والبلاد تكاد أن تنعي آخر ما تبقي من القيِّم الأخلاقية والإنسانية ، والمُتمثِّله في فضيلة المساواة والعدالة التي تفترض كل الشرائع والثقافات والأعراف عُلوَّها على ما سواها من القيِّم والمباديء التي إتفقت عليها الإنسانية جمعاء وتواثقت عليها ، أقول إذا (عدت) على الحكومة هذه المرة وفات على قياداتها أن تقف ملياً على ما يحدُث من أمر الفساد في البلاد ، فتلكم لا محالة ستكون الطامة الكبرى التي ستقضي على الأخضر واليابس ، ثم أقول ليس عيباً أن يكون بين جنبات المجتمع وفي شتى طبقاته وسحناته وثقافاته الكثير من التجاوزات والكثير من المجرمين والشواذعلى مستوى الأخلاق والأمانة والحفاظ على حقوق الغير وحقوق الدولة وأموالها وأماناتها المهنية والوطنية ، ولكن العيب والمصيبة الكبري أن نعتبر ذلك في مقام (العاديات) والأشياء الطبيعية بالقدر الذي يسمح بإختلاط الحابل بالنابل ، فيحدث عبر ذلك إهتزاز في ثقة الناس تجاه مسئولية الدولة وإحترامها والإحساس بالأمان في كنف مسئوليتها ، فيا من تقفون خلف أسوار الغلابة والمقهورين وعامة الموجوعين من أبناء هذا الوطن الكليم ، سواء أن كنتم تنتمون تنظيمياً لحزب المؤتمر الوطني الذي ما زال يرجو ويتمنى عبر كل السبل المنطقية والغير منطقية أن لا يتزحزح عن ظهر هذا المارد المأسور الذي إسمه السودان ، أو كنتم من النفعيين الجُدد الذين دلفوا إلى بهو السلطان والجاه والنفوذ عبر أبواب أخرى غير الإنتماء السياسي والقناعة الفكرية ، نبشركم بدنو أجل البقاء في أعلى درجات نشوة الإحساس بالرضا عن النفس بما تمتعون به من نعم أغلبها تحصَّلتم عليها بغير وجه حق ، وأن التغاضي عن الأمور المُتعلِّقة بإستواء ميزان العدالة والمساواة أمام القانون هو ما يمكن أن أسميه لكم (شفا مصيبةٍ في الدنيا وحُفرةً في النار) ، في الماضي القريب أبتدعتم في مجال سرقة أموال الشعب والدولة عبر آلة النفوذ والسلطة فقه (التحلًّل) والناس في ذلك ما زالت تهيم في إستغرابٍ وذهول ، أما رب العالمين فقد سبق بالقول أنه أشد الماكرين ، والآن أعلموا أن الله سبحانه وتعالى متربصٌ بما تفعلون وكذا رعيتكم المغلوبة على أمرها في أمر ذاك الدبلوماسي الذي دخل إلى دهاليز وزارة الخارجية في عهد التمكين السياسي ليُمثِّل هذا الشعب الكريم وهذا الوطن العريق فلم يُنبيء ذلك إلا سوء الأخلاق والفضيحة والهوان ، ليس في حقه على المستوى الشخصي فحسب ولكن في حق وزارة الخارجية والمؤسسة الدبلوماسية بل وفي حق وطن وشعب لا يستحق غير كل تقدير وإحترام ، ثم من بعد ذلك أن يهرب أحد رجال الأعمال المعروفين والمحسوبين على المنظومة الإقتصادية للنظام الحاكم بعد أن أُدين بإثباتاتٍ قاطعة بالتعدي على شرف العذروات من بنات عامة الناس وبسطائهم ، مُستخدماً في ذلك سطوة المال والجاه وحوجهتن وظروفهن المادية ، بعد أن تمت ضمانته قانونياً بواسطة أحد النافذين ، يا أولي الأمر آخر ما يمكن أن يودي بأمةٍ إلى هلاكِ الدنيا والآخرة أن يهتز فيها ميزان العدالة عبر إنعدام المساواة والتمايز بين الناس أمام القانون وأحكامه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما هلك قومٌ قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقامو عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة