خماسية التزوير .... بقلم: رباح الصادق ...الحلقة الاخيرة منعتها الرقابة من النشر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 02:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الفساد
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-07-2010, 01:44 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خماسية التزوير .... بقلم: رباح الصادق ...الحلقة الاخيرة منعتها الرقابة من النشر

    رباح الصادق

    6/6/2010م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مسيرة تزوير (1-5)

    يختلف الناس كثيرا ولا يزالون مختلفين، وحول الانتخابات السودانية الأخيرة مورس ذلك الاختلاف بشكل عجيب، بدأ الطيف بأولئك الباصمين بالعشرة أنها نزيهة وحقيقية، وانتهى بأولئك القاطعين يقينا بتزويرها الفاضح، مرورا بالمتسائلين والمتشككين هل يمكن حقا أن يفوز المؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب بهذه الأرقام الخرافية؟ وهل يمكن أن يجري تزوير كامل شامل هكذا في حضرة المراقبين؟ ونود أن نتتبع بنية التزوير لا بالدلائل والإحصائيات ولكن بمسيرة تقرأ منطقيا بنية التزوير منذ بدء عمليات الانتخابات.

    ولنبدأ بالقول إن السير في انتخابات نزيهة يقتضي عدة متطلبات في البنية السياسية والعدلية والإدارية. أما من الناحية السياسية فالنية لإجراء انتخابات ذات صدقية (وذلك مصطلح استخدم غربيا للحديث عن درجة من التزوير ليست فاضحة ويمكن قبولها) يتطلب موافقة الشركاء خاصة الأحزاب السياسية على كافة عتبات السلم الانتخابي وذلك حتى يتم القبول بالنتيجة، ويقابله أو يعارضه السعي في مراحل الانتخابات (بمن حضر)، أما البنية العدلية فتغيير الطاقم القانوني المقيد وإصلاح القضاء والشرطة المعنيين بالفصل في النزاع والتأمين الانتخابي وذلك لفك القيد الحزبي عليهما. والمتطلبات الإدارية متعلقة بمفوضية شفافة ونزيهة وكفؤة وغير منحازة لطرف. وغني عن القول إن هذه المتطلبات غابت جملة وتفصيلا في العملية الانتخابية مما يؤكد النية على التزوير، بيد أن تتبع مسيرة التزوير تؤكد شيئان: الأول أنه كانت هناك بنية هيكلية للتزوير أو "مشروع فساد كسياسة جامعة" بتعبير الشيخ الترابي وقد نفى في البداية وجود ذلك المشروع (حوار معه في أخبار اليوم بتاريخ الخميس 13 مايو 2010م)، والثاني هو أن العملية كانت بالفعل غريبة على التاريخ السوداني وربما الإنساني. وبتعبير الترابي في ذات اللقاء المذكور (كان ينبغي أن أعلم أن السلطة يمكن أن تفسد الإسلامي أو غير الإسلامي إلى هذا المبلغ، لكن كنت أظن ألا يصلوا إلى هذا المستوى) وقال إن الفساد الذي عايشناه من قبل لم يصل لهذا المستوى ولا في العالم كله وعقب (أخذوا وراء ظنوننا يعني تجاوزوا آفاق ظنون السوء وهذا معناه أن السلطة يمكن أن تفسد الإسلاميين لأن عصبيتهم شديدة، وهذا يجعلهم يتجاوزوا في الفساد). كانت هناك خطط للتزوير مختلفة ومتضاربة ولا يمكن اتخاذها سويا، فذهنية التزوير المتبعة اتخذت كل ما يمكن من تزوير وإن كان بعضه ينقض بعضا. وبرأينا أن هذا الدمج الأعرج بين وسائل تزويرية متضاربة لم يكن مقصودا فقد كان ناتج "شفقة" من جهة، وناتج "فشل" من جهة أخرى. وإن كان الدكتور حسن الترابي في لقائه المذكور عزاها لأن القائمين بالتزوير كانوا أهل الأمن لا أهل السياسة.

    دعونا نقفز فوق سيرة الانتخابات قفزا خفيفا متلمسين سيرة التزوير، وسنقف فقط في بعض المحطات مرتكزين على المنطق كما قلنا أكثر من الإحصائيات.

    أشارت تقارير كثيرة ومقالات لما جرى في الإحصاء السكاني باعتباره خرق أولي للنزاهة. وأهم ما قيل نقدا للإحصاء انعدام الشفافية فقد تم تجنيد العاملين بالإحصاء بشكل حزبي ينم عن نية سيئة، وجرى تكتم على عملياته، وبالفعل كانت نتيجته مصدر دهشة لجهات عديدة ورفضتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وأخيرا اقتنع المؤتمر الوطني نفسه بحجة الحركة حول تلاعب الإحصاء بالنتائج في الجنوب وكان الاتفاق العجيب على الأربعين نائبا الإضافيين للحركة في الجنوب! ووجدت شكاوى واستغرابات بين أهل بورتسودان التي جاءت أقل في إحصائها من هيا، ثم ظلت شكاوى أخرى في الشمال معلقة مثل شكوى إهمال بعض الرحل، وقال البعض إن السجل يمكن أن يصبح أساسا لتعديل الإحصاء، ولكن السجل الانتخابي جاء حلقة أخرى من حلقات التلاعب كما سنرى.

    ترسيم الدوائر كان حلقة تلاعب وقد جرى على مرحلتين، في المرحلة الأولى تم التلاعب في بعض الدوائر وقد استلمت المفوضية شكاوى الأحزاب من ذلك وقبلت بعضها ورفضت أغلبها. أما المرحلة الثانية فقد كانت مرحلة النظر في الطعون، حيث تم تلاعب فيها بقبول بعض الطعونات وبالتالي التغيير في دوائر كانت مقبولة ومتسقة مع المعطيات السكانية والإدارية، هذا التغيير الجديد لم يكن الطعن فيه متاحا وقد مر عبره كثير من التلاعب كما أوضح الأستاذ محمد شريف علي رئيس لجنة ترسيم الدوائر بحزب الأمة القومي.

    أما التسجيل فقد سارت بتزويراته الركبان. وذكرنا في مقالات سابقة كيف أتيح للسجل أن يكون مزيدا بأسماء وهمية. ثم كيف حدث التواطؤ بين المفوضية القومية للانتخابات وبين أجهزة الإعلام وبين المؤتمر الوطني ليتم التعتيم على التسجيل فلا يحس به المواطن العادي، بينما قام بعض أعضاء المفوضية ومنهم الفريق الهادي محمد أحمد في لقاء معه بالإذاعة السودانية بإلقاء اللائمة على الأحزاب، وحينها، أي في مطلع نوفمبر 2009م توجسنا من حديث السيد الهادي واعتبرنا ذلك من "ضلالات المفوضية"، وفي ذلك الوقت كان مقالنا مستغربا وسط أجواء من الاحترام رفلت فيها المفوضية بفضل رئاسة مولانا أبيل ألير وعضوية بعض الشخصيات المرموقة، ولكنا لم نكن نصدق أن المفوضية التي تعرف خارطة البلاد جيدا وإمكانية الأحزاب بل التي يجب عليها أن تعرف أن التعليم والتثقيف الانتخابي هي مهمة رسمية في المقام الأول، لم نكن نصدق أنها تتنازل عن مهامها تلك وتلقيها على الأحزاب مع حالها المعروف بدون سوء نية. وبرغم الملاحظات على خروقات تسجيل القوات النظامية وعلى شهادات السكن المضروبة المعطاة بكرم حاتمي من قبل اللجان الشعبية والتي سمحت بتعدد التسجيلات للفرد وإضافة أسماء وهمية، وكل هذا وذاك مما رصده الراصدون، فإن السجل النهائي لم يظهر أبدا، وظل موقع المفوضية القومية للانتخابات خاليا من السجل مستضيفا لمراكز التسجيل بينما مسئولها الإعلامي السيد أبو بكر وزيري يكذب كذبا فاضحا داخل اجتماعات "الآلية المشتركة لاستخدام الأجهزة الإعلامية" ويقول إن السجل منشور بموقع المفوضية تابعا الكذبة بتقطيبة لا تنفك!! بل وحتى في الأسبوع الأخير قبل الاقتراع كان التسجيل يجري في جهات عديدة على قدم وساق وقد شكا مواطنو قرية أم سهيلة بالنيل الأبيض –كمثال- أن التسجيل كان يجري حتى عشية الاقتراع نفسها!.

    والنقطة التي نريد التركيز عليها هنا والتي تدل على نية التزوير المسبقة أن المؤتمر الوطني لم يجتهد حتى في إيصال صوت التسجيل في أماكن وجوده المحتملة، لقد لعب في المضمون ولم يتلاعب في المحتمل، وحينما أجرت اللجنة العلمية في "الحملة القومية لانتخاب الإمام الصادق المهدي للرئاسة خلاصا للوطن" استطلاعا في أوائل أبريل الماضي في العاصمة الخرطوم وجدت أن نسبة الذين يؤيدون السيد عمر البشير بين العامة أكبر منها بين المسجلين، والعكس صحيح بالنسبة للإمام الصادق المهدي الذي ارتفعت نسبة مؤيديه بين المسجلين عنها بين جميع المستطلعين. وهذا برأينا راجع لما جنته براقش على نفسها، فالخرطوم هي أسوأ الولايات في الوعي السياسي وأكثرها تعرضا لدعاية المؤتمر الوطني وأجهزة إعلامه وتأثرا بها، ولذلك فإن تغييب الوعي بالتسجيل وسط سكانها دار على المؤتمر الوطني، ولو كان يريد حقا كسبا انتخابيا حقيقيا لكان عمل على رفع قيود التعتيم على التسجيل بدلا عن نصبها.. لكن المقصود لم يكن كسبا حقيقيا، كما أثبتت الحقائق التالية.

    لكن أفضح حلقات العملية الانتخابية فيما يتعلق بكشف التزوير ونيته كانت الطريقة التي أدار بها المؤتمر الوطني ترشحيات الولاة، وأول مصدر للريبة كان عزل الولاة الذين لم تتم تسميتهم كمرشحين، وهذا لضمان عدم عرقلتهم للخطة الموضوعة في الولاية بدافع الانتقام. وثانيها كانت طريقة الاختيار، فقد كانت المجالس الشورية الولائية تنتخب سبعة يرفعون للمركز وكان مجلس الشورى الاتحادي يختار خمسة من بينهم يرفعون لرئيس المؤتمر الوطني –رئيس الجمهورية- ليختار واحدا قد يكون بل غالبا ما يكون الحائز على أقل الأصوات من بين منافسيه الآخرين. كانت مهزلة بأية وجهة نظر ديمقراطية لم تركز على الأكثر شعبية أو قبولا وسط الجماهير بل الأكثر قبولا في الأوساط الأمنية. وهذا يعني بوضوح أنه لم تكن هناك أية نية للرجوع لتلك الجماهير حتى داخل الوطني ناهيك عن الشارع السوداني العام. لقد حولت عملية الترشيحات عددا غفيرا من عضوية المؤتمر الوطني لمعارضة صريحة لمرشح حزبهم ومؤيدين لمرشحين آخرين، حدث هذا في كل الولايات الشمالية تقريبا، وحينما كان العادون يعدون للمنافسين الولائيين كان مرشح الوطني في الغالب يأتي في الدرجة الثالثة أو الرابعة بينما يتنافس على المقعد مرشحين آخرين. وكنا نستغرب من ذلك ونعده من دقسات الزمان المؤتمروطنجية إذ أن الانتخابات لها منطقها والأحزاب التي تخوض الانتخابات العامة تخوضها أولا داخل دهاليزها لتتعرف على أكثر المرشحين شعبية ليفوز، أما أن تجري الانتخابات داخليا ثم تلوي عنقها وتزيح جانبا الحائزين على الأصوات العليا وتقدم الذين ما نالوا أصواتا إلا بالمال كما رشح عن ارتفاع أثمان الأصوات داخل مجالس الشورى الولائية، فمعناها أنك لا تفهم منطق الانتخابات.. لكن اتضح جليا أن المسألة لم تكن إلا حلقة من حلقات الطبخ. وبذلك سار المؤتمر الوطني بمرشحيه الأضعف داخل حزبه لا يأبه بالتظاهر ضدهم أحيانا بل يطلق على المتظاهرين من حزبه الغاز المسيل للدموع الكاتم للأنفاس ذاته.. نتيجة ذلك أنه لم تكن هناك أية فرصة للفوز لمرشحي الوطني في أية انتخابات حقيقية. وصار المرشح الأقوى للوالي في البحر الأحمر هو السيد عبد الله ابو فاطمة المستقل اسما والشعبي فعلا والذي تنازل له كل المرشحين الآخرين، والمرشح الأقوى في نهر النيل هو دكتور البخاري الجعلي من الاتحادي الأصل ولا منافس له ولا منازع، والمرشح الأقوى في شمال كردفان هو د محمد المهدي حسن من الأمة القومي ولا منافس حقيقي له، والمنافس الأقوى في سنار هو الناظر مالك الحسن أبو روف وتنافسه الحركة الشعبية لتحرير السودان بل لقد ارتعدت فرائص الوطني من حركته الواسعة وحاول تقييد حملته التي كانت تحوز على نجاح منقطع النظير ذلك أنه شكل قيادة صاعدة حازت على احترام الجميع وشكل مكسبا لحزبه لا يفله أن الانتخابات ضربت، وفي النيل الأزرق كان المرشح الأقوى هو الفريق مالك عقار عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهكذا.. ولو جئنا لكسلا لوجدنا التنافس بين مرشح الاتحادي الأصل ومرشح الأمة القومي، وحتى مؤيدي المؤتمر الوطني ماتوا غيظا من (فوز الخاسر) في ترشيحات الولاية، وأيدوا مرشحين منافسين.. نعم إن الطريقة التي أدار بها المؤتمر الوطني الانتخابات داخل حزبه هي الدليل الأقوى على انه لم يكن يزمع إجراء انتخابات ولا يحزنون..

    نواصل بإذن الله

    وليبق ما بيننا



    مقال نشر بصحيفة الأحداث في يوم الأحد 16 مايو 2010م

                  

06-07-2010, 01:48 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خماسية التزوير .... بقلم: رباح الصادق ...الحلقة الاخيرة منعتها الرقابة من النشر (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مسيرة تزوير (2-5)

    في الحلقة الأولى تتبعنا ما يدل على نية التلاعب في الانتخابات منذ مرحلة الإحصاء وترسيم الدوائر والتسجيل حتى الترشيح ونواصل اليوم في بقية الحلقات مواصلين ما تبقى لنا من تعليق حول مرحلة الترشيح ذاتها ثم الحملة والاقتراع على أن نواصل حول الاقتراع والعد والفرز في الحلقة القادمة بإذن الله.

    حول الترشيح أيضا

    إن كان المؤتمر الوطني قد خاض الترشيح داخل صفوفه بما يوحي أنه لا يهتم بما تأتي به الصناديق كما أثبتنا، إلا أنه قام ببعض الممارسات التي تشي بأنه يصدق بالصناديق. فقد جرت مضايقات للعديد من المرشحين والمرشحات المنافسين والمنافسات ليتنازلوا، وهذا ما أثبته تقرير مركز كارتر بتاريخ 17/3/2010م واعتبر المركز أن هذه الأحداث تمثل (تهديدًا لحق الإنسان في الأمان على شخصه. وفي حال استمرت بالحدوث في الأسابيع المتبقية من فترة الحملات، فإنها ستمثل تعديًا على مجمل جودة العملية الانتخابية) وقد استمرت بدليل التهديد الذي وجه في 4 أبريل لمرشح حزب الأمة القومي بالدائرة كسلا القومية-1.

    هنا نأتي لمسألة التضارب في استراتيجيات التلاعب كما سنشرح في الحلقات القادمة بإذن الله. إن اللعب في التلاعب هو الذي قاد لما شهدناه وما سنحاول –عبثا- وصفه من مسرح العبث واللامعقول!

    الحملة الانتخابية

    مرحلة الحملة الانتخابية، التي تلت الترشيح كانت سمتها الأولى الانحياز للمؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب من أجهزة الإعلام الرسمية كما وصفنا في مقالات سابقة وكما سقنا مزودين بالأرقام من تقرير مجموعة الإعلام والانتخابات التابعة لكونسرتيوم السودان الذي أوضح أن السيد عمر البشير حاز على 75% من أزمان البث لمرشحي الرئاسة والسيد سلفا كير 90% من أزمان مرشحي رئاسة الجنوب وأبان التقرير أن المؤتمر الوطني وممثلو الحزب نالوا حيزا كبيرا في التغطية التحريرية والتلفزيونية بمتوسط ٥٤ % من إجمالي زمن التغطية تليھم الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي نالت ٢٨% ، كما نال المؤتمر الوطني 49% من إجمالي البث الإذاعي ونالت الحركة 21% منه. وقد أشار لذلك تقرير مركز كارتر كما أضاف ما كررناه كثيرا حول التقييد الرسمي من قبل المفوضية للحملة عبر منشور أنشطة الحملات الانتخابية الصادر في 18 فبراير، إضافة لما أشار له بيان شبكة منظمات المجتمع المدني المستقلة (19/4) من تأخير وضع سقوف للصرف على الحملة وفي النهاية وضع سقوف عالية. ونحن نضيف لنقد الشبكة أن هذه السقوف على علوها تجاوزها المؤتمر الوطني ولم يُجر تحقيق ولا وضعت عقوبة!

    هذا الانحياز والتقييد هو ما حاربت الأحزاب من أجل إزالته داخل "الآلية المشتركة لاستخدام وسائل الإعلام أثناء الحملة الانتخابية" والتي أنشأتها المفوضية في فبراير 2010م تناغما مع ما ورد في قانون الانتخابات (المادة 66-3) فاختارت ستة أحزاب لتمثل في الآلية ولكنها غيبت الأحزاب في الاجتماع الأول، وحضرت الأحزاب بعده ثلاثة اجتماعات ثم قدمت مذكرة في 23/2 وانسحبت وأعلنت ذلك في 2/3/2010م. بعد ذلك عقد اجتماع للحوار مع الأحزاب بتوسط مجلس الصحافة والمطبوعات في 18/3/2010م غابت عنه الأحزاب المحتجة إلا حزب الأمة القومي، وخرج بضرورة مواصلة الحوار وإعلاء الشفافية، وبالرغم من ذلك فإن المفوضية قررت الاستجابة لطلب توسعة تمثيل الأحزاب باللجنة بدون أية مشورة. اجتمعت الأحزاب الخمسة المحتجة وقررت أن هذا لا يعكس إلا انحياز المفوضية للمؤتمر الوطني وبتعبيرها في البيان الذي أصدرته في 23/3 والذي جرى التعتيم عليه فلم تنشره الصحف إلا الحزبية للأحزاب المحتجة: (الأساس الذي دعونا له لاختيار الأحزاب بالآلية موضوعي وهو الأحزاب التي تخوض الانتخابات في كافة مستوياتها بما فيها الرئاسة، ولكن المفوضية أضافت عضوين من حكومة الوحدة الوطنية مثيرة تساؤلات حول أسس الاختيار فحكومة الوحدة الوطنية ممثلة أصلا بالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية. قرار المفوضية يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة المؤتمر الوطني كلية ولا تستطيع الاستجابة لمطالبات الأحزاب الموضوعية إلا بإرضائه بإضافة الأحزاب التبع التي تدعم مرشحيه علنا فالإضافة منها هي إضافة لممثلي المؤتمر الوطني وحسب.) وأيضا: (نرفض مجددا أن نكون في هذا الجسم الشائه الذي زادت تشويهاته والذي لن يفلح إلا في تجيير الإعلام لحزب يخرق القانون ويستخدم إمكانيات الدولة في دعايته الانتخابية.. نرفض المشاركة في تضليل الشعب السوداني، ونعلن عن استمرارنا في مقاطعة الآلية، ورفض الانضمام لها بالنسبة لمن تم ضمه لأول مرة) وبسبب ذلك التعتيم ظن عديدون أن الأحزاب المحتجة عادت إليها. إن التضليل الذي مورس ليس فقط باختطاف الإعلام، وظلم الآخرين، وتقييد حركتهم، بل وبحجب المعارضة والمقاطعة التي بدأتها الأحزاب للمفوضية منذ مارس وواصلت فيها حتى شملت مراحل الاقتراع والعد والفرز وبالتالي النتيجة. فهو ليس فقط تزوير بمصادرة الرأي وتضليل الناخب، بل وفي مواقف الأحزاب المحتجة نفسها!

    الاقتراع

    تلت مرحلة الحملة الاقتراع. وحكا عن محن الاقتراع الشاعر! قصائد كثيرة تبودلت، ومنها تلك التي حثت على مقاطعة الانتخابات تحديدا مرحلة الاقتراع:

    قوموا إلى المقاطعة

    إذ أنكم تفرقون بين العرس بين الفاجعة

    قوموا إلى المقاطعة

    يرحمكم الله وهذه البلد معا

    لأنكم لن تمسحوا الدماء بالصديد

    ولأنكم قلتم لمن قتل الكرامة

    والسلامة، والشهامة، والشهيد

    مليون..لا

    قلتم لمن ذبح النشيد

    مليون..لا

    وبمناسبة الأصوات المناوئة والتي تقول لا هذه، نذكر بعض خطرات حول لافته دعائية كبيرة للسيد عمر البشير كمرشح للرئاسة منصوبة قرب دارنا بالملازمين وفي مقابل سجن أم درمان، مكتوب عليها تعليقا على صورة المرشح: تتعدد الأصوات والكلمة واحدة: نعم! وتلك اللافتة برأينا هي من ضمن ما يجب أن يدرس في فشل الحملات الانتخابية في استخدام لغة جذابة! لأن المقولة التي يستند إليها الشعار هي: تتعدد الأسباب والموت واحد! وقارئ اللافتة سرعانما يربط بين "الموت" وهو النتيجة التي تتحدث عنها الصيغة المحفوظة، والفوز للبشير وهو النتيجة التي يتحدث عنها الشعار. وهو ربط غير مقصود يؤدي لنتيجة عسكية، على نحو دعاية شركة نفطية المنصوبة في نفق الجامعة بالخرطوم: Go .. Go well، وقد ترجمتها بعد لأي: اذهب لـ... تذهب للسلامة، هذه الدعاية مصاغة برأينا بشكل يدفع قارئها لاستبدال كلمة ويل أي السلامة بهل Hell أي الجحيم، ذلك أن الناس كثيرا ما تلعن بالقول: اذهب للجحيم! أكثر من دعوتها بالخير قائلة: اذهب للسلامة، فعلى صائغ الدعايات التنبه لمثل هذه الزلات، وهذا كلام آخر!

    الشاهد، لعل أكبر حدث أثار السخرية وتدوولت حوله القصائد أثناء مرحلة الاقتراع هو حادثة "خج" أي هز صندوق الاقتراع بعد حشوه ببطاقات ملأها ضباط الانتخابات أنفسهم! الحادثة التي صورها الشاب مصطفي طاهر عثمان بمركز الاقتراع موسيت بدائرة الأوليب بالبحر الأحمر وهو مندوب عن خاله المرشح بالدائرة عن الاتحادي المسجل، قال مصطفى فيما نشرت صحيفة سودانايل إن عملية التزوير بدأت في اليوم الأول للاقتراع وطالبناهم بالتوقف ولكنهم رفضوا وفي اليوم الثاني عند حضوري للمركز وجدتهم منهمكين في عملية التزوير وقمت بتصويره بهاتفي المحمول وأنا أقف علي الشباك وقلت لهم إنني قمت بتصويركم ولكنهم لم يهتموا لأمري وقالوا نحن نعمل لصالح الحكومة وهذه تعليمات وبعد ذلك قمت بتسليم ذاكرة الهاتف لخالي مصطفي عثمان الحاج مرشح الاتحادي الديمقراطي المسجل المنافس للمعتمد مرشح الوطني، وقد سلم خالي الذاكرة إلي الحزب، وذكر الشاب أسماء موظفي المفوضية وهم عبد السلام محمد علي وهو ابن عم المعتمد مرشح المؤتمر الوطني وحسن أوهاج ومصطفي عيسي أوكير من موظفي المفوضية وحول رده علي أسئلة الصحفيين هل وجد تهديد أم لا أكد انه وجد تهديد من جهات لم يسمها. ونحن لا نريد أن نتتبع الطريقة اللا مسئولة التي تم التعامل بها إزاء هذه الفضيحة، ولكننا نورد فقط بعض ما وردنا من شعر عبر الفضاء السايبيري، أوله قصيدة مزيلة باسم معاوية المدير، وعنوانها "قصيدة النوكيا الصور الخج" وفيها:

    هلو، يا أهلنا يا طيبيّن

    سلآم... يا أهلنا يا صامدين، ويا صآبرين..

    انا النوكيا، البخُج الظآلم الطَغيان

    تعالوا اتوحدوا اتلموا

    وأعلنوا ضدهم عِصيان

    وروهم عزيمة شعب وكتين ينفجر بُركآن

    كذلك القصيدة التي مطلعها "خجة خجة تزيدة غرورك" وفيها مخاطبة لمن قام بالخج من أهلنا بالشرق:

    قول ليّ يا ادروب

    عليك وجع السنين.

    خجيتو ليه؟

    خليهو يا ادروب

    عشان ناساً غلآبة وكادحين

    خليهو يا ادروب

    عشان ناساً بتحلم من سنين

    بوطن صحيح من غير جراح

    من غير ألم، من غير انين

    خاجيهو ليه؟

    خليهو يا ادروب

    عشان شجر الأراك

    يفرح يعانق ديم عرب

    ..إلى آخر القراءة الشعرية لحادثة الخج!

    وفي الحقيقة فإن مرحلة الاقتراع دار حولها كلام كثير في الصحف السيارة وبين العامة وصاحبتها طرائف أكثر فبعد أن بان طرف الصورة منذ أول يوم اختلط الغضب بالسخرية. وسنذكر في المقال القادم بعض ما تم تداوله إذ أنه من العبث محاولة رصد أو الإحاطة بما جرى في هذه المقالة وأخواتها الممحوقات.

    نواصل بإذن الله

    وليبق ما بيننا

    مقالة نشرت بصحيفة الأحداث في يوم الأحد 23 مايو 2010م

                  

06-07-2010, 02:00 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خماسية التزوير .... بقلم: رباح الصادق ...الحلقة الاخيرة منعتها الرقابة من النشر (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مسيرة تزوير (4-5)

    فيلم تستبدلون.. وفوضوية العد والفرز!

    في ثلاث مقالات تتبعنا مسيرة التزوير منذ الإحصاء فالترسيم فالتسجيل فالترشيح فالحملة ثم الاقتراع الذي بدأنا بذكر مناظره لدخول (فيلم تستبدلون) الذي يفسر النتيجة إذ أن المناظر التي شهدناها أي إجراءات تعدد التصويتات وشراء الأصوات وسهولة إزالة الحبر وشفافية الاقتراع بدل سريته وغيرها لا تفسر النتيجة.. اليوم نأتي على التفسير الذي تبناه كثيرون، ثم نتحرك لمرحلة العد والفرز بعد أن لبثنا في مرحلة الاقتراع منذ مناظرها حتى فيلمها عمرا.

    تستبدلون، الصناديق الطائرة أو كراتين قيت

    السبب الحقيقي للنتيجة المضروبة هو التزييف عبر عمليات استبدال للصناديق ليلا. وصف السيد ثروت قاسم تبرير مبعوث الرئيس الأمريكي للسيدة سمانتا باورز (المستشارة في مجلس الأمن القومي الأمريكي والمسئولة عن ملف السودان، وكاتبة إستراتيجية إدارة أوباما في السودان للأربعة سنوات القادمة، وحلقة الوصل بين أوباما ومجلس الأمن القومي الأمريكي والجنرال غريشن كما وصفها قاسم) وصف تبرير النتيجة "الفضيحة" في مقاله خفيف الظل بموقع سودانايل (الرئيس أوباما يجضم الجنرال غريشن) أن الاستبدال كان الخطة (ب) التي يجب أن يلجأ إليها المؤتمر الوطني في حال شعر أن الأمور خرجت من اليد، ولكنه لأسباب غير معلومة –متعلقة بالقلق من الانتخابات وعدم الثقة في كافة إجراءات التلاعب الأخرى المتخذة فيما يبدو لنا- قام بالبدء بالخطة (ب) منذ البداية. والخطة "ب" كما هو معروف في لغة الإستراتيجيات هي الخطة البديلة حال فشل الخطة الأصلية.

    وصف د عثمان إبراهيم عثمان العملية بأنها (تستبدلون) في مقاله: (الملائكة تصوت للمؤتمر الوطني أو عملية تستبدلون- صحيفة السوداني 18/4)، ووصفها الأستاذ قمر دلمان في عموده بأجراس الحرية بعنوان (النزاهة تتجه جنوبا) بالصناديق الطائرة والتي قال إن مناضلون من فصيلة (ما ينوم) منعوا من أن تدخل هذه الصناديق الطائرة في ولاية النيل الأزرق لتغير النتيجة لصالح المرشح المؤتمروطنجي السيد فرح عقار (والحقيقة أن ما حدث في النيل الأزرق هو فل للحديد بالحديد ليس إلا!)..

    كما وردت تقارير إخبارية حول قبض بعض وكلاء الأحزاب على كراتين مسربة للمراكز (مثلا بمركز بالشجرة الدائرة 30 بولاية الخرطوم) ولكن لم يقبل فتح بلاغ (موقع الأمة الإلكتروني). وجاء في صحيفة أجراس الحرية (23/4) أنه تم القبض على رئيس أحد مراكز الاقتراع بولاية غرب الاستوائية (جون عبد الله بمركز الاقتراع في منطقة جانقرا) لتورطه في عمليات تزوير وممارسات فاسدة، وأصدرت المحكمة حكما عليه بالسجن عامين. وأوضح مايكل جوزيف عضو فريق انتخابات الحركة الشعبية في غرب الاستوائية أن الشرطة ألقت القبض عليه وهو يشرع في تزوير 10 ألف بطاقة، وينتظر أن تصدر أحكام على موظفة وموظف اقتراع القي القبض عليهما في وقائع مماثلة.

    كذلك اتهم دكتور حسن الترابي الشرطة بأنها التي قامت باستبدال الصناديق. وذلك في اللقاء الشهير معه بصحيفة أخبار اليوم قبل أيام من اعتقاله الغشوم بأي مقياس عدلي ديني كان أم وضعي أم عرفي سليم، ولكن هناك من قال إنه في إطار (الما بريدك ما بعتقلك)! ذلكم هو الأستاذ محمد عبد الماجد في عموده (القراية أم دق)!.. والحقيقة أن المثل السوداني الذي سمي عليه العمود المذكور يرجع لإرث الدراسة المتعارف عليه في السودان قديما وربما حتى اليوم والذي يجلد فيه التلاميذ أو الحيران المتخلفين عن الدرس أو فهمه أو المخالفين. كنا نتعجب منه عنوانا لعمود، فصاحب العمود يكتب لا يقرأ! حتى أدركنا بعد بعض تتبع، وربما درس علي يدي الأستاذ عبد الماجد أنه يأخذ قارئه في طريق تجعله يجعل من كلماته سياطا على جهات ما. فقارئ عبد الماجد، يغرف من مخزون مشترك بينهما ليجلد.. وبذلك، هي بالفعل قراية أم دق! ولا ندري هل صار الأستاذ عبد الماجد أبرع مما بدأ به بما لا يقارن، أم أنه طور من قدرة قارئه وقارئته على هذا النوع من التبادل المعرفي حتى صار ممتعا بحق!!

    عود على أمر الاستبدال. قال الشيخ حسن الترابي في اللقاء المذكور: "بدأنا نلاحظ مدة الأيام من يوم واحد حسب القانون إلى ثلاثة إلى خمسة ومعناه إلى أربع ليال، والأمور كلها تدبر بليل. وفي غالب السودان حُدّثنا أن الشرطة منعت المبيت مع الصناديق إلا في مناطق قليلة سمحت لهم أن يبيتوا وبعد ذلك بلغتنا في المساء جدا بلاغات أن مشروعا قوميا الآن يدبر في كل السودان لتبديل نتائج الانتخابات، وأقول تبديل الصناديق وليس تزويرها. نعم تبديل الصناديق تماما".

    قال الترابي مسترسلا مخاطبا محاوره: "جاءنا خبر من مسئول سياسي كبير، وجاءنا خبر من قيادات -وكما تعلم صداقات السودانيين أحيانا حتى لو فرقتهم الأحزاب تظل الأمور موصولة- وبعد ذلك طرد كل المراقبين والشكوى منهم بدأت تأتينا بها الأخبار ولذلك بدأ الريب ينتابنا، وبمجرد ما بدأ التصويت بدأنا نشعر أن المسألة دبرت لأنه مشروع أمني واحد ليس فيه تقديرات سياسية، ولو كان دبرها ساسة لكانوا فعلوا نفس الفعلة ولكن لستر عورتها بنوع من الحيل، ويمكن أن يخرجوها حتى يمكن أن تجوز على الناس ويمكن تجادل بها لكن هم أخرجوها بهذه الطريقة"! (أخبار اليوم الأربعاء 12 مايو العدد 5605).

    وسأله الصحفيان اللذان أجريا اللقاء –الأستاذ أحمد التاي والأستاذة بسمات أبو القاسم- حول بيناته فقال: "الآن بدأت تأتينا البينات، وكل يوم تأتينا بينات جديدة، وأمس قالوا اكتشفوا كل الأوراق أو أن الصناديق القديمة لم تحرق أوراقها بل تركوها ليقرأوها بعد ذلك ويقرروا هم لصالحهم – ما هو تأييدنا وحجم قواعدنا ومدننا في المجتمع، لكن دبروا صناديق أخرى، لكن جاءتنا بينات. هناك من قبض داخل المركز يلعب بالصناديق ومن دخل بزي الشرطة داخل تلك المراكز".

    وزبدة القول إن كثيرين ذكروا أمر الاستبدال كتفسير وحيد، وليس ما سقنا من مناظر، للنتيجة التي لا يمكن أن تكون عاكسة لمجتمع السودان ولو تلاعب بالحبر والسجل والانتحال المتلاعبون!

    العبث والتناقض

    قلنا في مقالاتنا السابقة إن ما جرى كان فيه نوع من العبث لا تخطئه عين. وقلنا إنه كان هناك تناقض بين إستراتيجيات التلاعب ذاتها. فالذي يزمع تبديل الصناديق لا يرهب المنافسين، ولا يحجر على حملاتهم، يدعهم يعملون ما يريدون ثم يأتي يوم الفصل بصناديقه! فما هو السبب في هذا التضارب؟

    ربما التفسير الوحيد هو أن الاستبدال لم يكن الخطة (أ) أي الأصلية. إذن لماذا تم اتباع الخطة (ب) منذ البداية يا ترى؟ أهي "الشفقة" من النتيجة؟ يبدو على أية حال أن اتباعها كان هو الوسيلة الأوثق للتأكد من النتائج، وقد نوّر مندوب المؤتمر الشعبي قوى الإجماع الوطني في معرض شرحه لأسباب اعتقال الدكتور حسن الترابي بأن السبب يرجع لنشاط حركة العدل والمساواة من جهة (وهو ما لم يخفه قادة النظام بل اجتهد بعضهم للتأكيد على الصلة بين الشعبي وحركة العدل بدليل أحداث جبل موون)، وكذلك لما أزمعه حزبهم من فضح بينات التزوير من جهة أخرى خاصة بعد اطلاع الجماعة الحاكمة على نتائج الصناديق الحقيقية باعتبار أنها كانت نتائج مزعجة لهم وغير متوقعه، بحسب إفادته.

    ويبدو كذلك أن الاقتراع في المهجر كان على سوءاته أفضل حالا منه في الداخل من ناحية أنه لم يتم الحديث عن الخطة (ب). فقد كان عدد المقترعين الكلي حوالي 68 ألف ناخب أي ما يساوي حوالي 61% من الناخبين المسجلين في المهجر، والذين يمثلون أقل من 3% من الذين يحق لهم التسجيل (عدد الناخبين المسجلين حوالي 112 ألف والذين يحق لهم التسجيل حوالي أربعة ملايين) فنسبة التصويت البالغة بالتالي 1,7% من مجمل المهجريين تتناسب مع اتجاه المهجريين الكبير لمقاطعة الانتخابات المطبوخة وقد شهد بذلك حجم البوستات التي دعت للمقاطعة منذ بدء عمليات الانتخابات داخل المنابر الإسفيرية المسكونة بالمهجريين مثال عليها سودانيز أون لاين. وبالرغم من الأعداد المتواضعة التي اشتركت في الاقتراع شوهدت تصرفات مريبة رواها المراقبون، والمطلع على تقرير الأستاذ رفعت ميرغني المراقب الوطني للانتخابات بالقاهرة يقرأ العجب العجاب! منها أنه كان بعض المصوتين الذين تم شراء صوتهم يشترط استلام النقود (50 جنيها مصريا) قبل أن يصوت فقام ضابط اقتراع بتسليمه المبلغ على مرأى منهم ومسمع! ومنها أن أحد المراقبين حينما احتج لموظفي المركز بعض الاحتجاجات قائلا إن هذا يؤثر على النتيجة قال له: "يا ابني النتيجة اتوضبت خلاص".. أي قضيت وقضي الأمر الذي فيه تستفتي!

    أما بالداخل فالأمر تجاوز ذلك للاستبدال الذي تحدثنا عنه. صحيح كان هناك نوع من التلاعب فرضته حالة المقاطعة من أحزاب جماهيرية ذات بال. ولذلك، ولتبلغ الانتخابات النصاب القانوني (60%) كان لا بد من الإجراءات التي اتخذت من فتح السجل وقرع الأبواب لحث الناس للاقتراع ونقدهم ليصوتوا وتعدد التصويتات وحشو الصناديق (بعد أن يتم التصويت باسم بعض المسجلين الذين لم يحضروا للتصويت) ولكن ذلك أيضا تم "بشفقة" وبدون تدبر، مما أحدث خللا كبيرا من ناحية بعض الذين كانوا يأتون للاقتراع فيجدون أنه قد تم التصويت باسمهم كما ذكرنا. كان ينبغي الانتظار حتى نهاية اليوم الثالث لاتخاذ مثل هذه الإجراءات لولا أن صاحب الحاجة أرعن، والحاجة كانت الوصول للنسبة القانونية للمقترعين بأي شكل، ذلك أن الصناديق المستبدلة كانت تحاول التقيد بعدد البطاقات في الصناديق الأصلية –برغم أنه ضبطت حالات فرق بين عدد البطاقات في بعض المراكز كما أوردنا وكما سنذكر لاحقا حول مرحلة العد. وبهذه المناسبة –الحاجة للنسبة القانونية- فإننا لا ننسى الإشارة لتصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر منذ اليوم الأول والتي قال فيها إن التصويت بلغ 60%، مع أن النتيجة المعلنة لم تصل لتلك النسبة إلا في اليوم الأخير.. على أية حال لم تكن تلك كذبة السيد كارتر الأولى ولم تكن الأخيرة فيما يتعلق بانتخابات السودان، وسنتعرض لأكاذيبه المثبتة لاحقا بإذن الله. لعله خاف جدع الأنوف والمسح بالسوق والأعناق، وشر البلية ما يضطر رجل دولة للكذب! على أية حال فإن تقارير مركزه لم تتخذ الكذب سبيلا، ويحمد للمركز أن لم يعس عوس صاحبه!

    الشاهد، صحيح إن إجراءات زيادة عدد المصوتين كانت ضرورية حتى مع (تستبدلون) ولكن ما لم يكن ضروريا معها واتخذ بشكل متواتر انتهاك سرية الاقتراع بقرب موظفي المفوضية من مكان الاقتراع المسمى زورا وبهتانا بالستارة، والتدخل من بعض الموظفين لحث المقترعين على التصويت للشجرة تحت مسمى مساعدة الأميين أحيانا وبدون أي مسمى حينا آخر، وغير ذلك من الأساليب التي مورست حتى آخر أيام الاقتراع. هذه الإجراءات لم تكن ضرورية في حال الاستبدال! إنها أحد دلالات التناقض بين استراتيجيات التلاعب. وأحد أوجه ما وصفناه بالعبث.

    عمليات العد والفرز

    وجه آخر للعبث كان ما وصفه بيان مركز كارتر حول عمليات العد وفرز الأصوات في تقريره الصادر صبيحة 10/5/2010م. قال المركز إنه وبناء على ملاحظاته المباشرة "فإن عملية عد وتجميع الأصوات بالانتخابات السودانية كانت فوضوية وغير شفافة وقابلة للتلاعب الانتخابي بشكل كبير" معبرا عن قلقه بشأن النتائج التي أعلنتها المفوضية القومية للانتخابات، ومناديا بأن تنشر نتائج مراكز الاقتراع كلا على حدة.

    لقد وصف بعض المعارضين بيان المركز ذلك بأنه ركيك! وفي الحقيقة الانطباع الأول الذي يعطيه البيان هو أنه يحاول وصف جهنم بوصف شررها! قال بعض المفسرين للنص القرآني الواصف لجهنم (إنها ترمي بشرر كالقصر، كأنه جمالات صفر) أن الشرر "أدنى أجزاء النار" متعرضا للبلاغة في وصف الشرر بذلك الكبر مما يوحي بأن جهنم التي شررها كما ذكر لا بد عظيمة الهول.."فالشرر هو الأجزاء الدقيقة التي تتطاير من النار عند التهابها" ولفظة (كالقصر) "بيان لحجم ذلك الشرر، وهنا تباين عجيب، فالشرر لفظ يوحي بالتناهي في الصغر، والقصر لفظ موحٍ بالتناهي في الضخامة والكبر" ونفس الشيء بيان المركز حول عمليات العد والفرز، فالمركز وزع سبعون مراقبا في ولايات السودان الخمس والعشرين أي لمراقبة نحو 16 ألف نقطة اقتراع.. لا يمكن لهؤلاء المراقبين السبعين مهما أوتوا من تشبيك وأعين مفتوحة أن يحيطوا بما جرى. واليقين أن المراكز التي كان يزورها المراقبون الدوليون كانت تستعد للخروج بأفضل ما لديها من ممارسات وإخفاء التجاوزات، وبرغم ذلك كان في البيان ما يشيب له الولدان الباحثون عن النزاهة!

    تحدث التقرير مثلا عن مشاركة وكلاء الأحزاب السياسية بالمساعدة في عد البطاقات! ولكن المركز لم ير أن ذلك تم بسوء نية!! وعن الخطأ في تصنيف البطاقات التالفة، وانعدام الاتساق في إعلان النتائج في محطات الاقتراع، وتعويق استعادة صناديق الاقتراع والاستمارات مما "زاد من قابلية التلاعب وأخر بدء مرحلة التجميع في بعض الولايات"، وأن عملية التجميع كانت فوضوية تعوزها الشفافية في كل البلاد وذلك بسبب انعدام التدريب الكافي لموظفي إدخال البيانات والفشل في استخدام الضمانات المرساة ضد التزوير، وتعديل النتائج بشكل جزافي، وإغفال الضمانات الحاسوبية، بل قال المركز إن مصادر موثوقة أطلعته بان المفوضية طوال فترة التجميع نصحت مسئولي التجميع باعتماد نظام يدوي للإحصاء بالتوازي مع الرقمي أو باستبداله كلية (وهذا بالطبع كأن يقول سيد الزبدة –الضمانات الحاسوبية- أشووها: فشووها)، ومضى التقرير يصف الفوضوية في الاستمارات المجموعة بشكل تنقصه بيانات هامة، أو فارغة، وقال إن التجميع اليدوي غير المخطط له قوض دقة عملية النتائج، وذكر أنه في ربع الولايات التي تمت مراقبتها على الأقل لوحظ قيام العاملين على إدخال البيانات بتعديل استمارات النتائج إما بزيادة أو تقليل الأصوات التالفة أو التي حصل عليها مرشحون، وذلك بغرض مواءمة الأرقام!! ما كنا نسميه في كلية الهندسة والعمارة بجامعة الخرطومcooking أو طبخ النتائج. يقوم به الطلبة المتسيبون في تقاريرهم حول تجارب معملية لتتطابق مع النظرية!

    إن ما وصفه بيان المركز في 18 صفحة يجعلك تتحسبل وتتحوقل من مدى ذلك الشرر الذي اطلع عليه مراقبو المركز وإن لم يخوضوا النار!

    ربما للغة الحيادية التي حرص عليها التقرير، ولمحاولة تفسير الأخطاء كثيرا بحسن نية، روي عن الأستاذ علي السيد المحامي والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قوله إن التقرير ركيك! (صحيفة الأيام) لكن التقرير وصف بكل حيادية وقال قولته التقريرية بدم بارد إن العملية كانت فوضوية فاقدة الشفافية وبابا للتلاعب، فهل من مزيد نحتاجه لإعدامها؟ اللهم لا! تماما كما سمعنا بشرر لجهنم ولكنه كالقصر يثبت لها هول العذاب!

    نواصل بإذن الله

    وليبق ما بيننا

    * نشرت يوم الأحد الموافق 30 مايو 2010م

                  

06-07-2010, 02:02 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خماسية التزوير .... بقلم: رباح الصادق ...الحلقة الاخيرة منعتها الرقابة من النشر (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    مسيرة تزوير (5-5)

    * منعت من النشر بصحيفة الأحداث في يوم الأحد الموافق 6 يونيو 2010م من قبل الرقابة القبلية

    على مدى أربعة حلقات تتبعنا ملامح التزوير وأدلته في مختلف مراحل العملية الانتخابية، وكنا نزمع بحث ملفات موازية هي: استغلال الدين في التزوير، ومفارقات الطبخ ############، والطبخة الخارجية الموازية، وأسباب مساعدة للتزوير متعلقة بمواقف الأحزاب السياسية. ولكن الساحة عجت بقضايا كثيرة هامة نود التداول حولها كما أننا نظن أن الاستمرار لثلاث حلقات أخرى في نفس الموضوع من مجالب الملل، وقد شكا لنا كثيرون قبلا من طول تسلسل المواضيع، فلهذا وذاك نحاول أن نمس هذه الأمور الشائكة مسا طفيفا لنختم اليوم هذا التبادل حول مسيرة التزوير التي عشناها مع انتخابات أبريل 2010م.

    أخرج المؤتمر الوطني أثقاله قبيل الانتخابات، وأوعز للحركات التي تسانده باسم الدين أن تشهر سيف التكفير لتقصم رؤوس المخالفين وتقطع ألسنة المعارضين ففعلت.. أصدرت جماعة "أنصار الكتاب والسنة" فتوى فحواها إن التداول السلمي على السلطة بدعة محرمة ولا يجوز انتقال السلطة في الإسلام إلا بنفس طريقة انتقالها من أبى بكر لعمر رضي الله عنهما لذلك فإن البشير هو ولى الأمر حتى إذا سقط في الانتخابات! ونشرت هذه الفتوى بجريدة كنا نعدها تحرص على درجة من الرصانة لا تنتهك القانون وذلك برغم انحيازها الأعمى للمؤتمر الوطني وهي الرأي العام بتاريخ 19 فبراير 2010م أي في أوج الحملة الانتخابية! وبث منبر السلام العادل وصحيفته (الانتباهة) حديث الكراهية العنصرية والتفسيق لكل من يوالي الحركة الشعبية وعلق اللافتات الملونة في الطرقات والشوارع. هذا نقض صريح لقانون الانتخابات في عدد من البنود أهمها المادة 65-3 التي تحرم التحريض واستخدام ألفاظ الكراهية. كذلك استشرى شراء الذمم وأخذ القسم من ضعاف النفوس (العاوزين فلوس) وهذا يخرق القانون (المادة 87 الرشوة) كما يشكل انتهاكا لحدود الله، وقد بحثنا في مقال سابق (يوليو 2008م) مسألة شراء الأصوات هذه والفتاوى حولها والتي أكدت حرمتها، ونسوق على سبيل المثال إحداها ففي موقع إسلام أون لاين حديث مجموعة باحثين بحرمة الرشوة وشراء الأصوات في الانتخابات ويقول أحدهم إنها تندرج: (تحت ظلمات الظلم لأنه وضع للشئ في غير محله ووضع للأمور في غير نصابها وبذلك تروج سوق المرتشين ويصل إلى هذه المناصب المهمة الرويبضة ومن لعنهم الله تعالى ورسوله والمؤمنون) ثم يتحدث عن التحايل في بيع الذمم ويذمه قائلا إن (بعض المرشحين يقوم بتقديم الرشاوى على طريقة بنى إسرائيل عن طريق منح تذاكر سفر أو أثاث منزل أو ما شابه ذلك). وأوردنا كيف أن التصويت لشاري الذمم شهادة زور تعدل الشرك بالله، وغير ذلك مما يؤكد أن ذلك الخرق للقانون سبقه خرق أكبر للشريعة المفترى عليها والمتحدث باسمها!

