السلطة وتنازع والولاء وفي السودان (2/7): قراءة تحليلية في أطروحات جعفر بخيت، د. أحمد أبوشوك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 07:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-18-2006, 00:30 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السلطة وتنازع والولاء وفي السودان (2/7): قراءة تحليلية في أطروحات جعفر بخيت، د. أحمد أبوشوك

    السلطة وتنازع الولاء في السودان (2/7)
    قراءة تحليلية في أطروحات الدكتور جعفر محمد علي بخيت

    د. أحمد إبراهيم أبوشوك،
    كوالالمبور، ماليزيا

    أسس الدكتور جعفر محمد علي بخيت مفردات مقاله الأول عن "السلطة وتنازع الولاء في السودان" على نسق منظومة رياضية، يستند محور ارتكازها إلى السلطة السياسية (الشمس)، التي يرتبط مسار حركتها المدارية بطبيعة العلاقة المتبادلة بينهما، وبين القوى القطاعية المختلفة التي شبهها بالكواكب الشمسية السيارة ذات المدارات المتوازية والحركة الدائرية المحدودة. ويحاول في هذا المقال الثاني أن يستخدم هذه المنظومة الرياضية/البنيوية كإطار منهجيٍّ لتحليل الواقع السياسي في السودان آنذاك، ومدى فاعلية السلطة السياسية في توظيف القوى القطاعية تجاه المصلحة العامة، والقيم الإنسانية المنشودة. وحسب وجهة نظره فإن التوظيف الايجابي للسلطة السياسية لا يتحقق بهذه الكيفية إلا إذا تسلَّحت السلطة السياسية نفسها بقيمٍ ومبادئ عامةٍ ومحايدةٍ، واتسم عطاؤها الوَظِفيّ في كلياته بالشفافية المنعتقة من قيود القوى القطاعية الضيقة إلى رحاب المصلحة العامة المنبسطة. وهنا بيت القصيد، حيث يتحقق التواصل المؤسسي الفاعل بين الحاكم والمحكوم، ويصبح الحراك السياسي في حد ذاته حراكاً بنَّاءً، ومنبسطاً في تواصله مع الآخر، تواصلاً يرقي إلى درجة التدافع الإصلاحي المشروع والكسب الجماهيري النوعي، وبذلك يضحى العطاء الوَظِفيّ لمؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني عطاءً خلاّقاً في ترجمة الخطط الإصلاحية على صعيد المواقع.

