرمان!!! .
    أمدرمان ... ياوردة مفتوحة الصدر ... باذخة العطاء لنحل ذكرياتنا يمتص رحيق الحنان كما يشاء وترقص أجنحته إعتذازاً وطرباً أتوسل إليك ببركة شيوخك الأتقياء ود أم مرحى والصائم ديمة والشيخ دفع الله والشيخ الجعلي و الشيخ قريب الله وود أرو وقدح الدم أستسمحك كل صباح أن تسقي أصيص الورد على شرفات شتائي ووحدتي بعد أن تجمعي شعرك الطويل وتتشري عطرك في أرجاء سراديب غربتي .
    أعتذر عن تطاولي وجرأتي بالكتابة عنك يا أمرأتي ... فكلماتي لا ترتقي مكانك السامي ...
    أنا لست الخليل ولا على المك وغيرهم ممن عشقوك ولكن في محراب جنانك وعشقك وحبك أزاحمهم بالمناكب وأحكي لكل الدنيا عن عناقيد حكايتك المدهشة ... الكتابة فيك لها سحرها الخاص تشفيني وتطيل أيام عمري ... أنت تماماً في مقام دمشق نزار قباني وقاهرة نجيب محفوظ وطنجة محمد شكري ... لك مقدرة ساحرة على استثارة مشاعري ... تغويني دائماً بالكتابة عنك يا أمدر ... تدفعينني دائماً إلي البوح ... تغويني أكثر مما تغويني المدن الحديثة حيث جبال الأسمنت والحديد والزجاج التي مهما تزينت بالأصباغ وأحمر الشفاه الا أنها مدن عديمة الروح .

    أم درمان يا حلوة العينين ... ستضحكين كثيراً عندما تعلمي أنني سأقضي ثلاثة شهور كاملة في أرضك الطاهرة ضمن برامج العودة المؤقتة للكفاءات المهاجرة والذي تشرف عليه منظمة الهجرة الدولية بالتنسيق مع الحكومة الهولندية ويهدف إلي إدماج المهاجرين في مجتمعاتهم الأصلية مرة أخرى . هؤلاء الأوروبيين (داقسيين) حقاً .
    فأنا وأنت شيئ واحد مهما باعدت بيننا المسافات وإمتدت البحار والمحيطات ... لم تغيبي عني لحظة واحدة طيلة هذه السنوات ... (وأنا والأشواق في بعدك بقينا أكثر من قرايب ... ما بنغيب عن بعض أبداً ... ذي أعز أتنين حبايب) كما غني الأستاذ محمد ميرغني . وكان لي عظيم الشرف أن تستضيفنني جامعة الأحفاد والأكرمين آل بدري . فهذه الجامعة تعتبر رائدة في مجال التعليم النسوي على المستويين العربي والأفريقي إضافة إلي سمعتها العالمية المرموقة . فعشرات الألاف من خريجات الأحفاد يحملن مشاعل العلم والمعرفة ، ويسهمن بجهد مقدر في مسيرة التغيير الإجتماعي والتقدم والتنمية . وتعتبر مؤسسة الأحفاد إضافة إلي المدارس الأهلية وجامعة أم درمان الأهلية تجربة أمدرمانية خلاقة تحكي عن عظمة هذه المدينة وأهلها . وكان لي الشرف ثانية أن تجتمع نصوص هذا الكتاب والتي كانت مثل العصافير التائهة في ظلال هذه الدوحة الوارفة ... جامعة الأحفاد ...في حي العرضة حيث مازالت أصوات جيوش المهدية تعطر أرجاء المكان ويأتي من بعيد صوت إحدى مغنيات الداون تاون (ناس الأحفاد بتحبوا يخشو للزول في قلبو) و (الجامعات البدورا أنا لازم أزورا) .
    أم درمان ... يازهرة النارينج... أيتها الأميرة الرائعة الجميلة ... كم نحبك ونعشقك ... ستسهرين دائماً معنا وسندخن سوياً النرجيلة ونغني لفيروز ومحمد ميرغني وزيدان وماريا كيري وسلين ديون وسميرة دنيا وترباس ... سنحملك في حقائب سفرنا وستملين الإنتظار الطويل في صالات الترانزيت ... لكن أليس أنت البحر والحضن والرحم والحنان؟!!!!
    وما انا إلا زهرة برية تنمو في شاطئك تبحث عن الدفء والهوية واليقين .
    أمدرمان ... سيدتي ... يا نقية كشهداء كرري ... يا شامخة كسنديانة جذعها في الأرض وفروعها في السماء ... هل لكل أن تمنحيني مزيداً من الشرف والعزة والإنتماء بأن أزرع بذور حكاياتك في أصقاع المنافي البعيدة ؟؟؟!!!
    أمدرمان ... حبيبتي ... أمي ... استسمحك أن أعزي نفسي كل مساء ... وأنعي ليل غربتي الطويل ... قدرنا أن نهاجر ... نرحل ولكننا لم نترك الوطن خلفنا ... لقد أخذناه معنا ... أستسمحك أن أردد مع خليل فرح تلك الكلمات التي سكب فيها عصارة وجدانه وحبه وإنتماؤه لأمدرمان وللوطن:

    ما هو عارف قدمو المفارق
    يامحط آمالي السلام
    في سموح الصيف لاح له بارق
    لم يزل يرتاد المشارق
    كان مع الأحباب نجمة شارق
    ما له والافلاك في الظلام
    ويح قلبي الما إنفك خافق
    فارق أمدرمان باكي شافق
    يا أم قبائل ما فيك منافق
    سقى أرضك صوب الغمام
    الضريح الفاح طيبة عاب
    السلام يا المهدي الإمام
    من فتيح للخور للمغالق
    من علايل أبو روف للمزالق
    قدله يا مولاي حافي حالق
    بالطريق الشاقي الترام
    ما يئسنا الخير عودة سايق
    الحي يعود إن أتي دونه عايق
    إلي يوم اللقا وأنت رايق
    السلام يا وطني السلام

    عادل عثمان عوض جبريل
    امدرمان
    جامعة الاحفاد
    and#1633;and#1636;نوفمبرand#1634;and#1632;and#1633;and#1632;


    أم درمان ستّ الدّنيا


    من زعفران ترابك
    ورائحة الأزقّة الضيّقة
    والحوانيت القديمة
    شيّدتُ أهرامات قصيدتي
    من دفء هواك ولا زَورد حكاياتك
    اِمتطيت صهوة سحابة
    سابقت الرّيح
    وجمعت في مزهرية أبجديتي
    أزهار الكلمات
    انتظارًا لربيع عرسك
    يا أم المدائن
    يا ستّ الدنيا
    يا أمدرمان
    تعلمت معنى الشموخ ربي كرري من
    وأنت تجودين بروحك في
    كربلاء الوطن
    أي المدائن مثلك؟!!
    ومن أي فراديس أتيتي؟
    حدثيني كيف لا يشيخ ليلك
    ولا تترهّل أغصان فجرك
    كيف تقهرين الموت عنوة
    إيذانا بقدوم كرنفالات الصيف
    من خلف السراب
    أمدرمان
    ... وسيدة النساء أميرتى
    دعي سفينة تيهي ـ كما النيل ـ ترسو
    على شواطئ صبحك
    وتغنّي مع الخليل لحنًا للحصاد وللمطر
    دعي براعم كلماتي تتفتّح كأنهار
    حول رخام جيدك
    وتزحف كاللبلاب نحو ثغرك
    ثم تغرق بين أمواج شعرك الطويل
    دعي رذاذ ذكرياتك ينزلق على منحدارت ليالي منافينا
    كي يعزف البنفسج وتلوّن شفتيها
    أزهار الرمان
    وننسج في طرف الكلام خيوطًا للحب
    وللغزل
    أمدرمان سيدتي
    لا تخبّئي وجهك عني
    خلف ستائر الزمن
    فوجهك نور
    يشفي انكسارات الروح
    في مدارات أرقها
    ياسمين و عنبر وكل صباحاتك فل






