|
أهل النظام زعلانين جداً من اتفاق الجنوبيين على وقف الحرب !! عبدالغني بريش فيوف
|
بسم الله الرحمن الرحيم..
النظام السوداني والطفيلية المستفيدة من الصراع الذي يدمر الدولة الوليدة في جنوب السودان ، زعلانين جداً من الإتفاق الذي وقعه رئيس جنوب السودان سلفاكير مارديت وزعيم المعارضة المسلحة إيفل رياك مشار يوم الجمعة 9 مايو 2014 في العاصمة الأثيوبية أديس ابابا على وقف إطلاق النار لإنهاء الإقتتال الذي مضى عليه أكثر من أربعة شهور .
وبينما رحب كل العالم بهذا الإتفاق واعتبره خطوة نحو الإتجاه الصحيح لمنع مزيد من ضياع الأرواح البريئة ، وسانحة طيبة ليبدأ الجنوبيين جميعاً في بناء الأمة والدولة ..تفاجأ قادة الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي والأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي الذين حضروا حفل التوقيع بأن النظام الحاكم في شمال السودان لم يعجبه هذا الإتفاق ، حيث بدأ عمر البشير منزعجا بمجرد علمه بخبر هذا الإتفاق .
نعم ، مجرد أن علم النظام السوداني بإتجاه الرئيس سلفاكير ورياك مشار قائد المعارضة المسلحة نحو توقيع اتفاق ينهي الصراع الدموي في الجنوب حتى أعلن تجميد اتفاقيات التعاون الموقعة بينه وبين دولة جنوب السودان بزعم أن تطورات الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار بالدولة الوليدة هو السبب .
<< وقال إبراهيم غندور مساعد السفاح عمر البشير يوم الجمعة 9 مايو 2014 إن الخرطوم اضطرت للالتزام بالحياد وتجميد اتفاقيات التعاون بين السودان وجنوب السودان مؤقتاً، لتزايد أعمال العنف وضبابية الموقف ، مضيفا جمدنا مشاكلنا واتفاقياتنا مع جوبا .
واتهم غندور خلال كلمة ألقاها في احتفال اتحاد العمال بالخرطوم، أطرافا خارجية – لم يسمّها- بعرقلة مساعي الخرطوم للتدخل لإحلال السلام وإنهاء العنف بين الطرفين المتحاربين في جنوب السودان .
وأضاف أن الحرب في دولة الجنوب “لن تنتهي قريبا”، وأشار إلى أن الأوضاع القبلية في جنوب السودان تجعل الحرب أكثر استمرارية لانتشار ثقافة الثأر وسط القبائل الجنوبية>> .
هذه الخطوة السودانية بتجميد اتفاقاتها مع جنوب السودان بمجرد سماعها خبر توصل الأطراف المتحاربة لإتفاق ينهي الصراع الجنوبي الجنوبي والتصريحات السلبية التي صدر على لسان ابراهيم غندور ، إنما تنم عن حقد دفين ونوايا عدوانية تجاه هذه الدولة الوليدة التي تحتاج لمساعدة المجتمع الدولي وخاصة المحيط الإقليمي حتى تقف على قدميها .
لكن لماذا هذا الحقد الإنقاذي تجاه دولة الجنوب وقادتها ؟
يمكننا تلخيص أسباب حقد النظام السوداني على دولة الجنوب في الأتي :
1/النظام السوداني غير مبسوط من ذهاب 75% من نفط السودان لدولة جنوب السودان .
2/عمر البشير غير مرتاح من قيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لجنوب السودان ، وظهر عدم الإرتياح هذا بوضوح شديد عندما احتل الجيش الشعبي الجنوبي منطقة هجليج في أبريل 2012 .
3/النظام السوداني يؤمن إيماناً قاطعاً بأن الجيش الشعبي في الشمال ما زال مرتبطاً بالجيش الشعبي في جنوب السودان .
4/النظام السوداني فشل فشلاً كاملاً في هزيمة الجيش الشعبي في شمال السودان ، خاصة في ولايتي جبال النوبة والنيل الأزرق ، فكان دائماً وأبداً يشير بأصابع الإتهام إلى حكومة سلفاكير بدعم المعارضة التي تحاربه ، ولذا لجأ إلى زعزعة إستقرار جوبا من خلال دعم كبوون إيفل رياك مشار ومجموعته .
5/للنظام السوداني أصدقاء في جنوب السودان يمدهم بالسلاح وبالمال لإسقاط الحكومة التي تقودها الحركة الشعبية ، وتوقيع اتفاق ينهي الصراع هناك يعني فقدان النظام لأصدقاءه الذين ينفذون أجندته الخبيثة وهذا ما أزعج النظام كثيراً .
