قبل سنوات كنت مشاركآ بأحد برامج بي بي سي العربية ، وكان الحديث على خلفية زيارة رئيس الوزراء البريطاني حينها ديفيد كامرون للشرق الأوسط ( الخليج ) مسوقآ وعاقدآ لصفقات السلاح والعتاد الحربي ... رأيي – في تلك الحلقة - كان يقوم على أننا لسنا بحاجة الى سلاح ناري وعتاد حربي ؛ حاجتنا الأساسية هي العلم وإعداد الكوادر والكفاءات ، لأن السلاح في كثير من الدول بمحيطنا يودع المخازن وربما في ظروف تخزين سيئة ويُترك للصدأ ؛ وبالمقابل تصدأ العقول ... المهم أنهيت حديثي بقولي : أننا نعاني أزمة قادة وصانعي قرار . ! فقادة الدول وصانعي القرار فيها هم الذين يحددون وجهتها ، ومساراتها ، وحاضرها وما يتصل ... وهل ستكون دولتهم دولة سِلم أم دولة حرب ونزاعات ؟! .. وهل هي دولة عدل وبسط حريات أم دولة ظلم وقهر وكبت ؟!. وأعتقد جازمآ أنه لاشئ يستعصي على سلطة ما في أي دولة إذا توفرت الإرادة وهي وحدها المحدد ، وتمثل نقطة الإنطلاق لكل شئ ؛ لخلق واقع أفضل ، و لتنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبيرة للدول حتى وان كانت ضعيفة الإمكانيات وشحيحة الموارد ، وكذلك لوقف الحروب وتحقيق التصالح ، وأيضآ لخلق علاقات خارجية بإتزان يحقق مكاسب كبيرة وصولآ لتحقيق الريادة وخلق النفوذ الإقليمي والدولي . ولكن كما ترون سادتي نحن ومحيطنا نعيش حياة عبثيةً لأسباب وعوامل مشتركة وهي تقديم المصالح الحزبية ، والطائفية ، وللأسف الشخصية على الدول ، وهو المائع الرئيس ، والمُقعِد عن التطور والتقدم ... ومعلوم أنه إذا كان بالدول قادة مؤهلين وتحكمها الكوادر والكفاءات سيكون الحكم رشيدآ ، ولن تكون هنالك حاجة للسلاح أو ميزانيات ضخمة ( للدفاع عن الحُكم !) . دعونا نتحسس حولنا ؛ سنجد أنهم – دون استثناء - لا يملون الحديث الدائم عن الأعداء ، والخونة ؛ بينما أن بعضهم هم الأعداء الحقيقيين للأوطان وذلك بتصرفهم مع ما يتماشى و مصالحهم الحزبية وأيضآ بتبديد الموارد ، وخيانة الأمانة ، وإعتقادهم أن الدولة هي ملكية خاصة بهم . إنطلاقآ من ما سبق وفي حالة بلادنا لا يمكن أن نطلب العون والمساعدة من احد قبل أن نساعد أنفسنا.. فعلى سبيل المثال الأزمة الإقتصادية التي نعايشها لن نخرج منها مهما كثرت أرقام الودائع مالم يتم إتخاذ إجراءات معلومة تتعلق بالصرف الحكومي والفساد المالي ، والإعتداء على المال العام بكافة أشكاله ؛ وتقرير المراجع ليس ببعيد ، وكذلك الإستفادة من الموارد المتاحة . كما أنه أيضآ من المخجل أن نتحدث عن عدوان خارجي ، وتدخلات خارجية تتعلق بأمننا القومي ووحدتنا ، ومستقبل بلادنا وفي الوقت نفسه نعجز عن تحقيق الوفاق في الداخل ! ولنأخذ على سبيل المثال موضوع فصل جنوب السودان ، والذي حدث عبر الإيفاء بإستحقاق – إستفتاء حق تقرير المصير – وهو أمر متفق ومُوَقع عليه من قِبل طرفي المفاوضات في نيفاشا ، وقد حدث ما هو متوقع وهو اختيار الجنوبيين للإنفصال ، ومهما كانت المبررات التي يتم الحديث عنها كالضغوط التي مورست على الطرفين من قِبل الوسيط أو الإيقاد ، والولايات المتحدة وغيرهم فلن تكون – برأيي- مبررآ مقبولآ ، وبإعتقادي أن الحكومة حينها كانت تريد وقتآ إضافيآ ( في الحكم يخفف عنها وطأة الضغوط الخارجية ) فتم التوقيع على نيفاشا ، وإنقضت الفترة الإنتقالية ، وكان الاستفتاء ، وإنفصل الجنوب وها نحن نعيش فصلآ آخر من فصول المعاناة الممتدة لعقود ، وحِقب مختلفة ،، وواضح أن الأمر برمته قِصر نظر ، وقبول وإعتماد كل ما من شأنه ان يُسهم في الخروج من أزمة بعينها ( مهما كان الثمن ! ) . أخيرآ ... إن كانت أميركا هي من قَسَمَ السودان ؛ فقد تم تنفيذه من خلال – بعض - أبناءه ! .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة