|
أخطاء ومسلمات في تاريخ السودان تتطلب ضرورة المراجعة 4 متى اتحدت مملكتا نوباديا ومقُرة
|
07:07 AM Aug, 29 2015 سودانيز اون لاين احمد الياس حسين-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
د أحمد الياس حسين mailto:[email protected]@gmail.com لم يجد اتحاد مملكتا نوباديا ومقُرة الاهتمام الكافي من الباحثين والمؤرخين ، وتباينت آراؤهم حوله. فقد اكتفى عدد كبير من المؤرخين بما ورد في نص المقريزي المثير للجدل عن صلح النوبة (المشهور بالبقط) والذي تضمن حدود المملكة التي وقع معها عبد الله بن سعد الصلح. جاء مايلي في الصلح: "عهد من الأمير عبد الله بن سعد بن أبي سرح، لعظيم النوبة ولجميع أهل مملكته، عهد عقده على الكبير والصغير من النوبة من حدّ أرض أسوان إلى حدّ أرض علوة" وضح هذا النص حدود المملكة التي حاربها عبد الله بن سعد ووقع معها الصليح وتمتد تلك الحدود من اسوانً شمالاً وحتى مملكة علوة جنوبا. وكانت هذه الحدود هي حدود مملكة مقُرة عندما بدأ المسلمون في تدوين أحداث الفتوحات والمعاهدات التي وقعوها في العقود المبكرة من بداية انتشار الاسلام. ومن المعروف أن كتب الفتوح والتاريخ المبكرة دونت تلك الأحداث في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) من خلال الروايات الشفاهية المتداولة عبر الأجيال، إلى جانب القليلمن نصوص المعاهدات المكتوبة أي بعد أكثر من قرنين ونصف من حرب عبد الله بن سعد. ويفهم من نص المقريزي المذكور أعلاه أن مملكة نوباتيا لم تكن موجودة إبان حرب عبد الله بن سعد، وكان واجب الدفاع عن المنطقة منوطاً بمملكة مقرة. وبناءً عليه حكمت الغالبية العظمى من المؤرخين سودانيين وأجانب أن مملكة نوباتيا اتحدت مع مملكة مقرة قبل حرب عبد الله بن سعد. وأن جيوش عبد الله توغلت جنوباً حتى مدينة دنقلة عاصمة مملكة مقُرة. ورغم أن بعض المؤرخين تناول هذا الرأي بحذر مثل آركل (ص 186)الذي يقول على سبيل المثال "من الممكن أن تكون مملكتا نوباديا ومقرة اتحدتا في أمام خطر الغزو العربي عام 21 هـ / 642م" ويقول أيضاً: "ويبدو أن عبد الله بن سعد غزاهم عام 31 هـ/ 652م وجد أن كل البلاد من أسوان إلى حد مملكة علوة تحت حكم ملك واحد" ويلاحظ تعبير آركل جاء في النص الأول " من الممكن" وجاء في النص الثاني "ويبدو أن عبد الله" أي أن وحدة المملكتين من الممكن أو ربما تمت قبل حرب عبد الله، وهذا حكم ظني غير قاطع. ورغم كل ما على نص المقريزي من مآخذ كما ذكرنا في المقالات الثلاث الماضية، إلا أن جمهرة المؤرخين والباحثين حكموا على عدم وجود مملكة نوباديا، وأنها اتحدت مع مملكة مقرة قبل عصر عبد الله بن سعد. وأصبح هذا الحكم حقيقة مسلماً بها فَسَّرنا بها تاريخنا وبنينا عليها أحداث ستة قرون تلت تلك المعركة. وقد أبدى بعض المؤرخين شكه صراحة في مصداقية بنود الصلح الذي ذكره المقريزي ونقده كما فعل الأب فانتيني الذي ذكر أنه من المحال قبول ما ورد في نص المقريزي من أن عبد الله بن سعد أسس مسجداً في مدينة دنقلة. كما توصل في أحد استنتاجاته أن مملكة نوباديا كانت لا تزال موجودة ومستقلة في عصر عبد الله بن سعد وأن اتحاد المملكتان تم بعد نحو خمسين عاماً من حربه. ورغم كل ذلك يعود فانتيني ويقرر أن عبد الله بن سعد حارب مملكة مقُرة وأن المعركة دارت فيمدينة دنقلة وضربها المسلمون بالمنجنيق.(فانتيني، تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث، ص 68 و71 و 74-75) وهنالك قلة من المؤرخين عارضوا ما ورد في نص المقريزي من أن عبد الله بن سعد حارب مملكة مقُرة، وقرروا أن الحرب كانت مع مملكة نوباديا، أي أن مملكة نوباديا كانت لا تزال موجودة ومستقلة عن مملكة مقُرة مثل مونري دي في رسالة ملم مقُرة إلى فلار Monneret de Villard, Storia della NubiaChristiana وعلى عثمان محمد صالح Christian Nubia: contribution of Archaeology to its Understanding MA thesis, Khartum University 1973, p 59 . وقد استند مؤيدوا هذا الرأي على ما ورد في بعض المصادرالقبطية التي نتناولها فيما يلي في رسالة ملك مقرة إلى البطرك اسحاق ورد البطرك على الرسالة كما ورد عند أبا مِنا وابن المقفع: ذكر أبا مِنا Abba Mina الذي كتب حوالي عام (81ه/700م) سيرة بطريرك الإسكندرية اسحاق (67-70هـ /686-689م) ما يفيد وجود مملكتي نوباتيا ومُقُرة ككيانين منفصلين حتى سنة (81هـ/700م). ذكر أبا مِنا ما يلي: (Abba Mina, Life of Isaac. In Vantini, Oriental Sources Concerning Nubia. P 36 - 38) 1. أن ملك مقُرة أرسل مبعوث برسالة إلى البطرك (رئيس الأساقفة) في الاسكندرية يخبره فيها بأن عدد الأساقفة يتناقص في مملكته نسبة لبعد المسافة بينه وبين الاسكندرية منذ أن منع ملك مورتانيا الأساقفة من عبور بلاده ليصلوا إلينا، لأننا لسنا في حالة سلام معه. ويواصل أبا منا قائلاً: 2. "في الواقع يوجد ملكان يحكمان في تلك المنطقة، كلاهما مسيحيان، ولكن لا سلام بينهما، لأن أحدهما وهو ملك مورتانيا كان في سلام مع المسلمين. أما الآخر وهو ملك مقرة لم يكن في سلام مع المسلمين. 3. وعنما استلم البطرك رسالة ملك مقُرة كتب رسالة إلى ملك مورتانيا ينصحة ويوجهه ويقول له "أنتم كلاكما مسيحيان، فلا ينبغي منع مواطني المملكة الواقعة على أعلى النهر (جنوبكم) من عبور بلادكم للوصول إلينا لاستلام اسقفهم." 4. يذكر أبا مِنا أن والي مصر علم بأمر الرسالة عبر بعض أعوانه، وأخبروه بأن الأمر لم يتوقف فقط على طلب ارسال الأسقف، بل أضافوا أن البطرك أرسل رسالة إلى ملك مورتانيا ينصحه فيها بإقامة سلام مع ملك مقُرة الذي هو عدو للمسلمين، وإذا ما تم ذلك سيكيون الملكان يدأ واحدة ويشكلون خطراً على المسلمين. فطلب والي مصر إحضار البطرك من الاسكندرية . وعند حضور البطرك تمكن من مساواة الأمر بسلا00م مع الوالي. وقد اتضح في ماذكره ابن المقفع في النص التالي كيف تم علاج القضية تناول ساورس بن المقفع الذي كان عائشاً في القرن الرابع الهجري (10 ممقفع) في كتابه تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية (في مسعد ص 77 - 78) هذه الأحداث تحت عنوان سيرة