دراسة: الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 10:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الفساد
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-01-2009, 03:59 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسة: الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة

    الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة



    المنصور جعفر

    الحوار المتمدن
    العدد: 2247
    2008 / 4 / 10
    المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر






    هذا مشروع درس أولي بسيط العناصر مضمونه فحص وتمحيص عام لبعض النقاط في موضوع حفظ بيئة حياة الناس وصونها من المفاسد والأخطار والمخاسر. بتركيز النظر على بعض أوليات الموضوع وعرض شيئ من شجره وشجنه وذا على نول بعض تفاعلات: الإختيال، الإحتكار، التطفيف والتبخيس، والتكاثر = الإفساد في الأرض.



    1- عناصر الدراسة:

    أ‌- مقدمة.

    ب‌- نقاط حركة الدراسة:
    1.نقاط من تاريخ جدل الطبيعة العامة والطبيعة الإجتماعية ومستقبلهما.
    2.في علاقة جدل الطبقات بجدل المجتمع والبيئة.
    3.جدل الإنتاج وجدل الإستهلاك في جدل الإقتصاد.
    4. جدل الخصخصة وحرية السوق وجدل التخطيط وصون الموارد.
    5. التملك الخاص للموارد العامة وفوضى توزيعه إياها وفق إمكانات بعض الأفراد وصلات أرباحهم.
    6.ضرورة تأميم الموارد العامة وتخطيط توزيعها لصون البيئة.
    7.السعي لتنظيم وخفض الإستهلاك العام بمبادئي الصحة البدنية والذهنية للناس وصحة الطبيعة.
    8.دور الثقافة والتنظيم الإجتماعي في إثراء الطبيعة الإجتماعية: بعوامل تحد إستهلاك الموارد.
    9. خلاصة عامة لما تم تناوله من تعيينات وطبيعة وجودها وحركتها وعلاقاتها.
    10. بعض المهام الضرورة لصون المجتمع وصون البيئة.

    ت‌- خلاصة عامة.

    ث‌- أسئلة.

    ج- مراجع في الموضوع.




    أ- مقدمة الدراسة:

    تتنوع أبعاد إصطلاح "البيئة" وفق عناصر كل بعد وطبيعة النظر إليه وحسب سعة تناوله جغرافيةً وموضوعيةً فتشجن معاني موضوع "البيئة" وتتفنن دالاته بين معان عددا وتنبت منه فهوم مختلف ألوانها تنتثر فوائدها، منها فهم المسمى "الكون" في حدود قصوى لفهم إصطلاح "البيئة" وما يعنيه، وكذا فهم "المجال" الذي يعيش فيه الفرد والمجتمع في حد آخر لإصطلاح البيئة. وحسب طبيعة كل نظر ومعنى وفهم يتنوع إعتبار أهمية نشاط البشر وحدوده ونوع وعدد المطلوبات أو المحاذير العامة إزآءه. كذلك في النظر إلى جدل عناصر البيئة وتعريفاتها والمحركات الإجتماعية والطبقية لإظهار بعضها أو لإطفاء ظهورها. وفي هذا التنوع في أسس وإتجاهات التحديد والنظر إلى إصطلاح "البيئة" بالإمكان التمعن في توافق ثلاث نقاط هي:

    أ- إتصال تشكل البيئة بثلاثة عوامل: عوامل كونية، وعوامل طبيعية أرضية (=تضاريس، مناخ، حيوات)، وعوامل بشرية.

    ب- أهمية الحياة البشرية كقلب أو محور لـ"موضوع البيئة" سواء في تعيينه أو في التعامل معه.

    ت- تأثير نشاط البشر في توازن عناصر الحياة في الأرض والمناخ، وحتمية تأثره بها .


    من النقاط الثلاث الآنفة يمكن تناول نقاط أخرى لنشاط البشر وطبيعة إجتماعهم وإقتصادهم ومواشجته لمسائل مهمة منها:

     طبيعة تملك الموارد العامة وتوزيعها بما فيها مواد الطبيعة الخام و ما شكلته منها الطبيعة الإجتماعية.

     النظم السياسية والثقافية الملائمة لإثراء البيئة وصيانتها.

    ومع تعيين وتعداد بعض أعصاب هذه المسائل في مفاردها وزرافاتها وشرح بعض متشابكاتها وجمع بعض متفرقاتها فبالإمكان إفراد أهمية بعض النقاط في موضوع صون البيئة وإظهار بعض المهام الضرورة لإنماءها، وهو ما قد يساعد في طرح بعض الأسئلة الأفيد والإجابات الأنجع لتقويم العلاقة الجدلية بين تكاثر الإستهلاك في البيئة أو الإقتصاد والزهد والصحة فيه، في ناحية، والحالة الطبقية أو الإقتصادية الإجتماعية السياسية للمجتمع بكل مافيها من ثقافات في ناحية ثانية مواشجة للناحية الأولى.

    وبطبيعة سياق الفلسفة العلمية لمواضيع ونهج الطبيعة والتاريخ، التي تحاول طبيعة نظر هذا المشروع الدراسي أن تتحدد بها فإن الهدف الرئيس لمشروع هذه الدراسة ليس مجرد إحاطة فرد ببعض جوانب موضوع، بل إن هذا النظر المنظوم والمحص المسطور هدفه تعزيز محاولات تغيير الوضع الطبقي والبيئي الكانف وجود وحياة الإنسان بالإملاق والبؤس والدمار.

    وفي إطار تفعيل محاولات تغيير الوضع الطبقي والبيئي إلى ماهو أفضل فإن هذا المشروع الدرسي الصغير يميل بحكم سياقه البحثي وطبيعة عنوانه ومصادره إلى قرآءة بعض إتجاهات وآفاق التغيير والآيدولوجيا، وإلى تَكَنُه الأدوات النظرية والمشروعات العملية المفعلة لتغيير موجب جهة الأوضاع الطبقية والبيئية في سياق ينظم العلوم الإجتماعية والقيم الإشتراكية العلمية ويواشجها في عروة إنسانية وثقى. وبذا يختلف هذا المشروع الدراسي بمواشجاته عن إتجاهات العزل والفصل بين سياقات العلوم وسياقات الأعمال. العزل الذي قادت سيطرته في الحياة النظرية والعملية لمجتمعات الرأسمالية إلى فصم التطور الصناعي والإقتصادي عن الحاجات الصحية والثقافية لتوازن الوجود البشري والإجتماعي مع أصول توازن الطبيعة الأرضية.

    وفي هذا السياق الجدلي يتجنب مشروع الدراسة الإستسلام لإطلاق تنظير مالتوس في قلة الموارد عن حاجات زيادة عدد الناس، بل يوكد التنظير الماركسي اللينيني في جهة إن تخطيط وتنظيم نشاط المجتمع في الإنتاج والإستهلاك يصون البيئة ويثريها.





    ب‌- حركة الدراسة:

    1- نقاط من تاريخ جدل الطبيعة العامة وجدل الطبيعة الإجتماعية ومستقبلهما:

    لإيلافات ومتفرقات الطبيعة العامة أكواناً وكون ومجرات ونجوم ومجموعات شمسية وكواكب وأقمار و"أرض" جدلها العام والخاص المواشج لطبيعة عناصر الطاقة وأشكال تبلورها وتركزها وأشكال تحررها وإنطلاقها، ولهذا الجدل العظيم صلات بعمليات وأحوال خفق عناصر الكون وتفاوت إرتكازها وحركتها بين الإنقباض والإنبساط، والعلو والإنخفاض، التمدد والإنكماش، والتقارب والتباعد، حرارةً وبردا، سرعة وبطئا، تجمعاً وتكثفاً وتباعداً وتجوفا، وإتصال كل ذلك بأحوال التفتح والنماء وبحالات الإندثار والفناء وماينتج من جدلهم.

    وفي جدل هذا العالم والمجال المهول وهول حركته يبدو صِغَر وتواضع وجود كوكب الأرض وبساطة دوره في الجدل الكوني بينما تبرز في ذا الآن في ذا الكوكب المكانة المتعاظمة لحياة البشر وجملة نشاطهم بما في ذلك:

    أ - النشاط والعمل العقلاني الذي يميل إلى السيطرة على جزء كبير من عناصر الطبيعة الأرضية وإلإنتفاع بها لأسباب تبدو متعلقة بحياة الإنسان ونمو حاجاته وقدراته،

    ب- النشاط والعمل البشرى الموافق في شكله للعمل السابق والموسوم معه بالعقلانية لكنه يتنفع بموارد الطبيعة مستهلكاً لها حد النزيف المستنفد لعناصرها لأسباب (إجتماعية) أخرى بعيدة عن تلبية الحاجات الضرورة لحياة البشر ولكنها تتعلق كثيراً بطبيعة حياة الطبقات المالكة في مجتمعات البشر وبقاءها سيدة تلك المجتمعات بجمعها وقبضها وإستغلالها الموارد تكاثراً في الربح.

    وفي جدل الطبيعة الإجتماعية بين أسس الوجود والحياة وتحرر الإنسان من الحاجة وضرورة سدها والنقص في موارد سد هذه الحاجة أو تلك ومايتبعه من تكالب على ما يشبع الحاجة تبرز عمليتي الإنتاج والإستهلاك بوجهيهما سواء كضرورة عيش وحياة ونماء أو كآلية ربح وتكاثر وربوبية وتعالي.

    وفي جملة إعتبار فإن كل من عملية الإنتاج وعملية الإستهلاك وبكل أنواعهما الخيرة الطيبة لأمور تعامل البشر وتقاسمهم الجهود وتبادلهم المنافع، وبأنواعهما المسرفة المبذرة السافهة موارد العيش والحياة والمهددة لوجودها والنفع بها تشكل هاتان العمليتيان كينونة الحال المسمى بإسم "الإقتصاد" وهو إصطلاح جامل لكينونة ومظهر العملية (الإجتماعية) لقيام الناس بتدبير سد حاجاتهم وتنظيم موارد وسبل عيشهم ومراقيه وتجديدها بتخديم أقل الموارد لتحقيق أكثر وأكبر ما بالإمكان من فوائد مقصودة بأعمال وجهود محسوبة نوعاً وعدداً موقوت أدآءها بآجال زمانية معينة تتجه لسد هذه الحاجات.

    وفي موضوع العلاقة بين كينونات الإقتصاد والمجتمع والبيئة يظهر التعدد والجدل فيها بين كل من العناصر الموافقة والداعمة لتنمية البيئة في ناحية موجبة إزاءها (+) متعلقة بتلبية الحاجات الضرورة لعيش وحياة الناس وترقيتها، والعناصر المعطلات لتنمية البيئة في ناحية سالبة (ــ) عائقة هذه التنمية بتعلقها بالتكاثر المفرط في إستهلاك ما هو أساسي في توازن عناصر الطبيعة الأرضية وغير ضروري لعيش وحياة الإنسان أو بتعلقها جملةً بما هو مخالف لتنمية حياة الإنسان بشكل متناسق مع صحة وجود مجتمعاته ونموها بشكل متناسق وصحة طبيعة عناصر وجود البيئة وثراءها.


    وفي الزمان الحاضر في مجال علاقات الإقتصاد والمجتمع والبيئة بكل ما في ذلك من ثقافة وسياسة، فإن جل موافقات تنظيرات "التنمية المتوازنة" وكثير من تنظيرات "التنمية المستدامة" إتجهت إلى التخطيط والإشتراكية في مسائل جمع وقبض وبسط وتفريد الموارد العامة وفوائدها وإلى تقليل إستهلاك البشر لعناصر الطبيعة وإلى تكرار وتدوير إستعمال الموارد، وإلى الإقتصاد في إستخراج المواد المستنفذة، وتقليل التعامل بالمواد الخطرة على صحة الكائنات وجملة الوجود الحيوي وتبديلها بمواد أقل ضرراً منها وأخف خطراً، وإلى ربط جملة الإقتصاد بالحاجات الضرورة لحياة الناس والبعد به جملة وعناصراً عن تهديد الوجود والتوازن الحيوي لعناصر الطبيعة الأرضية ومختلف وجوه الحياة فيها.

