|
أكل لحوم الموتى بجنوب السودان (2-3) بقلم الطيب مصطفى
|
02:08 PM Mar, 16 2015 سودانيز اون لاين الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
ذكرنا في مقال الأمس أن آخر الأخبار التي وردت من دولة الجنوب الجديدة تتحدث - ويا للهول - عن إجبار قوات سلفاكير أسرى غريمه رياك مشار على أكل قتلاهم وترافق ذلك مع خبر وضع الاتحاد الأفريقي دولة جنوب السودان تحت الوصاية بما يعني أنها ستكون مستعمرة تحت حكم قوات أفريقية بعد أن فشل أبناؤها في إدارتها، وبعد أن مزقوها إرباً ودمروها وقتلوا بعضهم بعضاً في حرب أهلية ضروس بين شعب لم تحتمل قبائله بعضها بعضاً، فكيف يطمع من كانوا ينادون بالوحدة بين الشمال والجنوب في أن تتحد الشحمة والنار من جديد، وقد غادرنا الجنوب بمحض إرادته بعد استفتاء تجاوز من خلاله من أيدوا الانفصال أكثر من 98%؟. تلك الحقيقة كان يعلمها المستعمر الإنجليزي الذي قرر أن يضم الجنوب إلى الشمال قبل أن يغادر، وأصدر منشوراً بذلك ذكر فيه بدون أدنى مواربة أنهم ضموا الجنوب إلى الشمال حتى يجمعوا اشتاته المتنافرة ويلحقوه بالسودان، لأنه لا يستطيع لوحده أن يقيم دولة. ضُمّن ذلك في منشور السكرتير الإداري البريطاني جيمس روبرتسون الذي صدر عام 1946م، ثم تبعه عام 1947م مؤتمر جوبا الذي نظمه ورأسه الرجل ليزوُّر إرادة الجنوبيين، ويُشرعن الوحدة بين الشمال والجنوب وقد عاونه في ذلك بعض المثقفين السودانيين الذين أرى أنهم أجرموا في حق السودان، ذلك أنهم كانوا يعلمون أن روبرتسون زور مؤتمر جوبا كما اعترف بذلك فيما بعد. كان الشاعر الدبلوماسي السفير يوسف مصطفى التني صاحب القصيدة الوطنية الشهيرة (في الفؤاد ترعاه العناية)، أول من جهر برأيه بعد أحداث توريت مطالباً بالانفصال، وكتب ذلك في جريدة "الأيام"، وأعدنا نشر مقاله في (الإنتباهة) بعد نصف قرن من الزمان.. وقال التني إنه سواء طال الزمن أم قصر فإن الجنوب سينفصل. وصدع بالرأي ذاته الأستاذ حسن محجوب عام 1967م من داخل الجمعية التأسيسية.. كان حسن محجوب وزيراً للحكم المحلي وسكرتيراً لحزب الأمة جناح الإمام الهادي. حكيم الجنوب لادو لوليك قال في خمسينيات القرن الماضي أن الشماليين بين الجنوبيين مثل (النشارة) التي تفصل بين أكواب الزجاج، فما أن تزاح النشارة حتى يكسر الزجاج بعضه بعضاً، ذلك أن الشمالي (المندكورو) كان يُعتبر العدو المشترك للقبائل الجنوبية، فما أن خرج الشمال من الجنوب حتى انفجرت الأحقاد المركوزة بين القبائل الجنوبية خاصة الكبرى منها (الدينكا والنوير). الوثائق الإنجليزية تمتلئ بهذه الحقيقة.. أن أبناء الجنوب لا تجمعهم هوية وطنية مشتركة، إنما ولاؤهم لقبائلهم، وإذا كان الشمال الأكثر تحضراً لا يزال يعاني من هذه العلة، ولا تزال بعض قبائله تخوض حروب داحس والغبراء، فما بالك بالجنوب الأكثر تخلفاً؟. لا أريد أن أذكّر بدور الإنجليز في تعميق عقدة الكراهية في نفوس أبناء الجنوب من خلال مناهج التعليم التي كانت تتولى أمرها البعثات التبشيرية التي كانت تحرص على تبغيض الجنوبي في الشمالي، حتى تحول دون اعتناق الأول لدين الثاني، فقد وجدت بعثة من الشمال في أول حكومة وطنية قبيل الاستقلال ضمت السيد سر الختم الخليفة، وجدت أن غلاف الكتاب الذي كان يدرس في المدارس التبشيرية يظهر صورة شمالي (جلابي) يرتدي زياً شمالياً (جلابية) يلهب ظهر الجنوبي العاري بالسوط.. صحب ذلك قانون المناطق المقفولة الذي أصدره الإنجليز عام 1922م لمنع دخول الشماليين إلى الجنوب إلا بإذن مع إقامة منطقة عازلة Buffer zone بين الشمال والجنوب. إذن فإن الاستعمار قصد أن يفصل الجنوب ثقافياً عن الشمال مع وصله جغرافياً وسياسياً. هكذا كان الاستعمار الإنجليزي والفرنسي في كل مكان حكماه.. زرع الفتن والمشكلات في خاصرة كل دولة حتى تظل تدمي بعد خروجهم، وذلك حديث يطول. انفجرت الحرب في الجنوب في وقت واحد عام 1955م قبل خروج الإنجليز من السودان.. لم تنفجر في مدينة توريت لوحدها، وإنما في 13 مدينة ومركز في وقت واحد بما يعني أنه كان