    أمدرمان

    في مساء غائم داكن
    يحاصرني ضباب الشمال
    مرّت على خاطري مسرعة
    أطياف لياليك
    يا زهرة لا تشبه إلا نفسها يا أمدرمان
    أسرعت نحوك ... أغمضت عيني
    اِستنشقت عبيرك
    وتفتّحت لي في المدى حدائق غناء
    تتراقص سوسنات ورودها
    غرقت عيني كشمس المغيب في بحر الدهشة
    وانسابت كالندى إيقاعات دافئة لا تنام
    ما أروعك يا أمدر
    ... تتلعثم في وصفها يا ساحرة
    عناقيد الكلمات
    يا ملكة يظلّها الغمام وتحرسها
    الزغاريد وبخور التيمان
    جلست منتشيًا على جدول ياسمينك
    وحكيت لليل عنك ألف حكاية ورواية
    2
    وقفت على بوّابات عشقك الخالدة
    أنادي أنغام الفراديس لتصدح
    أناديك يا ملكة ملوك النيل يا أمدرمان ..
    غرّدي ..... غنّي
    اِحملينا بطرف جناحيك يا مدهشة
    طوفي بنا في ممالك الجنّ والنغم
    وأعيدي لأيامنا نشوة الدّفء
    ورحيق الأمل
    3
    امدرمان هى كوثرى
    هي حبيبتي
    هي امراتي الودود
    نقشت ملامحها على روحي
    ووشمت في حلقات الذّكر أنفاسي
    وعمدتني برائحة الصندل والنّد
    وحين تمطر ذكراها على ضفاف ليلى
    تورق سوسنات العمر
    تفرهد عشبة روحي
    وتبوح عصافير الربيع للقمر الجميل
    وبين غديرها وطواويس الحروف
    عبارات تتوه
    ضلّت يا قوت معانيها













    رسالة إلى أم درمان


    إليك يا أمّ در
    يا أم المدائن
    يا عروس الدنيا
    يا لؤلؤة تتوسّد تاج الزمان
    أهديك كل أشعاري
    أنقش اسمكِ بضوء القمر على و
    ذاكرة الليل الصاحي
    ***
    أنت يا أم درمان
    أيقونتي .. إلياذتي .. تعويذتي
    وأورادي فى السفر
    أنت دفء فى بلاد يأكلها الصقيع
    تبكيها زخات المطر
    أنت حضني حينما ينكر معروفي
    كل البشر
    أنت عندما تظلم الدنيا بريق للبصر
    ***
    مَن سواك يجعل كلماتي تتشكل
    كالصلصال
    تسافر كالإعصار
    تتدفّق كالأنهار فى الأرض العطشى
    تغازل ألق الأنثى
    تقاتل من أجل الإنسان
    راحلتي يا أم در أضناها التسفار
    تبحث عن مرفإ.. تبحث عن شطآن
    يزداد عشقها إليك يا أحلى فنار
    راحلتي على امتداد الدروب البعيدة
    على ضفاف المساءات النَّديّة
    تشجى نفسها.. تردد
    أنا أم درمان ... ما هو عارف
    قدموا المفارق
    ***
    حملت طعم ذكراك وهجًا فى الأوصال
    أسمع صوتك يغطّيني فى ليالي الشتاء
    ويحكى لي قصص الأطفال فى أمسيات
    الربيع
    لياليك الصاحية ما زالت تناغم هدير النوبة
    وأطياف حسانك يا أم در ..
    تطاردني فى كل مكان
    يجلسن بجواري فى مترو الأنفاق
    وكحوريات البحر يخرجن لي من
    أزهار حدائق كيكنهوف

    أمستردام .. أغسطس 2006















    مساء الخير يا خرطوم


    مسا الخير
    يا جميلة العينين
    يا حلوة الحلوات
    مساء الخير ياخرطوم
    يا مدينة تعطّر ذاكرتي بالمسك
    والعنبر وعطر الزيزفون
    لم تهوى فراشات ولهي
    سوى أزهار حدائق فجرك
    ولن تغازل أحرفي إلا أنت
    يا عشتار المدائن
    يا حفيدة ملوك النيل يا خرطوم
    مساء الخير يا المهدي الإمام
    وأسودك تزأر...... تزحف
    تعبر النهر
    وتصفع مَن تطاول عليك
    يا جميلة العينين....... يا خرطوم
    مساء الخير يا رفاق الماظ
    مساء الخير يا ارصفة.... يا شوارع ....يا جموع
    مساء الخير يا المقرن
    والشمس تلملم بقايا أشعّتها التائهة
    وتغنّي مع سرب عصافير مسافرة
    جلسنا تحت ظلال فراديسك
    وشهدنا عناق الأحبّة
    رقصنا مع الأزرق الدفاق
    وارتمت فوق جبيننا
    جدائل الأبيض الوهّاج
    فهتفنا بالعديل والزين
    مساء الخير يا توتي
    يا إيقونة نوبيّة
    تتدلّى على صدر حلوة الحلوات
    تحرسها من حسد المدن المنسيّة
    لم تسحرني مدن اليانكي
    ولن تصرعني لحاظ جنيف
    ولن تسبح أنغامي في نهر السين
    كيف تتأنق كلماتي وتتعمّد بمياه
    غير النيل!!!!
    ومحال أن يكتمل بدر قصيدتي
    في غير سمائك يا خرطوم
    نشتاقك يا خرطوم
    نشتاق شموس صبحك توقظ شرفات أحلامنا
    نشتاق ليلك المرصَّع بالنجوم
    والحكايات الضاحكة









    ياوطن


    يا وطن انهض ... تسامى
    لملم جراحك وارسم في جبين الكون
    آية من آيات صلاحك
    انتشِ وافرح لما تظهر نجمة خلاصك
    افتح أول صفحات نجاحك وابدا...
    يا وطن اِضحك
    أمسك دموعك
    نوّر بالسلام سكّة دروبك
    اهزم سواد ليلك
    اِلعن فوضى حروبك
    وأشعل بالأمل نخلات شموعك
    اطرد الوهن.... اعبر لحظات صعابك
    حطّم قيودك
    تنقشع ظلمات غيومك
    وارفع بيارق نصرك عالية فوق
    ساقية حقولك