    ولكن في جانب آخر غالب في هذه العلاقات بين الإقتصاد والمجتمع والبيئة بما فيهم من ثقافة عيش وسياسة تنظيم وحكم للموارد والجهود والمنافع فإن النشاط الرأسمالي بفردية تملكاته وبخس تنظيمه وطف موازينه وهدف التكاثر في أرباحه إتجه إلى تعامل مناقض لصحة البيئة سواء من ناحية تركيزه أو توزيعه الإستثمارات والأعمال ومن ناحية توزيع الموارد والجهود والمنافع ومن ناحية ربط الإستهلاك بحاجات الأرباح المحققة لرأس المال خاصة فيما يتعلق بعدد وأنواع مفردات الطعام واللوازم الشخصية والمنزلية من ناحية التكاثر في ما تتيحه للقادر على دفع الثمن أو الذي يرغب في إظهار قدرات تملكه بأكثر من ملبس وحذاء للغرض الواحد وأكثر من منزل وأثاث وهاتف وتلفاز وسيارة للفرد وأكثر من رحلة جوية في السنة، وكذلك عدد كثير من الأطعمة والمشروبات والأجهزة والمواد الكمالية غير الضرورية بل والضارة بصحة الإنسان وبصحة المجتمع والقارضة لوفرة الموارد وحسن تخديمها لنفع ومصلحة الناس جميعاً في أجيالهم المتعاقبة.

    ومع تراكم الأعمال العبودية والإستعمارية وتبلور ثورة الصناعة بفحمها وحديدها ومحركاتها ومدنها وتفاقم الإنتاج لأجل الأرباح ومضاعفتها بالمحركات الحديثة والسلاح وتوسيع السيطرة الراسمالية على موارد المجتمعات والدول، بدأ هم عام بالخطر على الطبيعة والقلق على إتساقها جهة الآلة مما تحور إلى هم بالكادحين وبحياة الناس أجمعين. وقد أخذ ذلك الهم بوجود البشر وصحة حياة الناس أبعاداً متعلقة بالحفاظ على الوجود والتنوع الحيوي للكائنات الدقيقة برا وبحراً وجو وحفظ أنواع الحيوات المألوفة وسلامة عناصرها من خطر دمار العناصر الدقيقة المكونة لمجالها الحيوي وكذلك حماية الغلاف الجوي من الملوثات والتآكلات على أساس أن أي خلل في وجود أي من العناصر الدقيقة أو الوسط أو العليا يقود لخلل في التوازن العام لوجود العناصر والكائات وفي صلاحية كوكب الأرض لوجود وحياة البشر.

    وقد ظهرت المخاطر الفعلية لزيادة الأرباح وتفاقم الصناعة من خلال ظهور ثقب غلاف الأوزون وإتساعه، والزيادة العالمية في حالات الفيضانات والسيول والجفاف والتصحر مع زيادة سخونة الأرض والمناخ وتفاقم المجاعات والتوترات والنزاعات والحروب وعلاقة ذلك بزيادات كبرى في إنتاج وإستهلاك كمالات غير ضرورية لحياة الناس ومفاقمتها عمليات الإستثمار والديون وهرء العملات وإتلاف الموارد والغابات وتلويث الأرض والمياه في الأمازون وعموم أمريكا الجنوبية وقارات العالم.

    وضمن تقليل هذه الأخطار والحماية منها تأطرت جهود علمية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية وسياسية متنوعة برزت فيها إضافة لأسماء العلماء والتنظيمات والقادة إتفاقات عددا تناولت مجالات الحماية وطبيعتها من حيث الدراسات والأهداف والإجراءات المطلوبة لتحقيقها والمواقيت المحددة لإنجازها وتقويمها وتنميتها، وإن تنوعت مداخل هذه الجهود وتنوعت محركاتها الثقافية العلمية والإجتماعية وتمايزت دوافع جهودها بين الأرباح التجارية والروح الإنسانية والمشروعات الثورية فقد تأطرت كثرة من هذه الجهود في عدد من الإتفاقات الدولية المهمة ومنها:

    1- إعلان قمة إستوكهولم 1972
    2- إعلان قمة الأرض، ريو دي جانيرو 1987
    Earth Summit Report, Our Common Future. Rioe de Janeiro, 1987 or Brundtland Report
    UN’s World Commission on Environment and Development (WCED)
    3- إعلان مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية ، ريو دي جانيرو 1992
    United Nations Conference on Environment and Development (UNCED), Rio de Janeiro, 3-14. 06. 1992
    4- مؤتمر قمة دول العالم في الأمم المتحدة: أوليات التنمية في القرن الـ21 1997
    UN Briefing Papers/The World Conferences: Developing Priorities for the 21st Century, 1997
    5- إتفاقات كيوتو 2002
    6- الإعلان الختامي لإئتمار إختصاصي البيئة ، الأمم المتحدة، 2007
    7- الإئتمار العالمي القادم لإختصاصي البيئة، الأمم المتحدة ، 2012 .

    وتعكس هذه الإتفاقات جانباً رئيساً في إتجاه العالم إلى الإقتناع بترابط جانب من قضايا سلامة الطبيعة والبيئة المحيطة بالبشر بجوانب عددا من قضايا الطبيعة الإجتماعية بما فيها من ثقافة وتصورات لأنماط العيش والحياة والأشكال العامة لإنماء عناصرها أو لإستهلاك الناس لها بكل ما في ذلك من إقتصاد وعلاقات إنتاج وعلاقات إستهلاك، وسياسات ناظمة لتملك الموارد ولقسط أو قبض توزيع الخيرات والمنافع في جملة العالم وفي داخل كل دولة وإقليم، مما يواشج قضايا الوجود والصراع الدولي والطبقي وقضايا حقوق الإنسان وتوازن توزيع الموارد والإعتبار االعام للتنوع الجنساني ...إلخ

    ومع هذا التوسع في التأمل والنظر إلى علاقات الإجتماع والإقتصاد والبيئة تعززت تنظيرات وإتجاهات التنمية المتوازنة بتنظيرات التنمية المستدامة والتي وإن كانت تقل تناسقاً في عموم تفاصيلها عن التنمية المتنوازنة في جهة العلاقة بين أشكال تملك الموارد والمنافع وأشكال تعامل الناس مع موارد بيئتهم، إلا إنها تتفوق على الصور القديمة لتناظير التنمية المتوازنة من ناحية هم "الإستدامة" بتقليل إستهلاك الموارد، ولعل هذا مصدر من مصادر الإصطلاح الصيني الجديد " التنمية العلمية " .

    وقد وضح جانب في هذا التبلور في تنظيرات وأعمال علم البيئة الإجتماعيSocial Ecology وكذلك في علم سياسة البيئة Political Ecology وفي عدد آخر من علوم البيئة وإصحاحاتها المتنوعة. ولكن السمة العامة لهذين العلمين البيئيين تتمثل في كشفهما عناصر وعمليات وتواشجات التأثير والتأثر المتبادلة بين مكونات السياسة والمجتمع ومكونات البيئة الطبيعية.

    و في الإتجاه المستقبلي للتوازن بين التوزيع الإجتماعي والزماني للموارد و التناسق والإتساق في صون موارد الطبيعة وكذلك في توزيع هذه الموارد بين كل من العناصر الدولية والطبقية والإقليمية والجنسانية والجيلية، فبالإمكان إفتراض إن الجدل العام للتاريخ السياسي لعلاقات البيئة في المجتمعات المختلفة يسير ضمن سيرورة صراعاتها الطبقية والدولية والإجتماعية في إتجاه رئيس سمته إجتماع الناس وإشتراكهم في تملك وتوزيع الموارد والجهود والمنافع العامة إشتراكية علمية مختلف ألوانها.



    2- في علاقة جدل الطبقات بجدل المجتمع والبيئة:

    في علاقة المجتمع ببيئته إقتصاداً وتنمية أو إسرافاً وتبذيراً وإفسادا تتمحور مسألة المساواة والطبقات الإجتماعية: فبإعتبار إن كينونة الطبقات وهي الكينونة العامة قي كل المجتمعات الرأسمالية لتملك الموارد وتوزيعها تناقض مبدأ المساواة، وطبيعة التطور الإجتماعي، حيث التنظيم الطبقي شكل لحالة إرتقاء الطبيعة الإجتماعية من حالات تبلور المشاع البدوي إلى حال التحديد والتنظيم وحضور القدرات والمنافع حضارة راقية الأطوار في إتجاه تنظيم تعاملاتها وفي توزيع جهودها ومنافعها وقسمة ثمار أعمال الكادحين فيها قسمة سواء متساوية مع حاجاتهم وجهودهم بدايةً من تشكل العبودية فالإقطاع في الزمان القديم وليس نهاية بالرأسمالية والإشتراكية في زمن تملك المنافع بالأموال والنقود.

    والمسألة الأساس في موضوع "الطبقات" وتناقضها مع السوية و"المساواة" بين الناس في توزيع الموارد الضرورة للعيش والحياة بحرية وكرامة عليهم، هي مسألة سيطرة طبقة واحدة على وسائل وجهود الإنتاج وموارده وتوزيعها وتقسيم منافعها، وهي منظومة السيطرة والتقسيم المعروفة بإصطلاح "علاقات الإنتاج"، فحسب طبيعة توزيع عناصر الحياة الحرة الكريمة في المجتمع تتشكل حالة التفاوت وعدم المساواة ككينونة لطبيعة النظام الإقتصادي الإجتماعي في قاعدة تعاملات تكوين المجتمع وكذلك بالتوافق معها ومع القوى المسيطرة عليها تتبلور السمات السياسية لعملية النفع بموارد في البيئة، وكذا تظهر طبيعة الحكم في مستويات المجتمع حيث تأخذ طبيعة الحكم صبغتها العليا بالأسلوب الرأسمالي لتحقيق المصالح في قاعدة الحركة الإجتماعية.

    ومنذ أواسط القرن السادس عشر بدأ رأس المال في التجمع والتحكم في موارد المجتمعات والدول وتنظيم فرض سيطرته عليها مما تدعم بالكشوف الفكرية والجغرافية وحالات الإستعمار المعمدة بالسلاح والإبادة السريعة والنهب والتنظيم الرأسمالي الدقيق المتبلور من تطور خبرات العمل الحرفي وجمعه ووشجه المواد في ظروف مختلفة بترتيب محكم وتنظيم دقيق ينتج به من كل زوج بهيج ألوف الأزواج من السلع والخدمات الضرورة لحياة الناس والمفيدة لها وكثير من السلع والخدمات الكمالية غير الضرورية لحياتهم بل والتي يزيد ضررها العام على النفع المفرد بها.

    وإذ تمثل "السوق" الحالة الإقتصادية- السياسية لتملك وتوزيع موارد الطبيعة فى المجتمع في صورتها الخام أو المصطنعة فإن جملة قوانين السوق وبنيتها المطففة المحرفة والمزورة لقيم الأعمال والخدمات، وأسلوب الإكتناز والتبخيس الذي تشكل به السوق البنية العامة لعملية تكوين الأرباح فيها مثلما تشكل به البنية (الموضوعية) لعملية تكوين الطبقات وتراتب الناس بعضهم أرباباً لبعضهم الآخر يتحكمون في موارد حياتهم وسبل عيشهم وفي طبيعة كدحهم وتحقيق مقتضيات حياتــ(ـهم).

    وبصورة عامة فبالإمكان الإشارة إلى أن تأثر بيئة الحياة بأمور الإقتصاد والسياسة في مجتمعات البشر أمر متصل في كينونته الطبقية بطبيعة جدل المجتمع البشري مع البيئة المحيطة به من خلال صلة أدق يواشج تفصيلها بين طبيعة (حق) التملك الفردي لموارد عيش الناس والتحكم في أدوات تخديم هذه الموارد وتصنيعها، وطبيعة تقسيم العمل الإجتماعي وتوزيع جهوده ومنافعه في المجتمع بصورة طبقية مطففة مبخسة مخالفة لمبدأ السوية و(المساواة) بين الناس تاركة إياهم طبقتين أساسيتين: طبقة مالكة منفردة ومستبدة بملكها كانزة للأصول الإنتاجية ومبخسة مسرفة في الكمالات ومقترة في ضرورات حياة من ينتجون لها هذه الثروة، وطبقة كادحة عاملة على هذا الإنتاج محرومة من تملك وسائل عيشها ومقومات حياتها، مُبخَسَة مَمَحوقة ومُستَغلة ومقهورة بطغيان الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج والعيش، وكذلك طبيعة تقسيم العمل وتوزيع ثمراته بين الطبقتين في فئات وشرائح الطبقة اللازجة في الطبقتين والمنافقة بينهما.

    وفي علاقة الطبقات والصراع الطبقي بكينونة إحترام وصون البيئة في المجتمع وحُسن تعامله أو قبح تعامله مع البيئة أو بتعبير أدق حُسن أو فساد تعامل الطبقة السيدة في المجتمع مع تلك البيئة فإن كثير من المهتمين بعلاقت المجتمع والإقتصاد مع البيئة يمكنهم الإشارة إلى قيام الطبقة الرأسمالية المالكة بربط عملية الإنتاج بتحقيق أقصى الأرباح يتضمن تهميشاً لعدد كثير من الموارد والجهود والحاجات مثلما يتضمن إستغلالاً كثيفاً لموارد وجهود عديدة أخرى.