    المقال الثاني
    إن أول آثار الاستقلال التي أدت لعدم الاستقرار هي أن الاستقلال في حد ذاته كان ثمرة جهود متواصلة داخلية وخارجية، اتجهت نحو تحدي السلطة السياسية-الإدارية المؤثرة على مختلف نواحي الحياة، وقصدت من هذا التحدي هدم تلك السلطة، أو تحويل السيطرة عليها من الأيدي الأجنبية إلى الأيدي المحلية. ولم يكن اكتمال السيادة الوطنية ممكناً إلا على أنقاض صرح السلطة، ولكن السلطة السياسية الإدارية- رغم أنها أجنبية- كانت هي العامل الفعال في ربط صروح الهيكل الاجتماعي المتنافرة، وفي لمّ شمل الثقافات، والقبليات، والقوميات، التي كان يتفرق حولها السودان وأهله.
    وكان للسلطة السياسية والإدارية محورٍ عامٍ تدور حوله، ويزيد قُطره على قُطر كل القطاعات الصغيرة، وكان لها من قوة الجاذبية ما يضطر الوحدات الصغيرة المؤسسة للمجتمع السوداني كالطائفية، والقبلية، والإقليمية، أو قطاعات السكان ذات النفوذ كالانتلجنسيا، وسكان المدن، والأعيان من كبار التجار والمُلاك، وأصحاب البركات والعلماء، من [7] الالتفات حولها والانجذاب نحو مركز دائرتها، وهذه الحركة وحدها كانت عاملاً من عوامل الاستقرار، ووسيلة لتنسيق ما اختلفت أصوله من مقومات الوطنية السودانية، وكان من نتائج وجود هذه السلطة المتمركزة، رغم أجنبيتها واستعماريتها، أنها بعد أن خلقت التراب السوداني من طينات عديدة، وألوان شتى، وربطته بالعديد من المشروعات العمرانية التي كانت وليدة تخطيط إداري ذي صبغة سياسية، هيأت الجوّ لبروز الشعب السوداني كوحدة اجتماعية، تعلو وتصهر عصبيات القبلية واللسان والإقليم، وكان طريقها لذلك جعل التراب السوداني مشاعاً للجميع، وخلق صفوة من مختلف القطاعات القبلية والإقليمية، تربط مصالحها بمصالح السلطة، وتستمد قيمتها واتجاهاتها مما تخططه تلك السلطة.
    وقد نجحت السلطة في السودان إلى حد ما في خلق مقومات القومية فيه، ولكن هذا الخلق لم يكتمل شعباً سوياً حين جاء الاستقلال، ولم تكن الحركة الوطنية لتمثل كل الاتجاهات وتقسيمات السودانيين، ولم تكن لها تلك الطبيعة "الإسفنجية" التي تجعلها قادرة على امتصاص المميزات والسوائل المحلية ورشحها، والإبقاء على الصافي المصفَّى، ولم تكن لها من الأيديولوجية ما يجعلها قادرة على تسيير الأحداث، وتوجيهها بقوة الفلسفة النظرية، ولم يكن لها زعيم أوحد مميز تستطيع شخصيته الساحرة أن تجذب نحوها الناس رغم اختلاف الجنس، والألوان، والمعتقدات، كما فعل سوكارنو يوماً ما في إندونيسيا، وكما فعل غاندي في الهند، وعديد من زعماء الشرق الأوسط، وكثير من رؤساء إفريقيا المحدثين. وقد كان من نتائج هذا، أن انهيار السلطة وهزيمتها خلق فراغاً لم تستطع الحركة الوطنية أن تملأه فكان الاضطراب.
    [8] وقد جاء الاضطراب نتيجة عاملين: أولهما: أن السلطة التي انهارت كانت تكون نقطة تركز لنظام شمسي سياسي، ارتبطت به شموس صغيرة، على نسق خاص يكيف سير مدارها وسرعتها وشكلها، وبمجيء الاستقلال فقدت نقطة الارتكاز فعاليتها، وعجزت من أن تسيَّر الشموس المختلفة حول مدارها. وثاني هذين العاملين: أن السلطة السياسية في عهد التبعية كانت سلطة مستقلة وخارجة ومسيطرة على ما سواها من سلطات، فكان في مقدورها لذلك أن تدفع ما خضع لها من سلطات وفق ما تريد، وأن تسعى لتكون القوى المهيمنة على تلك السلطات طوع بنانها، وأن تخلق بين تلك القوى توازياً وتوازناً داخليين، يستمدان معاييرهما من خط سير السياسة العامة للسلطة. ولكن الاستقلال لم يخلق قوى سياسية جديدة بدل تلك التي ذهبت، وإنما صعد بإحدى القوى التبعية، أو بتحالف مجموعة من هذه القوى نحو مركز السيطرة، وقد أدى هذا إلى اختلال ميزان القوى الداخلية، نتيجة لممارسة القوة الصاعدة للسلطة السياسية، ولم يكن لهذه القوة الصاعدة من الجاذبية ما يجعلها تهيمن على القوى الأخرى، التي أخذت تضارعها في اكتساب السلطة، وتنافس على السلطة الحاكمة امتيازاتها، وزيادة على هذا لم تكن مستطلعة أن تخطط مداراً جديداً للسير، وتنسق سير القوى الأخرى معه.
    وهكذا بفعل هذين العاملين في الاستقلال، ومراكز السلطة السياسية التي كانت تجمع حولها عناصر القومية السودانية وتصهرهم في بوتقة واحدة لإنزال عنصر الموازنة الذي كان يوازن بين عديد القوى وتنسيق نشاطها. وإذ عجزت القوى التي جاءت بالاستقلال عن ملء الفراغ الشاغر، فكانت النتيجة أن اضطراب تناسق تلك القوى المختلفة التي زالت عنها السيادة والتوجيه، ونشأ عدم استقرار.
    إن التركيز المتواصل والكثيف على إدارة ما قبل الاستقلال، باعتبارها الراية العالية للمثل الاستعمارية، قد منع الناس عامة، والدارسين خاصة من اكتشاف المثل المختلفة، التي نمت في عهود التبعية، وسيطرت على الحياة العامة، التي أدى انهيارها وضعفها لضعف الحياة العامة، إذ لا بديل لها.