    الباب الشرقي
    إلى الشهيد البطل عماد مغنيّة
    خوذات اليانكي الملعونة
    تخرج من سراديب الموت
    تحاصرني في الباب الشرقي
    وتسأل نخلات العراق
    وأحدالخلفاءالعبّاسيين عن بطاقة هوية
    خوذات اليانكي تستبيح نهاراتك
    تملأ ردهات كوابيسنا طلقات .... عويل
    دويّ.... أشلاء ودماء .... قصف
    2
    طوفان الموت يهدر في الطرقات
    يصرخ كالمجنون
    تمتدّ خطاه من وسط الأهواء
    للبصرة حتى أطراف الموصل
    ديناصورات الحقد... تضحك...تعصر.
    قلب الإسفلت
    مرجل الجمر يعوي في طرقات الليل
    يطارد زخّات المطر
    تتفجّر أحشاء الارض المفقوءة العينين
    يتطاير كل شيء .... كل شيء
    حتى شواهد الموتى
    وأشلاء الأطفال وأسماك النهر
    هستيريا وبكاء مرّ
    امراة تصرخ...تصرخ.... تقبّلُ نعشَ
    رضيعها بين الأجداث
    القصف عفاريت تركض
    تطارد حتّى الأحلام
    وشاطئ دجلة يغطّي وجهه من أمطار النار
    نازك الملائكة تُهرول بين أزقّة قصائدها
    تودّع زهور قوافيها
    تلعن زمن الموت وزمن القحط
    وتسأل السيّابَ عن مخارج الطوارئ
    وجرعة ماء
    3
    يستجوبوننى عن البرامكة وثورات الزنج
    ومخابئ السلاح
    أصرخ
    أغوص في بحيرة نزيفي
    أنزع من ألمي جذور الخوف
    وأصفع زمن اليانكي
    تصفّق تويجات الفجر القادم
    الآتية مع رياح عاشوراء من
    ....والفلّوجة والأنبار كربلاء
    ونناديك ملء حناجرنا يا عراق
    قاوم..... لا تهادن
    سنقيم عرسك فوق رفاتنا
    ونشتل قرابينك بالدم
    في حقول ما بين النهرين

    الباب الشرقي منطقة في مدينة بغداد يتواجد فيها السودانيون بكثافة


    حكايات

    1
    في زوايا موانئ دست حكاياتها
    دموع اللاتي لم يودّعنَ سفن الرحيل
    ترسم بوداعة الأشجان
    وحمرة الشفق
    على سهول العشق المضمخة الضفاف
    تذكار ا عزيز ا
    2
    في أرصفة المحطّات التي سافرت
    قطاراتها
    أشعّة المساء تتصابى
    تميس مع الندى
    وتغازل سنديانات المها
    3
    المدن البعيدة (داون تاون)فى
    النهدين نافرة
    مدن أخلفت مواعيدها
    تتدحرج في المدى
    كريات ثلج
    وغيوم ثملى
    تطرد النعاس من قوافل الذكرى
    وتعبي كأسي بخمرك يا وطن




    4
    في ترانيم وأهازيج يافعة
    تغازل الشرفات النائمة
    خلف بوّابات الصبح هناك
    بين خبايا الحلم ورقرقة الصحو
    اِلتقيا وتعانقا
    رائحة الربيع
    وثمار قصائد نضجت
    تغنج....
    تتسكّع في الخاطر حان قطافها

    5
    في ثقوب جدران الهمس
    حيث تختبئ الفواصل ويئنُّ الساكسفون
    أمسى صوتها موالاً عتيقًا
    يتسلل من حانات فينسيا الشمال المشرعة الأبواب
    تندب رحيق الأيام وذاكرة فارهة النسيان

    6
    في صمت البحيرات البتول حائرة هي
    بين مشيئة الشهوات وفوران النزوات
    فارقتها لم تَبُحْ للمدى بأوان رحيلها
    حائرة بين ثلوج الشتاء
    وتيه المسافه نحو القمر



    قصائد ثملى

    قصائدي ثملى تهذي
    تصرخ تضحك...
    وكطيور جارحة تفترس قوافيها
    و بماء الورد
    تغسل عينيها
    تردّد أغنيات مبهمة
    تسأل صبايا الفجر
    عند زهرة بلون اللوز
    ووطن بطعم التَّمنّي
    تتردّد حروفي برهة ثم تقفز خلف
    أسوار الكلام
    نلتقي في آخر الممرات المهجورة
    ... حيارى...
    بين شرايين الأشجار الصامتة
    وغبار الحكايات الكاذبة المعلّقة
    في مئذنة الريح
    نسأل هدهدًا يتيمًا عن وطن حزين
    :ألن تأتينا بنبإ يقين قلنا
    قال:أعياكم المنفى ؟
    قلتا: لا
    ضحك قليلاً وواصل صمته
    نبني من فوضى الكلام نثرثر...
    بيوتاً كالعنكبوت
    ونصطاد الوهن من بركة الضياع
    زبد الذكريات يكتسي لدن الدم
    يتسكّع بين ذاكرتين
    ذاكرة الوطن التائه
    وذاكرة المنافي الرطبة
    خواتم الحكايات تهرب
    من قشعريرة الضوء
    وتصلب نفسها على جدران كراستي
    تتمتم الاوراق البيضاء
    تنهار أمامي كالكوابيس وتسألني
    من أنت؟ أين أنت؟
    أحقًّا....
    من أنا؟ أين أنا؟

    أمستردام 2009 مايو-
















    القواميس المنسية

    متورّم العينين متثاقل الخطوات
    يتسلّل كصغار القراصنة ليلك يا تشرين
    في أزقّة مدينتي مدينة السراب…
    أمستردام
    قنوات المدينة ودّعت الضوضاء
    وملّت مداعبة أغصان الصفصاف
    غازلها الليل العربيد لكنها أطفأت كل أنوار الشهوة
    وحدي كنت هناك مكسور الخاطر
    تندفع نوافير كوابيس ليلي كصبايا البراكين
    أهمس في أذن الغيم العابر
    وأطرق تحت أسوار أضرحة العتمة
    بوابات القواميس المنسية
    أمسح من جبين العبارات المهجورة تلال غبار
    وأفرش باللازوردي سهول الحواشي
    كي تصحو الكلمات الميتة
    تتفجر كالبرق... تندفع كالنهر
    وتتزيّن كالفراشات في مواسم
    اللقاح
    قبل خيوط الفجر الأولى
    نجمع النذور وأزهار الحروف
    تصرخ حولنا كالوعول آلاف الطبول
    تهبط أرواح أجدادنا من السماء
    تتماسك سواعدنا في الهواء
    محمّلة بأفرع النخيل وأغصان النيم
    وتضرب أقدامنا بعنف
    المهترئة صدر الأرض
    نتضرع لآلهة العشق لكي تستيقظ ثانية
    القواميس المنسية

    أمستردام 2009- مارس























    أجراس المدينة

    منتصف الليل في مدينة الغجر
    شتاءات تتناسل كالعفاريت
    مرّت أمامي
    وكأسي عامرة حبلى بالهزائم
    القادمة
    يتسلّل خمرها إلى سراديب الروح المتهالكة
    وردة حمراء... خطوط كف... طلاسم سحر
    دهاليز الذاكرة تأففت من رائحة الشيخوخة
    وخوت الروح من حقائبها
    لكن مازلت أنام وأصحو على عواء
    أجراس مدينة الغجر
    أنتظر قطارًا لم ينتعل حذاءه
    وراء المتاهة المحطات لم تعد مبتسمة
    والوطن أمسى مقصلة للجائعين
    شتات الأيام تركض نحو هسيس النار
    وتتسكّع في دروب الوحل
    تنفض عن مقلتيها رذاذ النوم
    وتعبر عبر قيعان خيالي
    مدندنة إلى سدرة منتهاها

    امستردام 2010


    حزينة يا جدة

    إلى العم علاء الدين محمد الحسن

    باكية يا جدة
    تخرج شمس صبحك من البحر
    تتعوّذ من كوابيس حلمها
    تفرك عينها لم تسمع دندنة الصيّادين
    ولا وشوشة القوراب
    تحملها صفحات الموج (النوتي) أبصرت دموع
    إلى الضفاف
    سألت المأذّن وعمّال الميناء هرولت
    لكن أجابتها أوراق الأشجار
    تولول ترتجف الخطوات
    تنتحب كلّ الطرقات
    تعبّئ أدوية الحزن بالدمع المسفوح
    وتصهل في أتون الفاجعة
    جداول من الحزن النشيج
    تعبر ساحات المدينة
    تبكيك في كل مكان تركض
    فى( حى الجامعة) و (الكيلو)
    (حي السلامة)(الكرنتينة) و
    والورد المغبون عليك يواسي النسمات المكلومة
    ويشدو في شوارع جدة من(حى الصفا)
    لحن الوداع الأخير حتى( ابحر)
    رحيق الحكاوي يعتلي قمم النخيل
    ويتمدّد في كراريس الأطفال
    وقناديل الذكرى
    تنسدل ضفيرتها
    تتوهّج خلف أغطية الفجر
    وتحكي بعد رحيلك للمدن الباكية
    في بحرى وأمستردام
    عن وجهٍ كالبدر صبوح
    وعن غيمٍ رحل بكته الجروف ونعاه الخريف
    وحبيبات المطر
    الشمس بعدك عادت ساهية
    دامعة إلى حضن بحرها
    تنزف بلون الدم حمرة شفقها
    وتتّكئ أشعتها المُنهكة على أسطح البارجات القديمة
    الشمس كسيرة ....تتسكع فى الكونيش
    فقدت بعدك
    عطر الشقائق الق الربيع....
    وبريق السيوف

    أمستردام 4/10/2008










    مصطفى يا سندي

    إلي الشاعر الكبير مصطفى سند
    أمام سواحل بحرك القديم
    وأمواج البحر تلهث نحو نهاياتها
    تركض في الظلمات.... تخشى هذيان
    البرق وقهقهة العواصف
    وقفت ....
    في أرصفة الانتظار يردّد أوراده مريد
    ويبحث بين أصداف الكلمات
    عن شيخه
    كلماتك ثكلى يا سندي تسأل النوارس
    عن أغصان قوافيها
    ضائعة بين ركام الليل وحزن الصنوبر (كمنجاتك)و
    أنغام قصائدنا شحبت.... فقدت أوتارها
    وضاعت ألحانها
    نجوم خضراء متوهّجة فارقت مجرّاتها
    تبحث عنك
    كلمات .... كمنجات..... أنغام .....ونجوم
    جلست تنتحب.... تسألنى عنك
    يا مصطفى .... يا سندى
    يا مصطفى..... ياقطبىى
    يا مصطفى ...... يابحر لؤلؤ كلماتى
    حدّثني يا سندي
    كيف لا تدمع نسمات الليل في أعلى الرجاف
    ولا تصهل رعودك الاستوائية تحت الاماتونج
    فتنهمر غيوم سماواتك معان ... كلمات ودموع
    كيف لا تبكيك قافية القصيدة
    وأنت تودّعها .... كالدرويش
    تختفي داخل أسرار بحرك القديم
    تصرخ الحروف في صمت الليل
    تحدّق في طيفك المسافر للبعيد
    وأنا مازلت أردد أورادي
    أبحث عن شيخي
    وأنت يا سندي
    في وسامة الصباح
    ترفرف بجناحيك .... يحملك البرق... تطير
    تعبر فراديس الحزن
    والأزمنة الواهنة
    وتهبط في حقل أخضر
    من أشجار الزيتون
    امستردام 2008 يونيو-












    نجمة ليلى


    أشعة قمر دافئة الوجنات
    فضحت بوحي
    وأرسلت شباكها في سكون ليلي
    لتجمع حروف حكاياتي
    وأحلام وردية تمضي معي
    نحو صمتي
    عبرنا معًا
    والتقيناها هنالك
    عند جداول مترعة بالدهشة
    جميلة كانت نجمة ليلى
    حورية بين المها والرّشا
    باذخة العطاء وارفة الضحكات
    ضمّتني إليها
    ثم أخذتني إلى براري روحي
    نقطف ما تبقّى من زهور نديّة
    في أقبية أمسي
    همست في أذني ضاحكة
    زهور الزنبق الفضي
    تبشّرني بقدوم الربيع
    والسنونوات المغرّدة
    فركت عيني تحت ضوء القمر المنهك
    ورأيتها تقترب كالنسيم .... كالظل
    من شرفات أحلامي
    تتهادى كموسيقى حالمة
    كأمواج وليدة تغسل نفسها بأشعة شمس دافئة
    أقحوانة مطعّمة بالحرير والذهب
    وحبّات العنب
    نثرت على حديقة حلمي
    كل زهور الكون
    وتشكّلت على يديها كالجنيه
    أشجار وأغصان ندية
    تصدح عصافيرها
    تغنّي لغد رحيب وآمال عذبة
    وعندما استدارت للرحيل سألتها أن تبقى
    ترجّيتها أن تسكنني في مدارها
    فبعدها أخشى شتائي وحزني
    ووحدتي
    ضحكت ... وغطتنى بوعد ناعم
    بلون الارجوان
    خبأت أغصان عمري خلف أوتار حنيني
    وغرقت في سبات حلمي
    أنتظر نجمة ليلى
    كالهدهد تأتي مسرعة
    لتفتح شراييني
    وتكسوني بالدم
    كي أستنهضك ثانية يا عمري

    أمستردام 2010 يوليو-



    غجرية


    فوق رصيف أغنيات الصيف
    على ضفاف السين اِلتقيتها
    مدهشة... ساحرة
    خرجت من نوار القصائد
    تشكّلت من وهج الحروف
    وتعطرت بأريج الروح
    لا وطن لها .... لا عنوان
    غجرية مثلي جاءت من بيروت
    ترقب طلق الحروف
    لترقص على أجراس
    ميلاد قصائد الأعراس القادمة
    يملؤني الخوف... بدات أرقصها
    تتلاطم أمواج شعرها فوق وجهي
    تلمح فوق سماوات عينيها الخضراوين
    نجيمات بوحي
    وتتبختر مزن من ياقوت
    تشدني ضاحكة إلى عوالمها السحرية
    طبول.... طقوس و بخور
    تتلألأ خلاخيلها مع قبلات ضوء الشمس
    حافية ترقص
    تضبط إيقاع قدميها
    على تعاقب الفصول
    واتجاه القمر
    تزداد اهتزازات الأجساد مع دوي الطبول
    وهدير موسيقى الراي وهي كنجمة صبح
    تزيّن صهيل دهشتي
    بالأقحوان ودخان الكافور
    نرقص بنشوة
    تبتسم وتتعالى ضحكتها
    تهز أشجار كآبتي
    وتجمع أوراق الحزن المتساقطة
    ترميها في قاع النهر
    برهة بعد الصيف
    وقبل نزول المطر جلست تعمّدني
    ترسم فوق صدر مساءاتي أوشمة الغجر
    وتحكي للعنادل عن سكّة السفر الطويل
    وزهور العمر الضائعة
    في ترانزيت مطارات مدن السراب
    خبّأت خوفي في فرحها، في ألقها
    في كرز شفتيها، في ألوان ثيابها البدوية
    حملتني على هودجها
    دخلنا بوابات دمشق السبع
    وبوابة عبد القيوم
    طفنا حول حدائق بابل والعتبات المقدسة
    وتسكّعنا في مدينة النور
    في متاحف عشقها
    وبين خباياها
    يقطف بنفسج الشانزيليزيه من حقل ذاكرتي
    ألحان هاربة
    ينظمها بخيط كهرمان
    ويضعها في جيد اللوفر
    يتسلّل إيفيل من كرنفالات الصيف ثملاً
    يركض خلفنا
    يسألنا عن أسرار حجرات الهرم الأكبر
    ومخطوطات التحنيط
    جلسنا تحت ظلال رؤيانا
    تسامرنا طواويس الأحلام
    لكن غجريتي رحلت
    مع خيوط الفجر
    ودسّت في يدي كالطفل
    بشارة رجوعها
    تميمة زرقاء من تعاويذ الغجر
    2007 نوفمبر-