    كذلك بالإمكان الإشارة إلى إن شدة الإستغلال الرأسمالي لأجل جمع أرباح أكثر غالباً ما تكون شدة موصولة بإنتاج أو تلبية طلب كمالي لا أهمية حيوية له سواء في سلامة عيش عامة الناس أو في تناسق تطور المجتمع. كما إن تفاوت الطبقة الرأسمالية في التعامل مع الموارد وفي توزيع الإستثمارات وما يتبع ذلك من تفاوت شديد في النمو هو أمر يشكل بمفرداته وجملته خطراً داهماً لعدد كبير من التوازنات الحيوية والتوازنات الإجتماعية في بيئة الأرض وغلافها الجوي.

    ونتيجة التطفيف والمحق الذي يسببه النظام الرأسمالي لتملك الموارد في قبضها وفي توزيعها وفي تخديمها، وفي توزيع ثمراتها فإن الإختلالات الطبيعية والإختلالات الإجتماعية تتوالى وتتراكم ولا تجد علاجاً مناسباً لمنع تفاقماتها. ولكن بفعل سيادة نمط التمركز والتبعية في العلاقة بين المناطق المهمشة والمركز الرأسمالي المحلي والدولي تزيد هذه التفاوتات وتختلط. فمع بعض تقلبات الطبيعة بعصفها وقحطها تختلط أمور التهميش والإستغلال وحالات الفقر والغنى مما يواشج بأشكال عددا تفاوت أمور العيش والكسب في المجتمع بتفاوتات أكثر وأوسع، منها تفاوت وتلازم المجاعات والعمارات، والهجرات والسياحات، والأدنى والأعلى من حظوظ العيش ومقاماته في نطاق الدولة أو في مجموعة دول وغير ذلك مما تتقطع به القيم والأرحام وتأجج به التوترات وتتقد الحروب أو تنطفي لتخفق رايات السلام الزيف على أكواخ البؤس المقيم ومناطق الإعدام البطئ حيث تختلط الحوادث والكوارث وتقل وتتدنى قدرة المجتمع المستلب وأهله على صون بيئتهم وحماية حياتهم.

    ضد سياق التناقض المذكور سابقاً بين حرية النشاط الرأسمالي وسلامة المجتمع من أزمات تبخيس جهود الإنتاج وتهميش تلبية حاجات عيش غالبية السكان وسلامة البيئة الجامعة لهم من الإختلالات المصطنعة إجتماعيةً بجرف أو بإهدار الموارد تبدو إمكانات موضوعية مشهودة في العالم لتقارب الإتجاهات الإشتراكية وإتجاهات صون البيئة وإجتماعهما معاً في تكتلات متنوعة تواشج بين قواسم التغيير الطبقي لتحقيق سلامة المجتمع وقواسم السلامة البيئية. إضافة إلى ان أخطار تدهور البيئة على النشاط الرأسمالي نفسه دفعت وحدات منه إلى الإتجاه للتعامل بصورة عقلانية مع البيئة عبرت عنه تلك الوحدات بإتجاهات موضوعية إلى صون البيئة بـ(توفير) جانب من مهدِرات البيئة وفراً تجارياً مربحاً بينما إتجهت وحدات رأسمالية أخرى إلى تخديم موضوع البيئة في الإعلان وتسويق منتجاتها كـ"منتجات خضراء" في ناحية من نواحيها بينما هي ذات ألوان أخرى في نواح أخرى.

    وفي تركيبة وثائق حقوق الإنسان يبدو حال "الحق في التنمية" كأحد أهم مواثيق حقوق الإنسان الحديثة ذات العلاقة الكثيفة بصون البيئة وحماية توازناتها، مما يظهر رقياً في سلم تطور الجدل الإجتماعي البيئي وعلاقاته بحقوق الإنسان من زاوية تعزيز حقوق التنمية ومتطلباتها جهة النساء والطبقات والمجتمعات والمناطق والدول المستضعفة. وهو حق بطبيعته مضاد لإطلاق حرية السوق بما فيها من خصخصة وعولمة وإستثمارات وصناعات ملوثة وإستعمار حديث وديكتاتوريات، وحروب اهلية، ولكنه ككل الحقوق والقوانين يخضع إنفاذه لمصالح وفاعلية الطبقة المسيطرة على شؤون الإقتصاد ومقاليد حكم دولته.

    من هذا العرض لأهمية العامل الطبقي في جدل التنظيم الإجتماعي و البيئة قد تظهر أهمية فحص الآليات المتعلقة بتكوين الطبقات في المجتمع، وفحص الطبيعة الإقتصادية السياسية لتأثير هذه الآليات على البيئة. وتنحصر هذه الآليات الجديرة بالفحص في عمليتي الإنتاج والإستهلاك وعلاقاتهما بطبيعة توزيع وسائل وجهود ومنافع الإنتاج وإمكانات تكراره أو تغيير طبيعة تنظيمه وأثر ذلك في سلامة البيئة.


    3- جدل الإنتاج والإستهلاك في جدل الإقتصاد والبيئة :

    في جهة فحص علاقة جدليات الإقتصاد مع أوضاع سلامة وصون البيئة قد تظهر مهمة تحليل بعض العناصر الرئيسة في ثلاث بنى وهي: بنية نمط علاقات الإنتاج، وبنية نمط علاقات الإستهلاك، وبنية الثقافة الإجتماعية السياسية لمجموعتي علاقات الإنتاج والإستهلاك بأبعادهما المحلية والدولية. وفي ذلك تناول كتاب "حروب الموارد والهوية" للدكتورين صلاح آل بندر ومحمد سليمان جوانب مهمة من هذا الموضوع في السودان، وكذلك كتاب "حرب الإغاثة" الذي حرره الدكتور آلكس دو فال، وكثير من الكتب الأم الناقدة لأفكار نقص الموارد عن حاجة السكان، مثل كتب "خرافة الجوع" و"خرافة المساعدات" ...إلخ

    لإيضاح ما بين جدليات الإنتاج والإستهلاك وإقتصادهما وثقافتهم من علاقة جدلية مع صحة البيئة وصونها فإن هذه الفقرة تحاول شرح عموم هذه الجدليات بداية من الإشارة إلى إن نظام الإقتصاد في التعريف العلمي المادي التاريخي يأخذ كينونته من خلال نمط الإنتاج السائد والحاكم لأمور الاقتصاد. أي النمط الذي يوضح الطبيعة المادية والتاريخية لأي إقتصاد، وهو تعريف يتجنب الوصف المُبهِم الذي يساوي أو يجمع بين كل الأنشطة والأساليب القائمة في الإقتصاد ليسمه بها جملةً كـ"إقتصاد مختلط" لا ضابط منظم له ولا رابط يجمع صناعته بتجارته أو فقر هامشه بغنى مركزه. كذلك فإن تنظيرات التعريف العلمي المادي التاريخي لكينونة الإقتصاد تتجنب أي وصف للإقتصاد يختلف ضيقاً أو سعة عن طبيعة تراتب قطاعات الإقتصاد وحكم وسيادة بعضها على بعضها الآخر، أو أي وصف مختلف عن طبيعة وضع الإقتصاد في النظام الإقتصادي الرأسمالي العالمي أو إزآءه.

    ولعين هذا السبب التحديدي الذي يصل موضوعية التعريف والوصف بطبيعة الإقتصاد الموضوعية التاريخية والدولية ونفي غيرها من صفات تنشأ النقطة الثانية لهذا الإيضاح حيث يتصل تعريف الإقتصاد والتوصيف الموضوعي له بطبيعة نظام عمليته الرئيسة وهي "عملية الإنتاج" وبالذات النمط الإنتاجي السائد المسيطر والحاكم المهيمن – حتى وإن لم يكن الأكثر إنتشاراً- ولكن مع تعدد أنواع الإنتاج وأساليبه يأتي هذا الإيضاح إلى النقطة الثالثة فيه حيث تظهر معالم نمط الإنتاج السائد من خصائص تملك موارد ووسائل الإنتاج ومدى توزيع جهود وثمرات الإنتاج على القوى المتصلة به وكذلك من طبيعة التوازن أو الإختلال في أحوال توزيع موارد ووسائل وثمرات الإنتاج بالنظر إلى مدى تطور قواه المنتجة المادية والبشرية وتحقيقها ضرورات حياتها أو بتعبير مقتضب: مدى الخلل في توزيع الموارد بين قوى الإقتصاد الرأسمالي العاملة فيه وقواه المالكة لوسائل الإنتاج. ولإيضاح علاقة هذا الخلل بكثير من إختلالات البيئة لابد من فحص عام لبعض أسس وتفاصيل علاقات الإنتاج ولابد من فحص مماثل لبعض أسس وتفاصيل علاقات الإستهلاك.

    ولأن علاقة الإنتاج وعلاقة الإستهلاك تلعبان الدور الرئيس في تعامل البشر مع عناصر البيئة والتحويل (الإقتصادي) لوضعها الطبيعي من حال معين إلى حال يزيد فاعلية هذه العناصر جهة وجود الإنسان أوبتعبير أدق جهة طبيعة وجود وأسلوب معيشة طبقة معينة في المجتمع، فإن فحص هذه العلاقات يصعب إنجازه منطقياً دون تناول بعض إحداثيات الوضع الطبقي المتصل بهذه العلاقات إتصالاً موضوعياً بنيوياً صميماً. وبطبيعة الحال فإن تناول مشروع هذه الدراسة لبعض نقاط الوضع الطبقي للمجتمغ وعلاقاته بالبيئة موصول بفحص وتمحيص لبعض أفكاره التأسيسية أو التبريرية وبعض سياساته وجوانب من طبيعة تنظيم إقتصاده وبعض السياقات الثقافية المواشجة له ، وإذ أحاول ذلك فأجتهد ألا تخرج المحاولة بفقرات الموضوع عن سياقه وذا على النحو الآتي:


    أ- جدل علاقات الإنتاج والبيئة:

    بصورة عامة توصف علاقات الإنتاج بانها العصب الحيوي لنظام عملية الإنتاج. وبصورة أكثر إنبساطاً وتفصيلاً فإن علاقات الإنتاج تمثل البنية العامة لتوزيع وسائل وجهود ومنافع عملية الإنتاج في المجتمع. وهي السمت الموضوعي المميز لمراحل التاريخ - بعيداً عن تداخلات العناصر الثقافية والإجتماعية المتنوعة الإعتبار- حيث يقاس تغير أحوال المجتمعات عبر الزمان بمعايير مادية مفصِلة تميز نشاطها الرئيس وهو التلبية المنظومة لحاجات بقاءها وعيشها بواسطة عملية الإنتاج التي تؤشر تطوراتها على كثير من التغيرات العددية والنوعية في حياة المجتمع وبيئته وطبيعة نشاطه الإنتاجي منذ بدايات الجمع والإلتقاط والصيد والزراعة والتدجين إلى الحرفية الخفيفة والكثيفة والصناعة بأطوارها، ففي كل طور إرتقته هذه الأعمال نجد هذا الإرتقاء مندغماً بتطور وإرتقاء علاقات الإنتاج الذي تميز بمراحل رئيسة تمثل أولها في المشاعات البدوية والقري حاضرة المنافع التي دامت طويلاً في الزمان القديم ولعل أقدمها ما كان في النوبة القديمة، وقد تمثلت ثانية مراحل التاريخ في الحضارات الإستعبادية في أودية النيل ومأرب ودجلة والفرات والسند والجانغ والتيبر وفي عموم حوض البحر الأبيض المتوسط، وقد سادت تلك الحضارات خلال زمن يتراوح من حوالي عشرة آلآف إلى خمسة آلآف سنة ق.م ثم بادت وقد بقيت شذرات من الحضارة النوبية طويلاً حتى القرن السادس عشر بينما تمثلت ثالث مراحل التاريخ في حضارات إقطاع الأرض وإمبراطورياته في الهند والصين وفارس وروما والدول العربية والعثمانية للخلافة الإسلامية، وقد سادت كل واحدة من جملة هذه الإقطاعات في مجتمعاتها بتراوح يقل عن أربعة آلاف سنة، أما المرحلة الرابعة للتاريخ فقد كانت مرحلة الرأسمالية وقد عرفت بالتخديم الواسع للآلة وبنشاطها الإستعماري الدولي القديم والحديث - كإقطاع دولي جديد- وبقيت حوالى 350 ثلاثمآئة وخمسون سنة فقط ثم بدأت في التصدع والإنهيار ككل المراحل بسبب من تناقضاتها أو بفعل النشاط التحرري منها، وبعدها جاءت خامس مراحل التاريخ وفق التقسيم الإقتصادي الإجتماعي وهي مرحلة الإشتراكية وهي حديثة الولادة في سجل التاريخ، ورغم رسوخ موضوعية هذه التقسيمات فهناك تقسيمات أخرى للتاريخ، وله مراحل وسيطة أو إنتقالية، وكذلك هناك أوضاع فيه تبدو ذات سمات إستثنائية فريدة.