    لقد ظل السودان حتى عهد التوسع الاستعماري في بداية عشرينيات القرن التاسع عشر، الذي قاده والى مصر محمد علي باشا مجموعة من الأقاليم الجغرافية ذات الكيانات السياسية المختلفة، ولم تكن تلك الكيانات بالقوة التي تجعلها قادرة على صبغ الإقليم الجغرافي بصبغة سياسية معينة، وزيادة على هذا لم تكن هناك سلطة منسقة توائم بين هذه الكيانات المغناطيسية المركزية مما يجعله يجذب نحو وسطه الوحدات المؤسسة له حتى تلتحم ببعضها، وتكون ذاتاً واحدة متفاعلة.
    [9] ولما جاء الفتح المصري أخضع أقاليم السودان المختلفة لإدارة واحدة، وقد استطاعت هذه الإدارة رغم ما وجَّه لها من اتهامات أن تخلق للذاتية السودانية إقليمية محدودة، لها تقاسيمها ومعالمها، واستطاعت سلطة هذه الإدارة بفضل فعاليتها المادية و قدرتها على الإغراء والإرهاب أن تمتلك أزمِّة الموقف، وتكيف سير الأحداث. ونتيجة لهذا توفر نوع من التوازن بين القوى المتصارعة، مبعثه قدرة الإدارة على صرعهم جميعاً متفرقين ومتحدين.
    وبقيام الثورة المهدية مستندة على أيدولوجية محدودة كان المناخ مهيئاً لخلق جوّ من الاستقرار بعد أن استتب الأمر للمهدي وخليفته، ولكن ذلك لم يتم لأن الإدارة الجديدة كانت تمثل قوى داخلية ذات طابع والتزام معينين، وكان طريقها لبسط سيطرتها قهر القوى الأخرى على قبول سلطتها وأيدولوجيتها، ولم يكن لها من القوة ما يكفي لتحقيق هذا الغرض، ولو اتجهت الإدارة المهدية لمصالحة القوى المضادة لها بالقدر الذي يمنع اصطدامها بها، ويتجه بها نحو الالتفاف حول محورها لأدى ذلك إلى نوع من الاستقرار، والسير بالحياة العامة وفق نهج محدد، إلا أن هذا لم يكن ميسوراً، نظراً لطبيعة الدولة المهدية نفسها.
    وفي عهد الحكم الثنائي توالت الاضطرابات نظراً لأن القوة المسيطرة على مركز الثقل في الحياة العامة كانت تمثل قيماً مضادةً لقيم قطاعات معينة فاصطدمت معها، ولكن عدم الاستقرار الناتج من ذلك كانت توازنه قوة استقرار أخرى، ناتجة من ملاءمة القوى الحاكمة لقيمها مع قيم قطاعات كبيرة من المحكومين، ولكن الحكم الثنائي عجز عن مواصلة السياسة، واصطدمت قيمه مع قيم الحركة الوطنية الصاعدة فكان الاستقلال.
    إن نقطة التمركز في تسيير محور الحياة العامة ما زالت مركز الصراع بين القوى المختلفة في السودان، ولكن أساس المشكلة ليس الصراع ذاته، وإنما رفض القوى المختلفة للتصالح وفق نتائج الصراع، وفقدان الحد الأدنى من التوافق حول مُثل معينة يرتضيها الجميع، والولاء للسلطة في نظري هو الطريق الأوحد لخلق الاستقرار السريع، وتحقيق هذا الولاء يتم عن طريقين: إما بالقهر الرادع، وهذا يتطلب قوة طاغية على الدوام، وليس للسودان وأمثاله قدرة على تحملها بصرف النظر عن الاعتبارات النظرية ضد هذا الأسلوب، وقد برهنت تجارب الحكم العسكري، وخاصة في السودان أن أقرب العناصر ميلاً لهذا الاتجاه غير قادرة على تطبيقه. وعلى هذا لم يبق غير طريق المصالحة، ولكن المصالحة لن تتم إلا إذا كانت معظم الأطراف المتنازعة قادرة على أن تغنم منها غنماً متساوياً، أو يكون نصيبها من الغرم مساوياً لما تكسبه من امتيازات، وإذا تم هذا فإن نوعين من الولاء ينموان دون أن يكونا متضاربين: ولاء قطاعي نحو الذات الصغرى قبيلة كانت، أو طائفة صوفية، أو مذهباً سياسياً، أو إقليماً عنصرياً؛ وولاء عام نحو الذات الكبرى للمصالح المتفق عليها.
    ولكن نمو هذين الولائين وفق هذا المنهج لا يعني بالضرورة إنهما سيظلان على الدوام [10] متوافقين تلقائياً، إذ لابد من قوة عازمة منظمة تضمن سيرهما، وفق المدار الصحيح، وهذه القوة لا بد لها أن تكون فعالة، وأن تحتل المركز الإستراتيجي الذي يضمن هذا العزل، ويوجه السير، وهو مركز السلطة. ولكن منذ الاستقلال لم يكن مركز السلطة محتكراً للقوى العازلة، بل كان دائماً وأبداً مكان التنازع بين القوى ذات الولاءات القطاعية، وحتى حينما سنحت الفرصة مرتين لأمثال هذه القوى العازلة لتلعب دورها القيادي في الخروج بالسودان من مستنقع التنازع بين الولاءات الصغرى ضاعت الفرصتان بأسرع مما ظهرتا فيه.
    أما الفرصة الأولى فقد سنحت للجيش السوداني حينما قام أو أيد انقلاب 17 نوفمبر 1958م في وقت ضاق فيه الناس على مختلف قطاعاتهم بالحزبية وحكمها، وواجهت الطائفية لأول مرة في تاريخها قوة سودانية تحاول صرعها، وتاقت التيارات الواعية في المجتمع إلى طريق جديد يخرجهم من أزمة الرتابة والضعف التي انحدرت البلاد نحوها، ولكن الجيش فشل في أن يوسع من قطر دائرته بالقدر الذي يسمح لمحيطه بأن يلتف حول محيط كل دائرة أخرى. وقد فشل أيضاً في أن تكون له مغناطيسية جاذبة تعزل القوى المختلفة بعضها، وتضمها له على بُعد خاص لا يغريها به، وانتهى الأمر بالجيش إلى أن أصبح قوة قطاعية انعزلت شيئاً فشيئاً عن بقية القوى الأخرى.

    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 10-18-2006, 01:26 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de