|
أكراد العراق وحلم إعلان الدولة باسم عبد عون فاضل/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
|
أكراد العراق وحلم إعلان الدولة باسم عبد عون فاضل/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية أفرزت الإحداث الأخيرة في العراق ومنها سقوط مدينة الموصل لصالح الجماعات التكفيرية والمسلحة الكثير من الملفات والأوراق السياسية المعلقة ومنها ورقة إعلان الدولة الكردية التي تبرز للعيان بين الحين والأخر في كل من العراق وتركيا وإيران وسوريا، ويرى الكثير من الخبراء إن مسألة هذه الورقة تندرج ضمن الضغوط والابتزازات العالمية ذات المصالح والأهداف الإستراتيجية في الدول المعنية بالمسألة الكردية وخصوصا العراق الذي يعاني من هشاشة الوضع الاجتماعي والسياسي بعد عملية التغيير التي حصلت في عام 2003م. وقد يرى البعض أن القضية الكردية بسيطة ويمكن حلها والاستجابة لمطالبها، إلا أن المشكلة ترتبط بالقيادات السياسية المعبرة عن هذه المطالب التي سرعان ما تصعد من سقف مطالبها بشكل يجعلها متشعبة وشائكة ومعقدة، وارتباط هذه المواقف برغبات وأجندات دول إقليمية وعالمية، ولكن هذه المطالب بدأت في الازدياد حتى وصلت إلى المطالبة بدولة كردية مستقلة في شمال العراق وخصوصا بعد الإحداث الأخيرة في الموصل وغيرها من المناطق المجاورة لها. كما أن رغبة الأكراد في الانفصال عن العراق تلاحظ من خلال موقف القيادات الكردية من العملية السياسية في العراق والذي يشوبه الكثير من علامات الاستفهام منها:- 1- المعارضة النيابية والوزارية الكردية لكل مشروع يجعل من مؤسسات الدولة المركزية فاعلة وقوية بحجم التحديات والعقبات التي تواجهه العراق ومنها مشاريع الموازنة وتسليح الجيش العراقي. 2- بالرغم من المشاركة والتأييد الواسع في كتابة الدستور الدائم للبلاد في عام 2005 لكن ممارسة الكرد العملية في السلطة سواء في المركز أو الإقليم بعيد عن كل بنود ومواد الدستور المنصوص عليها ومنها سيادة الحكومة المركزية على الإقليم من ناحية الحدود وكذلك النفط والغاز المستخرج في الإقليم. 3- الحرص على إدامة ودعم الخلاف العربي داخل العراق بين السنة والشيعة والخطاب المعادي دائما لكل رئيس وزراء من المكون الشيعي يعتلي الوزارة والاتهامات له بالطائفية، ورعاية الشخصيات المطلوبة للقضاء العراقي، واستضافة الوسائل الإعلامية المعادية للتحول الديمقراطي والعملية السياسية. 4- الموقف الأخير من أزمة الموصل والذي يضع أكثر من علامة استفهام حول تدخل الكرد فيها منها: أ- استيلاء الحركات المسلحة والجماعات التكفيرية على مدينة الموصل والمناطق القريبة منها في ظروف سريعة وغامضة وكذلك استيلاء الكرد على مدينة كركوك في نفس الظرف. ب- استيلاء الطرفين الكردي والجماعات المسلحة على أسلحة الجيش وباسلوب المناصفة. ت- تقارب نقاط التماس المسلح بين التواجد الكردي والجماعات المسلحة والتكفيرية دون اصطدام مسلح بينهما. ث- تزويد الإقليم وتركيا المناطق الواقع تحت سيطرة المسلحين والجماعات التكفيرية بموارد الطاقة منها مشتقات النفط والغاز وهذا لم يحدث دون التنسيق مع هذه الجماعات. ج- التناسق الزمني في التصريحات المطالبة باستقلال الإقليم كدولة ذات سيادة من قبل قيادته وعلى رأسها تصريحات رئيس الإقليم مسعود البرزاني وكذلك في المقابل تصريحات القيادات والشخصيات السنية بإقامة إقليم سني في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة لصالح المسلحين والجماعات التكفيرية وتأييد الكيان الإسرائيلي ودعمه للخطوة الكردية المطالبة بالاستقلال. إلا إن مساعي الكرد في إعلان دولتهم سيصطدم بالمشروع الأمريكي في العراق الذي روجت له الإدارة الأمريكية قبل احتلالها لهذا البلد والمتضمن:- 1- بناء دولة المؤسسات التي تضمن وحدة العراق واستقراره. 2- إنشاء نظام سياسي بعيد عن تهديد امن واستقرار دول المنطقة. 3- الانطلاق من التحول السياسي في هذا البلد نحو دول المنطقة وهو ما اصطلح عليه (مشروع الشرق الأوسط الجديد). من جانب أخرى، فإن الكرد قد أحسنوا سياستهم قياسا بباقي مكونات الشعب العراقي مع الجانب الأمريكي والجانب التركي العنيد تأريخا لمطالب أقرانهم داخل تركيا وكذلك مع باقي الدول الإقليمية، فمع الجانب الأمريكي استطاع الكرد أن يثبتوا ويبعثوا جانب الاطمئنان للمصالح الأمريكية والحفاظ عليها قدر تعلق الأمر بالإقليم، أما مع الجانب التركي فقد سمحوا بفتح الأبواب على اتساعها للشركات التركية للاستثمار والاعمار في الإقليم بشكل ساعد على تجاوز تركيا خلافاتها مع أكراد العراق للضغط على الجار المنافس لهم في العراق وفي المناطق الكردية وهو إيران، وهذه المكاسب الكردية كلها مهددة بالضياع في حال الإصرار على مشروع الانفصال عن العراق. كما يجب أن يدرك الكرد أن حلمهم بإقامة الدولة الكردية لا يمكن الوصول إليه في الوقت الحاضر، لأن المواقف الدولية والإقليمية والمحلية من القضية الكردية وحق تقرير المصير في المناطق الكردية في شمال العراق هي مواقف متأرجحة ولا يمكن الاعتماد عليها وقد يكون اغلبها صادر من محاولات أصحابها في الحصول على مزيد من التنازلات من الكرد والدولة العراقية وهي لا تخرج في كثير من الأحيان عن سياسة الضغط المعلن والخفي، وهذا ما تدركه القيادات الكردية ذات الوعي الاستراتيجي كقيادة رئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي أكد أكثر من مرة " إن قيام الدول الكردية في شمال العراق مشروع فاقد للحياة قبل ولادته لوجود قوى إقليمية رافضة بشدة لهذا المشروع ". والنصيحة المفيدة التي يمكن تقديمها للكرد العراقيين حول مستقبلهم هي: أن بقاءهم كقوة سياسية ومكون اجتماعي مهم يعمل بفاعلية إستراتيجية في إطار بناء العراق الواحد القوي تحت ظل نظام سياسي عادل ورشيد لا يكرر أخطاء الماضي سينعكس بشكل ايجابي على مصالح الكرد أولا، وعلى مصالح العراقيين بجميع مكوناتهم وأطيافهم، فعليهم إذن التخلي عن حلم الانفصال، والعمل بواقعية سياسية في إطار مشروع بناء دولة عراقية واحدة تضمن معايير الحرية والعدالة للجميع. * باحث مشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية www.fcdrs.com
|
|
|
|
|
|