    في هذه المراحل يتفاوت مستوى الإنتاج ومستوى علاقات الإنتاج بحركة تطور قوى الإنتاج المادية والبشرية بفعل:


     زيادة عدد ونوعية ومصالح البشر المتصلين بالإنتاج وحاجاتهم. (قطاع المنتجين)

     تطور عدد ونوعية الآلآت وحاجاتها، (قطاع الوسائل المادية للإنتاج)


    وفي مواشجات هذا التطور فإن تفاوت مستوى الإنتاج ومستوى علاقات الإنتاج محكوِم بمدىيين معينين هما:

     مدى التفاوت بين إمكانات تلبية القوى البشرية وحتى الأدوات لحاجات وجودها وتقدمهاوصيانتها،

     مدى حاجة نظام الإنتاج نفسه ككل وفي وحداته المختلفة لعناصر وإمكانات مادية وبشرية تجدد حياته.



    وقد كان التحول في مراحل التاريخ الإقتصادية الإجتماعية وشيء من سياساتها وثقافاتها يبدأ بتفاقم الخلل بين ثلاثة إمكانات:

    1- إمكان تلبية حاجات الإنتاج (أجور، آلآت، مواد، تنظيم ...إلخ).

    2- إمكانات القوى الإجتماعية بطبقاتها ومصالحها المختلفة في تلبية حاجات وجودها.

    3- إمكان تخديم الحكم لوسيلتي الترغيب والترهيب لفرض "الأمن والنظام" اللازم لتكوين وزيادة الربح من عملية الإنتاج.

    لذا فحين يتفاقم الخلل بين هذه الإمكانات ويعجز "النظام" عن سد حاجة القوة الرئيسة في الإنتاج أوالمجتمع، وعندما تعجز قوة الإنتاج أو المجتمع الرئيسة عن تحمل مزيد من الضبط أو تستخف بالإغراءات المقدمة مع تفاقم مصاعب عيشها وحياتها فحينذاك كانت الأمور تبدأ في التغير شكلاً أو بنيةً حسب طبيعة ضعف النظام القديم ومقدمات وطبيعة وخريطة إنهياره، وحسب قوة وعمق وتصاعد النفور منه والتمرد والإنتفاض على إحداثياته، وحسب وجود وكفاءة تنظيم وقيادة العملية الثورية وطبيعة قدح طلائعها وتنظيمها لجمهور العامل الذاتي وحسن تنسيقها وتكثيفها وقيادتها لتطلعاته وقواه في ظرف موضوعي مناسب.

    وفي الزمان الحاضر بطابعه النقودي الرأسمالي فإن الطبيعة السياسية-القانونية لتملك موارد ووسائل الإنتاج العامة بشكل خاص مفرد لقاء مقابل مالي تشكل قاعدة عملية التوزيع أي توزيع جهود الإنتاج وثمراته في المجتمع، وفق قوانين رأس المال. وإذ تحكم "المبيعات" طبيعة الإنتاج فمعنى ذلك إن عملية التملك الفردي لأصول أو وسائل الإنتاج والإختصاص بها تحكم المدى الفعلي لتطور القوى المنتجة المادية والبشرية في المجتمع، وبالتالي تحكم طبيعة تعامل هذه القوى مع البيئة.

    فالإزواج الطبقي المضمر في علاقات الإنتاج الرأسمالية يحدث تناقضاً في بيئتها الإجتماعية وفي البيئة المحيطة بمجتمعها: فإذ يقوم التملك الخاص لوسائل الإنتاج الإجتماعية بتقليل قدرة قوى الإنتاج على تحقيق ضرورات حياتها وتلبية حاجات عيشها وتقدمها في مجالات الحياة بكرامة ضد الإستغلال والبؤس وبحرية ضد الإستلاب والقمع والقهر، آمنة مطمئنة، فإن رأس المال مركز التحكم في النشاط الرأسمالي يحقق هدفه الرئيس وهو "الربح" بإستغلال أو تهميش كم كثير من الموارد البشرية والموارد المادية للإنتاج خالقاً بذلك التفاوت في الإقتصاد تفاوتاً أشد في البيئة موصول بالطبيعة العامة لتأسيس وتوزيع الإستثمارات وعلاقتها بهدف الربح من إجابة أو صناعة طلب على بضائع أوخدمات معينة، فحسب إمكانات زيادة الأرباح تنحو الإستثمارات إلى تخديم الموارد والجهود في إنتاج بضائع وسلع كمالية غير ضرورية لعيش الناس أو لحياتهم بصورة متناسقة في الكرامة والحرية، بل وتزيد وتغالي في تسويق هذه البضائع والسلع والخدمات دافعة قطاعات الإستثمار الأخرى إلى زيادة نشاطها المنزف أو المهمش للموارد والجهود في البيئة المحيطة بها بما في تلك البيئة من بشر تزيد وتائر إستغلالهم أو تهميشهم.

    وبزيادة الأرباح والدخول الناتجة من الإنتاج الترفي يزيد التمايز والتفاوت في قطاعات الإنتاج وفي جملة الإقتصاد والمجتمع، وبتراكم الإستثمارات والأرباح وتركزها في الناحية المربحة تتجه نشاطات الإنتاج وأمور الحياة الرئيسة وفق صالح الربح ، كما وإلى ناحية الربح يزيد الإنتاج ونزفه الموارد من البيئة وتلويثه إياها دون تعويض يعادل ما تم نزفه أو تلويثه منها عدداً أو نوعاً.

    مما سبق نجد إن حرية رساميل السوق في تملك وتنظيم وسائل وموارد الإنتاج وجهوده وثمراته وإختصلصها وإستئثارها بها مفردةً دون القوى العاملة في المجتمع حرية ضارة تُفاقم نزف البيئة لصالح زيادة الأرباح.

    ولأن حرية رأس المال في الربح تتم دون تخطيط عام لنشاطه في الإنتاج الذي يسرى بعشواء أصحابه وإندفاعهم إلى مايراه كل منهم من مجالات ومناطق أربح أو أكثر أمناً لرساميلهم فإن تفاقم إضرار النشاط الرأسمالي بالبيئة يزيد ويتفاقم بمعدلات تفوق معدلات نشاطات العناية بها رغم كل الإصلاحات الطفيفة الجارية. ويكشف الفرق الزائد في العالم بين معدلات العبث بالبيئة ومعدلات صونها والعناية بها بكل كوارثه العاجلة والآجلة في العالم جانباً من حالة التعارض البنيوي بين علاقات الإنتاج الرأسمالية وعلاقات توازن وتجدد البيئة.

    ولكن في جهة ضد رأسمالية ظهر النوع الإشتراكي من علاقات الإنتاج الذي يحد ويلغي سيطرة التملك الخاص على موارد عيش وحياة الناس جامعاً وسائل وجهود الإنتاج ومنافعه في يد "الشعب" | حلف الطبقة العاملة وعموم الكادحين، وقد تبلور هذا النوع ونشأ حديثاً بفعل الثورة الإشتراكية الأولى في التاريخ والعالم سنة 1917 معززاً إتجاهات تخطيط توزيع الموارد والنفع بها وصون عيش الإنسان وسلامة بيئته. إلا إن علاقات الإنتاج الإشتراكية في سياق تعزيز إستقلال مجتمعاتها ودولها ضد الحصار والحروب الباردة والساخنة نجحت في صون جوانب كبرى من بيئة مجتمعاتها التي كانت تعاني الفقر والجهل والمرض والأمية، ولكن في سياق مفهوم عمار (السلعة) وبقاءها فترة طويلة قد تقارب عمر جيل أحياناً كنوع من الجودة الباهظة يبين أن اللون الأولي من علاقات الإنتاج الإشتراكية أضر بالبيئة نتيجة كثافة المواد المخدمة في السلعة الواحدة، ثم زاد الضرر لإشتغال سلطات ما بعد المؤتمر العشرين- على إنتاج أحسن ولكنه صعب التصريف بفعل الفصل النقودي لعلاقات الإستهلاك والتوزيع عن علاقات الإنتاج التي ظلت على حالها الإداري.



    ب- علاقات الإستهلاك والبيئة:

    تحتوي عملية إستهلاك المجتمع للإنتاج على عناصر ومراكز إقتصادية سياسية وثقافية معينة في المجتمع بعضها حاكم لبعضها الآخر سيد عليه، وإذ كانت هناك معالم مميزة لهذه المراكز ولطبيعة الصلات بينها فكذلك هناك معالم تميز علاقاتها بالبيئة حولها، كذلك فإن البيئة تؤثر على طبيعة الإستهلاك ونوع علاقاته.


    تشمل عملية الإستهلاك العناصر الآتية :

    1- موقع الإستهلاك،
    2- زمان دورة الإستهلاك،
    3- أنواع المستهلكين،
    4- أنواع الموارد المستهلكة بالنسبة لكل نوع أو فئة من المستهلكين،
    5- كيفية تكرار الإستهلاك وتمويله،
    6- آثار الإستهلاك.

    وتشكل العناصر الستة الآنفة المقومات المميزة لعلاقات الإستهلاك في المجتمع. ويفيد فحص هذه العناصر في التمييز بين نمط الإستهلاك اللازم لحياة جميع الناس وعيشهم ونمط الإستهلاك النافع لبعضهم الضار بمصالح غالبية الناس في المجتمع ، حيث تظهر الطبيعة الطبقية والسياسية لهذه العلاقات في حالات عددا منها: كتخصيص أوتخديم جزء من الدخل القومي بالعملات المحلية أو الدولية في توريد أو صناعة ثياب أو أطعمة فاخرة بدلاً عن آلآت الإنتاج أو الأدوية المنقذة للحياة. مما يمكن تمحيصه في النقاط الآتية:



    1- موقع الإستهلاك:

    يؤثر محل الإستهلاك وموقعه الجغرافي على صلاح وتوازن البيئة المحيطة به القريبة أو البعيدة: إذ يمثل مجالاً لسحب موارد معينة من بيئتها الطبيعية وتحويلها إلى حالة أخرى إلى بيئة أخرى. وإضافة إلى تسبيبه لتعزيز عملية إستغلال أو تهميش الموارد في نطاق العملية الإنتاجية فإن تركزات ونوعيات معينة منه في مناطق معينة مقابلة لمناطق أخرى أقل قدرة عليه وأشد حاجة إليه تخلق كثيراً من التوترات والإضطرابات بين سكان هذه المناطق أو بين طبقات معينة فيهم سواء كان ذلك في جهة الموارد الطبيعية وأرضها ومناخها، أو في جهة الموارد البشرية وطبيعة تخديمها لقواها في العملية العامة للإنتاج.

    تعزيزاً لما سبق ذكره يمكن النظر إلى قيام الإستهلاك (الترفي) في المدن بغلاء أسعاره برفع أسعار كثير من ضرورات العيش، مما يدخل كثير من الزراع في الريف إلى طائفة الغارمين والمعسرين العاجزين عن سد حاجات عيش أسرهم ويضطرهم إلى هجر مهنة الزراعة والريف كله إلى نشاط أكثر كسباً في المدن كممارسة بيع المشروبات أو الأطعمة....إلخ، وما يتبع ذلك من دمار بطئي للإنتاج الزراعي أو لطبيعة تخديم الأرض أو المياه، وما تسببه سرعة الهجرة العشوائية من تردي في الخدمات المدينية، وفي زيادة التفاوت بين طبيعة الإقتصاد في المدينة وطبيعة الإقتصاد في الريف، وحتى بين الأرياف وبعضها. وما إلى ذلك من مآسي ومحن وشِحَن ومباغض.



    2- الدورة الزمانية للإستهلاك:


    لكل مُنتَج زمن معين ينقضي فيه أمد إستعماله أو تفسد فيه خصائصه، قبل أو بعد بيعه، والدورة الأفيد لإستهلاك المنتجات هي التي تستهلك المواد الضرورية للحياة والعيش بمنطق أولية الضروري لعيش غالبية الناس بإتساق مع ناحيتين مهمتين هما:

     ناحية حاجة وعدد المستهلكين لها،

     ناحية القدرة على إعادة إنتاج البضاعة أو السلعة وتوزيعها للمستهلكين في زمن يناسب تكرر حاجتهم إليها.


