وما زلنا نتجرع سموم وأوجاع تصريحات المسئولين في حكومة المؤتمر الوطني ، الذين على ما يبدو أصبحوا منذ أمدٍ ليس بالقريب ، بعيدين تماماً عن تطلعات هذا الشعب ، ويعيشون في غياهب عالمهم المخملي الموشى بالمال والجاه والسلطان ، حتى صار حال أمر الكارثة الإقتصادية التي ألمت بالبلاد مادةً للتندر وإسقاط الطرائف ، من باب أن جُل أمر تحسُن الحالة الإقتصادية لا يعنيهم في شي ، لأنهم لا يتعاملون في أمورهم (الجدية) والهامة بالجنيه السوداني ولا يستثمرون ولا يمتلكون العقارات والمشاريع إلا في المجمعات السكنية الفاخرة في دبي ، وجذر ماليزيا الساحرة ، أنظروا إلى تصريح علي محمود وزير المالية الأسبق والذي أدلى بدلوه في مستودع الفشل الإداري والتنظيري والفني لمعضلة إقتصاد السودان ، حتى خرج من الوزارة ليُنصَّب وفاءاً لإنتمائه السياسي رئيساً للجنة الإقتصادية بالبرلمان وهو يصرِّح (ما يُبرهن أن الإقتصاد السوداني في نمو وإنتعاش وحالة جيدة هو إستمرار تواجد الأجانب من الأثيوبيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى) ، تصوَّروا يا أيها المنتظرين مثول الفرج من عامة الناس والذين أنهكهم الفقر والعجدز أمام الضروريات وأنتم تراقبون أخبار فك الحظر الإقتصادي وتمنون أنفسكم بإنفتاح إستثماري أمريكي وغربي ربما أدى إلى إنعاش الجنيه السوداني وأوقف عجلة الغلاء والإنهيار الإنتاجي والخدمي ، يفاجئكم هذ الوزير السابق والذي هو في ذات الوقت مسئول عن لجنة من أهم إختصاصاتها رسم خارطة أساسية أو إستراتيجية للتوجهات الإقتصادية والتنموية للبلاد ليثبت لكم أولاً أن أمر آمالكم في إنصلاح الحال هو مادة للطرفة و(التنكيت) ، ثم بعد كل هذا أنظروا إلى تداعيات الأفق التحليلي الساذج لما يمكن أن يُثبت به حال نمو الإقتصاد السوداني ، وهل إنقطع تواجد الإخوة الإثيوبيين في البلاد إبان الحكم المايوي أو إبان الديموقراطية الثالثة التي ما زال الأخوان المسلمون يوصمونها زوراً بأنها الحقبة الأكثر سوءاً من حيث النمو الإقتصادي والتنموي ؟ ، وهل مثلاً يُعتبر تواجد السودانين في مصر أو في فلسطين أو بوركينا فاسو أو أثيوبيا نفسها إشارةً تفيد أن إقتصاديات هذه الدول نامية ومزدهرة وجاذبة ؟ ، وهل وجود جالية فرنسية أو ألمانية أو تركية أو صينية في الخرطوم يعني أن إقتصاديات السودان أفضل من إقتصاديات تلك الدول ؟ ، جُل ما يؤلمني في الأمر أن هذا التصريح الذي أطلقه على محمود هو وجود حالة من الإستخفاف بعقلية الشعب السوداني وقضاياه المصيرية والهامة ، وللحقيقية فإن هذا ديدن ما تعودناه من حكومة الإنقاذ في كثير من المحكات المصيرية والإستراتيجية ، فإنفلات أمر المفاوضات والمساومات في قضية الجنوب أودت بأقدس مكتسبات الشعب السوداني والمتمثلة في وحدة أوطانه ، ورفع الحكومة يدها عن دعم التعليم والوقود والإستشفاء والدواء وغاز الطعام هو إستخفاف بما يمكن أن يواجهه المواطنون العُزل في أمر الحصول على حياة آمنة و بكرامةٍ وكبرياء ، والتلاعب بحياة الإنسان السوداني وخصوصية ممارستها بحسب قوانين الطبيعة والأعراف السائدة وتفاعلها مع متطلباته النفسية والبيولوجية عبر إضافة ساعة وهمية على مواقيته الزمنية الطبيعية والحقيقية ثم التراجع عنها بين ليلةٍ وضحاها دون إعتذار أو حتى مبرِّرات تفيد إحترام إنسانية المواطن ، ذاك أيضاً نوعٌ من الإستخفاف بمكانة الشعب السوداني ، إضف إلى ذلك إستأسادهم بالقوة وإحتكار السلطة على منافذ الرأي والتعبير ومنعها عن كل من خالفهم في التوجهات ، وتشريد الكفاءات المهنية والفكرية والإبداعية تشريدأً حِسياً ومعنوياً وغير ذلك من المآسي ، يجعلنا بالفعل نفقد أيي بارقة أمل في أن يكون (هؤلاء) فعلاً يبحثون عن منفذ للخروج من هذا المأزق الذي هم بالتأكيد غير متورطين فيه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هيثم الفضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست