دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
هل يصلح الإعلام ما أفسدته الإنقاذ ؟ , بقلم د. طارق الشيخ ,,
|
Quote: مؤتمر الاعلاميين .. هل يصلح الاعلام ماأفسدته الانقاذ ؟ بقلم د. طارق الشيخ - صحفي سوداني أحد الدبلوماسيين السودانيين سألني ذات يوم لماذا وانا على علاقة جيدة باوساط رجال الاعمال في قطر ( يقولون أن لك علاقات جيدة في قطر .. هكذا قال الرجل) لماذا لا أعمل على تشجيع الاستثمار في السودان . وأجبته بسؤال وهل الاستثمارات في أي بلد تحتاج الى من يدل الناس عليها ؟ ثم جاءت إجابتي صريحة أن أفضل دعاية للاستثمار في السودان او في أي بلد في الدنيا تكمن في وصفة بسيطة جدا وجود قانون جيد للاستثمار جاذب للاستثمار ، واهم من ذلك تطبيق هذه القوانين ، ومرتبط معها محاربة الفساد عملا . أعاد الحديث الذي يدور هذه الايام عن مؤتمر الاعلاميين السودانيين الأخير الى ذهني ذلك السؤال فقد كان من الواضح أن الحكومة تبحث عن مروجين لها في الخارج لتحسين صورة ما يجري في الداخل . لكن السؤال لماذ تلجأ الحكومة السودانية وخلال عامين متتاليين للاستعانة بصحفيين (وهؤلاء يبدو انهم قلة وسط جمهور المدعوين تحت مسمى فضفاض – اعلاميين - ) عاملين في الخارج لتجميل صورة الداخل ؟ ولماذا كانت الدعوات في الحالتين ملتبسة مثيرة للجدل لكونها تشعرك ( بعملة - بفتح العين - ) كما يقال ولم تأتي عبر منظمات او منابر توافق عليها أهل الخارج ؟ وهل يحتاج موقف الصحفي من قضايا الداخل السوداني الى ( رشوة من الدولة او لكزة أو لفت نظر ) أم انها مسئولية وطنية لاتحتاج لايعاز أو توصية . الأمر بمجمله يعبر عن ضيق من جانب الحكومة التي تشعر بأن الخناق يشتد عليها خارجيا فلجأت الى قشة الاعلاميين طلبا للنجاة ؟ وهل ياترى يفيد هكذا حشد في تغيير الصورة طالما الصحافة كانت على الدوام مرآة الشعب ولاتعكس الا حقيقة الصورة كما هي ؟ ثم الا يكفي الدولة ذلك الجيش ( مدفوع الأجر من صحفيين عرب أو أجانب ) في تجيير صورة حلوة للحكومة ؟ ومثل هذا الجيش ليس حكرا على السودان فهناك صحفيين بل جيوش من الصحفيين المرتزقة من غير السودانيين يعملون مقابل أجر معلوم لقيام بمهام يعجز عنها أهل الصحافة المحلية في السودان . أكاد أرى أمامي قائمة أشبه بتلك القائمة التي وجدت نفسي أطالعها في ذلك اليوم في المكتب الصحفي للرئيس نميري . أسماء معروفة في الصحافة العربية أصابتني بالصدمة والغثيان موضوعة ضمن ( غرافيك بالالوان لكل واحد منهم وحتى آخر شهر ) . منهم من قبض بالسوداني وآخرون بالمصري والاسترليني وغالبيتهم بالدولار ، وكل وحسب ( بلد العمل ) . اسماء لامعة دهشت لوجودها في القائمة التي لازلت أذكر معظم من ضمتهم اذ لم يكن أمامي من بد سوى حفظ الاسماء . اليوم أكاد أرى مثل هذه القائمة لاشك لدي أنها موجودة في مكتب ما .. تعرفهم من الصحف والمقالات والمواقف التي يتخذونها والفضائيات التي يطلون منها وملكيتهم اكثر من الملك ( ذاته ) . ومع ذلك يبقى السؤال لماذا تهتم الحكومة السودانية وفي هذا الوقت بالذات بالاعلاميين في الخارج ؟ ولماذا حرصت على هذه التسمية الملتبسة ( الاعلاميين في الخارج ) وكلنا يعلم بأن المقصود في الاساس صحفيين عاملين في مجالاتهم ( يثيرون أعصاب الحكومة لمقالات تقدم شهادات سودانية أصلية غير مشكوك في وطنيتها لحقيقة الصورة لما يجري في السودان ) . تأمل في الدعوات للمؤتمر فقد كان حري بها أن تأتي طبيعية كمبادرة ذاتية ومن النقابات أو المنظمات التي تشكل الحاضنة لهذا الجيش من الصحفيين والاعلاميين في الخارج . لكنها ولظروف النظام الشمولي الذي لاينبت سوىمثل هذه الحالات ويبرع في خلقها وصناعتها فقد جاءت الدعوات من مستشاريات اعلامية بعضها وصل للمكان الذي هو فيه بعد جولات ( مشرفة مشهود لها ) في دفاعه خوفا على الوطن ، وهوخوف لم يكن بسبب أجنبي طامع او مستعمر متحفز وإنما خوف وللأسف على الوطن من سياسات بالغة السوء ارتكبتها الحكومة في الخرطوم ولاتزال . لكن هذا البعض ولسبب ما رضت عينه ، وياسبحان الله اكتشف فجأة أنه يرى في يومه مالم يكن يراه من قبل ولم نراه نحن حتى اليوم من مفاتن الانقاذ وبراعة الانقاذيين في تزيين الكارثة . نظراتهم الضائعة تحدث عن ( عين الرضا ) .. وهؤلاء نشهد لهم أنهم لم يكونوا قبلا من العملاء أوجيش مرتزقة الكتابة وإن كانت فيهم ( رخصة وخفة يد وبيع كلام ) .. بعضهم كتب من قمة الاهرام ثم رضت عينه وبات من الشاكرين جهرا فيما ينتهز كل فرصة سرا ليقول ( والله أنا مامنهم ) يالصحوة الضمير . ومع ذلك امتلكوا الجرأة في تجنيد قوائم عربية علها تزين ماخربته السياسات القبيحة . حسنا ليجتمع الاعلاميون مرة ومرات لكن ماهي الفائدة المرتجاة طالما هم يعملون في صحف ومنابر اعلامية لاسلطان لهم عليها مهما اختلف وضعهم فيها ، وطالما استمرت السياسات سيئة الصيت التي يمارسها الحكم . لايوجد صحفي في العالم بمقدوره أن يغطي عين شمس الحقيقة ولاتوجد صحف مهما كثر عددها ومهما بلغت مكانتها تستطيع إخفاء شمس الحقيقة . وذلك لسبب بسيط وهي انها وسيط ناقل وليس جهة تصنع السياسات والاحداث . وفي أفضل حالاتها يمكنها أن تعمل على حجب الحقيقة ، ولكنها لاتستطيع منع خروجها الى العلن مهما تفانت في سبيل ذلك . وازاء هذه الحقيقة فما الذي يمكن أن يفعله كل اعلاميي السودان مجتمعين ومهما بلغت بهم البراعة في تغيير صورة واقع سيء خلفته سياسات شمولية ظالمة لم تترك حجرا على حجر في السودان والا طاله منها قدرا من السوء . ولكي لا نذهب بعيدا أفهم أن الدولة الطبيعية في أي مكان لاتحتاج لحشد جهود أبناء الوطن من صحفيين أو غير صحفيين لكي يدافعوا عنها . الحكومة السيئة في أي ظرف طبيعي تذهب ، تستقيل لأن شيء ما لايسير كما ينبغي . والحكومة التي ترتكب اخطاء تحساب على أخطائها فرادى وجماعة ، بل يعاقبها جمهور الناخبين . لكن أيا من هذه العناصر لاينطبق على حال السودان الحكومة تتداول السلطة بين حفنة أفراد . ومن يسألهم لا أحد . بل أن اكثر مالفت نظري في لقاء الاعلاميين مع رئيس الجمهورية ما اوردته احدى صحف الخرطوم على لسان الرئيس في تعريفه للفساد تقول الصحيفة (وعن الفساد: قال – الرئيس - إنه ينقسم الى ثلاثة أوجه.. أولها يكون من موظف بسيط يختلس في مناطق التحصيل، وهذه جريمة عادية، تتم المحاسبة عليها، والنوع الآخر من الفساد هو فساد المسؤولين الذين يوقعون اتفاقات في الخارج لتنفيذ مشروعات ويأخذون عمولات، وهذا نوع خطير من الفساد.. ولكن الأخطر هو النوع الثالث، الفساد المؤسس الذي تشترك فيه الأجهزة الأمنية والعدلية ) . مثل هذا الحديث تحفظه كل ملفات الدول التي تهتم بأدنى قدر من التعامل مع السودان . إنها شهاد أعلى منصب في الدولة يتحدث عن الفساد بأنواعه . فما الذي يمكن أن تفعله براعة صحفيي السودان لاقناع رأي عام في دولة ما بأن هذا ليس حقيقة . والشق الاخر الذي يمكن أن يشفع للصحفي هو أن الدولة تقوم بردع هذا الفساد ولكن الواقع يقدم الاف البينات لمن أراد . واول البينات تكمن في تداول السلطة بين مجموعة احتكرت السلطة ، ووزراء ومستشارين ساءت سمعتهم لكثر ترددهم