    القمر الغائب

    خلف جدار المساء المُبلَّل
    بعبق الكابتشينو
    وصوت فيروز يغزل خصلات
    الندى التائهة
    افترشت أحرفي تحت أوراق
    الصفصاف
    بائعا غجريا مجنونا
    ينتظر القمر الغائب
    ويغسل نفسه من أنفاس المدن
    المنسيّة
    ***
    بحثت عنك يا حلمًا
    يا ضفافًا جديدة لا تنتهى
    يا وطنًا وليدًا
    يرقص أطفاله في كل الطرقات
    وترسم الربابة على سمائه
    أحلى القبلات
    وطن ينكسر من مهابته
    كل الدراكولات
    ويهزم الليل الكاسر
    ويفتح للريح الجديدة ألف باب
    ***
    تتعانق سواعده.... نساؤه ورجاله
    شماله وجنوبه
    تخضرُّ حقوله وتسدّ أطراف الأفق
    أبرولات بنية
    يتمايل النخيل والأبنوس مع الهشاب
    والأراك
    ***
    يا قمري الغائب
    لا تَخُنّي كالوعود
    بأسماء الحسنى أن تأتى
    صهيل الأشواق يقتلني
    طعم الجروف يسكنني
    صوت الكيتا والوازا
    يهد قلاع سفينتي























    امرأة منسيّة

    تحت ظلال القمر
    فتحت شرفة بحرية في خيالي
    وجلست على أريكة ليلكيّة
    أستدرج صمت الهمسات المنسيّة
    كلماتي تودّع كالاطفال أخر
    العصافير المغرّدة
    حروفي تمشط شعرها بخيوط
    ضوء ذهبية
    فجأة لمحتك تخرجين من بين زبد
    البحر المتطاير
    مزيجًا من الدهشة والخوف
    تدارين مقلتيك الذابلتين
    ذاكرتى من جديد- كلصٍّ- وتتسلقين
    تدمع عيناك بحور
    تطرقين أبوابًا موصدة
    لترسمي شهادة ميلادك من جديد

    ****
    يا أنت
    نسيتك كما تنسى أوراق السنديان
    فوضوية الشتاء
    وكما تنسى زرقة السماء هرطقة
    ليل حالك
    ومثلما تعبر سفينة ريح هوجاء في
    أعالي البحار
    ****
    يا أنت
    كنت أجمل النجيمات في مملكتي
    كنت أغلى لؤلؤة صاغتها محارتي
    لكن في لحظة الحد الفاصل
    ما بين المدّ وبين الجزر
    الأفق النازف يصرخ
    والليل يئنّ جريحا
    كفرتِ بجنة أحلامي
    واخترتِ دنيا سراب

    ****
    يا أنت
    ما عاد بمقدوري أن أخذل
    كلماتي وهى تنادي".... يا هذا
    اِنسَ جبال أحزانك .... تَرفَّعْ واعلُ
    سنام أشعارك
    فأنت لن تقرأ كتاب أقدارك."
    ما عاد بمقدوري أن أصفح
    لمن باع جيوش الظلمة ضوء نهاري
    باع بثمن بخس أجمل أشعاري

    هولندة - أمستردام















    أمي

    صوتك يا أمي يتدحرج فى دهاليز روحي
    مثل حبات الثلج فى ليل اسكندنافيّ طويل
    صوتك أقوى من عتمة المنافي الذابلة الأوراق
    سجان يملؤهما الفناء ومقلتى
    ***
    كأنين السواقي النائحات يغطيني صوتك
    يقتحمني كالزلزال
    يتسلّل فى جسدي بلا استئذان
    كخمر معتّقة أضناها الانتظار
    ***
    وأنت تعبرين يا أمي إلى ملكوت الله
    أجهشت أشجار الصنوبر
    وزمجرت الرياح القادمة من الجزر العذراء
    أما حروفى الثكلى تأوّهت وترجّلت من
    قوافيها الكلمات
    خواء هذا العالم بعدك
    هجرت الفراشات رحيقها
    وترمّلت حتى البسمات
    تمضي السنوات وأنا درويش
    أتوسّد خطاك.. أطارد همساتك
    أتسلّق طيفك..... أبحث فيك عن وطن
    عن أم تأويني... أفتّش فيك أمدرمان
    تعبت قدماي من مساحيق المدن المجنونة
    فبحر حبك يزداد كل لحظة عمقًا واتساعا
    أقطف من بستانك كل صبح زهرة ياسمين
    وأكتب مزهوًّا كالأطفال
    على وجه الريح اسمك يا آمنة حامد
    خلف رحيلك
    انطفأت القناديل المضيئة
    على ظهور الخيول المتعبات من الصهيل
    وتبعثرت أنفاس أحلامي
    كآخر حبات الضوء على مقصلة المساء
    ***
    بألق الحروف الزاهيات المتدلّيات
    من جوف الكلمات
    أتقرّب إليك
    أقبل صمتي لتثمر ذاكرتي
    أغمض عيني لكي ألقاك
    وأحدثك عن بلاد برائحة القرنفل
    نجوم سماواتها غرقى
    ومنافيها تنانين جوعى
    وأسألك عن غوث... عن مدد
    عن حضن يحميني من جهل الحكام
    وغوغاء المدينة
    فبعد رحيلك أصبحت نورسا من غير جناح
    نهر يتثاءب.... يتكاسل نحو المصب

    أمستردام 2005

















    ترانيم

    على ترانيم ضوء خافت
    وبخور مايرنو يعبق
    دخلت خيمة طقسى
    وصوت الوازا يشهق
    جلست أداعب وساوس روحي
    ابتعد عن جسدي
    تحملني نجمة إلى لحظة ميلادي
    أسمع صرخة أمي
    أتوسّل للطلق
    تتفتّح زهرة عبّاد الشمس
    يبتسم القمر
    تأتي لحظة ميلادي
    تضحك أمي.... تقبلني بلهفة .
    يتناثر الفلُّ حولي
    أودعها
    ***
    تحملني نجمة أخرى إلى زمن
    لم يولد ... لم يأتِ
    زمن
    يلهو في رحم الغيب
    تلامس يداي غيوم الحكايات
    المهملة
    تصحبني حور كواعب
    نحلق فوق مئذنة القصائد
    هنا تتوحّم الكلمات على
    فستق الأشواق
    وكرز الوعود
    طائر الفينيق يطرز
    جيد الكلمات
    ويهديني زهرة برية
    تهدأ أنفاس بخور مايرنو
    تهمد
    يصيبني هذيان .. أصرخ .. أصرخ
    أخرج من طقسي
    أعود ثانية إلى جسدي