البطرك اسحاق (67-70هـ /686-689م) في الرسالة التي كتبها البطرك إلى ملك الحبشة والنوبة فقال: 5. "في تلك الأيام كتب البطرك إلى ملك الحبشة وملك النوبة أن يصطلحا، ولا يكون بينهما سجس، وذلك لحلاف كان بينهما. فسعى به بعض أهل المكر إلى عبد العزيز بن مروان [والي مصر 65 - 85 هـ / 684 - 704] وأرسل من يحضره ليقتله." ولما علم بذلك رجال البطرك في بلاط الوالي كتبوا كتباً بغير ذلك المعنى وأسرعوا في إرسالها إلى الرسل الذين أرسلهم البطرك. وقبل أن يصل البطرك إلى الوالي أحضر رجالالوالي رسل البطرك، فأمر بهم واطلع على الرسائل التي معهم فلم يجد فيها ما قيل له، فسكن غضبه على البطرك. وإلى جانب ما ورد في المصادر القبطية عن اتحاد المملكتينر جانب ما وردجع بعض المؤرخين - الذين يرون أن الاتحاد تم بعد معركة عبد الله بن سعد - إلى نقشان عثر عليهما في فرس وتافة شمال وادي حلفا، وهي مناطق كانت في السابق داخل حدود مملكة نوباتيا، ويوضح النقشان أن: 6. ملك مقُرة ميركوريوس الذي اعتلى العرش نحو عام 697م / 78 هـهو الحاكم الوحيد على المنطقة، ويعني ذلك أن نوباتيا كانت في عصر هذا الملك قد اتحدت مع مملكة مقُرة. ويعود تاريخ نقش كاتدرائية فرس إلى عام 707 م / 88 هـ، وتاريخ نقش تافة إلى عام 710 م.
أحدث المقالات
- نكتة عجيبة (السودانيون يتسابقون لأخذ حصتهم قبل الزيادات)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:49 AM, فيصل الدابي المحامي
- المجلس الوطني الفلسطيني وأضعف الايمان بقلم نقولا ناصر* 08-29-15, 05:47 AM, نقولا ناصر
- الطيور المهاجرة تغزو حديقة الهايد بارك!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:46 AM, فيصل الدابي المحامي
- مجموعة السيسي: تتحمل ضمنيا مسئولية ما جرى بفندق سلام روتانا بقلم آدم خاطر 08-29-15, 02:39 AM, آدم خاطر
- إحدى عشرة رسالة لوالي الخرطوم .. (9) حديقة الحيوانات .. بقلم توفيق عبد الرحيم منصور 08-29-15, 02:36 AM, توفيق عبد الرحيم منصور
- الكذاب و الحريات المدنية بقلم خالد عثمان 08-29-15, 02:31 AM, خالد عثمان
- مع ابن الرومي.. ذلك أفضل جدًا بقلم محمد رفعت الدومي 08-29-15, 02:29 AM, محمد رفعت الدومي
- سياتى الهواء لنظام الخرطوم من جهة ليبيا .. ومن يزرع الريح يحصد العاصفة !! بقلم ابوبكر القاضى 08-29-15, 02:28 AM, ابوبكر القاضى
- بمناسبة تنصيب الوزراء المعارضين..و"جردل" مايو! بقلم صلاح شعيب 08-28-15, 11:14 PM, صلاح شعيب
- إشكالية العقل السوداني و الإبداع بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 08-28-15, 11:13 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- من التحديات التربوية في المجتمعات الغربية بقلم نورالدين مدني 08-28-15, 11:12 PM, نور الدين مدني
- وجهان لكل حرف بقلم الحاج خليفة جودة - سنجة 08-28-15, 11:11 PM, الحاج خليفة جودة
- كيف سجل الإتحاد الأفريقي خمسة إصابات في شباك المعارضة ؟الحلقة الخامسة5-7 بقلم ثروت قاسم 08-28-15, 11:09 PM, ثروت قاسم
|
|
|
|
|
|