    ويحدث الخلل بالزيادة أو النقص في دورة الإستهلاك المتصاعدة لأسباب عددا بعضها من الطبيعة الخام كالأعاصير والزلازل والفيضانات والجفاف والتصحر والأوبئة أو لأسباب من الطبيعة الإجتماعية للبشر تتعلق بأزمات الإقتصاد وتنافر تركيبته ونشاطاته فيضاً كهربياً وتقنياً في الإنتاج أو نقصاً فيه ينافر طبيعة عدد وحاجات السكان وقدرتهم الثقافية أو المالية على الإستهلاك.

    وفي تفاوت دورة الإستهلاك تبرز أزمات ثقافة الإستهلاك في المجتمعات الرأسمالية المتمركزة أو في المجتمعات الرأسمالية التابعة بما في ثقافتها الإستهلاكية من إغراء وتهليع وتكاثر وتسويق إعلاني وتنميط ذوقي ووجداني وفئوي وجنسي وهناك ما يتعلق بأزمات الطبيعة الطبقية لسياسة الإقتصاد والمجتمع حيث تتفارق إمكانات تلبية الحاجات في الطبقة الرأسمالية للمجتمع عن إمكانات تلبية الحاجات في سواد المجتمع وطبقته العاملة، وكذلك تتصل أزمة الإستهلاك وثقافته بالضعف التاريخي والموضوعي لتنظيم الإقتصاد والمجتمع المعين وسياساتهم في نطاق الدائرة الإمبريالية للسوق الرأسمالي العالمي.

    وبطبيعة تفرد وتنوع الإستهلاك والموارد المستهلكة سواء لأغراض الإنتاج العام أو لأغراض الإستعمال والتخديم المفرد الخاص، أو كانت أغراض لإستعمال كمالي ترفي أو لغرض ضروري للعيش والحياة، فإن الدورة العامة للإستهلاك تُضمر دورات أصغر تتجادل بينها ومعها إما بفوضى وإضطراب كما في نظام التملك الفردي الرأسمالي لوسائل وجهود ومنافع الإنتاج، أو يكون جدلها جدلاً محسوباً بصورة إجتماعية في أكثره مخططاً وراقياً بإنتظام من حالة التكالب على تخديم مورد معين مثل تخديم بعض الدهون في مواد التجميل أو تخديم ذات الدهون في صناعة مواد طبية ضرورة، والإرتقاء من مثل هذا التضارب بين تعدد التخديمات وقِلة الموارد إلى تلبية متسقة في كمها ونوعها مع التطور العددي والنوعي في حاجات السكان سواء أكانت حاجات ضرورية للعيش أوكانت حاجة ضرورة للرفاهية.

    وفي كل فإن دورة الإستهلاك تختلف من حيث الطبيعة والزمان عن طبيعة وزمان إنتاج ما يتم إستهلاكه من موارد، ومثالاً لذلك إستهلاك الطعام، أو إستهلاك الملبوسات أو إستهلاك آلآت الإنتاج، وهو ما يؤدي بطبيعة التضارب في بنية الإنتاج الرأسمالي إلى أزمات فيض الإنتاج أو إلى أزمات الكساد، وإلى خلل مالي يتفاقم بتضخماته وبإنكماشاته بين فئات وشرائح المستهلكين والمنتجين، وإضافة لهذه الأضرار بالبيئة الإقتصادية الإجتماعية وما يتصل بها فإن الخلل في الدورة الزمانية للإستهلاك يؤدي إلى إستغلال متفاوت للموارد وإضرار بتوازن البيئة الطبيعية نتيجة هذا التفاوت .

    3- أنواع المستهلكين:

    يتنوع نمط الإستهلاك من ناحية القدرة الثقافية والمالية عليه ويتفاوت حسب كل مجتمع وطبقة وفئة وشريحة من الناس سواء من ناحية طول أو قِصر الدورة الزمانية للإستهلاك، أو من ناحية مدى النفع بالموارد إستغلالاً لبعضها وتهميشاً لبعض آخر منها، وكذا من ناحية التوزان بين مناطق الإستهلاك ومناطق الإنتاج، كما تؤثر نوعية المستهلكين في نماء أو دمار البيئة المحيطة بهم أو البيئة البعيدة عنهم الموصولين بها وذلك حسب الكيفية التي يجدد بها كل نوع من المستهلكين قدرتهم على الإستهلاك سواء كان ذلك بالإنتاج أو بالتوريد أو تعلق كيف تكرارهم للإستهلاك بطبيعة تمويلهم من أرباح أو أجور. وفي تنوع وتفاوت الإستهلاك بين الطبقات يمكن الإشارة إلى نقطة مفردة موضوعية تتعلق بالتكاثر المفرط في الإستهلاك الذي يقوم به أفراد الطبقة الرأسمالية ومؤسساتها بمختلف فئاتها وشرائحها،إسرافاً أو ترفاً أو طمعاً في أرباح أكثر.

    4- أنواع الموارد المستهلكة:

    تؤثر أعداد ونوعية المواد المستهلكة على سلامة البيئة فتركيز الطلب على بعض الأنعام يجعل بعضها في زيادة تستهلك المرعى، وهناك بعض المزروعات تستهلك مقاديراً كثيرة من الماء بالإمكان صرفها لمزروعات أفيد بصورة إجتماعية أو مالية، وبعض الزروع يتطلب عملاً كثيفاً، وبعضها مرهق للأرض ومجدب لها، وبعضها ضعيف جداً لا يتحمل تذبذبات الحرارة أو الري كثيراًما يخسر الجهد المبذول فيها، وبعضها ينزف الناس أموالاً كثيرة، كذلك المواد الأولية اللازمة للصناعة وما إليها كالنحاس والكبريت والزئبق والفحم والحديد والنفط والغاز والألمنيوم والفوسفات والقصدير والأسبتس والأسمنت وكذا المعادن الباهظة الربح كالذهب والفضة واليورنيوم والتيتينيوم، وكذلك الأحجار الكريمة، وغير ذلك من مثل هذه المواد النافعة الضارة بوضعها في غير أنجع مواضعها ومواقيت تخديمها، ويضاف إلى هذه المحيقات أنواع المصطنعات الخطرة على سلامة البيئة التي يتم إنتاجها من هذه المواد. كذلك فلغرض إستهلاك كثير من الموارد المادية والبشرية أو تهميشها تتعرض قوى الإنتاج البشرية والمادية لإستغلال أو لتهميش آخر يزيد تدهور البيئة بزيادة تركيز الإستهلاك على جهود ومواد معينة النوع والكيفية في أجل محدد قصير غالباً.
    من النقاط الأربعة السالفة يتضح ان تركيز الإستهلاك لزمن طويل في جهود ومواد معينة يضر بسلامة البيئة

    5- كيفية تكرار الإستهلاك وأثره على البيئة:

    يجدد كل نوع من المستهلكين ويطور قدرته على إستهلاك نوع أو جمع معين من البضائع والسلع في موقع معين، في أجل محدد إما بعملية الإنتاج أو بالإستيراد، ووفق طبيعة تمولهم بأرباح أو أجور. وهنا أيضاً يمكن إظهار أهمية الوضع الطبقي لا في تجديد نمط الإستهلاك في كل مستوى طبقي فحسب، بل وكذلك في القدرة على تكرار أو ضبط هذا الإستهلاك. فالمسيطرون على وسائل وموارد الإنتاج ومفاصل توزيع موارده وجهوده وثمراته محلياً أو عالمياً تتاح لهم بحكم الطبيعة الربحية لتمولهم قدرة أكبر على تكرار إستهلاكهم بصورة تفوق قدرات القائمين بالجهد المؤسِس الفعلي لهذا الإنتاج، مثال لجانب من ذلك في السودان حيث تسهم أقاليم السودان الريفية بـ90% من الدخل الوطني العام بينما يقل نصيبها من الصرف المركزي عن تلك النسبة، وإذ تقدم القوة الناشطة بجهدها في إنتاج النفط والخدمات والصناعة والزراعة والرعي 90% من الدخل الوطني نجد حوالى 90% من سكان السودان يعيشون حياتهم تحت خط الفقر، مقابل حوالى 5% فقط من السكان يستأثرون بأشكال عددا بـ85% من ثروة البلاد ويتوزعون النصيب الأعلى من وارداتها من البضائع والسلع الكمالية، بينما ينطحن الـ90% الفقراء والمساكين من السكان بين شقي رحى الإستغلال والتهميش يستضعفونهم بأجر بخس وكسب فتات، وتعطيل مزري عن العمل.

    التفاوت في قدرة الأقاليم والطبقات على تكرار الإستهلاك وتجديده وإنماءه يزيد الضغوط على العناصر المستضعفة حيث إن رأس المال من مركزه المتعالي بصورة مالية تجارية وسياسية مس مناطق معينة بالاغراق ومس أخرى بالجدب، وبينما أتاحت الموازين الرأسمالية المطففة لتقسيم موارد الإنتاج وجهوده وثمراته لأصحابها مزيداً من إمكانات التكاثر في الإستهلاك نوعاً وعدداً ألقت الموازين الرأسمالية عبء أرباحها ومصروفات تجديد قدرتها على الإستهلاك على عاتق الكادحين في الأرض

    6- آثار الإستهلاك على البيئة:
    تؤثر الزيادة في أعداد الناس وحاجاتهم تأثيراً ضاراً على وجود وتوازن عناصر البيئة، ولكن التكاثر في الإستهلاك في حد ذاته يضاعف هذا التأثير الضار، فإذ كان العالم يحتاج لعدد إضافي من الكرات الأرضية لإجابة تضاعف واحد لمعدلات الإستهلاك في دول مركز رأس المال العالمي بجملة سكانها وهم حوالى 15 % من سكان العالم فكيف يكون الأمر إذا ما تضاعفت أعداد سكان أفريقيا والهند والصين أو زادت حاجة الفرد فيها - مع زيادة إستهلاكه ضرورات الحياة - إلى إستهلاك أعداد وأصناف كماليات أكثر، ولتصور فداحة ثمن الإستهلاك الترفي يمكن (توفير) المعلومات الآتية عن كربونية كل نشاط:
     لتر مياه الشرب المعبأ في قارورة بلاستيكية خاصة يتسبب بآلاته وبلاستيكه وشحنه في إنتاج كمية كبرى من غاز التسميم ثاني أكسيد الكربون يبلغ حجمها 600 ستمآئة ضعف ما ينتج لجريان لتر من المياه -أنقى منه- في الشبكة العامة للمياه.
     شاشات البلازما ومبردات الهواء تفرز من ثاني أكسيد الكربون ما قدره....
     الرحلات الجوية تفرز من ثاني أكسيد الكربون ما قدره .....
     الطعام المخسر للصحة يعادل....
     الغاز المنبعث من حركة السيارات يساوي.....
     تخديم السيارات الكبيرة المحركات لأغراض صغرى ينتج.....
     الطعام المستورد يرهق البيئة الطبيعية والمالية ويتسبب في تصاعد لغاز ثاني أكسيد الكربون بما قدره
     الصرف البذخي يكلف العالم.....
     مبارة كرة القدم الرسمية تنتج عادماً قدره......
     الأسلحة تكلف العالم مبلغاً قدره.......

    حسب ما ورد في نقاط التمحيص السابقة فإن آثار التكاثر في الإستهلاك، في غالبها، آثار ضارة على وجود الإنتاج وموارده، وبهذا الضرر يمكن أن تعد آثاراً مؤذية لعموم نسق الطبيعة الإجتماعية –الإقتصادية وثقافاتها وسياساتها مثلما هي مفسدة لتوازن عناصر الطبيعة وسلامة الأرض ومناخها والحياة فيها.










    ت - الثقافة الإجتماعية السياسية والبيئة:

    في نواحي الإختصاص والعموم في كل مجتمع نجد إن إرتقاءات الأسرة والقيم وأمور الحكم والسياسة قد واشجت أطوار إرتقاء الجماعة البشرية من حالة البداوة والمشاع إلى حالات الحضارة المتنوعة بتحديدها وتنظيمها نفع المجتمع بموارد عيشه تحديداً وتنظيماً طبقياً أساسه تمييز وعنصرية التملك الفردي لوسائل ومنافع الإنتاج الإجتماعي عبوديةً وإقطاعاً ورأسمالية. وقد زاد أمر إفراد التملك بتخصيصاته الكثيرة وتعدد أعماله وأدواته حجم الموارد المحولة من البيئة الطبيعية إلى البيئة الإجتماعية بداية من الأحجار والأخشاب المقتلعة للصيد والتسلح والبناء وكذلك زاد تخصيص وتخديم الأراضي ونزف المعادن المكنونة فيها وليس نهاية بتخديم الذرة والبلازما. ومع كل طور من أطوار تنظيم إقتصاديات الإجتماع البشري نجد تخصصاً وتوسعاً في شؤون الحكم والإدارة بداية من الحكم الفردي وليس نهاية بالحكم الشعبي ومابينهما من ثيوقراطيات وأتوقراطيات وأولقريات وتكنوقراطيات وديموقراطيات وبلوقراطيات، وبطبيعة كل نظام كان تعامل الفرد والمجتمع مع حال النفع بموارد البيئة يختلف حسب ماهية النظام الإقتصادي السائد ومصالحه.