    هولندة - أمستردام





















    ديسمبر على غير عادته

    (1)
    ديسمبر على غير عادته
    هذا العام
    يرتدي بدلة حانوتيٍّ وقبّعة بهلوان
    ويتسكّع فى طرقات مدينة مثقلة
    بالهموم
    يقطع أيادي الأطفال المتلهّفة
    لهدايا بابا نويل
    وفى المساء يرتمي تحت شجرة
    كريسماس تبدو كشاهد مقبرة
    يناجي طيورًا سوداء فقدت رغبتها
    فى التحليق فتجمدت فى الهواء
    (2 )
    يا ديسمبر يخنقني المنفى
    حاصر الياس كالطاعون براعم الأحلام
    وأنت يا وطني تموت كل يوم
    تئنُّ تحت سنابك خيول أبناء المغول
    تنهشك كالجوارح رعاع القبيلة
    المنتظرة رحيلك منذ سنين
    أراك يا وطني تموت كل حين
    فى نشرات الفضائيات عابرة القارات
    وهم يضحكون.... يتسامرون
    رأيتهم كالذباب... سماسرة الضعفاء
    يقتسمون الغنيمة ويرفعون
    نخب موتك يا وطن
    يتراقصون فوق جماجم الأطفال
    وأحلام الفقراء
    ويتناسلون مثل السحر الأسود
    فى مملكة الشيطان السفلي
    (3)

    شموع أعياد الميلاد حزينة
    احترقت وجنتاها
    وتراتيل المنشدين نعتك
    لشواطئ القمر
    أما أجراس الكنائس
    فهتفت باسمك يا وطن
    (4)
    يومًا بعد يوم يا ديسمبر
    يزداد اللهيب
    وتهدر فى شرايين الأرض
    نوافير الحريق
    وأنا بلا وطن تزداد أوجاعي
    تقذفني أمواج المنفى إلى
    منفى جديد ...

    أمستردام - 2006 ديسمبر-













    سيدة النساء

    جحافل الفايكنج تعمّدت ألا تأسرني
    على أسوار بابل القديمة
    حرمتني متع استرقاقي
    جعلتني أجوب العمر فوق الشوك
    أبحث عن امرأة تغرقني بأمطار
    الفل والياسمين
    أبحث عن امرأة واحدة تسبيني
    أبحث عنك يا سيدة النساء
    كم وددت أن أرعى صبايا النجوم
    في حقول أنفاسك
    وأستقبل طيور الرهو في إيابها
    من خط الاستواء

    ****
    قوافل العنبر والعطور من بلاد النهرين
    حطّت رحالها عند بابك يا سيدة النساء
    يا امرأة من المستحيل
    عيناك
    تل مرمر وغابة صنوبر
    تحفُّها جداول من الدهشة
    عيناك
    شهبا من بلور


    ****
    جئتك يا مولاتي..... يا سيدة النساء
    أحلم بالأيائل المتراقصة فوق الغمام
    أتضوَّرُ ولهًا كالمسحور
    خلاياى تتقافز ....تتمطى.... عطشى للرحيل
    تشتهيك كما تشتهي أمواج الليل
    سواحل العتمة
    جئتك أحمل نذوري
    الكبش القدسي.. جلد الفهد وقربانه آمون
    أتوسّم فيك خلاصي
    تتّكئ على شطآنك أنفاس هجيري
    وتغسل أمواجك هواجس أيامي وسنيني


    2006 يونيو-




















    شمس

    الشمس خلعت عباءة ضوئها
    فوق بحيرة عتمتي
    وجلست نصف عارية قرب
    خيمة الغجر
    تتسلى بالضوضاء وألسنة
    اللهب
    تسللت منذ الغروب خيوطها
    داخل دهاليز قلقي
    دون أن تطرق أبواب سكوني
    وعبر كوة فى قبو كوابيسي
    لامست عصافيرها جدران
    خوفي
    فزعت... تمتمت بالمعوذتين
    سألتها عن يقيني
    لكنها واصلت رقصتها الغجرية
    وكالأطفال أغاظتني
    وأخرجت لي ألسنتها
    ****
    وهي تتزين كالصبايا
    لصبح جديد
    تلون شعرها وشفتيها
    هاتفني طيف خيالها
    وعلى ضفاف همسها
    شاهدت على أرصفة ليلي
    كهلا حزينا... مصابيح
    مهشمة
    وسكارى يصرخون
    يداعبون إشارات المرور
    وموسيقى الفالس تبعثرها الريح
    تعلو وتخفت
    مرت قرب نافذتي امرأة من
    زحل
    جذبتها رائحة تبغ غليوني
    دعوتها لقهوة هدندوية
    قرنفلية العطر
    لكنها كأهل الشام
    أومأت برأسها إلى أعلى
    حيتني بيدها وعادت إلى مدارها
    وتحت شجرة أكاسيا
    شاهدتها تبادل القمر
    تحية فاترة
    وتتسلم وردية الكون


    يوليو -2007 أمستردام
















    صيف أمستردام

    دخان التبغ يتراقص أمامي
    على صوت موسيقا الريقى
    وقبيلة الراستافاراي
    في نهار فضي في الميوسيوم بلين
    تبدأ طقسها
    على جنبات (البرنسن خراخت)
    أوراق الصفصاف تضحك
    ترقب همس العشاق فوق زوارق
    تتراقص فوق مدينتنا المائية
    عناقيد الدهشة تسرج خيلها
    في صيف أمستردام
    مواكب الغيد مثل تسونامي
    مثل الفتوحات البربرية
    تجتاح أرصفة المدينة
    شلالات الألق تتفجر كالبرق
    تتلألأ في(الليدز بلين) كالألعاب
    النارية آلاف الشقراوات
    وتخرج من أطراف أمستردام سوريناميات
    يشبهن قوس قزح عند المغيب
    وأخريات من جافا وجزر الملوك ومن
    كازا والكاريبي
    يضج الطيب.... تغار نوار الورود
    يتطاير عطر الصندل من أنفاس الخلاسيات
    المتسللات خلسة من بين أريج النسمات
    تتعالى شهقات الفرحة
    خلف الضحك المعسول
    أرخبيل الأزهار في الفوندل بارك
    والويستربارك يوقظني من زخم الذهول
    ويغسل روحي بأقراط الندى وأنقى العطور
    صيفك يا أمستردام
    صخب...وهج .... انبهار ... جنون
    ****
    طواحين الهواء تزينت باللاو
    ترفع أيديها
    تتمتم بالطوطم
    تترجى بالسبر والكجور
    تشتاق لشمس نيسان
    كما تتوسل الجروف البكر لزخات المطر
    وكما تشتاق أمسياتي(لايميلات) سيدة النساء
    وتخرج من خيمة كريشنا
    فراشات بملابس البحر
    تطارد غول الشتاء
    وتصبغ صباحاتنا بأبهى الألوان
    يفتح قرص الشمس باب الدهشة
    ندخل
    وتنزع أمستردام من ليالي الصقيع
    نوافير الدموع
    نغني... نرقص... نغني... نرقص
    مثل أعياد النيروز وكرنفالات
    و(النتنغ هل غيت)(الريو)
    ****
    كل المنافي موحشة غريبة إلا أنت
    يا شهرزاد المدائن
    تغويني نهاراتك لأزين حديقة شعري
    وأضمد انكسارات الزمن الآتي
    أمستردام... زغردت تحت شراع لياليها
    عصافير عمري تبعثرت فوق قنواتها
    فنارات وعودنا ورحيق همسها
    أمستردام.. فتحت لي عبر مقلتيها
    دربًا للمجرات البعيدة
    فعانقت ذرى نجيماتي
    كل مدينة تستجدي حروف الشعراء
    لكن صيفك يا أمستردام
    يتحدى أمواج الكلمات
    صيفك صخب.... وهج... انبهار وجنون
    أمستردام - 2007- فبراير
    ضباب

