بعض من مسئولي محلية الخرطوم ووزارة التربية رفيعي المستوى ، إحتفلوا أول أمس بقرع جرس العام الدراسي الجديد وأُلتقطت لهم صور زائعة في وسائط النشر الإلكتروني وهم يرتدون (السفنجات) المنزلية ، لا أدري هل فعلوا ذلك لإستحالة التجوال بأحذية داخل المدارس لأن ساحاتها غرقت في مياه أمطار الخريف ، أم قاموا بذلك تأسياً بما تعوَّدنا عليه كل عام حينما تضرب كوارث الخريف الغُبش البُسطاء من أفلام (مهرجانية) أبطالها أولي السلطة والجاه فيما إعتقدوا أنه سينطلي على عقول المواطنين تحت مُسمى (تواضع) و(نزول إلى مستوى معاناة المواطن) وفق ما نطالع من صور خريفية مكرَّرة ومحفوظه مضمونها أن كبار المسئولين بولاية الخرطوم وفي مقدمتهم الوالي يخوضون في الوحل بأحذيتهم الفاخرة ، مشمَّرين عن سراويلهم تحت عنوان (تفقُّد أحوال المتضررين) ثم بعد ذلك يذهب كلٌ إلى حال سبيله ولا يبقى في موقع الحدث الأليم سوى (المعاناة وصاحبها) ، وها هم كبار المسئولين في القطاع التربوي يتعلَّمون الدرس ويشيرون عبرظهورهم (بالسفنجات) في الصور أنهم يرفعون شعار المواساة للتلاميذ وأولياء الأمور الذين سيدلفون إلى مدارس حكومية آيلة مبانيها للسقوط ، فضلاً عن تحوُّلها إلى جُذر معزولة كونها قد أُحيطت بالمياه من كل جانب ، وكون الوصول إليها يحتاج قارباً وبالعدم لا مناص من الخوض بالسفنجات أو بلاها ، وولاية الخرطوم كعادتها تُعلن (قبل وقت كافٍ) لا يقل عن شهرين من بدأ فصل الخريف (مما يفيد إنتباهها وعدم سباتها في عالم النسيان) أن الإستعدادات للخريف قد إكتملت وغرف العمليات المؤقته جاهزة لنجدة المتضررين ، وكأنما الضررالذي يُصيب البسطاء من أهل هذه البلاد جراء الأمطار أصبح أمراً حتمياً لا مناص منه بالقدر الذي يجعل غرف العمليات والإنقاذ تُنشأ قبل وقوع الكارثة بشهرين ، ثم ماذا بعد ؟ لا أعتقد على المستوى الشخصي أن هناك إستعداد لتصريف مياه أمطار الخرطوم غير إستعداد الأرض لإمتصاص كفايتها مما جادت به السماء ، هذا فضلاً عن إستعداد الشمس بمجهوداتها لتبخير ما تبقى من برك المياه الآسنه ، وليكن في معلومية الجميع أن مشكلة تصريف المياه الخريف لن يتم إحتوائها إلى أن تقوم الساعة ما لم يتم تحويل العاصمة إلى مكان آخر لأن (ما بُني على باطل فهو باطل) ، إذ أن مُجمل المخططات العمراني التي تنفذها الحكومة وتبيعها للمواطنين لتدخل في جيوب الفاسدين من طغمة مالكي القرار في هذه البلاد المنكوبة بسياسييها ونافذيها، لا تحتوي في تفاصيلها على بنية تحتية تتضَّمن سبل الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار ، كيف لمياه الأمطار أو غيرها أن تتصرَّف بدون مواعين تحتوي مرورها إلى مصب معروف ؟ ، أنا شخصياً لا أستمع ولا أعتد بكل تلك الهرطقات المتعلِّقة بأن سبب تكدس الماء هو إنسداد المصارف بالقاذورات والأوساخ لأنها غير مغلقة ومفتوحة لتصرف الناس ، صدقوني حتى لو كانت نظيفة ومفتوحة فهي مجرد خزانات حابِسة للمياة و لن تفعل شيئاً غير تخميرها وتحويلها إلى ماء آسن يضج بالمكروبات والأوبئة والأمراض الفتَّاكة ، بل إن تركها للشمس وإمتصاص الأرض أجدى وأكثر أمناً من حبسها في (صهاريج) تُسمى إعتباطاً مصارف ، كما يصر منسوبي المؤتمر الوطني وحلفائهم على تسمية الكوليرا بالإسهالات المائية ، كان أجدى وأكرم لمسئولي وزارة التربية بدلاً عن التبختر بسفنجاتهم وهم على بؤرة اليأس والإحباط الذي لا يحتاج إلى دليل أن يعترفوا بأمرهم الواقع ويؤجِّلوا العام الدراسي حتى تتصالح معهم مجريات وقوانين الطبيعة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة