|
باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني ضد الفساد !!
|
في ندوة قضارف ضد الفساد بمناسبة ذكرى أكتوبر المجيدة التنظيمات السياسية بالقضارف تجمع على ضرورة التحالف لمكافحة الفساد خالد فضل : لا يوجد مؤتمر وطني وإنما تحالف مصالح يتدثر بالدين القضارف : 26 مليار للفلل الوزارية والوزارات والقصر و68% من التلاميذ يجلسون على الأرض والمستشفى بلا عناية مكثفة
بمناسبة الذكرى 44 لثورة أكتوبر المجيدة أقامت جماعة "قضارف ضد الفساد" ليلة السبت الماضي بدار المعلمين بمدينة القضارف ندوة تحت عنوان كيفية الخروج من الحكم الفاسد إلى الحكم الرشيد) تحدث فيها الأستاذ/ خالد فضل الكاتب الصحفي . وكانت "قضارف ضد الفساد" قد تأسست في ذات المناسبة من العام الفائت ، وتزامن ذلك مصادفة مع لجنة مقاومة الفساد التي تكونت بمركز الدراسات السودانية في أعقاب الندوة التي نظمها المركز والتي ناقشت كتاب البروفيسير محمد هاشم عوض الذي عنوانه (الاستغلال وفساد الحكم في السودان) والذي صدر في ستينات القرن الماضي ، والذي يبدو أنه أشار وقتها بيد النصيحة إلى مستصغر شرر الفساد ، والذي تحول إلى حريق عمّ البوادي والحضر في عهد الإنقاذ . قال الأستاذ خالد فضل في الندوة ـ بعد أن حيا الهوسا والجعليين والمساليت والضباينة والفور وكل النسيج الاجتماعي الرائع في قضارف الخير ـ قال أن التغيير سيتم عن الطريق النضال المدني وشدد على أن جهاز الدولة الذي لا يتجاوز 5% تتركز في يده الثروات ، بينما المواطنين الذين يشكلون 95% هم الحلقة الأضعف ، وأكد أن الوطن قد أصبح تحت تصرف حزب واحد . ولكن فضل استدرك موضحا في ما مضى لم يكن لدينا دستور الآن لدينا دستور معطل ، لذلك يجب أن يستند نضالنا على الدستور الذي تمت كتابته على ضوء اتفاقية نيفاشا ، والتي تشكل مرجعية معقولة يمكننا أن نواصل نضالنا على أساسها . وشدد على أن المرأة ـ التي لا زالت تمثل حلقة ضعيفة ـ عنصر مهم في التغيير ، فلا بد من دور فاعل لها ، وحيا ستات الشاي وأشاد بصمودهنّ . ومن مظاهر الفساد التي أشار إليها أن المساحات الخضراء قد تقلصت بعد الإنقاذ إلى 12% . وأكد فضل أنه لا وجود للمؤتمر الوطني على أرض الواقع وإنما هنالك تحالف من أصحاب مصالح يتدثر بلباس الدين في ظل غياب المحاسبة . وأبدى فضل قلقه على مستقبل القضارف التي لا يجد 68% من تلاميذها مقاعد يجلسون عليها بينما تنفق المليارات على الفلل الوزارية تيمنا بالفلل الرئاسية التي فاقت تكلفة كهربتها الميزانية المرصودة للتعليم ! ودعا لأن تستفيد القضارف من نموذج جوبا التي أُجيز فيها قانون لمكافحة الفساد ، وشدد فضل على أن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هي الشروط الضرورية لمكافحة الفساد ولإخراج السودان من واقعه المظلم إذ أنه يحتل المرتبة الثالثة من بين الدول الأكثر فسادا في العالم . وقد جاءت كلمة قضارف ضد الفساد في البيان الذي وزع على المواطنين أثناء الندوة والذي تضمن أن وزارة المالية والتخطيـط العمراني قد تعاقدتا هذا العام ـ دون علم المجلس التشريعي ـ على بناء قصر للضيــــــافة وفلل وزارية ومجمع للوزارات بتكلفة تبلغ 26 مليار و200 مليون جنيه!! وهم يعلمون علم اليقين أن تلاميـــذ ولاية القضارف في الريف بل وداخل المدينة لا يجدون مقاعد يجلسون عليها ، ويعرفون أن مستشفى القضارف بلا عناية مكثفة وتفتقر للصرف الصحي الذي أبى وزيــــر المالية دفع كلفته التي تبلغ مليار جنيه فقط! حتى بلغت المستشفى من العفونة درجة لا يناظرها سوى عفونة فساد المؤتمر الوطني الذي أزكم الأنوف !! ولأنهم يوفرون لأبنائهم التعليــم الذي يشتهون ويتلقون العلاج خارج البلاد حين يمرضون!! ما همهم من بعد ذلك تعلم الناس أم لم يتعلموا ، عاش الخلق أم ماتوا ! وجاء في البيان أيضا أن موظفي الولايـــــة ـ التي تعاني من العطش وغلاء الأسعار والمرض ـ لا يتقاضون أجورهم المحدودة في وقتها حتى أصبح إضراب عمال المياه سُنّة راتبة ، فكأن هؤلاء لم يسمعوا بإعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه وهم يتشدقون باسم الإسلام صباح مساء ؛ ومعتمد بلدية القضارف لا همّ له سوى جمع الأمـــــــوال من المتاجر والمزارع والطبالي وستات الشاي والمركبات والصنايعية والأفران حتى أنه أجر شارع الله للفراشين بالمتر في رمضان!! . ثم عكف هو وحكومة المؤتمر الوطني يشترطون على المواطنين في الأحياء والقرى مبايعة المؤتمر الوطني مقابل تقديم الخدمات! كأنهم يدفعون من جيوبهم أموالا ورثوها !! ودعا من بعد ذلك الأستاذ رمزي يحي المحامي ـ الذي أدار النقاش ـ إلى تضافر الجهود لإلغاء القوانين المقيدة للحريات ، وقال أن الفساد في السودان والقضارف موثق ودعا لأن يتضافر الجميع لمقاومته ، وقال أن جل الجماهير التي احتشدت في دار المعلمين ضد الفساد . ثم أفسح رمزي الفرصة للتنظيمات السياسية والمواطنين ؛ وابتدر النقاش عطا حسين/ممثل حزب الأمة القومي الذي قال أن الفساد ليس في القضارف فحسب وإنما في كل السودان ، وشدد على ضرورة أن تعمم فكرة "قضارف ضد الفساد" على كل السودان ، ودعا كافة الأحزاب السياسية للقيام بدورها في مكافحة الفساد . ومن ناحيته قال الطاهر الساير / سكرتير عام الحزب الشيوعي يجب أن ننظم أنفسنا كأحزاب وجماعات لمكافحة الفساد ، وقال أن أكبر عملية سرقة قام بها نظام الإنقاذ هي سرقة الجهاز النقابي ، وشدد على ضرورة العمل على استعادة النقابات ، وأشار إلى الدور الذي تصدى له تجمع المعلمين لتصحيح مسار العمل النقابي ، وناشد تجمع المعلمين لمواصلة دوره بذات القوة حتى تتحقق الأهداف المرجوة ، وشدد على ضرورة الضغط على النظام الحاكم حتى يوجه الموارد لمصلحة المواطنين ، وحذر الساير من خطورة (الذين يمسكون العصاية من النص) على البلاد ، وحث التنظيمات السياسية على تجاوز الإحباط ومواصلة النضال . ومن ناحيتها قالت الأستاذة نادية سيد أحمد/ ممثلة الحركة الشعبية رغم أن الشرفاء داخل مجلس تشريعي الولاية يفعلون ما في وسعهم لمقاومة الفساد ، إلا أن القرارات ـ التي تتعارض مع مصالح المواطن ـ تمرر داخل المجلس التشريعي بالأغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني ، ودعت إلى تكوين تحالف عريض ببرنامج محدد وواضح لمقاومة الفساد ولحل الكثير من القضايا حتى نصل إلى الحكم الراشد ، وأردفت أن البحر خلفنا والعدو أمامنا ولا رجوع . أما مصطفى بخيت/ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي فقد شدد على ضرورة وجود منبر واحد وصياغة برامج واضحة بلا خوف ولا وجل حتى لا يضيع السودان من أيدينا . ومن ناحية أخرى قال عبد القادر محمود/ممثل المؤتمر الشعبي أن السمة الأساسية لهذا النظام هي الفساد المحمي بأجهزة الدولة . وفيما يخص الذين بدءوا يتحدثون عن الفساد من أعضاء المؤتمر الوطني قال أن باب التوبة مفتوح ، وقال أن يد الأجهزة الأمنية طالت والد وزوجة فيصل الذي تحدث عن الفساد في ندوة "قضارف ضد الفساد" العام الماضي . أما عرفان محجوب/ممثل التحالف الوطني السوداني فقد قال علينا أن نستبدل "قضارف ضد الفساد" ب "سودان ضد الفساد" وأكد أنّ النقابات في القضارف محتكرة للمؤتمر الوطني ، ودعا شباب التنظيمات السياسية للاتحاد للخروج بالبلاد من وهدتها . ومن جهة أخرى دعا محمد أحمد موسى/أمين إعلام مؤتمر البجا لتوحد كل السودان ضد الفساد وأكد أن تحالفنا معا هو الذي يمكننا من مقاومة الفساد والحد منه . ومن ناحيته قال أنس موسى قبال/مؤتمر وطني أنه انضم للمؤتمر الوطني لأنه يؤمن بالأيدولوجية الإسلامية وأوضح أن الفساد الذي يمارسه أشخاص يجب ألا ينسب للمؤتمر الوطني ، وقال علينا أن نقدم الوثائق التي تثبت الفساد للمجلس التشريعي والجهات المختصة ، وقال إذا لم يُحاسب المفسدون فإنه سيستقيل من المؤتمر الوطني . أما حيدر عبد اللطيف البدوي/مؤتمر وطني فقد قال الفساد الذي نعرفه نحن أنتم لا تعرفونه ، وأكد أنه سيقاوم الفساد داخل المؤتمر الوطني من الداخل ، وقال أنهم جمعوا توقيع الآلاف من أعضاء المؤتمر الوطني الذين يطالبون بمحاربة الفساد . وتكاثرت أيدي مواطني القضارف المرفوعة لتحظى بفرصة ترسخ موقفاً نبيلا ضد الفساد ، ولتؤكد أن زمن الصمت قد ولّى دون رجعة ، وأن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر!! ارتفعت أيدي المواطنين بسحناتهم المتنوعة الجميلة ، وبتوجهاتهم السياسية المختلفة ، وبأعمارهم المتباينة ؛ ابتداء بالعم/هاشم حسن أحد أفراد الجيل الذي صنع أكتوبر والذي تحدث بصوت ملؤه حب هذا الوطن اقشعرت له أبدان جماهير القضارف عاقدا مقارنة بين أيام أكتوبر الستينات وغول الإنقاذ ، فبث في الناس حماسا سيكون وقودا لتجديد أكتوبر وأبريل في ثورة قادمة لا محالة ، فأيقن الجميع أنّ لنا قديما لن نبحث عن سواه ! ولنا كبارا لا نريد غيرهم ! وانتهاء بالشاب العشريني مجاهد النعمة الذي نشأ وترعرع في أيام الإنقاذ الكالحة والذي تحدث بعنفوان ونضج عن القرشي وثورة أكتوبر وضرورة التغيير مؤكدا بلسان الحال والمقال فشل سياسات الإنقاذ التي عملت طوال عقدين من الزمان على طمس هوية الإنسان السوداني ، وأكد أن جيل الثورة القادمة حاضر وعلى أهبة الانتفاض ، ليطمئن الجميع أننا سوداننا لا يزال بخير ، وأنّ حواء السودان ولادة !! صورة جميلة تشكلت في دار المعلمين بكامل بوتقة أعراق القضارف الرائعة وبكل ألوان الطيف السياسي التي توحدت ضد الفساد بمن فيهم من أعضاء المؤتمر الوطني! ولم يشذ عن تلك اللوحة المتناغمة سوى صوتين اثنين أنكرا نسبهم التنظيمي! ألمح أحدهما إلى أن الذين يحاربون الفساد في "قضارف ضد الفساد" يستمدون أفكارهم من خارج الدين الإسلامي!! وما درى أنه لحظتها إنما كان يسب الدين!!! والعياذ بالله .
|
|
|
|
|
|