    ضباب كالح.. أخطبوطي
    يحاصرُ زمني
    يتناسلُ كالعفاريت
    يخادعُ، كنجوم كاذبة، دليل قافلتي
    في صحراء تيهُها
    يطاردُني.. أهربُ.. يطاردُني
    أتناسى.. يلاحقُني في كلَّ مكان
    أدخلُ غرفتي
    أشعلُ مدفأتي
    لكنه لا يستسلم
    يضربُ بشدّةٍ على النوافذِ الزجاجية
    يرفعُ سبابته.. يشتُمني
    ويتوعَدُني بكل لغاتِ الأرض
    يغالبُني النعاس
    أهربُ إلى وسادتي
    لكنه غولُ
    يتسلق شرفاتِ كوابيسي
    يتسلل عبر مساماتي
    وتضربُ أمواجُه بعنف
    ضفاف أحلامي
    أقاوم تزدادُ ضراوته أقاوم
    يتكثفُ هذا الملعون
    يصيرُ قطيعاً من أشباح ثملى
    تصرخُ في ليلي
    تقطعُ أنفاسي
    أجري في شوارع لا أعرفُها
    في مدن مهجورة
    تناثرت في أزقتها قطط سوداء
    أور أم سواكن أم... لا أدري؟
    استغيثُ يجيئُني صدى صوتي
    أرتمي على خوفي
    أرفعُ رايتي البيضاء....
    أستسلم
    لكن....
    لا بد من شموسك يا ود نوباوي
    وإن طال ضبابي
















    في حضرة الأمير عبد الرحمن نقد الله

    من بين لوزات القطن المتوهجة
    في حقول الفجر أتيت
    تفجرت كالنبع في أحلامنا
    أبيضا كالصبح.... شامخًا
    تلامس سنابل ضوئك أطراف السماء
    قويًا كالهبباى
    تتوارى منك وديان الوغى
    صادقًا كسحب استوائية حبلى
    باسمًا..... معطاءً
    ترتوي من جودك أنهار
    الفراديس العطشى
    **
    انتظرناك
    طويلاً يا حلمنا.... يا ربيعنا
    مللنا قحط الفصول
    وزمرة نيرون تسرق غلتنا
    تحرق مدينتنا كل يوم
    وتسبي حتى الكلمات
    انتظرناك
    مثلما تشتاق عناقيد العنب
    لأنامل الصبايا
    ومثلما تزغرد فرحة أنوار
    ليلة العيد.... بقدوم الأحبة
    لم تغمض أزهار المدينة
    جفنها
    افترشت حلمها
    لوحت بمناديلها
    تنتظر البشارة
    تنتظر الوعد
    تنتظر شروق شمسك يا ود نقد الله
    *****
    حافي القدمين
    أرتدي جلباب درويش أخضر
    لوحي وطني.... شرافتي طمي النيلين
    أتوسد راية عثمان دقنة
    جلست وسط ملايين البشر
    نتضرع.. نترجى.. نتوسل
    أن تأتينا ثانية
    يا أميرنا يا إمامنا الغائب
    يا ود نقد الله
    ونبدأ حضرتنا في كل الزوايا
    والتكايا والحقول
    *****
    أميرنا
    نسألك بعدد كلمات الله
    بأسمائه الحسنى
    أن تنهض...
    أغلق نوافذ اليأس المختبئة
    تحت مآقينا
    طهرنا بالرياحين والمسك والبرد
    خلفك نصبح أُسودًا ضاربة
    اختم راتب الإمام
    واضربْ بعصاك جدار الليل
    تتساقط خفافيش العتمة
    تتدفق أنهار الفجر... تروي الأرض
    تزغرد.... تخضر الطرقات
    أميرنا
    اعبر بنا أو فوقنا
    لنهزم سرايا الظلم
    نرفع رايتنا
    ونصلي خلف طابية نصرنا
    فجر خلاصنا حاضر

    * الأمير عبد الرحمن عبد الله نقد الله، هو عضو المكتب السياسي لحزب الأمة والوزير السابق في حكومة الديمقراطية سنة 1985 - 1989
    امستردام ـ اغسطس 2007























    في عشق مدينة الإسكندرية

    على بحرك يا إسكندرية
    عدت طفلاً طليقًا
    يطارد الفراشات خلف الأفق البعيد
    ويرسم على رملك حروف الأبجدية
    حينها كانت أمواجك يا إسكندرية
    تزغرد.. تتراقص... تقبل كل هنيهة
    آلاف الحسناوات
    لوحة تعمقت في سرياليتها
    وتبعثرت عندها حروفى الأنيقات
    المتعبات
    كعصافير فارقت سجانها للأبد
    ****
    رائحة النرجيلة تعبق في جوف
    الأمسيات الصاحية
    تلهو كالأطفال مع حبات الضوء
    الهاربة من الأبراج العالية
    والضحكات تتسلل من مقاهيك
    من كل خلاياك يا إسكندرية
    تتبختر في الطرقات
    تغازل أصوات الموسيقى
    ثم ترمي سنارتها من غير طُعم
    وتخرج من أعماق روحي أحلى
    الكلمات

    ****
    رذاذ البحر يتلصص على ذاكرتي
    يغوص في لا منتهاها.. يغويها
    وهي بحار عتيق يخفي خلف نصف
    ابتسامته كنوزا سامقات
    فجأة لمحتك يا أبي
    وأنت كالطود... شامخ
    تتوكأ قلعة قاتيباى
    وتنشد في حضرة ناصر
    قصيدة تفعيلية تقاوم نكسة
    سبعة وستين
    وقبل أن تتكسر تلك الموجة العاتية
    على شطآن ذاكرتي
    شعرت بيد مولاي ياقوت العرش
    فوق رأسي
    يتمتم بالمعوذتين... يعطرني بدعائه
    وأنا أشد شراع سفينتي صوب الرحيل
    وتراتيل أسيادى... سيدي جابر
    سيدي بشر... والمرسي أبو العباس
    تسكرني....امين ...امين ...امين