إذن –أهل الإنقاذ يتصرفون ويتحدثون عن جنوب السودان وكأن دولتهم لا يوجد فيها حروبات وصراعات قبلية أقعدت تلك الدولة عن التقدم والإزدهار منذ استقلالها المزيف ، وجعلتها أن تصبح حسب التقرير السنوى الخاص بمؤشر السلام العالمى لعام 2013 ، أقل دول العالم أمنًا وسلامًا بسبب الزيادة المطردة فى حالات استخدام العنف والقتل فى جميع أنحاء البلاد .
مما لا شك فيه أن وجود نظام الإنقاذ في السلطة لمدة ربع قرن من الزمان يفسر لماذا أضحى السودان يعيش فى مناخ غير آمن وغير سلمى ، فهناك أولاً الحرب التي يشنها النظام على أهالي دارفور منذ عام 2003 والحرب الأخرى التي يشنها على منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق على أساس إثني بحجة القضاء على التمرد وفرض الأمن والإستقرار ، وقمع عديد من المواطنين المطالبين بحقوقهم المشروعة بعيدًا عن وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان ، وتجاهل مطالب تعزيز مبادئ المواطنة ... ومع كل هذا يأتي المنفوخ غندور ليقول إن الحرب في دولة الجنوب “لن تنتهي قريبا”، لأن الأوضاع القبلية في الجنوب تجعل الحرب أكثر استمرارية لانتشار ثقافة الثأر وسط القبائل الجنوبية !!.
نظام الخرطوم هو الذي يحاول بث روح القبلية بين الجنوبيين ، وذلك من خلال الحديث عن انتشار ثقافة الثأر وسط القبائل الجنوبية ، بالرغم ان ما يدور في جنوب السودان وبشهادة المنظمات الدولية وسفارات الحكومات الغربية تنفي هذه المزاعم الحاقدة التي لا تستند إلى أي أدلة ملموسة .
ليحلم أهل الإنقاذ بعودة الجنوب إليهم ، وليقولوا ما يريدون قوله عن جنوب السودان من كلام فارغ وعبثي ملييء بالحقد والكراهية ، كقول غندور في كلمة ألقاها في احتفال اتحاد العمال بالخرطوم الأسبوع الماضي ، أن أطرافا خارجية تعرقل مساعي الخرطوم للتدخل لإحلال السلام وإنهاء العنف بين الطرفين المتحاربين في جنوب السودان .
نعم ، الجنوب لم ولن يعود للشمال أبداً أبدا ..فليحلم به أمثال غندور وبقية خرفان الشمال ، وعليهم إحلال السلام في دارفور وشرق السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وترك الجنوب والجنوبيين وحدهم .
كلام غندور عن الجنوب والجنوبيين يذكر بحقيقة ان السودان قد ابتلى منذ زمن بعيد بـمجموعة من المسؤولين الحاقدين الكارهين للسودان "الوطن" ، هؤلاء لا يراعون الله في شعوبهم وفي بلدهم الذي انتهى بهم بتنازلهم عن مثلث حلايب للمصريين ومنطقة فشقة للأثيوبيين ، وأكرهوا الجنوبيين بسياستهم الرعناء الغبية على الإنفصال عن السودان الموحد ..وهم بالتالي لا يمكنهم على الإطلاق أن ينصحوا الآخرين أو يتحدثوا عنهم في أي شيء .
وفي الختام -نقول إن الموقف السوداني السلبي من جنوب السودان بشكل عام ، ومن الإتفاق الموقع بين طرفي النزاع الجنوبي بشكل خاص ، وتجميد الخرطوم للإتفاقيات الموقعة مع جوبا ، لم يكن موقفاً مفاجئا ، بل موقف منظم ومخطط له مسبقاً ...سيما في ظل المساندة اللامحدودة التي يقدمها النظام السوداني للجماعات الجنوبية التي تسعى لتحويل ما يحدث في جنوب السودان من صراع على السلطة إلى صراع قبلي قبلي لإحراق الجنوب على رؤوس أهلها .
على الجنوبيين أن ينتبهوا جيداً أن الخطر الذي يهدد دولتهم الوليدة ، ليس الصراع المسلح الدائر بينهم أو المجاعة التي تهدد حياة الملايين من مواطني الجنوب ، أو العقوبات الدولية التي تلوح بها الولايات المتحدة على الأطراف المتحاربة ...إنما الخطر الحقيقي الذي يتهدد الجنوب والجنوبيين هو النظام الحاكم في السودان وعلى الجنوبيين ترك خلافاتهم ومشاكلهم الداخلية والإستعداد لمواجهة هذا الخطر القادم من الشمال .
|
|
|
|
|
|