    ثم أنه فوق هذا وذاك من فتاوى الزور وأفعاله تابعنا كيف ولغ في ذلك علية القوم بلا ترفع، وهالنا ما قرأنا بقلم د.عمر القراي في مقاله (اختطاف الانتخابات) المنشور في أبريل قال: "ومما يدل على أن المؤتمر الوطني يبيح لأعضائه التزوير، ولا يستحي منه، تورط القيادات الدينية فيه، بلا حرج!! فقد قام د. دفع الله حسب الرسول البشير، وهو أستاذ جامعي، وعضو هيئة علماء السودان، بالتزوير في الانتخابات!!" حيث أورد دلائله على تلك الواقعة وتساءلنا، أما كان عليهم الاكتفاء بصغارهم حتى أشركوا في الزور كبارهم معارضة لما يقول مثلنا: "الزينين ما بتدري حالم، هم بتغابوك ويتلافوك صغارم"!! ومصداقا للآخر: إذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فشيمة أهل البيت الرقص! وهو كذلك حقا ومجازا!

    الأسباب المساعدة للتزوير هي ذاتها الأسباب التي صبت أمطارا غزيرة على نار الغضب الشعبي فأخمدته وحولته لسخرية ومن ثم إحباط عظيم. وأولها المقاطعة للقوى الفعلية والمؤثرة في مرحلة الانتخابات. ففي فترة التسجيل كان المراقبون الأكثر وجودا في المراكز الحضرية هم كوادر الحزب الشيوعي والحركة الشعبية وحزب الأمة القومي، وفي المناطق الطرفية كان الوجود الأكبر لكوادر الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي، وفي كثير من مناطق الريف كان الوجود الأكبر لحزب الأمة القومي بالتبادل مع الاتحادي الديمقراطي الأصل حسب نوع الولاء التقليدي في المنطقة. لذلك شكل غياب الأمة والشعبية والشيوعي بالمقاطعة في الاقتراع ضربة كبيرة ل"الانتباهة" الحقيقية للتزوير والرصد الدقيق له. صحيح أن بعض مراقبي هذه التنظيمات استمروا برغم المقاطعة ولكنه كان شهرا (ليس لهم فيه نفقة) كما واجهت بعضهم صعوبات من المفوضية في استخراج بطاقاتهم. وبرغم ذلك تم ما سمعنا من رصد لتجاوزات ضخمة. وصار حديث المؤتمر الشعبي الذي شارك كادره في الرقابة والفضح بفعالية كبيرة سببا فيما نال من تنكيل.

    كتبت الأمريكية السفيرة "جينداي فريزر" الأستاذة بجامعة كارنج ميلون والمساعدة السابقة لوزير الخارجية للشئون الأفريقية مقالا بعنوان "مقاطعة أم خذلان في السودان؟" وقالت "إن الأحزاب المعارضة عبر أفريقيا تخذل قواعدها والمواطنين حينما تقاطع الانتخابات. خائضو الانتخابات يفقدونها بسبب تفرقهم وليس الاتهام الأكثر رواجا بالتزوير. في السودان خاض 72 حزبا الانتخابات وقدموا 12 مرشحا رئاسيا قبل مقاطعتهم. وعوضا عن ذلك الخذلان كان على الأحزاب المعارضة أن تتوحد لتحصر الميدان على مرشح أو اثنين يكونان قادران على الفوز على البشير أو منعه من النصر منذ الجولة الأولى. خذ حالة مأساوية أخرى في زمبابوي عام 2009م إذ لو توحدت المعارضة خاصة قسمي الحركة من أجل التغيير الديمقراطي فإن زيمبابوي اليوم ربما كانت قد تخلصت من موغابي، وكانت الحركة أحرزت نصرا من الجولة الأولى وبدون الحاجة لمقاطعة الجولة الثانية. ومن المؤكد أن الحكام المخادعين أمثال البشير وموغابي مذنبون، ولكن المقاطعة تترك الجماهير في أيدي الطغاة بدون بدائل. وعلى وجه التحديد فإن قرار الحركة الشعبية لتحرير السودان ومن ثم حزب الأمة بالانسحاب والمقاطعة ترك السودانيين في أيدي متهم بجرائم حرب. حزب البشير الآن يهيمن على المجلس الوطني ذي المقاعد الـ450 والمجالس التشريعية الولائية الشمالية، كما حاز المؤتمر الوطني على 13 من 14 والياً في الشمال. وبتعبير آخر فإن المؤتمر الوطني قد عزز من تحكمه على القوانين والسياسات في السودان لسنوات قادمة. هذا الناتج يعارض هدف اتفاقية السلام الشامل والقاضي بأن تكون الانتخابات آلية للتحول الديمقراطي في السودان، كما أنه يعرض استفتاء يناير 2011 لتقرير مصير الجنوب للخطر".

    ومع اتفاقنا مع فريزر في أن نتيجة الانتخابات الحالية تخلف نظاما يأتي باسم الانتخاب هو أسوأ من ذلك الآتي بالتعيين، فإننا نعتقد أن السيئة الوحيدة للمقاطعة ليست هي خذلان الشعب وحرمانه البديل، فليس صحيحا أنه لو توحدت المعارضة خلف مرشح أو مرشحين كان البشير هزم من الجولة الأولى ذلك أن النتيجة لا علاقة لها بخيارات الناخبين بل بطبخ المبدلين! ولكن السيئة التي يجب الاعتراف بها هي القصور في رصد الخروقات بشكل منهجي بسبب المقاطعة كما ذكرنا. ولكن هذه السيئة قابلتها حسنة حقن الدماء كما قال السيد ياسر عرمان في ندوة دار الأمة في أبريل الماضي. وفي النهاية فإن النتيجة كانت ستكون واحدة! ويمكننا تحوير الجملة الشائعة في دعاية السيد عمر البشير كمرشح رئاسي ترصعت بها اللافتات المستقبلة للقادمين في مطار الخرطوم، كما في جوارنا الذي ذكرناه من قبل، نحورها للجملة التالية: تتعدد الأصوات الرافضة، ولكن النتيجة واحدة!

    الطبخ في نتائج الانتخابات مما أشار له بصورة مخففة غير مدركة لمداه تقرير مركز كارتر وقد أوضحناه. ولكن غباء الطبخ وجهله مما أشار له القائل: (الذين زوروا هذه الانتخابات يجهلون المجتمع السوداني فلا يعقل أن ينال مرشح المؤتمر الوطني ألفين صوتا في منطقة الغابة القوية الانتماء للأمة والأنصار، ولا يعقل أن ينال السيد بخاري الجعلي 186 صوتا في كدباس، والسيد حاتم السر 17 صوتا في البسابير، ومع أن قرية الشيخ عبد المحمود أبو –الأمين العام لهيئة شئون الأنصار- قاطعت بصورة واضحة جاءت النتائج بأنها منحت مرشح المؤتمر الوطني 600 صوتا، وما نال مرشحو المؤتمر الوطني في منطقة جنوب النيل الأبيض لا يصدق. هذه بعض مفارقات كثيرة غير معقولة تدل على جهل المزورين. والدليل قائم على غبائهم فلم يكن التزوير ذكيا فلم يعط المشاركين في الانتخابات حجة لتبرير صحة قرار المشاركة. وحتى الذين تمردوا على قرارات أحزابهم المقاطعة لم يكافئوا على مواقفهم مما يدعم صحة قرار مشاركتهم.)

    ومسألة الجعلي وكدباس هذه مما سار بها الركبان. ونذكر أن أخاه –عبد الملك الجعلي- كان قد نال ثالث أكبر أصوات في انتخابات 1986م (نال أكبر الأصوات الصادق المهدي 30819، وثانيها بكري أحمد عديل 20932، وثالثها عبد الملك عبد الله محمد (الجعلي) 20185 صوتا) هؤلاء العشرون ألف ونيف في دائرة انتخابية واحدة وليس في كامل ولاية نهر النيل التي لحزبه –الاتحادي الأصل- فيها "شنة ورنة" وصليل وصولجان. هل في سني الإنقاذ ابتلعت هذه الآلاف المؤلفة صحراء الشمال؟ كما ابتلعت الآلاف التي قابلت السيد الميرغني في كسلا مياه القاش- أو كما قال؟ والآلاف المؤلفة التي قابلت السيد المهدي في جنوب النيل الأبيض حتى قال صحفي إنه بأم عينه رأى الأرض تنبت بشرا! قال دكتور بخاري للدكتورة مريم الصادق المهدي على هامش أحد الاجتماعات، وروته لنا على هامش لقاء اجتماعي: إن الذين عالجهم أهلي في مدى العقد الماضي وحده في منطقة كدباس يزيد عن الثلاثمائة! ولا نود أن نغرق أكثر في كون النتائج لا تصدّق لأننا نعلم أنه لا يصدقها أحد، ولا حتى طابخيها، فهي كـ "الملاح الأبتو ستو"، ولو أظهرت أمام الآخرين – وأصرت- عزة بالإثم، أنه حلو المذاق!

    وآخر ما نتعرض له هو الطبخة الخارجية، ونبدأ بذكر جانب من تحليل ملم نشر بصحيفة (سري إفريقيا) الدورية الصادرة ببريطانيا بعنوان "سرقة الأصوات تنتج نصرا أجوف للخرطوم" ففي ذلك التقرير عن انتخابات السودان يتم التعرض للمواقف الخارجية من الانتخابات السودانية، فيرد أن "رئيس غانا الأسبق جون كوفور الذي رأس فريق المراقبة التابع للاتحاد الأفريقي امتدح الانتخابات علنيا ولكنه في اجتماع مغلق مع مراقبين آخرين اعترف بأن التجاوزات كانت واضحة بشدة".

    أورد التقرير أن القوى الدولية استمرت في قبول العملية المزورة للغاية برغم ازدياد المعارضة لها و"تراوحت الاتجاهات بدءا بحماسة الجامعة العربية التي معظم نظمها لا تطمح في انتخابات ذات صدقية، مرورا بإعلان الحماس والسخرية في الدوائر الخاصة من قبل الاتحاد الأفريقي وسط تراجع إفريقي عن المكاسب الديمقراطية السابقة؛ ثم النقد المفصل ولكنه لين من قبل الحكومات الغربية التي قالت إنها تستطيع التماشي مع النتيجة التي توقعتها". وأظهر التقرير أسباب القوى الخارجية في هذه المواقف اللينة أو المسهلة للتزوير. ففرنسا تركز على الانتخابات كجزء من اتفاقية السلام وكجزء من تحقيق السلام والاستقرار في السودان وفي المنطقة. ومصر تحتاج لسند المؤتمر الوطني فيما يتعلق بمسألة مياه النيل، ولها أثر على مواقف القوى الغربية خاصة بريطانيا فيما يتعلق بالسودان، وتريد من المؤتمر الوطني أن يمنع (استقلال) الجنوب بأي شكل. والدول الغربية تركز على مسألة الاستفتاء على حساب تجاهل قضية دارفور، وتجاهل تزوير الانتخابات، ويذكر التقرير مجهودات الحكومات الغربية لاسترضاء حساسيات المؤتمر الوطني بإزاء الانتخابات عبر محاولات المبعوث الأمريكي غرايشن إثناء المعارضة من المقاطعة، وكيف أثرت مواقف رؤساء أهم البعثات المراقبة (الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي يراقب مركزه الانتخابات، وفرونيك دو كيسر رئيس بعثة المراقبة الخاصة بالاتحاد الأوربي) في تقارير منظمتيهم وتوقيت بثها، وأن المنظمة الوحيدة التي انتقدت التزوير في الانتخابات بوضوح وبقوة كانت هي هيومان رايتس واتش.

    وفي الحقيقة فإن الذي (فات الكبار والقدرو) في الأكاذيب لتسويق الانتخابات المزورة كان الرئيس الذي قيل إنه كان الأعجز كرئيس والأنشط كرئيس سابق. السيد جيمي كارتر كانت من أهم أكاذيبه قوله في اليوم الأول إن الاقتراع وصل 60% ولم تصل النسبة لذلك إلا في اليوم الخامس وبعد أن مدت المفوضية التصويت ليومين إضافيين، وتراجع المؤتمر الوطني عن إجراءات تعويق التصويت فأجاز مجلس الوزراء إجازة للاقتراع بعد أن رفضها بداية. كارتر لم يحترم سني عمره (وسفاه الشيخ لا حلم بعده) ولا تحسّب لأقوال مركزه في ذلك التهور غير المسبوق. ثم إنه ولكي يجعل الرأي العام الغربي يبتلع النتائج التي يريد لأغراضه الدبلوماسية والمتعلقة بخطة الدفع بالاستفتاء على حساب نزاهة الانتخابات المذكورة كتب مقالا بعنوان "العملية الانتخابية في السودان معيبة ولكنها هامة" في 2مايو الماضي قال فيه إن القادة الحزبيين الذين انسحبوا عن الانتخابات الرئاسية ذكروا لهم (ونفهم أنهم ذكروا لهم في مركز كارتر) ثلاثة أسباب للانسحاب من الانتخابات هي: (1) لمنع هزيمة البشير التي ربما أدت لعنف متسع النطاق وبالتالي الإطاحة باتفاقية السلام واستفتاء جنوب السودان (2) لتجنب هزيمة محرجة لمسئولين كبار سابقين استحثوا سندا قليلا فقط خلال حملاتهم الانتخابية و(3) لتسفيه العملية وتجنب شرعنة نصر البشير الذي صدر ضده أمر قبض من محكمة الجنايات الدولية لاتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

    لو كان السيد كارتر قال إن هذه الأسباب هي من بنات أفكاره أو أفكار العاملين في مركزه لما غالطه أحد فليفكر كما يشاء، ولكن أن يقول إن هذه هي الأسباب التي قالها له زعماء الأحزاب لانسحابهم فإنه كاذب لا محالة!

    لم يخَفْ أحد المنسحبين من أن تؤدي هزيمة البشير لعنف ثم الإطاحة باتفاقية السلام وما أدراك.. كل المقاطعين كانوا أكيدين من فوز البشير عبر التزوير وأثاروا قضايا مثل طبع بطاقات التنفيذيين في مطابع حكومية، وتواطؤ المفوضية كدلائل على أن هذه انتخابات مطبوخة ولا داعي بالتالي لخوضها. هذا بالنسبة للسبب الأول المزعوم، أما ثاني الأسباب المزعومة، وهو خوف الهزيمة من قبل كبار المسئولين فهي كذبة تشير للإمام الصادق المهدي كرئيس وزراء شرعي للسودان في آخر انتخابات ديمقراطية، والحديث عن انسحابه لأنه لم ينجح في الحصول على شعبية أثناء الحملة كذب فاضح. لقد أصابت رحلاته الولائية دائما نجاحا كبيرا وكان ما لاقاه في ولاية الجزيرة فتحا في مناطق كان بعضها مغلقا دون حزبه، وفي سنار بشرا ببحار بشرية متلاطمة وقيادة مرشحة كفؤة على رأسها مرشح الوالي، وكان ما لاقه في النيل الأبيض أسطوريا حتى حمل عنه رهق الطريق وتعبه واستبشر بما لاقى من حماسة وما علم من علو نسب التسجيل لحزبه في كل مكان سار إليه. والتقارير الواردة حول حماسة الناس لاستقباله في المناطق التي لم يزرها لم تنقطع!

    أما السبب الثالث فصحيح أن المنسحبين لم يريدوا أن يعطوا العملية شرعية ليس لأن البشير متهم ولكن لأن النتيجة معدة سلفا بشتى صنوف التزوير بدءا بحجر الحريات على الآخرين والتسلط على الإعلام واستغلال موارد الدولة وشراء الأصوات والتلاعب بالسجل وغيرها من أشكال التزوير، وبدون حتى خوض مرحلة الاقتراع ومعرفة ما أعد من أنواع التزوير مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!

    هكذا أيها القراء الأعزاء فرغنا من خماسية التزوير، مشاركة منا في جعل الذاكرة حية بالانتهاكات، والذاكرة كما قال روجيه ايريرا، عضو مجلس الدولة الفرنسي هي "صورة قصوى للعدالة". كما أن لها دورا رادعا لأن "قول الحقيقة حول الماضي يقوض الأساس الفكري لانتهاكات حقوق الإنسان". ولذلك قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).

    وليبق ما بيننا

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de