على دول بعينها مرافقين لمحافظين وتجار ووزراء ( ضمان العمولة ) . قصص الفساد تحدث عنها مجالس الخرطوم ، ويحدث عنها وزراء في دول تحترم نفسها تعرضوا لعمليات نصب محترمة ومن وزراء . ويحدثنا عنها رجال اعمال من اسلاميي الخليج الذين تحمسوا في البداية تعاطفا مع أخوتهم في الخرطوم ، حتى خذلهم فساد الخرطوم فعادوا غاضبين ومحذرين من مغبة الولوغ في خضم فساد الخرطوم . هذا بعضا من الصورة فما الذي يمكن ان يفعله صحفي يعيش على هامش الحرية . فالحرية الصحفية تسميها الدولة علنا ( هامش الحرية الصحفية ) ، والرقابة القبلية تلك التي احتاجت مني في مؤتمر الحريات الصحفية في الدوحة الذي نظمته اليونسكو مؤخرا تقديم الشروحات حتى يفهم المؤتمرون المقصد والمراد منها . ولذا لا اعرف كيف يقفزون الى الخارج وهم يكممون افواه الزملاء في الداخل . ولا شك أن ما لم يقال صراحة من منظمي المؤتمر هو ان أحد الدوافع الرئيسية لتنظيمه هو محاولة لتكميم صحفيي الخارج برغم قول الاستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا ( لا نريدكم أن تطبلوا لنا، نريد منكم فقط أن تنقلوا الحقائق على أرض الواقع ) . والحقيقة هي بالضبط على عكس ذلك يريدون من يطبل ويزين صورة قبيحة . ولذلك فليس هناك صحفي في الدنيا يمكن وصفه بأنه معارض . فهو صحفي يملك موقفا واضحا مما يجري على أرض الواقع . فقد يكون هذا الصحفي مختصا بملفات الفساد وقد يكون مختصا بأي ضرب من ضروب الصحافة وقد لايعجب مايورده السلطات في أي بلد او مؤسسة ولكنه لم ولن يكون معارضا بل على العكس من يعترض مسار العدل والحقيقة هم دوما من المتنفذين الذين قد يصل بهم حد قتل الصحفي لاخفاء عملتهم . تاريخ الصحافة يحدثنا بذلك لم يوجد صحفي في التاريخ يوصم بالمعارض ولكن التاريخ حافل بمواقف صحفيين أصبحت مصدرا للفخر وحافزا للملايين أن يتنكبوا دروب هذه المهنة . إذن المعادلة بسيطة أعطوا الحرية لشعب السودان ، وانشروا الديمقراطية في ربوعه ، أوقفوا الحرب في دارفور أوقفوا الفساد الذي هو أكبر بمالايقارن في خطره على الدولة من كل حروب دارفور والشرق والجنوب مجتمعة لأنه سرطان يهدم الدولة بكاملها . أبسطوا حرية الصحافة في الداخل ضمن كم متكامل من الحريات والديمقراطية التي يحتاجها السودان اليوم أكثر من أي وقت مضى ، وارفعوا كافة القيود المفروضة على الصحافة حتى تقوم بدورها الحقيقي كصحافة وطنية ملتزمة بقضايا الشعب ، ولا أحد يزاود على نضجها او وطنية صحفييها . فإذا سرنا على هذا الطريق فإي حاجة للدولة بإعلاميي السودان أو مرتزقة الاعلام من الاجناس . لكن الحقيقة التي لايريدون سماعها اختصرها بين القوسين أدناه واختم به وهذه قناعتي التامة بأن ( من اختطف السلطة في يونيو 1989 مقتنعون تماما بأننا أمة من الرهائن وليس لدى الرهائن من حق سوى الخضوع التام .. نحن غير معنيين بأي شيء يتم في السودان .. يخاطبون العالم لحل مشاكل السودان مع ابعاد كل السودانيين وهم مصدر الحل الحقيقي لكل حل مقصود ، ببساطة لأننا رهائنهم فالرهينة لاحق لها ..يدمرون وطننا امام اعيننا ويريدون منا الصمت لأننا رهائن ، لاحق لنا في الكلام او التعبير الا منة منهم ) . وهذا مايجب أن يرفض تماما ويقاوم فالمستقبل للحقيقة والحرية والديمقراطية شئتم أم أبيتم . والحياة هي دوما للشعوب لأنها التي تبقى ويذهب كل بعمله . واخيرا من السخرية بمكان أن مؤتمر الاعلاميين هو في محصلته النهائية وبلاجدال شكل صارخ للفساد في أجلى صوره .
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|