|
أحلام الفتى الطائر ! 2-3 بقلم الطيب مصطفى
|
02:36 PM Sep, 08 2015 سودانيز اون لاين الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
علَّقتُ بالأمس على اعتزام الأخ عثمان ميرغني إنشاء حزب جديد قال إن أفراد الشعب السوداني في انتظار الإعلان عنه ليتدافعوا نحوه بالمناكب والأقدام ذلك أن الشعب، حسب زعم عثمان، (لا تنقصه إلا الثقة فيمن يصنع مستقبله) وبما أنه يظن أنه محل ثقة الشعب فإن الملايين في انتظاره كمهدي منتظر آن أوان انبعاثه ليملأ أرض السودان عدلاً وتقدماً ونهضة بعد أن مُلئت جوراً وتخلفاً وبؤساً جراء عجز الأحزاب السودانية وقياداتها منذ الاستقلال. إذن فإن الشعب في انتظار ما سماه عثمان ميرغني بـ(الفكرة الذكية) مثل التي نهض بها مهاتير محمد في ماليزيا ليصنع المستحيل ويحقق الحلم الذي طال انتظاره، وراهن الرجل على أن (مئة يوم كافية ليكون لهذا الحزب مليون من العضوية الناشطة الفاعلة)! كذلك قال عثمان الذي أصبح فقيهاً يفتي ويصحح أئمة الأمة من لدن مالك والشافعي وابن القيم أن (الهدف الأسمى للدين ترقية وتطوير مسلك الإنسان وعلاقاته بالآخر.."من حيث هو آخر.. إنسان أو حيوان أو نبات أو حتى جماد". إذن فإن عثمان كما أتى بالفكرة الذكية في (ملء الوظيفة السياسية الشاغرة) من خلال حزبه الجديد فإنه أتى كذلك بالفكرة الذكية في الإتيان بتعريف جديد للدين بغرض ملء (الوظيفة الفقهية الشاغرة)! بربكم هل الهدف الأسمى للدين ترقية وتطهير مسلك الإنسان وعلاقاته بالآخر من حيث هو آخر (إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد)؟ هل نختزل الإسلام في هذه العبارة الخادعة والمفخخة التي تجرد الإسلام من لونه وطعمه ورائحته وهل يساوي الإسلام بين المسلم وغير المسلم المحارب مثلاً وهل ساوى بين أبي بكر الصديق والمشرك أبي لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هل ساوى بين المسلم العادي وبين عبد لله بن أبي الذي رغم أنه أنشأ مسجداً (ضراراً) وكان يصلي خلف الرسول الكريم، فقد جاء الأمر القرآني للرسول بألا يصلي عليه لأنه منافق؟ سأتعرض لبعض فتاوى عثمان ميرغني فيما بعد ولكن أود أن أسأل: هل هو غرور أم سذاجة ذلك الذي يجعل إنساناً يفكر في أنه ، ولا أحد غيره، رسول العناية الإلهية الذي بعث ليغير تاريخ السودان وليتراص الناس خلفه (ويصبح الملايين تروساً في ماكينة جبارة هائلة لن يقف أمامها تحدٍّ أو عائق)، لا لسببب إلا لأنه صاحب عمود صحافي مقروء لا يملك ما يطل من خلاله على الناس غيره؟! لو كان يتمتع بخبرات سياسية مثلاً كالتي أوتيها غازي صلاح الدين بذكائه الذي أهّله لأن يصبح أستاذًا للأحياء الدقيقة بكلية الطب بجامعة الخرطوم والذي صال وجال في دهاليز السياسة الداخلية والخارجية وبزّ فيها الأقران على مستوى العالم مبرِماً الاتفاقيات ومفاوضاً نحريراً بشتى اللغات ومفكرًا شهدت له قاعات العلم والجامعات ورجلاً متديناً وصادقاً ومتجرداً لالتمست له العذر في أن يقدم نفسه للجمهور ببرنامج للخلاص بالرغم من أني وغيري لن نقبل منه السباحة في خيال (من يكسب المليون) ناخب في مئة يوم وكذلك لو تواضع عثمان قليلاً وانحاز إلى حزب يراه الأقرب إليه فكراً ومرجعية حتى يضيف إليه من (أفكاره الذكية) ويعدل من سلوكه السياسي لكان ذلك مقبولاً ومحمودًا، أما أن يصر على أن يكون هو المخلص الأوحد الجدير بأن ينحاز الناس إليه صاغرين ليأتي بما لم تستطعه الأوائل فهو من الغرور الذي يهوي بصاحبه ولا يرفعه عند الله وعند الناس. ثم من يصدّق أن عثمان الشخص وليس البرنامج هو الذي يطرح نفسه ليتدافع الناس نحوه ثقة في شخصه وهو ما لم يتوافر حتى للرسل والأنبياء، فبالله عليكم هل بُعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين وسيد البشر أجمعين والمبعوث رحمة للعالمين إلا بالبرنامج المتمثل في القرآن والسنة المجسّدة في قوله وفعله؟ أين هو البرنامج الذي طرحه الرجل ليتراص الناس بالصفوف ويبلغوا المليون في أيام معدودة؟! أما كان الأولى أن يطرح الرسالة قبل أن ينصب نفسه رسولاً وأن يقدم البرنامج قبل أن يطرح نفسه للمتيمين به الواثقين فيه ممن ظلوا يبحثون لعشرات السنين عن الإمام الغائب؟! منهج حرق المراحل والقفز نحو المجهول الذي يخيم على طريقة تفكير عثمان هو الذي جعله في إحدى جلسات قروب الواتساب يطرح فكرة سماها (دولة القانون) يعتقد أنها صالحة ليحتشد خلفها الجمهور السوداني لإحداث التغيير.. قلنا له: لا خلاف أننا نسعى لإقامة دولة القانون، ولكن كيف تحشد الناس خلفها وما هي الآليات التي تنطلق منها لتحقّق التغيير المنشود، ثم طرحنا (خارطة الطريق) التي اعتمدت في الحوار الوطني باعتبارها وثيقة تعاهدت معظم الأحزاب السياسية من طرفي أحزاب الحكومة والمعارضة عليها كمسار سياسي يحكم الانتقال نحو تغيير يجمع شمل السودان من خلال تياراته السياسية بما فيها الحاملة للسلاح والتي وقعت على وثيقة أخرى لوقف إطلاق النار (اتفاقية أديس أبابا).. الوثيقتان اعتمدتا كذلك من الاتحاد الافريقي وحظيتا باعتماد دولي.. لماذا لا نبني على هذا الإنجاز التاريخي الذي حظي بتأييد محلي واسع وبمباركة إقليمية ودولية ونضيف إليه بدلاً من أن نبدأ من الصفر ومن فكرة فردية لم تنل تأييدًا حتى داخل قروبنا المحدود؟ أليست (دولة القانون) مضمنة داخل مطلوبات تهيئة المناخ المنصوص عليها في خارطة الطريق؟ رغم ذلك لم يقتنع عثمان فهو لا يرضى إلا أن يكون هو صاحب (الفكرة الذكية) التي تخرج من كنانة تفكيره هو لا أحد غيره!
أحدث المقالات
- الجامعات وتدني مستوى معيشة المواطن!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-08-15, 07:11 AM, حيدر احمد خيرالله
- سبتمبر وعواتى إجماع أمة وتاريخ شعب ..!!! بقلم محمد رمضان 09-08-15, 07:10 AM, محمد رمضان
- هل تأذن طهران للإصلاحات في العراق؟ بقلم سعاد عزيز 09-08-15, 07:07 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- اليوبيل الذهبي لتاسيس منظمة مجاهدي خلق يتعمد بالدم بقلم صافي الياسري 09-08-15, 07:04 AM, صافي الياسري
- الديمقراطية التوافقية خيار الامثل للسودان (1) بقلم ادم ابكر عيسي 09-08-15, 01:49 AM, ادم ابكر عيسي
- سمسار الأبالسه بقلم طلال دفع الله 09-08-15, 01:47 AM, طلال دفع الله
- مطالبة دولية لجنوب افريقيا بتوضيح ملابسات مغادرة البشير اراضيها بقلم محمد فضل علي..كندا 09-08-15, 01:23 AM, محمد فضل علي
- احلام مؤلمة بقلم جعفر وسكة 09-08-15, 01:20 AM, جعفر وسكة
- في وداع المحرر الدبلوماسي بقلم نورالدين مدني 09-08-15, 01:18 AM, نور الدين مدني
- البشير يهدد بتمزيق أية قرارات دولية حول الحوار السوداني –فما هو رد المعارضة؟ بقلم عبدالغني بريش فيوف 09-08-15, 01:17 AM, عبدالغني بريش فيوف
|
|
|
|
|
|