    مما سبق يمكن القول بإن التطورات الإقتصادية السياسية للحياة الإجتماعية بكل حاجاتها وبكل إجاباتها هذه الحاجات، قد شكلت سياق تطور الثقافة العلمية لحياة الناس ومعاملاتهم وإرتقاءها، وقد شأى هذا الإرتقاء بين الناس شأواً مائزاً مع تميز الثقافة العلمية لشؤون الحياة بالحساب والتقدير الموضوعي للأمور بترس محوري عقلي هو نهج حركة الطبيعة والتاريخ ومنطقهما الموصول بسياق وتراتب تحقيق الضروري لحياة الناس ثم الثانوي، بإحداث تغير نوعي في جزئيات الأمور وكلياتها بكم محسوب معين من الأعمال والعناصر يحور أقانيمها من البسيط إلى المعقد ومن الصغر إلى الكبر بواسطة عملية زوج واحدة في ظاهرها هي ثلم العناصر والأعمال وضمها. بل وأخذت الثقافة العلمية لشؤون الحياة أبعاداً فلسفية ثورية كان لها قبس في تبلور وتطور الأواصر التي عقدتها فلسفة الإشتراكية العلمية بين تشكيلة العلوم الطبيعية وتشكيلة العلوم الإجتماعية متغذية مع تطورات الكيمياء والفيزياء والمنطق الرياضي بالأدب القديم لحقوق الإنسان والأفكار الإنسانية المتعلقة بالكرامة والتعاضد والإخاء والعدالة والحرية والسواسية.وفي زمن مقارب نشأت مع تطورات الثقافة العلمية إتجاهات الإهتمام بالبيئة Ernest K. Haeckel (1873) وزاد الميل إلى العناية بسلامتها وتطورت أنساق تلك الإتجاهات من أعمال مثل تاريخ الطبيعة وجدل الطبيعة إلى أن وصلت بحوثها ونشاطاتها إلى حال إعلامات مصدرة من هيئة الأمم المتحدة، وهم الناس بها على تنوع طبقات عيشهم ومجتمعاتهم في مختلف دول العالم. وقد كان التطور العملي لإتجاهات صون البيئة تطوراً متأثراً بزيادة التعارض بين التطور الإقتصادي والتطور الإجتماعي [الرأسمالي] ومحاولة تحقيق التناسق بينهما وكذلك التعارض بينهما وصحة الإنسان ومحاولة تحقيق قدر متناسب من رفاه حياة الإنسان وحياة الطبيعة حوله.

    من هذه التعارضات البنيوية بين زيادة الأرباح وسلامة البيئة أضحت كثير من نقاط الخيار الإشتراكي - بتخطيطه العام للنفع الجماعي بموارد البيئة بصورة مستدامة للأجيال الحاضرة والقادمة- أكثر الخيارات موضوعية ومعقولية للعناية بالبيئة وصون عافيتها من الخيار الرأسمالي الذي رغم نقله البشرية من بؤس الإقطاع بزراعته المتقلبة وضرائبه المتعالية وعنصريته الضيقة إلى نطاق أوسع للتعامل (الحر) بين الناس وفقاً لأموالـ(ـهم) ورغم إغداقه على بعض الطبقات والمجتمعات من هذا التعامل الرأسمالي فقد أزهق التطور الرأسمالي بنشاطه الحر وحروبه بلايين الأرواح منذ إبادته سكان أمريكا الأصليين وإستعباده ملايين الأفارقة ومحوه كثرة غابات العالم، وتدميره كثير من عناصر توازن مجتمعات العالم وبيئته، إضافة إلى مفاقمته الحروب منذ حروب ماقبل نابليون إلى الحرب العالمية الثالثة وليس نهاية بحروب البلقان والعراق ودارفور فبمفاعلات إستغلاله وتهميشه قام الأسلوب الرأسمالي للنفع بالموارد المادية والبشرية بإلقاء بلايين البشر في ضنك التكاثر والتكالب والحاجة، وبدد بلايين الأطنان من المواد والجهود في خضم بناء آلآت ربح إستهلاكية كبرى في كل بلد ومنطقة.

    في خضم تفاقم هذا الجدل الرأسمالي المضطرم زاد إرتقاء علوم وثقافة البيئة وإتجاهات العناية بها إلى التواشج مع كثير من تنظيرات ونضالات العقلانية الإجتماعية والإشتراكية العلمية ضد أقانيم النظام الإقتصادي الرأسمالي العالمي ونشاطاته النازفة للبيئة، وضد النظام الإعلامي الدولي الذي يشيع ثقافة الإستهلاك الفردي، وتعاضد مع إنفاذ حقوق الإنسان والبيئة ضد الأساليب العنفية والخبطعشوائية لحل الأزمات دعماً للتقدم المتناسق للمجتمعات وصون بيئتها بأسس العدالة الإجتماعية والحرية والسلام، ومن محاولة حل هذه التناقضات بين الربح والبيئة تبلورت وزادت أهمية علوم البيئة السياسية والإجتماعية والحقوقية وتفرعت شجرتها وكثرت ثمارها.

    في هذا التطور الذي وضح العيوب البينوية في التنظيم الرأسمالي للموارد وتعامله المفسد للبيئة كشفت أيضاً نواقص الإتجاهات الإشتراكية في تعاملها مع البيئة: فالخطط التنموية العظمى التي حققت التقدم المادي والثقافي الحر الكريم لمئات الملايين من البشر في الجمهوريات السوفييتية وشرق أوربا وفي الصين والهند وكوبا وبعض العالم الثالث حفلت في نطاق محاصرتها وشن الحروب الباردة والساخنة عليها بنقاط تفضل فيها مصلحة مجتمعاتها الآنية والحاضرة على مصالح وعافية بيئة مجتمعاتها القادمة. وكما سبق القول فقد كانت هذه النواقص من بعض مولدات دفع كينونة "التنمية المستدامة" أمام كينونات الإصطلاح الإشتراكي "التنمية المتوازنة" وهو ما ولد بجدله كينونة إصطلاح "التنمية العلمية" الذي بدأت الصين في دفعه في نطاق تعاملاتها المحلية والدولية للحد من إضرار تقدمها الهائل الآني بالبيئة رغم إن أكثر ملوثات الصين والبيئة العالمية من إنتاج الطبيعة الرأسمالية للتعامل الدولي .

    من هذه النقاط تظهر نقطة مهمة للتمحيص والبحث والمعرفة هي:

    طبيعة التواشج بين كل من: تقدم التنظيم الإقتصادي الإجتماعي والسياسي وإنتشار وتعمق الثقافة العلمية لشؤون الحياة في الطبيعة الإجتماعية بمحركات العدالة والحرية في جهة، وحسن تعامل البشر مع البيئة الطبيعية الخام في جهة مواشجة.





    4- جدل الخصخصة وحرية السوق وجدل التخطيط وصون الموارد:

    تسود وسائل الإنتاج والعيش في العالم اليوم حالة عامة من التملك الإنفرادي الخاص. وقد بدأت هذه الحالة منذ ما بعد استقلال أكثر دول العالم وخروجها المثخن من حالة الإستعمار القديم حيث فرضت ظروف متنوعة شروطاً مالية وتجارية عليها لقبول الدول الإستعمارية بإستقلالها وبفعل هذه الشروط وبأثر الهيمنة الثقافية السابقة فرض على أكثر الدول المتحررة حديثاً التمسك بأسلوب التملك الفردي لوسائل العيش والإنتاج كطريق وحيد للتنمية، وحتى حينما حاولت بعض قواها الطليعية الإتجاه لأسلوب لا رأسمالي كان ذلك في زمن سيطرة المناشفة على إتحاد السوفييت وقيادتهم منه النصف الثوري من الصراع الطبقي العالمي، فكانت لارأسمالية هذه الدول الزراعية النشاط، مدينية الإتجاه، وسطية في موقفها الطبقي، وإستيرادية في إقتصادها، مفككة الإستراتيجية وفاسدة في علاقاتها الدولية وفي علاقاتها الداخلية، فكانت أقرب لأن تكون بناءاً تحضيرياً لقاعدة رأسمالية جديدة، إذ مع قضائها النقودي على قواعد التنظيم الإقطاعي في بلادها فإن القواعد والصلات الرأسمالية التي إحترمتها هذه الدول ورسختها في كينونتها بـ(فضل) المؤسسات المالية الدولية لم تنتج سوى تنمية التفاوت في داخلها وبينها وبين دول مركز رأس المال العالمي الإستعمارية، ومن هذا التفاوت زادت عليها الإستضعافات والتبخيسات والديون وفوائدها حتى أفلست وأُخرجت مؤسساتها العامة من نطاق السيطرة الوطنية – الإجتماعية إلى صالات البورصات وقوى السوق الدولية بكل بنوكها.

    ومن حرية السوق والخصخصة زادت الأسعار والضرائب وحالات التعطيل عن العمل والأمية والفقر والأمراض والأوبئة الثقافية والإجتماعية والفساد والعنصرية والهجرات في المناطق المدينية مما إتصل بمزيد من التملك الفردي لموارد العيش والحياة أما المناطق والمجتمعات الريفية التي لم يبق الإستغلال والتهميش الشديد فيها شيئاً يكفي حاجات أهلها فقد وصلت بسهولة لمراحل الجفاف والإحتراق والحرب الأهلية، مطورة الإقتصاد الدولي للإغاثات والمؤتمرات ومراكز البحوث والعلاقات الدولية.

    مع تغييب حرية السوق لإتجاهات التنظيم الإجتماعي للإنتاج والإستهلاك في المجتمع إنتعش إتجاه التملك الخاص للموارد العامة و زاد ميل الناس للإنفراد والإستئثار بكسب المعايش ومنافع الحياة فنما همهم بالمضاربة بعلاقات العرض والطلب أكثر من الهم بالكفاءة والنوعية وحساب الفائدة والخسارة الإجتماعية والطبيعية في البيئة، ومن هذا التكالب زادت حالات نزف وإهدار موارد البيئة المحلية والدولية ولو كان ذلك في صورة تقديم منتجات ( أأمن ) للإستعمال، حيث تتطلب أسعارها الغالية من الناس إنتاجاً أكثر وإستهلاكاً أشد لكثير من الموارد الأخرى مما يكون أوخم أثراً على البيئة لأجل الحصول على هذا النذر اليسير من البضاعة أو السلعة الخضراء الآمنة.

    من هذا العرض المقتضب للعلاقة الطردية بين الربح وسلامة البيئة في النواحي الدولية والمحلية قد يمكن القول بأن بنية التنظيم الرأسمالي الدولي لحرية السوق تتعارض بنيويةً وجذريةً مع سلامة البيئة الإجتماعية والطبيعية.







    5- التملك الخاص لموارد المجتمع وفوضى توزيعه لها وفق إمكانات بعض الأفراد وصلات أرباحهم:

    يغل الإتجاه إلى التملك الخاص المفرد لوسائل عيش الناس موارد الحياة الحرة الكريمة ويضعف إمكانات توجيهها بصورة إجتماعية أو وطنية لأغراض النفع العام، وإن كان من ثمة تعويل على إجراءات تمويلية وضرائبية لتوجيه هذا النشاط الفردي أو ذاك فإن هذا النوع من التوجيه المالي الموصول بزيادة الضرائب يسبب بدوره خللاً بالزيادة في المستوى النسبي للأسعار ثم في المستوى العام لها مشكلاً غلاءاً وتضخماً يزيد حالات النزف والتهميش في البيئة.

    وكما إن الإرادات الفردية في عشواء طلبها للأرباح تصيغ التوزيع الطبيعي أو الإجتماعي للموارد بفوضاها، فكذلك فوضى توزع الموارد حيث تثير بتشتتها أو تركزها نزغاً فردياً زائداً للإنفراد بها وإستغلالها أو تهميشها حسب معدلات الربح الآمن المتاحة في كل نشاط، وإجابة هذا النزوغ وسد حاجاته تزيد تفاقم فوضى توزع المواد المادية والبشرية وإمكانات تعرضها للتعامل العشواء، سواء في النطاق المحلي أو النطاق العالمي.

    بملاحظة حالات هذه الفوضى وقياس إضرارها بالبيئة يمكن إدارة نقاش مفيد حول إمكانات التنظيم الإجتماعي للموارد وتوزيع تملكات وسائل إنتاجها وجهودها وثمراتها بصورة إشتراكية بين المناطق القائمة فيها والوحدات الإجتماعية المتصلة بجريان إنتاجها وإنماء وتوزيع ثمراتها.



