أثر -قصة قصيرة بقلم د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-01-2018, 04:00 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2497

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أثر -قصة قصيرة بقلم د.أمل الكردفاني

    04:00 PM April, 01 2018

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر






    كان طعم ملح البحر يملأ حلقه وهو يتشبث بجلسته على القارب ، البحر لا يمكن أن يعطي زائريه الأمان حتى وهو في حالة خدر لطيف مؤقت ، احيانا كانت الأمواج تضرب القارب بعنف ، القارب ممتلئ عن آخره بل وأكثر من حمولته ، كانت اصابعه السوداء القاسية تقبض على اطراف المركب بقوة ، هناك فتاة قبيحة كانت تدخن وكانت اسنانها سوداء ، اصابعها ترتجف ولم تأبه لاعتراض الكثيرين على تدخينها ، كانت تغطي شعرها بطربوش مطرز من الخيوط السميكة البنية ، نظرت اليه وقالت: ييدو انك خائف ... الا تجيد السباحة؟ لم يلتفت اليها ، وشعر بخوف لأنه فعلا لا يجيد السباحة ، تشبثت اصابعه بقوة أكبر والقارب يرتفع وينخفض ويرتفع وينخفض معه ضغط دم الركاب، كانت عيونهم جميعا محمرة من السهر والتعب ؛ قال لها: سنصل انا متأكد من ذلك ... لا اسبح ولا ادخن ايضا ...ومن الافضل لك ان تتوقفي عن التدخين...
    القت بباقي السجارة الى البحر ، وغمغمت بقلق: هذه آخر سجارة لي... التفكير في هذه الحقيقة يخيفني أكثر من البحر.. انت لا تعرف انني مدمنة حقيقية .. بل اكثر من مدمنة..انني مهووسة... في ايام كثيرة كنت استيقظ فجرا فلا اجد علبة سجائري ؛ شركاء الغرفة من البنات كن يسرقنها ، كنت اسير بعدها لساعات حتى تفتح المحلات ابوابها لأشتري علبة سجائر.. لقد اضطررت الى شراء كميات كبيرة من علب السجائر وصندقا حديديا صغيرا اضعها فيه واغلقه اغلاقا محكما... ما اضطرني لفعل ذلك هو أنني ضربت احداهن عندما وجدت علبة سجائري معها... ضربتها وجرحت جفنها ... لكنها لم تبلغ البوليس... بدون السجائر اتحول لوحش غريب ...
    كان الناس صامتين ، بعض النساء اخرجن ساندوتشات من حقائب صغيرة ، اما الرجال فبعضهم اندس بين النساء ليلامس اجسادهن بوقاحة.. قال: لم أدخن ابدا .. ابي كان يرفض وجود مدخن في منزله حتى اصدقاءه كان يمنهعهم من التدخين ، حتى زملاؤه اثناء النضال كان يرفض ادخال من يدخن منهم ، ان اردت ان تدخن فخارج المنزل...وحتى عندما يعقد الثوار اجتماعاتهم السرية كان يطلب ممن يدخن منهم الخروج من مكان الاجتماع... كان انانيا ومتصلبا جدا في مواقفه ، ربما هذا ما جعله محبوبا ومرغوبا كقائد للثورة ضد المستعمر ، لأن الشعب كان يبحث عن رجال المبادئ ، اولئك الذين يرفضون التفاوض حتى النهاية .. لقد.كان حاسما جدا ، بعض الثوار طلبوا منه قليلا من المرونة ، فطردهم وقرر ان يكون قوة ثورية مستقلة ... اتذكر انه التقى بمناضلين من امريكا اللاتينية ومن العرب ، وكان محل ثقة الكثيرين منهم ، لكنه مات دون ان يذكره التاريخ ... لقد مات قبل الاستقلال بأشهر قليلة ومن رفعوا العلم نالوا المجد كله ، ثم خانوا الوطن ... انهم المتعلمون الذين كانوا يؤازرون المستعمر ويعتبرون الغرب واحة للحضارة... نعم قال لي ابي عن امثال هؤلاء بأنهم خانوا افريقيا وانهم سبب انهيار الدولة ، لكنني ظللت مندهشا حتى اليوم لأنهم كانوا يتكاثرون ويتناسلون عبر الاجيال وكانوا هم من لديهم القدرة على الوصول الى الحكم ... اين ذهب الثوار الحقيقيون ؟ لماذا تجنبوا الأضواء ، لماذا انزووا وانعزلوا؟ لماذا لم يقودوا المركب حتى يصلوا بالشعب الى الشاطئ...
    صاحت الفتاة بصوت عال: اريد سجارة هل من مدخن يقرضني سجارة... مستعدة لدفع دولار عن السجارة الواحدة... عم الصمت ولم يجبها أحد... صاحت الفتاة بكلمة نابية وصرخت: سألقي بنفسي الى البحر وانتحر اذا لم تعطوني سجارة... هنا ترك قائد الزورق مكانه واتجه اليها ، وسألها بهدوء: لماذا تصرخين؟ صاحت: اريد سجارة والا فسوف انتحر؟ كانت لحيته كثة وجثته كبيرة ، وبدون مقدمات وجه لها لكمة قوية على جبهتها ، فانحنى نصفها العلوي وسقط على نصفها السفلي واغمى عليها. ثم عاد الرجل لقيادة الزورق.
    نظر هو اليها ورأى فمها يسيل لعابا اخضرا ، كانت لكمة القائد عنيفة جدا ، تشبث بمكانه جيدا وادرك ان الفتاة لن تستيقظ من اغماءتها الآن... على العموم هو لا يفضل الحديث معها ، تذكر والده وسأل نفسه: هل فعلا هناك حقيقة اسمها الوطن؟ هل نضال والده كان حكمة أم حماقة... ماذا لو ان المستعمر الاوروبي ظل مسيطرا على دولته الافريقية البائسة ولم يحكمها اهلها من الانتهازيين ، هل كان سيتغير الواقع ..هل كان سيكون الآن داخل مركب الهروب الى بلاد المستعمر نفسها... هل السبب في افريقيا نفسها ام حظها العاثر ام الاستعمار ام الانسان الافريقي ...
    تزايدت ضربات الموج على القارب ، وكان ذلك انذارا بقرب عاصفة ، اخذ المركب يرتفع وينخفض بسرعة اكبر وكأنه ظهر ثور جامح ، هل كان ما فعله والده صائبا حقا؟ ولماذا كره والده الاوروبيين كل هذا الكره؟ حاول التفكير في ذلك بعمق ليتجنب الخوف من البحر ، لكنه لم يستطع ، ان مواقف الانسان ليست منطقية لأنها منطقية وانما لأن قيمتها من كونه متبنيا لها ...سواء تبنى موقفا ما بوعي حقيقي او بنصف وعي او حتى بدون وعي فإن موقفه هذا له قيمة لأنه يحدث اثرا في التاريخ الانساني... فهل كان اثره ايجابيا ام سلبيا ، ليس على الشعب الذي نال استقلاله بالفعل ، وانما بالنسبه له هو نفسه .. ابنه ... ان من وضعه الآن في هذا المركب حقا هو موقف والده قبل عقود ، لقد صنع والده هذا الحدث المؤلم لابنه. لوى شفتيه ورفع حاجبيه بدهشة ، ثم مسح وجهه من مياه البحر التي تساقطت عليه ، اللعنة يا والدي ... لقد قررت مصير شعب كامل بدون اذن هذا الشعب وقررت مصيري بدون اذني ...
    سمع صفارة قائد المركب الذي اعلن اقترابهم من المياه الاقليمية وهو يصيح: ساعة واحدة وسندخل المياه الاقليمية ، اذا كان الوضع جيدا فستتلقاكم زوارق الحكومة... لن اجازف بعدها اكثر من ذلك...
    اتسعت عيون الركاب المحمرة ... وراودهم الأمل .. كانت رائحة الزورق عفنة ، فكثير من الركاب قد تقيأوا ... وبعضهم اصابه اسهال ... وبعضهم تبول على نفسه ، الا ان احدا لم يعترض او يتذمر ... استيقظت الفتاة من اغماءتها ، ونظرت اليه ، قال لها: لقد اقتربنا من الوصول ..ساعة واحدة... قالت: ساعة لمن لا يملك سجارة هي سنة في الواقع ... لقد ضربني هذا الحيوان اليس كذلك؟ ... امسكت رأسها وهمست: اشعر بصداع ... ماذا ستفعل في اوروبا؟ ... قال وهو يلقي بنظرة الى الأفق: لا ادري... لا اعرف ... ومن يدري... قالت: سأغير ديني الى المسيحية ، هناك منظمات مسيحية تدعم من يتحول الى المسيحية ، سأبحث عنها .... يمكنك ايضا ان تفعل ذلك... قال: هذا ممكن ... ربما ولكنني لا اؤمن بأي دين... قالت بعينين ملتمعتين: كن ذكيا .. لابد ان تجد اولا انتماءا صغيرا في اوروبا لينير لك اعضاؤه الطريق... يمكنك مثلا ان تنضم لحركة الدفاع عن السود ، او حتى المنظمات التي تحارب العداء للسامية ... عليك ان تبحث عن موطئ قدم ... ربما يمكننا ان ننضم لمنظمة تدعم اللاجئين واعتقد ان هذا سيحقق فعلا مصالحنا الخاصة.... تأمل البحر قليلا وقال: لا .. لن افعل .... انني لن انضم لأي منظمة تدافع عن شيء ... لن اتبنى اي فلسفة لحياتي حتى لو كان ذلك كذبا ... سأجد فرصتي في اوروبا .... انا متأكد.... ولكن تأكدي انت ايضا ان كل موقف تتخذيه في هذه الحياة قد يؤثر على الآخرين سلبا او ايجابا... الآن او بعد سنين.... وهذا خطر جدا ...
    ضجت السماء بأصوات سارينات قوارب شرطة السواحل .... نظر اليهم وقد طاف بخياله الأمل .... لقد دخلنا اوروبا بالفعل يا شباب ... صاح القائد... لقد انتهت مسؤوليتي هنا....
    ادخل يده في جيبه واخرج رزمة دولارات ... اربعة آلاف دولار ... اعادها مرة اخرى الى جيبه ... قال وابتسامة تعلو شفتيه: سأكون اوروبيا مخلصا .... نعم ... سأكون اوروبيا مخلصا ... اقسم بروح أبي الطاهرة....























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de