مخططاً منظماً وارجو أن تتمعنوا في هذه الجزئية.. خرجوا قبل خروج الإنجليز فمن يعتب على الشمال الذي كان حتى ذلك الحين تحت التاج البريطاني المصري ومن يحمّله انفجار العداء وبداية التمرد عام 1955م.. ذلك التمرد الذي لم يخب أو ينحسر في يوم من الأيام؟. بعد 50 عاماً انفجرت أحداث الإثنين الأسود في الخرطوم لتعلن عن فشل كل طروحات الوحدة بما في ذلك اتفاق نيفاشا بكل عجره وبجره وأخطائه الكارثية، فبعد أن انفجر التمرد قبل الاستقلال في أحداث الإستوائية.. تجدد بعد 50 عاماً في قلب الخرطوم من خلال ما سمي بأحداث الإثنين الأسود التي كشفت عن درجة التغابن الثقافي والعِرقي بين الشمال والجنوب. نواصل http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=3607http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=3607
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- (الصيحة) في عامها الثاني بقلم الطيب مصطفى 03-15-15, 01:10 PM, الطيب مصطفى
- بين حسن عبد الوهاب وإهدار المال العام بقلم الطيب مصطفى 03-14-15, 02:07 PM, الطيب مصطفى
- يتامى المسلمين؟ بقلم الطيب مصطفى 03-13-15, 01:55 PM, الطيب مصطفى
- لماذا يا لطيف؟! بقلم الطيب مصطفى 03-12-15, 12:58 PM, الطيب مصطفى
- بين مصطفى عثمان وياسر يوسف بقلم الطيب مصطفى 03-11-15, 01:25 PM, الطيب مصطفى
- المؤتمر الشعبي ولعبة السياسة القذرة! بقلم الطيب مصطفى 03-10-15, 02:44 PM, الطيب مصطفى
- اللهم لا شماتة! بقلم الطيب مصطفى 03-09-15, 01:32 PM, الطيب مصطفى
- مجزرة الاتحادي الأصل! بقلم الطيب مصطفى 03-08-15, 02:14 PM, الطيب مصطفى
- أخطار الصعوط أو التمباك.. اقرأ لتتقيأ! بقلم الطيب مصطفى 03-07-15, 02:05 PM, الطيب مصطفى
- مصدر الاعتقاد الحق بقلم الطيب مصطفى 03-06-15, 02:00 PM, الطيب مصطفى
- الضربة الاستباقية .. اقراوا جيدا وسوف تفهمون بقلم الطيب مصطفى 03-05-15, 12:32 PM, الطيب مصطفى
- بين القضاء والصحافة بقلم الطيب مصطفى 03-04-15, 01:59 PM, الطيب مصطفى
- من يقنع الباز؟! بقلم عثمان الطيب مصطفى 03-03-15, 01:42 PM, الطيب مصطفى
- المساواة ثابتة في القرآن بقلم الطيب مصطفى 02-27-15, 01:45 PM, الطيب مصطفى
- المطلوب من الوطني والصادق المهدي بقلم الطيب مصطفى 02-26-15, 01:25 PM, الطيب مصطفى
- دمعات على قبر الزهاوي إبراهيم مالك بقلم الطيب مصطفى 02-24-15, 01:58 PM, الطيب مصطفى
- حركات دارفور ودورها في الحروب الأفريقية! بقلم الطيب مصطفى 02-23-15, 01:39 PM, الطيب مصطفى
- بين أردوغان وأعداء الإسلام السياسي بقلم الطيب مصطفى 02-22-15, 01:20 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 02-21-15, 02:01 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 02-20-15, 01:31 PM, الطيب مصطفى
- بين سجن دبك وغابة السنط والمأساة المنسية بقلم الطيب مصطفى 02-19-15, 01:14 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني وتصحيح المسار بقلم الطيب مصطفى 02-17-15, 02:53 PM, الطيب مصطفى
- هل يفعلها عصام البشير؟ بقلم الطيب مصطفى 02-15-15, 02:05 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني والمسار الديمقراطي بقلم الطيب مصطفى 02-14-15, 03:27 PM, الطيب مصطفى
- حسّنوا صورة المرأة المسلمة بقلم الطيب مصطفى 02-13-15, 01:28 PM, الطيب مصطفى
- هلا أوقفنا إهدار المال العام؟ بقلم الطيب مصطفى 02-11-15, 01:47 PM, الطيب مصطفى
- حدود الحلال والحرام الوطني بقلم الطيب مصطفى 02-10-15, 01:38 PM, الطيب مصطفى
- الترابى واقتراب الاجل بقلم الطيب مصطفى 02-09-15, 05:31 PM, الطيب مصطفى
- عندما عضَّ الرجلُ كلباً! بقلم الطيب مصطفى 02-09-15, 01:29 PM, الطيب مصطفى
- رهينة المحبسين: الجهل والفقر بقلم الطيب مصطفى 02-08-15, 02:36 PM, الطيب مصطفى
- وعادت الإنتباهة بقلم الطيب مصطفى 02-07-15, 06:48 PM, الطيب مصطفى
- رفع الدعم والمعالجات المجنونة!!..الطيب مصطفى 09-18-13, 06:29 PM, الطيب مصطفى
|
|
|
|
|
|