    6- تأميم الموارد العامة وتخطيط توزيعها كضرورة لصون البيئة:

    إذا كانت فوضى توزع الموارد وتخديمها من خلال التملك الفردي لوسائل وجهود وثمرات الإنتاج تضر البيئة، فإن لأنجع لسلامتها هو التحول من هذا النوع من (التنظيم) إلى نوع آخر أكثر إشتراكية وديمقراطية شعبية يتيح إمكانات أكبر لتخطيط توزع موارد العيش ووسائل الحياة وجهودها في المجتمع يزيد إمكانات نفعه بثمراتها.

    لأجل هذا التحول تتضح أهمية سياسات " التأميم " التي دفعت كثيراً من المجتمعات والدول المتحررة حديثاً أوآن إستقلالها أو في بعض ما بعده، ونقلتها حينه من حالة شديدة من الجهل والحاجة والحفاء والعطش إلى حالة أخف.

    وإن تعرقل تقدم بعض تلك الدول وختم تلك الإجراءات ختاماً مأسآوياً في أغلب مرات حدوثه فقد كان ذلك لإتباع تلك الدول سياسات رأسمالية إنفتاحية وضعت قواها المستضعفة وأعصاب حياتها تحت ثقل محركات رأس المال الإمبريالي العالمي بكل تركيزاته وتهميشاته، وبكل حرياته في التعامل المبخس والمطفف بالموارد العامة لحياة المجتمع ودولته. ففي إصلاءات حرية السوق وموازينها المطففة للمجتمع كانت الأموال الموجهة لبناء الفنادق أو لسيارات الدولة والطرق الفخيمة ورغد المسئولين أكثر من الأموال التي وجهت لبناء ونشاط المدارس والمراكز الصحية والسكك الحديد الضرورة لعيش وتقدم حياة الناس. وقد كان ذلك الإتجاه في الإنفاق المتجاهل أو العابث بالضرورات الذي يوصف لغةً بـ"الإسراف" و"السفه" يسري مسمماً تركيبة المجتمع والدولة بتركيزه وتهميشه لكثير من الموارد والقوى المفيدة لنمو الحياة الإجتماعية بشكل متناسق في نفس الوقت الذي كانت فيه تلك الدول ومجتمعاتها –ولم تزل- في حاجة إلى ضبط وتنظيم إستعمال مواردها وفق معادلة حاجاتها وقواها وقدراتها وقسط إمكانات النفع بها تبدأه بإجابة الحاجات الضرورية لحياة حرة ومعيشة كريمة لأهلها ثم تلي ذلك بكمالات الرفاه والرخاء، ولكن منطق الربح يختلف عن منطق الضرورة الإجتماعية للعيش والحياة والتقدم المتناسق، كما إن الربح بنهم إستثمارته يبتعد بمجتمعاته النفطية-البلاستيكية والإستهلاكية الشرهة عن رعاية توازن البيئة وسلامتها وقسطاس قرار أو تحريك عناصرها.

    وجملة الفقرة السابقة هي مجرد إشارة لتوكيد موضوعية الحاجة الإجتماعية-الإقتصادية والسياسية لصون البيئة والعناية بها بتنظيم وترتيب للعلاقات الإقتصادية-الإجتماعية وتخطيط مقسط لإستثمارعناصرها ونشاطها بصورة علمية متوازنة ومتناسقة إجتماعياً تتيح إمكانات أكبر للإفادة بموارد العيش والحياة الحرة الكريمة وتوزع منافعها في المجتمع. هذه الحاجة الشعبية للموارد وتنظيم إنتاجها والنفع به تفرض أهمية موضوعية لدفع عملية وضع موارد حياة وعيش المجتمع تحت إدارته وهي العملية المعروفة بإصطلاح "التأميم"، وهو عملية تنظيمية لأمور الإقتصاد تتقدم من جديد في رحاب دول العالم ومناطقه الرأسمالية عامةً وفي الدول والأقاليم المحترقة خاصةً، تماماً مثل ما حدث في بعض دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وحتى في أوربا، وأقوى أسبابها وأهدافها الحاضرة هو الحد من الآثار الوخيمة لعمليات الخصخصة وحماية الأمن الإجتماعي والأمن البيئي والسياسي لكيانات هذه الدول.

    وقد تزاح كثير من معتمات رؤية موضوعية التأميم مع العلم بأن التأميم ليس جريمة حرب أو فساد في الأرض ولكنه إجراء إقتصادي سياسي مفيد إجتماعياً بوضعه ملكية وإدارة الموارد العامة في يد المجتمع وبتقييده الجزء المحلي من الحركة الإمبريالية لرأس المال العالمي، إضافة لحده تفاقم نشاط رأس المال على حساب التنمية المتناسقة لعناصر المجتمع والبيئة.





    7- تنظيم وخفض الإستهلاك وفق مبادئي الصحة البدنية والذهنية للناس وصحة الطبيعة:

    في عالم مملوء بالإستغلال والتهميش، وبالفيضانات والقحط والتشرد والهجرات العشواء والفقر والمجاعات والأمية والأوبئة والأمراض البدنية والثقافية والتمييز والإضطهاد العنصري والنوعي، قد تبدو فكاهة مقولات تنظيم الإستهلاك وخفضه، ولكن في ظل التنظيم الرأسمالي لإقتصادات العالم نجد 15% من دول الأرض تستهلك جُملةً حوالى 80% من الموارد في العالم، وإن 85 % من دوله تستهلك حوالى 20 % من الموارد ولكن في داخل كل دولة ومجتمع نجد نفس النسبة المئوية للإستهلاك المُجحِف أو نسبة أخرى أشد بؤساً منها.

    إمكانات قيام الناس بإستهلاك الموارد لا تحددها قدراتهم الفردية بل هي محصلة للتقسيم الرأسمالي العالمي للموارد وللتقسيم الناتج منه في داخل كل دولة، الطبيعة الإجتماعية لتملك وسائل اللإنتاج والعيش والكسب ومدى طبقيتها تحدد إمكانات كل طبقة وفئة وشريحة في حيازة هذا القدر أو ذاك من الموارد لأغراض النفع واللإستهلاك، ومن الوضع الطبقي تتبلور تضاريس بيئة حركة وثقافة الإنسان ووضعه المادي وحتى الصحي في الحياة.

    في التفاوت بين الجهد الكلي للمجتمع وبعض الجهود المفردة لتنظيم وتقليل الإستهلاك قد يشك في فاعلية الإعتماد على المحاولات المفردة للقيام بخفض الإستهلاك في كافة المجالات مع العلم إن أثر الإفراد بتنوعه وتقلباته أقل تناسقاً وسعة عن قدرة جهاز الدولة وإمكانات التخطيط العام لمقومات ومجريات الإنتاج ومقومات ومقاصد الإستهلاك، في ضبط وقسط موارد الناس ونشاطاتهم في المجتمع وفق معادلة الحاجات الآنية والآجلة وتنوع الموارد وقدرات الجهود وحجم الإمكانات.

    في مقومات التخطيط الناجع لتنمية المجتمع تنمية متتناسقة متوازنة لابد من العناية بمقومات الصحة البدنية والذهنية للإنسان وهي مقومات تتصل من نواحي موضوعية وقانونية بكل حق من حقوقه، من نواحي نفي عوامل الظلم والقهر والنقص والهدر عن حياته، ونفي عوامل الضرر من بيئته وهذا النفي يتطلب بدوره نفي العامل الرئيس في الإضرار بتوازن وصحة البيئة وهو عامل التملك المفرد الخاص لوسائل عيش الناس وحياتهم، فبقدر ما تقل الأرباح تزيد البيئة نضارة.

    التكلفة الحسابية المالية لإنتاج بضاعة معينة لا تتضمن قيمة الأضرار الواقعة على البيئة التي يحدثها هذا الإنتاج ولا قيمة الأضرار الواقعة على البيئة الناتجة من كيفية مقابلة السعر أو الثمن المطلوب كقيمة إستعمالية لوحدات هذه البضاعة، فكل مبلغ نقودي حسب أوليات علم النقود والمالية العامة يتضمن في حوالى 10% من قيمته الأسمية جهداً حقيقياً وإستعمالاً حقيقياً لعناصر البيئة المحيطة وإستثمارها في زراعة أو صناعة ما تشكل منتجاتها هذا الجزء من قيمة النقود. وبناءاً على ما تتضمنه عملية التبادل السلعي – النقودي في الإقتصاد من أموال يمكن حساب ما يسمى بإصطلاح " الديون البيئية " Environmental Debt .
    وهودين يزيد مع كل زيادة في الأرباح، ومنه يمكن تصور دين المؤسسات والدول الإمبريالية جهة العلم الثالث ومجتمعاته والطبيعة الطاغوتية المفسدة في الأرض للرساميل الأجنبية المتصلة بهذا الدين المستمر






    8- دور الثقافة والتنظيم الإجتماعي في إثراء الطبيعة الإجتماعية بعوامل تحد إستهلاك الموارد:

    بصورة عامة يبدو إن ثقافة المجتمع هي أسلوب حياته وعيشه وكينونة وجوده، حيث تعبر الممارسات والطقوس اليومية والموسمية للمجتمع عن طبيعة وكيفية تكوينه وثقفه لأمور وأساليب إجتماع وحداته وطرق عيشها معاً، ويمكن رصد معالم هذه الثقافة بداية من علاقات الرجل-المرأة وعلاقات الأمومة وليس نهاية بعلاقات الأرض والإنتاج والقيم المنسقة والضابطة لهم وقيم العدل والإحسان والقيم الجمالية المواشجة لهم. فجملة هذه العلاقات هي ثقافة المجتمع لأمور حياته عدلاً وتشذيباً لها وإحسانا فالثقافة في دالاتها الإجتماعية الأوسع هي أسلوب الحياة بما فيه من إدراكات ومفاهيم ونشاطات.

    من هذه العروة تؤثر أحوال الثقافة الإجتماعية على أحوال البيئة، فالمجتمع المزدهر الثقافة، يتعامل مع بيئته الإجتماعية والطبيعية بصورة أفضل مما لو كان مجتمعاً وحشياً أو بدوياً، أما في المجتمعات الحضرية حيث تنفصل المفاهيم والقيم عن النشاطات والأعمال وحيث الزيادة في التعليم والنشاطات الإستثمارية للإنتاج الآلي وزيادة الإستهلاك في المجتمع عن الحاجات الضرورة للحياة فيمكن أن نلاحظ إن الثقافة النظرية تأخذ مكاناً متواضعاً في المجتمع الحضري السلعي – النقودي أيما كانت جهتها بينما تأخذ "الثقافة الجماهيرية" إتجاهاً إستهلاكياً نهماً شرهاً لا يعرف الشبع، ومن ذلك نجد إن الأضرار الحضرية الواقعة على البيئة الإجتماعية والطبيعية تزيد ملايين المرات عن الأضرار التي تسببها المجتمعات البدوية والناشئة رغم إنها في بعض البلاد والمناطق تزرع أشجاراً أكثر ورغم إنها تمتليء بملايين المطبوعات والإرشادات عن صون البيئة وسلامتها.

    مما سبق تظهر أهمية التنظيم الإجتماعي لا كشكل مجرد لسيطرة بنية ثقافية مفردة إقتصادية-سياسية على بقية البنى الثقافية بما فيها من تقديرات وقيم متنوعة، بل كتقسيم مادي لوسائل وموارد العيش في المجتمع بصورة تجعل هذا التنظيم هو المؤثر الأهم على أحوال البيئة. وفي هذا الصدد نجد إن التنظيم الإجتماعي يتأثر بنوع وأبجديات الثقافة النظرية في المجتمع حيث يلعب التعليم دوراً مهماً في توسيع مدارك الإنسان وزيادة نشاطه وتوجيهه إلى نواحي مفيدة كما يؤثر التعليم فى نوعية النشاط البشري وفي قلبه النشاط المعيشي، فيشكل مع تأثيره على النظام الإجتماعي مؤثراً آخر هام في علاقة الإنسان ببيئته، وغالباً ما ينتهي التعليم في الدول الرأسمالية المركزية والهامشية إلى الإندغام في بنية الإقتصاد الرأسمالي حيث يزيد من وتيرة إهلاكه للبيئة وتحويل توازناتها إلى مجرد بضائع وإلى أرقام في الحسابات المصرفية. لذا فالتعليم وحده غير كاف لتوعية الناس بمخاطر إستغلال أو تهميش موارد بيئتهم، ويعجز في جملته عن إبعاد الناس من العادات الإستهلاكية الضارة بصحتهم وعن الإضرار ببيئتهم وأهم مؤشر على إغتراب التعليم تتمثل في إن زيادة نسب المعرفة والتعليم في دول المركز الرأسمالي لم تفلح في عقلها عن أن تكون أكثر الدول إستهلاكاً لموارد العالم وأكثر الدول إضراراً ببيئة كوكب الأرض .

    من هذه الفقرات يمكن القول:
    1- إن طبيعة التنظيم الإجتماعي للموارد البشرية والمادية المتصلة ضرورة بعمليات العيش والإنتاج تسم بميسمها الحيز الأوسع من ثقافة المجتمع ونشاطاته، وإن هذا التنظيم هو الذي يحدد طبيعة وفاعلية التعليم ونظام القيم المثالية في المجتمع.

    .2- فائدة تغيير التنظيم الإجتماعي ذي الطابع الإستهلاكي النازف للموارد إلى تنظيم إجتماعي أكثر إتساقاً في موازنته بين الحاجات والموارد وإمكانات وحقوق الإنسان وأجياله الحاضرة والآجلة، وهي تغيير يتطلب تغييرات أخرى في منظومة القيم العامة تغييراً يتضمن إعلاء قيم التعاضد والمساواة والحرية والزهد والتضحية والإشتراكية بين الناس في تملك وتنظيم موارد عيشهم وحياتهم.





    9- خلاصة عامة لما تم تناوله:

    1- قضية البيئة قضية إنسانية ذات كينونة طبقية وإقتصادية وسياسية وثقافية.

    2- فشل التنظيم الرأسمالي لتملك وسائل العيش والحياة الإجتماعية في تحقيق تنمية متوازنة تصون حيا الناس وبيئتهم

    3- أهمية عمليات التأميم والتخطيط في الأمن الإجتماعي والبيئي والإقتصادي

    4- ضرورة الإشتراكية بين الناس في تملك وتنظيم وسائل وموارد عيشهم وحياتهم

    5- الأهمية الموضوعية لحقوق الإنسان وحريته من العسف والإستغلال والتهميش في صحة التشكيل الإجتماعي للبيئة.



    10. بعض المهام الضرورة لصون المجتمع وصون البيئة:

    1. الدفع بحملة ثقافية لخفض مستويات الإستهلاك الزائدة في نشاط وحياة الطبقات الوسطى والعليا (سيارات، سفريات...إلخ).

    2. تغيير علاقات تملك وتنظيم الموارد في المجتمع إلى علاقات إشتراكية تسود المصالح الشعبية في أمور الحكم والثروة

    3. بناء العلاقات الإقتصادية الدولية والمحلية وفق مبدأ التبادل المتكافيء للمصالح.

    4. بناء نظام إعلامي دولي جديد







    ت – الخلاصة العامة للموضوع:

    قضية صون البيئة بمختلف أبعادها قضية إنسانية عامة ذات كينونة طبقية وإقتصادية-سياسية وثقافية، تعكس في أزمتها الحاضرة فشل التنظيم الرأسمالي لتملك وسائل وموارد العيش والحياة في تحقيق تنمية متوازنة تصون حياة الناس وبيئتهم، بل وأضراره البيئة أضراراً كبيرة وكثيرة، بسبب نظم الإستعمار القديم والحديث وما فيه من حرية إستثمار وإستغلال وتهميش أبادت الغابات والبشر وإستهلكت الأراضي والجبال والجهود وأشعلت الحروب وشردت الناس وأفقرتهم وأرزأتهم معيشة ضنكا وضلالات عدداً مخصصةً موارد عيشهم ومعولمةً آلآت حياتهم وقيمهم بمعايير الطبقة الأكثر سرفاً وإستهلاكاً، مما يظهر إن صون البيئة يرتبط موضوعيةً بالحد من النشاط الرأسمالي بل وبتغيير جذري لعلاقات تملك وتنظيم الموارد في المجتمع المحلي وفيما بين دول العالم وفق المكافأة النوعية بين المصالح المتبادلة، وذلك في إطار حياة ثقافية علمية قائمة بإعلام فعال في دفع العناصر الموجبة للصحة الذهنية والبدنية للإنسان وإنصاف القيم الموجبة لتعاضده وعدالته وحريته وإشتراكه في أمور حكمه وثرواته إشتراكية علمية متقدمة.



    ث- أسئلة:

    1- دالة التفاوت بين المعدل الرأسمالي السريع لإهلاك الموارد والمعدل الرأسمالي البطيء لإستهلاكها في المجتمع ؟

    2- ماهي ملامح النشاط الأوربي والأمريكي في تلويث البيئة وفي صيانتها في السياقات الإقتصادية-السياسية المتنوعة؟

    3- ماهي أهمية وضع السياسة الإعلامية في المجتمع بواسطة العلماء المتخصصين في التربية وعلم النفس وممثلي الإتحادات والمنظمات النقابية والمدنية، في تجنب ثقافة الإستهلاك.



    ج- مراجع في الموضوع:

    1. B. Warren, Imperialism and Capitalist Industrialization, the New Left Review, 1973 (in P. Singh, Imperialism.…)

    2. Andy Reynolds, A Brief History of Environmentalism, 2002
    http://www.public.iastate.edu/~sws/enviro%20and%20socie...Environmentalism.doc

    3. Channel 4 Television, London, England http://www.channel4.com/science/microsites/S/science/na...ure/environment.html


    4. Jeremiah Hall, History of Environmentalism,
    http://www.mtmultipleuse.org/endangered/esahistory.htm
    http://en.wikipedia.org/wiki/Category:History_of_environmentalism

    5. http://en.wikipedia.org/wiki/Dialectic

    6. http://en.wikipedia.org/wiki/Dialectic#Marxistdialectics

    7. http://Pritam Singh, Imperialism, uneven deveent and sustainability: A critical evaluation of Marxist and Green perspectives, Oxford

    8. John Meyer, Political Nature: Environmentalism and the Interpretation of Western Thought, , 2001

    9. http://YvesSmith,Rich Nations Environmental Damage to Third-World Countries Costs them More than Foreign Debt, http://www.nakedcapitalism.com 22-012008

    10. Murray Bookchin, The Philosophy of Social Ecology: Essays on Dialectical Naturalism, 1990.

    11. Murray Bookchin and Janet Bieh, The Politics of Social Ecology: Libertarian Municipalism, Black Rose Books, London,

    12. Eco-socialism, http://en.wikipedia.org/wiki/Eco-socialism

    13. http://www.social-ecology.org/article.php?story=20031028143324193

    14. http://en.wikipedia.org/wiki/Eco-socialism#Critique_of_Social_Ecology

    15. Don Newman >Book Review> Paul Driessen, Eco-imperialism; Green Power-Black Death,

    16. Denaturalizing Ecological Politics: Alienation from Nature from Rousseau to the Frankfurt School and Beyond

    17. Dan DiMaggio and Philip Locker, The Global Capitalism = Global Warming The Case for Socialism, http://www.SocialistAlternative.org

    18. http://www.bu.edu/wcp/Papers/Envi/EnviRozz.htm

    19. http://www.anarkismo.net/newswire.php?story_id=1177

    20. Arthur J Millar, Developing Working Class Environmentalism,2005
    http://www.anarkismo.net/newswire.php?story_id=1176

    21. Chattopadhyay Kunal, Class Struggle and Environmental Activism, 2005
    http://www.europe-solidaire.org/spip.php?article1188

    22. http://en.wikipedia.org/wiki/Eco-socialism#Ecological_production

    23. John Bellamy Foster, Marx s Ecology in Historical Perspective, Monthly Review Press
    http://pubs.socialistreviewindex.org.uk/isj96/foster.htm
    http://www.entrepreneur.com/tradejournals/article/160322577.html

    24. Daniel H. Cole; Pollution and Property: Comparing Ownership Institutions for Environmental Protection, CUP, 2002,; http://books.google.co.uk/books?id=

    25. Dietrich Earnhart and Lubomír Lízal, Effects of Ownership and Financial Status on Corporate Environmental Performance, http://worldbank.org/html/prddr/trans/julaugsep02/pgs67-68.htmM

    26. Ownership and Public Transport Accessibility Audit
    http://66.102.9.104/search?q=cache:yN_X1o19Dh8J:www.buc...n&ct=clnk&cd=1&gl=uk

    27. Environment: Agreement in Conciliation on Life + Budget. 29-03-2007

    28. Alfred Russell Wallace, Societal Planning And Environmental Agenda http://journals.cambridge.org/action/displayAbstract;js...ge=online&aid=176863

    29. Cultural Clashes: Social Construction & Cultural Ecology, http://globalsocialecology.org/


    http://www.rezgar.com/m.asp?i=1248 موقع الكاتب:


    ------------------------------------------------------------
    في ختام هذا المقال أشرقت مجرة جديدة في كون العلم أتمنى فضلها لكل قارئي في نفسه أو أهله أو صحبه، وبكل إجلال وتواضع وعرفان للأم وذكرى الأب والأسرة والأهل والمعلمين والأساتذة أهدي جهد هذا المقال وثمراته إلى أختي الصغيرة المكافحة التي نالت في زمن وجيز الشهادة العليا –بإمتياز- في فلسفة العلوم الهندسية (الدكتوراة) من جامعة ألمانية عريقة . جعلها الله نوراً مشرقاً من أنواره وعطر أمها وأهلها بأريج خدمتها للإنسانية.
                  

12-17-2009, 10:40 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة: الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة (Re: Al-Mansour Jaafar)

    الأرباح الرأسمالية العالمية لا تحقق دون إنبعاث الغازات الضارة من عملية إحتراق الوقود الكربوني لتدوير محركاتها الآلية ،


    حتى كلمة «Capitalization » (المعنى الحرفي هو "تكبير" عكس تصغير ) تتضمن تدمير العناصر الصغيرة الطبيعة لتكوين حال ربح أكبر لرأس المال.


    النتائج المرهوبة من سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الفارضة لحرية السوق (= حرية الرأسمالية) في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا الظاهرة في زيادات الفقر والجوع والتعطيل والأمية والهجرات والتوترات والحروب وتفاقم معدلات التلوث الثقافي والسياسي والصناعي تظهر كيف ان النظام الرأسمالي يعمل ضد الانسانية في نهاية المطاف.


    عمليات تدمير العراق وأفغانستان التي قامت بها دول القوى الرأسمالية الكبرى وعمليات زيادة تتبيع ورسملة البلاد اللإشتراكية هي مجرد مؤشر أخر لكيفية عمل الرأسمالية (سلميا) من أجل مستقبل أفضل!؟ إن كان لرأس المال أي مستقبل أو كان للعالم مستقبل مع تفاقم الرأسمالية!


    العالم سيكون نظيفاً من إنبعاث الغازات الصناعية الضارة ونظيفاً من المخلفات الصعبة الإستهلاك بتحول أسلوب الإنتاج من التصنيع الكبير والضخم إلى الإنتاج المتوسط الحجم والصغير في نطاق محلي أو وطني بصورة تناسب حاجات وقدرات كل مجتمع وتناسب هدف نظافة العالم من الملوثات القاتلة لمستقبله.


    وطالما ان العالم سيكون نظيفاً إذا خلى من حالة التصنيع الكبير لغرض زيادة الأرباح فإن الوسيلة العقلانية لهذا التنظيف هي الاشتراكية العلمية في الموارد وشيوعية الثروة والسلطة بين الناس. فلكي تكون البيئة العالمية نظيفة لابد أن تكون الحياة الإنتاجية وسياسات إجتماعها حياة إشتراكية علمية ولكن لكي تكون هذه الإشتراكية فعالة لابد أن تكون جذرية ضد الأسلوب الرأسمالي العالمي في الإنتاج وجذرية ضد سياساته المتنوعة.


    لا يمكن المطالبة بنظافة العالم مع الموافقة على سياسات وبرامج حرية السوق (حرية الإنتاج والإستهلاك الخاص لموارد المجتمع) التي تقتل التنوع الحيوي لطبيعة العالم وتدمره بالقذارة .


    الترليونات التي صرفتها الإمبريالية على حروب النفط والإستثمارات المفيدة بهذه الحروب هي عبارة عن ديون بيئية يجب عليها تسديدها للبشرية بالسماح بتحول العالم من النظام الإنفرادي السيطرة إلى نظام تعاوني عالمي .


    في منتصف ديسمبر 2009 يتكرس جانب من المجد للتقدميين والشيوعيين الدنمارك وجميع الرفاق داخل وخارج دولة الدانمرك الذين زادوا النضال لإنقاذ العالم من أسباب الكوارث البيئية التي تنتجها الرأسمالية بإستمرار.
                  

12-17-2009, 10:47 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة: الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة (Re: Al-Mansour Jaafar)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de