    هولندة - أمستردام
    2005 سبتمبر-














    ليل أوميو الحزين*

    الليل في أوميو يحتسي من كأس الصقيع
    فتنهزم الظلمة خلف ذرات الثلج
    المتسارعة الخطوات
    أيامنا خطى تموت على محطات السراب
    رائحة الموت تغطي المكان
    فوق جفون النجوم المرتخية
    وفوق أطراف الشجر
    كل شيء دامع... كل طريق
    كل غرغرة للشهادة
    حتى أشجار الصنوبر في طرقات ال########ة
    رمتها سنابك العدم
    وقع خطى الحانوتي اللاهثة
    تخيط أكفانًا للشمس وضفتي القمر
    الذي يدندن باكيًا
    الريح تشهق تسبقها غمغمات غامضات
    وصوت يتيم حزين تبلله الدموع
    يركض في الطرقات
    يهتف مثل زخات المطر
    أيها الأحباب قد آن الرحيل
    أيها الأحباب قد آن الرحيل
    ****
    نازفًا أسبح في ليل المستحيل
    تواسيني المواويل الباكية
    من هودج أسفاري ومن أطلال
    أحلام توارى جرحها في اللا وطن
    حمحمة الخيول تدك أبواب السكون
    يرتعش الصمت الممدد فى الفراغ
    وتنبجس فى أوميو مآذن ودنوباوى الخالدات
    تشد من أزري وتمسح من سهول
    أحزاني دموع مترهلات
    تحاصر الفجيعة أهداب السكون
    وتتسلل دموعها كالعناكب لتسكن
    وجوه الغائبين والدور البعيدة
    ومقصلة الرحيل
    ثم تتدحرج مثل كرة ثلجية
    لتستقر فى مخيلة الموتى

    * اميو مدينة تقع فى شمال السويد
    2006 فبراير-




















    مرايا

    في مرآة دياسبوري
    تطل ملامح أخرى
    ينكرها وجهي ...
    لست أنا
    لا أعرفها
    أرتجف من شدة الذهول
    يتلبسني جن
    أصرخ في روحي
    أين أنا؟
    من هذا؟؟
    تتغير تقاطيع الملامح
    تختفي كالدخان
    وتطل المرآة كالشبح أمامي
    واقفة... تتأملني
    كجندي فى نوبة حراسة
    وأنا كالمجنون تجحظ عيني
    أبحث عن نفسي
    في حنايا المرايا وممراتها
    وبين مسامات الضوء
    ولم أجدها
    تضحك روحي
    وتستبين غمازتيها
    تقول يا سندباد زمانك يا غجري
    هنا في أرخبيل الديسابورا
    تتبختر مراكب تيهك فى عرض البحر
    تتراقص أمام عينيك ذكرى أم در
    تثير غبار حنينك
    بعيدا عن وهج الديار
    تتشابك الفصول
    تضيع ملامحنا
    يصدأ عمرنا
    تنتحر في أقبية الصقيع
    عصافير سنيننا
    وتسافر كالريح دون وداع
    سوسنات شبابنا
    أنت في منتصف الطريق
    هيهات أن تتراجع
    مستحيل يا غجري
    سفن رحيلك لن تهنأ إلا في
    أعالي البحار
    اِهدأ... تمهل
    دع شراعك لأقدار الرياح
    تفعل ما تشاء
    فلا الشتات وطن
    ولا الوطن وطن
    ألا تتذكر أن عليك لعنة الغجر ؟؟


    أمستردام - هولندة
    2007- أغسطس












    مصير

    البارحة
    أرتجف كالمسحور هربت منك
    يا حلمي
    تنانين سوداء تطاردني في موانئ
    نائيات
    صواعق حمقى وسحب حبلى
    تمتد بيني وبينك
    وأنت تودعينني
    يداك فنارتان مضيئتان تحملهما خيول
    البحر المسرعات
    صرخت حتى يبست كلماتي
    صرخت حتى ارتد صوتي
    حروف ثكلى مهشمة

    تناثرت حولي مثل أوراق الشجر
    ******
    لا تتركيني... خذيني معك... لا تتركيني
    يا توريت
    استغثت بالريح
    امتطيت صهوتها
    عبثا أحاول.... تخور قواي
    فهويت على مغارات جن
    تسكنها زنابق وبقايا أسماك تائهة
    يفتح الجن كوة حلم آخر
    تزحف نحوى كالسيل
    أصوات أعرفها
    " توريت... توريت... توريت تهدر...
    ****
    توريت يا أمي
    لا تتركيني مشردًا في الطرقات
    تنعق في ليلي كل الغربان
    ****
    توريت يا رفيقتي
    أتذكرين
    في طريقنا إلى كبويتا
    أنشدنا بلغة دينكا بور
    بعض الجلالات القديمة
    وعندما ضحكنا
    ابتسمت كل المروج الخضراء
    ونضجت لنا قبل أوانها
    ثمار المانجو والباباى
    كيف ترحلين رفيقتي؟
    وصغيرتنا أنزارا لم تتعد
    السنتين
    ****
    توريت يا حبيبتى
    تسامى... ترفعي فوق جرحك
    العني من سقاك السم في سراديب
    الظلام
    ودعيني أنسج من رموشك جسرًا
    للفجر الوليد

    أمستردام - هولندة
    2007- مايو







    وداعاً ... لوتشيانو بافاروتي

    اليوم تتعرى إيطاليا
    من أفراحها
    تصبغ جسدها بالسواد
    تصرخ الريح تولول
    تسأل عنك
    صبايا الربيع و ثمار الخريف ونور القمر
    تبحث عنك خلف النوافذ المشرعة
    و داخل المصابيح الدامعة
    أين أنت يا بافاروتي؟
    تنساب أصوات أجراس الكنائس في أزقة
    مودينا الضيقة
    تهيل فوق موتيفات وجعها
    جبال من أحزان
    تودعك يا بافاروتي
    تنزلق من مآقينا دموع
    ثكلى
    تحملها حبيبات نجوم إلى
    فضاءات يسكنها المجهول
    *****
    في المنفى
    ونحن نتكئ على حوائط
    مبكانا
    نسأل العرافات
    في حانات الليل
    عن تنبؤات كاذبة
    ونجم يسافر في المجهول
    توغل صوتك في حنايانا
    وأذابت كريستالات تينوره صقيع منافينا

    ****
    وداعاً بافا
    كم سعدنا في فراديسك
    و كم زرعت في صحراء ليالينا
    ألف صنوبرة و قصيدة



    هولندة - أمستردام
    2007 سبتمبر-






















    الغلاف الخلفي

    ـ عادل عثمان عوض جبريل
    ـ من مواليد حي القلعة بودنوباوي بامدرمان.
    ـ تلقي تعليمه الابتدائي بمدرسة الركابية و الثانوي العام بالاهلية العامة و الثانوي العالي بالاهلية العليا.
    ـ تخرج من جامعة الخرطوم، كلية الدراسات الاقتصادية و الاجتماعية عام .and#1633;and#1641;and#1640;and#1639;
    ـ تحصل علي درجة الماجستير في الدراسات التنموية من معهد الدراسات الاجتماعية بلاهاي بهولندة and#1633;and#1641;and#1641;and#1637;.
    ـ نشرت له العديد من الدراسات الاكاديمية باللغتين العربية و الانجليزية كما لديه العديد من الاسهامات الادبية و التي نشرت في العديد من الصحف و المجلات السودانية و العربية و العديد من المواقع بشبكة الانترنت.
    ـ صدر له بالاشتراك مع الاخوين جبريل (محمد عثمان و عوض عثمان) كتاب باب السنط. الطبعة الاولي عن دار النخبة ببيروت عام and#1634;and#1632;and#1632;and#1640; و الطبعة الثانية عن دار عزة للنشر بالخرطوم عام and#1634;and#1632;and#1633;and#1632;.
    ـ يقيم منذ عقدين بالمملكة الهولندية























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de